أكدت صحيفة "ذا صن" البريطانية أن خسارة برشلونة للقب كأس السوبر الإسباني قد كشفت عن عمق الأزمة التي يعاني منها النادي مع بداية الموسم الرياضي الجديد (2017-2018) .

وكانت الإدارة الكتالونية قد راهنت هذا الموسم على إستعادة الفريق لبريقه المفقود في أعقاب خيبة الموسم المنصرم (2016-2017) عندما اكتفى "البارسا" بحصد لقب كأس الملك فقط، غير ان المستوى الذي قدمه اللاعبون تحت إشراف مدرب الفريق الجديد الإسباني إرنستو فالفيردي أمام ريال مدريد على لقب السوبر الإسباني ، وخسارتهم ذهاباً وإياباً بخمسة أهداف مقابل هدف في مجموع المباراتين ، ينذر بسيناريو مكرر لما حدث في الموسم الماضي.
 
وأكدت الصحيفة البريطانية الشهيرة أن مجريات مباراتي السوبر تؤكد بأن برشلونة يمر بأزمة كبيرة تحتاج إلى وصفة خاصة لعلاجها وتفادي تداعياتها على نتائج الفريق، في أعقاب "الوجه الشاحب " الذي ظهر عليه "البارسا" في موقعتي السوبر المحلي، وهو لا يعكس إطلاقا الصورة التي يفترض ان يظهر عليها فريق يستهدف إنهاء موسمه الجديد بطلاً لإسبانيا ولأوروبا .
 
وبحسب التقرير، فإن السوبر الإسباني كشف انقلابًا فنيًا بين الغريمين التقليديين، حيث أصبح ريال مدريد في عهد مدربه الفرنسي زين الدين زيدان، مشابهًا لفريق برشلونة أبان عهد مدربه السابق الإسباني بيب غوارديولا، وذلك بالنظر إلى المردود الفني المتميز الذي قدمه أبناء العاصمة مدريد، وهو ما أجبر المدافع الكتالوني جيرارد بيكي بالاعتراف للمرة الاولى بأن "المرينغي" في وضع أفضل بكثير من "البارسا".
 
فقدان الهوية والروح المعنوية
 
وتكشف الخسارة الأخيرة، بأن أزمة برشلونة لا تتعلق بالنتائج المتراجعة التي سجلها الفريق في أعقاب حصده للثلاثية الثانية في تاريخه بعام 2015 مع المدرب لويس انريكي، بل هي أعمق من ذلك بكثير، حيث فقد الفريق لهويته التكتيكية خلال مباراتي السوبر، وفقد معها روحه المعنوية، إذ ظهر وكأنه يلعب بدون مدرب قادر على إدارة شؤونه الفنية، حيث ازدادت الأخطاء الفردية الفادحة بين أفراد الفريق، وغابت الروح الجماعية ، بعدما كان الوصول إلى منطقة جزاء ريال مدريد يعود لمبادرات هجومية فردية نادرة.
 
ومن اللافت للنظر من خلال مباراتي السوبر، أن أداء برشلونة تراجع بين مباراتي الذهاب على "الكامب نو" والإياب على "السانتياغو بيرنابيو" حيث لم تستفز الخسارة بثلاثية لاعبيه لتقديم مردود فني كبير يحفزهم لتحقيق انطلاقة جيدة في الدوري الإسباني.
 
وأكدت الصحيفة البريطانية بأن برشلونة يفتقد لنجوم شباب موهوبين على غرار ما يتواجد لدى غريمه ريال مدريد، الذي كشف في موقعة "السوبر" عن نجومه في المستقبل القريب مثل الإسبانيين لاعب الوسط ماركو أسينسيو والمهاجم لوكاس فاسكيز. 
 
في المقابل، فإن عناصر برشلونة الفنية ظهرت وكأنها قد تأثرت بعامل السن لبعض لاعبيه، وهو ما يجعله يحتاج إلى إحلال شبه كلي في صفوفه ، خاصة بعدما تراجعت علاقة الفريق الأول بمدرسة النادي الشهيرة " لاماسيا" التي لم يعد لها حضور كبير مثلما كان عليه الحال سابقاً في تشكيلة مدرب الفريق السابق بيب غوارديولا.
 
