كان رقص الصالونات العشق الأول للاتفية يلينا أوستابنكو، الا ان الشابة التي أتمت قبل أيام عامها العشرين، تركت تمايلها الناعم خلفها، وتحولت على ملاعب كرة المضرب لاعبة لا ترحم بتسديداتها القوية، ما جعل منها بطلة لبطولة فرنسا المفتوحة.

أحرزت أوستابنكو السبت باكورة ألقابها، بفوزها في نهائي ثاني البطولات الأربع الكبرى على الرومانية سيمونا هاليب المصنفة ثالثة 4-6، 6-4 و6-3، في مباراة حققت فيها اللاتفية 54 ضربة رابحة، وعادت فيها مرتين بعد تأخرها، لتكبد الرومانية (25 عاما) خسارتها الثانية في نهائي رولان غاروس بعد عام 2014.
 
فاجأت أوستابنكو الجميع، وحققت أكثر من إنجاز، اذ باتت المصنفة 47 عالميا أول لاعبة غير مصنفة تحرز لقب البطولة الفرنسية منذ عام 1933، والأولى من بلادها تحرز لقب بطولة كبرى في كرة المضرب. كما انها أصغر لاعبة تحرز لقب هذه البطولة منذ الكرواتية إيفا مايولي عام 1997، وأول لاعبة تحرز باكورة ألقابها ببطولة كبرى منذ البرازيلي غوستافو كويرتن في العام نفسه، علما انه أحرز لقب رولان غاروس في يوم ولادة أوستابنكو.
 
في كواليس رولان غاروس، لم تخف أوستابنكو عشقها الدائم للرقص، على رغم خجلها وابتعادها عن وسائل الاعلام. الا ان هذا الخجل لم ينعكس على إقدامها على أرض الملعب، اذ حققت في رولان غاروس هذه السنة، 299 ضربة رابحة حاسمة، وهو أكثر من أي لاعب أو لاعبة، وقدمت أداء يخالف الاتجاه الدفاعي في دورات السيدات، لاسيما على الملاعب الترابية.
 
الا ان أداء أوستابنكو لا يقتصر على القوة والهجوم، فهي أيضا تتحرك بشكل مثالي، وتحافظ على اتزان يعطيها أفضلية في تحديد مسار الضربات التي توجهها للخصوم.
 
وقالت اللاعبة الشابة لوكالة فرانس برس في وقت سابق، انها كلما زارت بلادها "أحاول الذهاب الى رقص الصالونات أربع مرات في الأسبوع"، مضيفة "الأمر يساعدني فعلا في حركة القدمين على أرض الملعب. رقصتي المفضلة؟ السامبا طبعا!".
 
وتقول أوستابنكو انها زاولت رقص الصالونات مدة سبعة أعوام خلال طفولتها، وأخذت استراحة من ذلك لسبعة أعوام أخرى، قبل ان تعود الى هوايتها المفضلة منذ 2014.
 
وتوضح "لدي الفستان، الأحذية... كل شيء يجب ان يكون متناسقا. أذهب الى ناد للرقص وأرقص مع استاذ هناك. هو راقص محترف".
 
في لاتفيا، غالبا ما تعرف حاملة اسم يلينا بـ "ألونا"، وهو الاسم الذي يطلقه عليها أهلها وأصدقاؤها. الا ان القيود المفروضة على بعض الأسماء في بلادها يجعل من استخدام اسم "ألونا" مستحيلا، ما يدفعها الى اعتماد يلينا في التعاملات الرسمية وللتنقل بشكل أسهل.
 
- "لا أحد يعرف رقمي" -
 
تتحدر أوستابنكو من عائلة رياضية، فوالدها كان حارس مرمى مع ناد أوكراني لكرة القدم، ووالدتها هي أستاذة كرة مضرب.
 
وفي تصريحات لقناة محلية بعد فوز ابنته في نصف النهائي على السويسرية تيميا باتشينسكي، قال والدها يفغينييس "لطالما آمنا بأن ذلك (بلوغها نهائي بطولة كبرى) سيحدث. كنا نعتقد حتى انه سيحصل قبل الآن".
 
الا ان بدايات اللاعبة في كرة المضرب لم تكن سهلة، اذا ان عائلتها غالبا ما اضطرت للبحث طويلا عن المال اللازم لتمويل مسيرتها.
 
وقال والدها "اضطررنا للبحث عن مصادر دخل متنوعة، عبر الانترنت، القيام ببعض الوظائف الصغيرة، استخدام مدخراتنا... الا اننا كنا دائما نوفر ما يكفي، وكنا محظوظين لان متبرعين سخيين قدما الينا الأموال وطلبا ألا نكشف هويتهما".
 
حصدت العائلة ثمار ما زرعته بداية بإحراز اللاعبة بطولة ويمبلدون الانكليزية، ثالث البطولات الأربع الكبرى، للناشئين عام 2014.
 
الا ان المال لن يكون مشكلة بعد الآن لأوستابنكو، اذ ان الجائزة المالية لإحراز رولان غاروس تبلغ أكثر من مليوني دولار أميركي.
 
وبقيت أوستابنكو الى حد كبير بعيدة عن الأضواء و"ضوضاء" اللعب على مستوى عال. فهي لا تملك حسابا على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي، كما ان الرئيس اللاتفي رايموندز فييونس اتصل بوالدتها لتهنئتها ببلوغ ابنتها النهائي.
 
وقالت أوستابنكو "هو عمليا اتصل بوالدتي. هذا ما قالته لي. أعتقد انه قام بذلك لأن أحدا لا يعرف رقم هاتفي".