يقفز السوري مجد الدين غزال، أحد أبرز رياضيي العالم في الوثب العالي، بين سفارة وأخرى للحصول على تأشيرات دخول تخوله المشاركة في المسابقات الدولية، الا ان الصعوبات التي تواجهه على خلفية النزاع الدامي في بلاده، لم تثبط عزيمته في بطولة العالم.

يشارك غزال (30 عاما، 1,93 م) الجمعة في الدور الأول المؤهل الى نهائي مسابقة الوثب العالي ضمن بطولة 2017 المقامة في لندن، والذي من المقرر اقامته الأحد. وهو السوري الوحيد المشارك في البطولة الحالية، والأمل الوحيد بإضافة ميدالية الى رصيد بلاده المقتصر على ذهبية وبرونزية لغادة شعاع في مسابقة السباعية، أحرزتهما في 1995 و1999 على التوالي.

ويقول غزال لوكالة فرانس برس "صرت خبيرا في مواقع السفارات، مواعيد عملها والمستندات المطلوبة لنيل التأشيرات. أصبحت عندي دراية إدارية بحتة في هذا المجال".

يتابع "العام الماضي عانيت مشكلات كثيرة، لم أحصل على تأشيرة المغرب لخوض لقاء الرباط، وفي أوروبا ايضا، فقد نلت بصعوبة تأشيرة لستة أشهر من السفارة الاسبانية".

انعكس النزاع المستمر منذ آذار/مارس 2011 بين الرئيس بشار الاسد ومعارضيه، سلبا على مشاريع غزال وقدرته على تطوير مستواه، ويعتبر انه "لولا الازمة في سوريا لاختلف كل شيء، من تسهيلات وتأشيرات ودعم مالي. نحن في أزمة تؤثر على الحالة الذهنية ايضا".

يخوض غزال تمارينه اليومية في دمشق التي بقيت الى حد كبير في منأى عن أعمال العنف التي حصدت أكثر من 330 ألف شخص منذ 2011، الا انه يعول أحيانا على معسكرات خارجية "خصوصا في برشلونة، بدعم مالي من اتحاد العاب القوى (السوري)".

ويشير الى ان "الكل يفاجأ عندما يعرف انني أتمرن في سوريا، خصوصا أنني أصبحت بين الستة الاوائل على العالم".

حقق السوري 2,32 م في لقاء باريس في تموز/يوليو الماضي، وهو بات مصنفا سابعا في ترتيب الدوري الماسي 2017، علما ان أفضل رقم له حققه في بكين العام الماضي وبلغ 2,36 م.

شارك غزال في بطولة العالم أربع مرات، ودورات الألعاب الأولمبية ثلاث مرات، ويدخل بطولة العالم الحالية من وضع رقم معين نصب عينيه، بل التركيز على بلوغ النهائي الأحد.

- بلا طبيب -

تنعكس الصعوبات التي يسببها النزاع السوري على مسيرة غزال، أكان لجهة التمارين أو الحصول على الرعاية الطبية اللازمة. 

فالعداء الذي يدربه المحلي عماد سراج، بدأ استعداداته لبطولة العالم في كانون الاول/ديسمبر في مدينة اللاذقية الساحلية، قبل خوض معسكر مغلق في روسيا "لعدم تواجد الملاعب المغلقة في سوريا".

وفي نيسان/أبريل، بدأ المشاركة في المنافسات على رغم معاناته من بعض المشاكل الصحية والأوجاع في قدم الارتقاء.

ويقول الرياضي السوري لفرانس برس "بسبب مشكلات بسيطة كالشد العضلي قد تخسر بطولة برمتها، وتتراوح أرقامك بين 2,20 و2,30 م. أتمنى ان أكون جاهزا كما في باريس في الدوري الماسي".

يضيف "ليس لدي طبيب ومعالج ومدلك، أفقتد ذلك كثيرا، خصوصا في سلسلة البطولات المتتالية، حيث يكون الارهاق كبيرا وانت بحاجة للتعافي سريعا. لدي أصدقاء كثر لا يقصرون معي في هذا المجال".

وللمشاركة في المسابقات الخارجية، غالبا ما يضطر للانتقال برا الى بيروت قبل السفر منها نحو الدول الأخرى، بسبب وقف معظم شركات الطيران رحلاتها من مطار دمشق الدولي. 

يتحدر غزال الذي يعتاش من راتبه كأستاذ للرياضة متفرغ من قبل الاتحاد الرياضي العام في سوريا، من عائلة رياضية: فوالده لاعب كرة قدم سابق وشقيقه مدرب لكرة اليد. 

دخل منافسات الوثب العالي في سن السادسة عشرة، وتوقفت مسيرته لأكثر من عام بدءا من 2010 بسبب الاصابة.

ويرى غزال في زميله القطري معتز برشم حامل فضية أولمبياد ريو 2016، مرشحا قويا لنيل ذهبية بطولة لندن.

ويقول "أتمنى لصديقي معتز حصد الالقاب والاقتراب من الرقم العالمي (2,45 م). هو خامة كبيرة قدم له كل شيء ليصل بسرعة الى العالمية".

الا انه يشير الى تراجع على مستوى المشاركة في المسابقة هذه السنة "مثل اللاعب الكندي ديريك دروان (حامل ذهبيتي مونديال 2015 واولمبياد 2016) المصاب في وتر أخيل، والاوكراني بوهدان بوندارنكو"، ما قد يفتح الباب أمام "مفاجآت هذه السنة".

قد يكون غزال إحدى هذه المفاجآت، لاسيما ان مستواه شهد صعودا على مدى الأعوام الماضية "فقد حققت 2,31 م في 2015، و2,36 م في 2016، و2,32 هذا العام".

يضيف "سلاحي الوحيد الذي اعتمد عليه هو الخبرة. أعرف من اين تؤكل الكتف: السيطرة على نفسي داخل الملعب والعمل جسديا ونفسيا للحد من رهبة البطولات".