تهميش اللاعبين الشباب
 
وأرجع التقرير سبب فك الارتباط غير المعلن بين الفريق الأول ومدرسة النادي إلى السياسة الجديدة التي انتهجتها إدارة النادي في عهد الرئيس السابق ساندرو روسيل ومجلس إدارته، والتي همشت دور خريجي مدرسة "لاماسيا" بإعارتهم إلى أندية أخرى مقابل التعاقد مع أسماء لامعة وجاهزة بداية بالبرازيلي نيمار دا سيلفا ثم الأوروغوياني لويس سواريز والكرواتي ايفان راكيتيتش والبرتغالي أندريه غوميز وآخرين ، واستمرار هذه السياسة في ظل المساعي الحثيثة والمضنية التي تقوم بها الإدارة الكتالونية حالياً للتعاقد مع لاعب الوسط البرازيلي كوتينيو من ليفربول الإنكليزي والمهاجم الفرنسي عثمان ديمبيلي من نادي بروسيا دورتموند الألماني .
 
وبفعل هذه السياسة الكتالونية، أصبح برشلونة يفتقد للعدد الكافي من النجوم الشباب القادمين من مدرسة "لاماسيا" بخلاف ما كان عليه في موسم (2008-2009) عندما كان يضم في صفوفه المدافع جيرارد بيكي وثلاثي الوسط تشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا و سيرجيو بوسكيتس والمهاجمين ليونيل ميسي و بيدرو رودريغيز الذين كانوا في مقتبل عمرهم الرياضي، ومع اعتزال البعض ورحيل البعض الآخر، فإن التشكيلة الأساسية لـ "البارسا" أصبحت تفتقد لنجوم "لاماسيا".
 
وتأزمت أوضاع الفريق بشكل أكبر، مع فشل أغلب الصفقات الصيفية التي ابرمتها إدارة النادي خاصة بعد رحيل مديره الرياضي السابق أندوني زوبيزاريتا في شهر يناير من عام 2015 ، حيث لم يقدم الوافدون الجدد مستويات تمكنهم من حجز مكان ثابت في تشكيلة الفريق الأساسية ، مما اضطر الجهاز الفني إلى اللعب بنفس الأسماء الفنية التي تعرضت لإرهاق ونزيف لطاقاتهم البدنية والذهنية خاصة الخماسي المكون من ليونيل ميسي ولويس سواريز وسيرجيو بوسكيتس وجوردي ألبا وجيرارد بيكي.
 
غياب البصة الفنية
 
كما كشفت مباراتا السوبر عن غياب البصمة الفنية لمدرب الفريق الجديد إرنستو فالفيردي، حيث لم يتخذ أي قرارات فنية في مباراتي الذهاب والإياب ، وخلال أطوار كل مباراة من شأنها التأثير إيجابياً على مجريات اللقاءين، ليترك للاعبين تائهين في الملعب أمام منافس شرس.
 
والحقيقة أن التغيير أصبح أمراً ضرورياً وملحاً في النادي الكتالوني، ويحتاج تنفيذه إلى إتخاذ قرارات جريئة مشابهة لتلك التي اتخذت مع مجيء بيب غوارديولا في صيف عام 2008 ، عندما قرر النادي إبعاد البرازيلي رونالدينيو والبرتغالي ديكو ونجوم آخرين من أجل إفساح المجال أمام لاعبين جدد، حيث ابدت الجماهير الكتالونية استغرابها من سياسة النادي المتناقضة، حيث يرغب في التعاقد مع لاعبين جدد من جهة ، ويرفض التخلي عن آخرين من جهة أخرى، في ظل إصراره على تمديد عقودهم على غرار أندريس إنييستا و الأرجنتيني خافيير ماسكيرانو و سيرجيو بوسكيتس و إيفان راكيتيتش، حتى أن مهاجمي الفريق الأرجنتيني ميسي والأوروغوياني سواريز افتقدا لقوتهما البدنية والفنية التي كانا عليها في عام 2015 بعد بلوغهما سن الثلاثين عاماً.
 
وفي عز الأزمة التي يعاني منها الفريق، أقدمت إدارة النادي على التعاقد مع البرازيلي باولينيو من نادي جوانزو إيفرجراند الصيني مقابل 40 مليون يورو، وهو على مشارف الثلاثين عاماً في وقت أن سلاح غريمه ريال مدريد يعتمد على اللاعبين الشباب، وفرض بفضلهم هيمنته على إسبانيا وأوروبا.