يبدو السوري مجد الدين غزال في غاية التركيز والجدية عندما يسير في القرية الاولمبية في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، قبل ايام من خوض اهم مسابقة في حياته ضمن منافسات الوثب العالي في الالعاب الاولمبية الصيفية.

وتبدو سوريا مع "غزالها" اقرب من اي وقت مضى الى حصد ميدالية اولمبية رابعة بعد ذهبية غادة شعاع في السباعية في اتلانتا 1996، وفضية جوزف عطية في المصارعة اليونانية-الرومانية في لوس انجليس 1984، وبرونزية الملاكم ناصر الشامي في اثينا 2004.

ويرى غزال في مقابلة مع وكالة فرانس برس ان "الضغط كبير. اينما توجهت في سوريا اطالب بميدالية لكن الامر ليس بالسهل. قد لا اكون بالفورما يوم المسابقة، فبحسب الظروف ووضعي الجسماني تأتي النتائج. في الاولمبياد الاخير فشل افضل اللاعبين في تخطي حاجز 30ر2 م، فلكل بطولة ظروفها".

وعاش غزال موسما رائعا فسجل في لقاء بكين الدولي في 18 ايار/مايو المركز الأول رقم قياسيا شخصيا هو 36ر2 م، ونجح في 15 تموز/يوليو في لقاء موناكو الدولي المرحلة التاسعة من الدوري الماسي، في تسجيل 34ر2 م فاحتل المركز الثالث خلف الايطالي جانماركو تامبيري (39ر2 م) والاوكراني بوغدان بوندارنكو (37ر2 م) وامام القطري معتز عيسى برشم (31ر2 م) والبريطاني روبرت غرابارز (31ر2 م ايضا).

وحقق غزال سادس افضل رقم هذه السنة بعد برشم وتامبيري وبوندارنكو والكندي ديريك دروين وتوماس دونالد من الباهاماس، ويصنف نفسه "من بين افضل رياضيين في الوثب العالي حاليا".

 ندم على البدايات المتأخرة

وصل غزال بعمر التاسعة والعشرين متأخرا الى النجومية وهو نادم على ذلك: "تأخر تألقي لاني تأخرت في بداياتي، وانا نادم على ذلك. لم اكن اعرف في البداية ان موهبتي تكمن هنا. بدأت الوثب العالي قبل 10 سنوات فقط، ولو حصل ذلك بعمر الثالثة عشرة او الرابعة عشرة لاختلف الوضع".

ولد مجد في عائلة رياضية، فوالده طراد غزال لاعب كرة قدم واداري في نادي الجيش والمنتخب السوري وشقيقه من مدربي القواعد في كرة اليد بنادي الجيش: "رأى والدي ان جسمي يناسب العاب القوى فبدأت بممارستها عام 2005. شاركت في عدة اختصاصات في المسافات المتوسطة ثم الطويلة. وجدتها صعبة فانتقلت الى الوثب الطويل والوثبة الثلاثية، الى ان احببت الوثب العالي وبدأت انجازاتي معها في 2006".

يشرح غزال الرياضة التقنية التي احرز فيها العرب ميداليتين برونزيتين عبر الجزائري عبد الرحمن حماد (2000) والقطري برشم (2012): "تتطلب ديناميكية عالية ولا تقل عن باقي الالعاب، وقد تكون اصعب منها. لعبة تجعلك في حرب مع نفسك لتصل الى مستويات عالية. جذبتني النتائج الجيدة لاكمل المشوار".

وشارك غزال مرتين في الاولمبياد فخرج من تصفيات بكين 2008 عندما سجل رقما وطنيا (20ر2 م) ولندن 2012 بارتفاع 16ر2 م: "في المشاركة الثانية واجهت مشكلات كثيرة، وبرنامج مدربي لم يكن ملائما لي... اشرف علي 6 او 7 مدربين وخضعت لمعسكرات خارجية عديدة، لكني افتخر اليوم بمدربي عماد سراج. نتفاهم مع بعض جيدا وهذا دليل ان المدربين العرب لا يقلون اهمية عن الاجانب بحال حصل تفاهم بينهم وبين اللاعب".

اهداء الى الشعب السوري 

وبحال احرازه ميدالية طال انتظارها، قال غزال انه سيهديها "الى الشعب السوري ومدربي وعائلتي والاتحاد السوري... الرياضة رسالة سلام تقرب بين الشعوب ولا يجب ان تبعدهم. احاول الابتعاد عن الاجواء الاعلامية للتخفيف من حدة الضغوط لغاية انتهاء الاولمبياد".

ويكشف غزال الذي لاقى صعوبات قبل الاولمبياد في الحصول على تأشيرات دخول لخوض معسكرات في ظل الوضع الراهن في سوريا، ان كل اللاعبين المشاركين في مسابقة الوثب العالي يفكرون في حصد ميدالية "لكن اتمنى ان تكون الخطوة الاولى في تخطي التصفيات، ثم في النهائي لكل حادث حديث".

"صديقي" برشم 

سيكون القطري معتز برشم حامل برونزية 2012 منافسا رئيسا لغزال على ميدالية في الوثب العالي، لكن ابن دمشق يتمنى التوفيق لخريج اكاديمية اسباير: "معتز صديقي وهو شخص رائع ومهذب. لديه ثاني افضل قفزة في العالم واتمنى ان يقترب يوما ما من الرقم العالمي (للكوبي خافيير سوتومايور 54ر2 م عام 1993). هو ايضا تحت دائرة الضغوط لانه مطالب بتحقيق ميدالية. اتمنى ان نكون سويا على منصة التتويج".

ويرى غزال في الروسي المعتزل ياروسلاف ريباكوف بطل العالم 2009 قدوة له "فكان مستواه ثابتا في اي بطولة يدخل فيها، ولو ان ارقامه ليست الاقوى عالميا".

ومن الحاليين يعجبه الايطالي جانماركو تامبيري الذي تعرض لاصابة قوية في لقاء موناكو الاخير ابعدته عن العاب ريو: "حزنت كثيرا للاصابة التي لحقت به في موناكو. انكسر حلمه الاولمبي وكنت في غاية الحسرة لما حصل له اذ تعجبني قوة شكيمته في الملاعب".

وكتب غزال اخيرا في صفحته على موقع فيسبوك "المهمة ليست كما تتخيلون.. الميدالية ليست في جيبي أخرجها متى أريد.. لا تشعروا الرياضي بأن حبل المشنقة بانتظاره.. كل أنجازات السنة تحققت بدون ضغوط".