&قبل انطلاق المواجهة بين برشلونة وريال مدريد في كلاسيكو الدوري الإسباني لحساب الجولة الـ 31 من الموسم الرياضي، كان الفريق الكتالوني المرشح الأقوى والاوفر حظًا لتحقيق الانتصار، وذلك لاعتبارات فنية عديدة ابرزها عدم خسارته لأي مباراة في 38 مباراة، فضلاً عن حالة التوهج الفنية التي يعيشها هذا العام، غير أن الفريق المدريدي قلب الأوضاع وفاز بـ"الكلاسيكو" على أرض الكامب نو بهدفين لهدف، في سيناريو لم يكن أكثر المتشائمين في برشلونة، ولا أكثر المتفائلين في مدريد يتوقع حدوثه خاصة الأداء الفني المتواضع لأبناء المدرب لويس انريكي.

صحيفة "إيلاف" في التقرير التالي تستعرض الأسباب التي ساهمت بشكل أو بآخر في خسارة برشلونة للكلاسيكو على ملعبه بالكامب نو.
&
وفاة كرويف
&
السبب الأول متعلق بالحالة النفسية السيئة التي كان عليها إستاد الكامب نو بسبب وفاة ورحيل أسطورة نادي برشلونة الهولندي يوهان كرويف، حيث عاشت المدينة أجواء حزينة خلال الكلاسيكو الذي خصص لتوديع الأسطورة الهولندية في مشهد تأثر به الكثير من لاعبي البارسا، وهو ما كشف عدم مناسبة المباراة ومكانتها لخوض أقوى لقاء في الموسم، حيث بدا زملاء ليونيل ميسي فاقدين للحماس والرغبة باللعب في وقت يحتاجون هم أنفسهم إلى مواساة في وفاة من علمهم الكرة الجميلة التي يمارسونها.&
&
هذا ويعتبر ثقل كرويف في وجدان الكتلان مؤثراً، وهو ما جعل رحيله يلقي بظلاله كثيرًا على استمرار الحياة في برشلونة بدونه، خاصة بالنسبة للاعبين أو حتى الجماهير التي&جاءت إلى الكامب نو لتقديم واجب العزاء بشكل جماعي اكثر من كونها جاءت لتشجيع اللاعبين مثلما حدث في المباريات السابقة.
&
فيروس الفيفا
&
كشف المردود الفني للاعبين في مباراة الكلاسيكو أن لاعبي برشلونة من أميركا الجنوبية الذين خاضوا مباريات الجولتين الخامسة والسادسة في تصفيات مونديال روسيا 2018، قد كانوا خارج الإطار بسبب الإرهاق الذي نال منهم جراء رحلة السفر الطويلة التي قاموا بها من إسبانيا ثم العودة إليها صبيحة يوم الأربعاء الماضي، حيث لم يتبقَ لديهم وقت كافٍ للخضوع لراحة إيجابية يسترجعون بفضلها لياقتهم البدنية.
&
هذا وتعرض السداسي اللاتيني المكون من الحارس التشيلي كلاوديو برافو والبرازيليين داني الفيش ونيمار دا سيلفا والأرجنتينيين خافيير ماسكيرانو وليونيل ميسي والأوروغوياني لويس سواريز لإرهاق بدني جراء الرحلة المكوكية، حيث كانوا عبئًا على البارسا في مباراة الكلاسيكو، وبدا واضحًا أن المخزون البدني قد خانهم في اللقاء، فضلاً على أن حضورهم الذهني كان سلبيًا، ولعل حصول ماسكيرانو وسواريز على بطاقتين صفراوين مبكراً يؤكد ذلك، في حين برافوا قدم مباراة متواضعة وكان يتحمل جزءًا هامًا من مسؤولية الهدف الثاني، بينما يتحمل الجزء الآخر الفيش الذي ترك رونالدو يجهز الكرة بصدره، ثم يسددها بكل قوة داخل المرمى.
&
الثلاثي الهجومي
&
راهن برشلونة مثل مبارياته السابقة على الثلاثي الهجومي الذي يتكون من ميسي ونيمار وسواريز غير أن الأداء الفني &لهذا الثلاثي كشف بأن المهاجمين الثلاثة لم يكونوا جاهزين لخوض النزال القوي ضد ريال مدريد ، والسبب يعود إلى الإرهاق الذي نال منهم جراء خوضهم مباريات رسمية قوية في تصفيات المونديال، وتكبدهم رحلة شاقة وطويلة دون الاستفادة من راحة كافية يلتقطون فيها أنفاسهم،&فسواريز ظهر وديعًا أمام مدافعي الفريف المدريدي على غير العادة، بينما ميسي كان قد أضاع الكثير من الكرات التي تحولت إلى هجمات مرتدة خطيرة للميرنغي، فيما عجز نيمار التوغل في منطقة الجزاء الملكية.
