يلخص واقع بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد بموسمها الثاني تحت "الملكية" الأميركية بعبارة "للمزيد من السرعة والمزيد من الاستعراض"، وهو الهدف الذي وضعته مجموعة "ليبرتي ميديا" عندما استحوذت على البطولة من البريطاني "العجوز" بيرني ايكليستون.

وتعطي حلبة ملبورن الأسترالية الأحد إشارة انطلاق الموسم الجديد من بطولة العالم وسط توقعات بأن تتجدد المنافسة بين سائقي مرسيدس البريطاني لويس هاميلتون وفيراري الألماني سيباستيان فيتل، مع احتمال دخول زميليهما الفنلنديين فالتيري بوتاس وكيمي رايكونن على الخط ايضا.

- هاميلتون وفيتل لمعادلة فانجيو -

كان موسم 2017 بداية عودة فريق فيراري الى دائرة المنافسة الجدية ومحاولة الفوز بلقبه العالمي الأول منذ 2007، الا ان سيارة "س ف 70 اتش" خسرت المعركة في نصف الثاني من الموسم بسبب مشاكل الاعتمادية، فتوج هامليتون بلقبه العالمي الرابع وفريق مرسيدس بلقبه الرابع تواليا عند السائقين والصانعين.

لكن المؤشرات كانت ايجابية بالنسبة الى الفريق الإيطالي الذي قدم في 2017 أفضل سيارة له في عصر المحرك الهجين الذي بدأ العمل به منذ 2014، وهذا الأمر ينذر بأن تكون حظيرة "سكوديريا" قادرة في 2018 على وضع حد لاحتكار مرسيدس، والتحاق فيتل بالأرجنتيني خوان مانويل فانجيو كثاني أكثر السائقين فوزا باللقب (5 خلف الأسطورة الألمانية ميكايل شوماخر صاحب 7 ألقاب)، وهو الهدف نفسه لغريمه هاميلتون.

وعلى مرسيدس وفيراري الحذر من ريد بول وسائقيه الأسترالي دانيال ريكياردو والهولندي الشاب ماكس فيرشتابن القادرين على خلق المفاجأة والدخول على خط الصراع الثنائي، بينما تطرح علامة استفهام حول قدرة فريق فورس انديا على المحافظة على مركزه الرابع للموسم الثالث تواليا خلف الثلاثي الكبير.

ومع انتقال ماكلارين الى محركات رينو بعد تخليها عن العملاق الياباني هوندا الذي سيتواجد على حلبات 2018 بصحبة سيارة تورو روسو، قد يستعيد الفريق البريطاني مع المخضرم الإسباني بطل العالم السابق فرناندو الونسو والبلجيكي الشاب ستوفل فاندورن شيئا من المستوى السابق ويسترجع الأمل بإمكانية الفوز بلقبه الأول منذ 2008.

- اطارات أسرع و..."هالو" -

وسيكون موسم 2018 أسرع من الذي سبقه، على رغم أن 2017 شهد تحطيم الرقم القياسي لعشر حلبات نتيجة التعديلات التي أدخل على تصميم انسيابية السيارات.

وسيلعب الاطار الجديد الذي قدمه الصانع الإيطالي بيريلي لموسم 2018 دورا هاما في زيادة سرعة السيارة كونه الأكثر ليونة في تاريخ البطولة.

وسيقدم الصانع الإيطالي مجموعتين جديدتين من الإطارات، ومن المقرر أن يصبح كل مركب من مركبات 2017 أكثر ليونة، حيث يصبح الإطار "الفائق الليونة" الجديد ("هايبرسوفت") الأكثر طراوة بين الإطارات التسعة والإطار "القاسي جدا" الجديد ("سوبرهارد") الأكثر خشونة.

وسيتم وضع علامة بلون وردي على الإطار "الفائق الليونة"، بينما ستكون علامة الإطار الأقسى برتقالية.

وكانت بوادر السرعة مع الإطار اللين الجديد واضحة في التجارب الاستعدادية للموسم الجديد، إذ تمكن فيتل من تحطيم رقم حلبة كاتالونيا بعدما سجل 1:17.182 دقيقة (الرقم السابق 1:18.339 دقيقة سجله البرازيلي فيليبي ماسا عام 2008).

