صنع الثري الصيني غاو جيتشنغ ثروته بنفسه متنقلا بين مسارات عدة: بداية في الزراعة، سنوات في الشرطة، تذوق الشعر، وصولا الى امتلاك حصة الأسد في نادي ساوثمبتون الانكليزي لكرة القدم.

منتصف آب/أغسطس الحالي، أصبح غاو أحدث المستثمرين الصينيين في أحد أندية كرة القدم الأوروبية، بشرائه وعائلته حصة تقارب 80 بالمئة من النادي الانكليزي، في صفقة قدرت بنحو 200 مليون جنيه استرليني (259,5 ملايين دولار أميركي).

وعلى رغم ثرائه، يبقى غاو بعيدا الى حد كبير عن الأضواء في بلاده، وحتى ان استحواذه الضخم على الحصة الأكبر في نادي الدوري الانكليزي الممتاز، لم يشكل مادة أساسية للصحافة في الصين.

على موقعه الالكتروني، يصف رجل الأعمال مسيرته المنوعة، مشيرا الى انه عمل سابقا كمزارع وصحافي ومدير معمل، من دون ان يقدم تفاصيل كثيرة عن أي من هذه المهن والمحطات في حياته.

يسلط الموقع الضوء على "موهبة شعرية" وأدبية يتمتع بها غاو، ومنها أبيات مهداة الى جدته، كتبها على متن رحلة بين مدينة شنغهاي الصينية والعاصمة البريطانية في نيسان/أبريل الماضي.

بين 1970 و1977، انضم غاو المولود في 1952، الى سلك الشرطة في مدينة شنغهاي، وتدرج في مواقع عدة منها قائد مجموعة.

لم يكن استحواذه على ساوثمبتون وليد الصدفة أو خطوة متسرعة، بل تطلب التحضير لها أشهرا. شركته "لاندرز سبورتس ديفيلوبمنت" التي تقوم بنشاطات متنوعة في الصين منها بناء الملاعب الرياضية، أعلنت في كانون الثاني/يناير التوصل الى اتفاق مع ساوثمبتون، الا انها أشارت في نيسان/أبريل الى ان الصفقة فشلت.

ولدى الاعلان في آب/أغسطس الماضي عن الاستحواذ، أوضحت الشركة ان استثمار غاو هو "شخصي"، ويشمل ابنته نيلي.

- مدينة الـ "تايتانيك" -

في تقرير نشرته مؤخرا، نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن مسؤول كروي انكليزي لم تسمه، ان أندية في الدوري الممتاز طرحت علامات استفهام حول استثمار غاو في ناد محلي، لاسيما في ظل "تورطه السابق في تحقيقات فساد في الصين".

ولم يتم تثبيت أي من القضايا التي وجهت أصابع الاتهام الى غاو فيها، كما ان الأخير لم يرد على طلبات متكررة للتعليق على المسألة.

وفي تصريح تضمنه بيان ساوثمبتون لدى إعلان استحواذه على الحصة، قال المليونير الصيني "يشرفني أن أكون شريكا في نادي ساوثمبتون لكرة القدم إلى جانب كاثارينا ليبهير التي شكلت، بصحبة والدها، مديرة رائعة للنادي ونموه ونجاحه"، مضيفا "نحن الإثنان، نتمتع بالشغف والدافع للبناء على التقدم الممتاز الذي حققه ساوثمبتون في الأعوام الأخيرة، ونحن نتطلع إلى فصل مقبل مثير للنادي".

وفي حين لم يعلن غاو بشكل رسمي ما دفعه الى الاستثمار في ناد متواضع نسبيا في الدوري الانكليزي، قد تتضح أسبابه من خلال نص قصير نشره في العام 2011 على موقعه الالكتروني.

وكتب غاو حينها "ساوثمتبون (على الساحل الجنوبي لانكلترا) ليست مدينة كبيرة الحجم الا انها معروفة عالميا"، مستذكرا كونها المدينة التي أبحرت منها سفينة "تايتانيك" عام 1912، في رحلة باتجاه الولايات المتحدة لم يكتب لها النجاح، وقضى على متنها المئات.

كما يشير غاو في كتاباته الى مدينة بول ومينائها الطبيعي، والتي تقع على مسافة ساعة فقط من ساوثمبتون.

ووصف غاو مدينة بول بأنها "كالشاي الصيني الداكن"، وتقع "بين جبال حمراء ومحيط أزرق. لا يمكنني سوى ان أرتشف منها (...) مذاقها القوي والمر اتضح انه حلو ومنعش... لقد أصبت بالثمالة".