&
دكة الاحتياط
&
كشفت مباراة الكلاسيكو التي خسرها برشلونة أن الأخير يتوفر على أفضل وأقوى تشكيلة أساسية في العالم، غير انه يتوفر في المقابل على أضعف دكة احتياط &في وقت فيه هو بأمس الحاجة إلى احتياط قوي في جميع المراكز، طالما انه يخوض كل موسم رزنامة من المباريات القوية على كافة الأصعدة.
&
وباستثناء الحارس الألماني تير شتيغن الذي يمكن المراهنة عليه لخلافة برافو، فإن بقية الاحتياطيين يمكن الاعتماد عليهم في مباريات أسهل امام منافسين اقل قوة من ريال مدريد، أما الزج بهم ضد اقوى منافس فهو مغامرة ومخاطرة تجنبها انريكي امس لأنه يعلم نتائجها، لذلك فضّل الاكتفاء بتغيير واحد بإخراج إيفان راكيتيتش وتعويضه بالتركي أردا توران الذي فشل في سد الثغرات على مستوى وسط الميدان.&
&
وهكذا تأكد بأن إشراك انريكي للاعب سيرجي روبيرتو في مراكز متعددة كان خيارًا اضطراريًا أجبر عليه لأنه يفتقر للبدائل المناسبة، ما يجعل التعاقد مع أسماء قوية أمرًا ضروريًا في الخطوط الثلاثة، خاصة أن الاستمرار في الاعتماد على نفس التشكيل، قد أرهق الكوادر الهجومية والدفاعية، بدليل أن برشلونة فشل في خطف هدف الفوز أو حتى الحفاظ على نقطة التعادل على الرغم من أن الميرنغي لعب بعشرة لاعبين عقب طرد مدافعه سيرجيو راموس.
&
كلاسيكو الذهاب
&
بغض النظر عن بقية الأسباب، فإن لاعبي برشلونة بدا وكأنهم باعوا جلد الدب قبل اصطياده، بعدما راهنوا على المعطيات التي سبقت المواجهة، وخاصة فوزهم العريض في لقاء الذهاب في قلعة " السانتياغو بيرنابيو" بنتيجة أربعة أهداف دون مقابل.
&
هذا وبدا وكأن مدرب البارسا لويس انريكي لم ينتبه إلى أن ريال مدريد طبعة المدرب زيدان تغيّر كثيرًا عن طبعة المدرب رافائيل بينيتيز وان الميرنغي حتى و ان لم يتحسّن أداؤه فإنه لم يعد يرتكب نفس الأخطاء ، فيما فشل المدرب انريكي في تجهيز أبنائه ذهنيًا خاصة في ما يتعلق بتخليصهم من عقدة التفوق على الريال قبل المباريات، بينما نجح زيدان في تحضير أبنائه نفسياً خاصة في قضية فصل موقعة الكلاسيكو عن بقية المباريات وعدم الاكتراث بالترتيب الحالي للدوري الإسباني.
&
بصمة زيدان
&
كشفت مباراة الكلاسيكو البصمة الفنية والتكتيكية الواضحة للمدرب الفرنسي زين الدين زيدان على أداء ريال مدريد، وهي البصمة التي كان لها الدور الأهم في تحقيقه الفوز على الغريم برشلونة، كما كشفت المواجهة الإعداد الجيد الذي قام به زيدان لهذه المباراة ودراسته لجميع معطيات الكلاسيكو من مختلف الجوانب، وحسن اختياره للطريقة التكتيكية لمواجهة أقوى منافس في العالم، ليعمد إلى غلق المساحات لأنه يدرك جيداً أن الثلاثي الهجومي للبارسا يحتاج للمساحات من اجل التحرك في اتجاهات مختلفة من الملعب واختار اللعب بنفس الطريقة التي لعب بها إنتر ميلان الإيطالي تحت إشراف المدرب البرتغالي جوزية مورينيو في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2010، والتي تكللت بتأهله الى النهائي، وهي نفس الطريقة التي لعب بها ايضًا تشيلسي مع الإيطالي روبيرتو دي ماتيو في ذات الدور من البطولة في عام 2012، وخطف التأهل من قلب الكامب نو.&
&
وتجلت بصمة زيدان بشكل كبير في عودة المهاجم الهداف البرتغالي كريستيانو رونالدو والويلزي غاريث بيل لدعم مدافعي الريال، وحتى عندما خرج بيبي للعلاج حل محله الكرواتي لوكا مودريتش، ولو للحظات، حيث راهن زيدان على تلك الخطة من اجل تقليص عدد الهفوات والأخطاء، لينجح في رهانه ويقدم درسًا لنظيره لويس انريكي الذي عليه أن يستفيد منه في قادم الاستحقاقات.
&