أما لناحية تصميم السيارات، فعلى المشجعين التأقلم مع الوافد الجديد "هالو"، وهو هيكل من التيتانيوم وألياف الكربون، وضع فوق مقصورة القيادة لحماية السائقين من الحطام المتطاير الذي قد ينجم عن الحوادث.

ومن التعديلات الأخرى، حظر الاتحاد الدولي للسيارات "فيا" استخدام "زعانف القرش" التي كانت مخصصة لتوجيه تدفق الهواء عبر الجناح الخلفي، وحظر ايضا استخدام "تي وينغ"، وهو الجناح ثانوي الأفقي المثبت أمام الجناح الخلفي وفوقه.

لكن التعديل الأهم يبقى خفض عدد المحركات المسموح بها لكل سيارة خلال الموسم من اربعة الى ثلاثة، مع اعتماد نظام تفصيلي جديد يحدد عدد القطع الداخلية التي يمكن استبدالها في المحرك، مثل الشاحن الهوائي "توربو" الذي يحقق لكل سائق استخدام اثنين منه فقط طيلة الموسم.

وهذا الأمر يعني بأن عامل الاعتمادية سيكون حاسما أكثر من أي وقت مضى، وإلا ستجد الفريق نفسها أمام عقوبات على خط الانطلاق.

- الاستعراض على الطريق الأميركية -

ومنذ تسلمها دفة البطولة في 2017، ركزت مجموعة "ليبرتي ميديا" على مسألة التفاعل مع الجمهور، لاسيما الجيل الشاب، من خلال الدخول الى العصر الرقمي (اتفاقية مع تطبيق "سنابتشات"، مسابقات رياضية إلكترونية "اي سبورت" ...)، والتشجيع على "الاستعراضات" المماثلة لتلك التي حصلت العام الماضي في شوارع لندن...

وفي 2018، قررت "ليبرتي ميديا" تأخير موعد انطلاق السباقات بدلا من موعدها المعتاد عند رأس الساعة، وذلك بهدف كسب نسبة حضور أكبر.

وسيتم تأخير موعد انطلاق سباقات الأحد عشر دقائق، على ان تؤخر جائزة البرازيل الكبرى والجوائز الكبرى في أوروبا ساعة وعشر دقائق عن المواعيد المعتادة، والتي غالبا ما تكون 14:00 بالتوقيت المحلي.

وأوضحت المجموعة الأميركية انه بفضل هذا التغيير "سيتسنى للمشاهدين أمام الشاشة الصغيرة الاستفادة من العرض المقدم لهم قبل إطفاء الأنوار"، في إشارة الى موعد انطلاق السباق.

وألغت المجموعة استخدام "العارضات" عند خط الانطلاق، وتم استبدالهن بـ "أطفال خط الانطلاق".

كما أطلقت المجموعة الأميركية خدمة بث مدفوعة خاصة تحت مسمى "اف 1 تي في"، تتيح للمشاهدين حسب الطلب، متابعة السباقات من دون الاشتراك بقنوات وسيطة في خطوة تشكل "وسيلة مبتكرة للسماح للمشاهدين بتحسين تجربتهم خلال السباقات والاستفادة منها".

وأوضح المالكون في بيان ان الخدمة الجديدة ستكون متوافرة بداية عبر أجهزة الكومبيوتر، على ان تتسع تدريجا لتشمل تطبيقات لأجهزة التلفزيون وأخرى للهواتف الذكية، وان ذلك سيتيح "للمشتركين اختيار المضمون الذي يرغبون بمتابعته، وأين وكيف يمكنهم الاطلاع عليه".

وستتيح الخدمة للمشتركين على سبيل المثال، ان يتابعوا السباق كاملا عبر الكاميرا المثبتة في سيارة أحد السائقين، على ان تكون "كل التجارب الحرة والرسمية والسباقات والمؤتمرات الصحافية والمقابلات قبل السباقات وبعدها" متوافرة لقاء اشتراك شهري يراوح بين 6,5 يورو و10 يورو.

وتأتي هذه الخطوات ضمن سلسلة من المقاربات التي اعتمدتها "ليبرتي ميديا"، مثل السماح للسائقين بنشر لقطات أكثر من على هامش السباقات عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.