تسعى الرياضة الروسية جاهدة لاصلاح الضرر الذي لحق بها بعد عام من النكسات التي تسببت بغياب ممثليها عن دورات رياضية دولية كبرى بعد أدلة على نظام تنشط برعاية الدولة، الا انه لا يزال امام موسكو شوط طويل لتقطعه قبل تلميع صورتها.

وفرضت اللجنة الاولمبية الدولية عقوبات على روسيا في تموز/يوليو، في اعقاب الجزء الاول من تقرير المحقق الكندي ريتشارد ماكلارين. وقبل يومين من كشف الجزء الثاني من التقرير الجمعة، مددت اللجنة الاربعاء العقوبات بحق روسيا التي تؤكد انها تقوم بكل ما يمكنها لاصلاح وتعزيز اختبارات المنشطات والحد من محاولات الغش.

ومنعت العقوبات مشاركة العديد من الرياضيين الروس في الالعاب الاولمبية والبارالمبية 2016، ليضاف ذلك الى عقوبات فرضها الاتحاد الدولي لالعاب القوى بحق العدائين الروس منذ العام الماضي.

واعلن الرئيس فلاديمير بوتين بوتين في خطابه السنوي الاسبوع الماضي ان لكل سحابة نهاية، مؤكدا ان البرنامج الجديد لمكافحة المنشطات في بلاده سيكون جاهزا مطلع 2017.

اضاف "انا مقتنع ان ما يسمى بفضيحة المنشطات سيساعدنا على خلق النظام الاكثر تقدما لمكافحة هذا الشر".

الا ان المنتقدين يصرون على ان الكرملين فشل في محو صورة التدخل الحكومي الذي، وبحسب تقرير ماكلارين، شمل تورط وزارة الرياضة واجهزة استخبارات روسية، في التلاعب بفحوص المنشطات خلال الالعاب الاولمبية الشتوية في سوتشي الروسية عام 2014.

ويرى منتقدو موسكو ان اي تغيير فعلي لن يحصل ما لم يتم تخطي العقبة الاساسية المتمثلة بتدخل الدولة.

ويقول ديك باوند، الرئيس السابق للوكالة الدولية لمكافحة المنشطات (وادا)، لوكالة فرانس برس "ثمة تصريحات راهنا عن عدم وجود تدخل من الدولة، لكن ثمة تهديدات بسجن اي شخص يفيد عن عكس ذلك".

اضاف المسؤول الذي سبق له تولي تحقيقات عن المنشطات في العاب القوى الروسية، ان "هذه ليست علامة جيدة".

ولكن المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف اوضح ان روسيا "مستعدة لتلقي معلومات مفصلة" من تقرير ماكلارين الجمعة، مصرا على ان الاتهامات حتى الان كان ينقصها التفاصيل.

وكشف الجزء الاول من تقرير ماكلارين خطة محكمة للتلاعب باختبارات المنشطات في دورة الالعاب الاولمبية الشتوية في سوتشي من قبل وزارة الرياضة وجهاز الامن الفيدرالي، ما ادى لاستبعاد عدد كبير من رياضيي روسيا عن دورة الالعاب الاولمبية الصيفية 2016 التي اقيمت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية.

وتجنبت روسيا حظرا كاملا على رياضييها في ريو، الا ان فريق العاب القوى استبعد بشكل كامل بقرار من الاتحاد الدولي، اضافة الى كامل البعثة البارالمبية. واوقف الاتحاد الدولي لالعاب القوى عدائي روسيا اواخر 2015 على خلفية قضايا منشطات، وحرمهم من المشاركة في دورة الالعاب الاولمبية والبطولات التي ينظمها.

وبعد تقرير ماكلارين، طالبت "وادا" بمعاقبة كل الرياضيين الروس وحرمانهم المشاركة في الاولمبياد، الا ان اللجنة الاولمبية الدولية احالت الامر الى كل اتحاد رياضي دولي لاتخاذ القرار بشأن رياضييه بعد اشتراط معايير معينة تتعلق بالمنشطات.

وتقلصت البعثة الروسية في ريو الى زهاء 250 رياضيا، بعدما استبعد اكثر من مئة منهم في قضايا منشطات. 

 الوجوه نفسها

وفي اعقاب الاتهامات، اقرت السلطات الروسية قانونا يجرم اجبار الرياضيين على استخدام عقاقير منشطة للاداء. الا ان المسؤولين الروس يعتبرون العقوبات جزءا من هجوم غربي ضد موسكو.

وارسلت موسكو اشارات متناقضة حول تعاملها مع الملف. فوزير الرياضة فيتالي موتكو الذي اثيرت حوله شبهات عدة وحظرته اللجنة الاولمبية الدولية، عين نائبا لرئيس مجلس الوزراء، في خطوة يعتبرها باوند "مكافأة" تبعد موتكو عن الاضواء لكن تحول دون معاقبته.

والخميس، اكد خلفه في وزارة الرياضة بافل كولوبكوف في اجتماع للجنة الاولمبية الروسية ان بلاده "اعلنت الحرب" على المنشطات.

وكان بوتين قد شكل لجنة لمكافحة المنشطات، واسندت رئاستها الى المسؤول الرياضي المخضرم فيتالي سميرنوف (81 عاما). 

الا ان الوجوه الملطخة التي سيطرت على الرياضة الروسية في السابق انضمت الى اللجنة. ولعل المهمة الابرز لروسيا هي محاولة اعادة رياضييها لمنافسات العاب القوى، ورفع ايقاف اتحاد "ام الالعاب" من قبل نظيره الدولي.

واعرب موتكو عن امله في ان يتمكن رياضيو روسيا من المشاركة على الصعيد الدولي بحلول الربيع المقبل، الا ان الاتحاد الدولي اعلن الاسبوع الماضي ابقاء عقوبة الايقاف بحق روسيا.

واعتبر النروجي روني اندرسن رئيس مجموعة العمل الخاصة بروسيا في الاتحاد الدولي ان "الاتحاد الروسي قام بجهود منذ حزيران/يونيو 2016، لكن يتعين عليه تقديم المزيد من الادلة على ان فحوصات المنشطات تقام بطريقة مستقلة ودون أي تأثيرات خارجية".

ويتزامن كشف الجزء الثاني من تقرير ماكلارين مع انتخابات الاتحاد الروسي لالعاب القوى، ويتنافس اربعة مرشحين لرئاسته منهم البطلة الاولمبية مرتين في القفز بالزانة ايلينا ايسينباييفا.

وبالاضافة الى القانون الذي يعاقب المدربين والاجهزة الطبية على اجبار الرياضيين على تناول مواد منشطة، فان نوابا يسعون الى تشريعات جديدة من شأنها معاقبة محاولات الغش في المنشطات.

واكد النائب الذي وضع القانون ديميتري شفيسشيف ان الحكومة لا يمكن ان توافق على استخدام المنشطات من اجل تحسين الاداء.

وقال شفيسشيف لفرانس برس "لا يمكن الحكومة دعم الاجراءات غير القانونية"، مضيفا "الحكومة تتبع القوانين التي تقرها".

واعتبر ان النتائج التي ستكشف الجمعة "مبنية للاسف على تكهنات من بعض الافراد"، نافيا "وجود برنامج (للمنشطات) باشراف الدولة، او مختبر سري، او اتفاق مع اجهزة خاصة، لاسيما الامن الفيدرالي".

واوضح "انه هجوم كلاسيكي على روسيا من خلال الرياضة".