لم يخف السويدي زلاتان ابراهيموفيتش يوما نزعته الى النجومية، ما يجعل من اختياره مدينة لوس أنجليس الاميركية، وأبرز معالمها هوليوود بكل ما تتضمنه من ألق سينمائي و"نجومي"، محطة منطقية لما سيكون على الأرجح الفصل الختامي من سيرته كلاعب.

في سن السادسة والثلاثين، أصبح لاعب نادي مانشستر يونايتد الانكليزي، الأخير ضمن سلسلة من اللاعبين الذين اختاروا الانتقال الى الدوري الأميركي لكرة القدم في المراحل الأخيرة من مسيرتهم، بالاعلان الجمعة عن انضمامه رسميا الى نادي لوس انجليس غالاكسي.

حتى الاعلان لم يكن تقليديا: فبدلا من البيان المعتاد في حالات مماثلة، إعلان في صفحة كاملة في إحدى أبرز صحف المدينة، لوس انجليس تايمز، مع صورة عملاقة للسويدي بقميص النادي، وعبارتي "عزيزتي لوس انجليس"، و"على الرحب والسعة"، اضافة الى توقيعه وشعار غالاكسي.

امتاز العملاق السويدي (1,95 م) بعنجهيته على أرض الملعب. قوته البدنية وطوله الفارع انعكسا قوة شخصية فرضها، بالقوة أحيانا، على خصومه وزملائه على السواء. رصيده على صعيد الألقاب مع الأندية يلائم هذه الهالة التي يحيط نفسه بها: أكثر من 30 لقبا في مسيرة بدأت مع الفريق الأول لنادي مالمو السويدي عام 1999، وتنقل خلالها بين أندية أوروبية كبرى: أياكس امستردام الهولندي، ميلان وانتر ويوفنتوس الايطالية، برشلونة الاسباني، باريس سان جرمان الفرنسي، وختاما مانشستر يونايتد.

الا ان اللقب الأغلى أوروبيا على صعيد الاندية، أي دوري أبطال أوروبا، بقي غائبا عن خزائنه. والأكيد ان الانتقال الى الولايات المتحدة، في هذه المرحلة المتأخرة (وربما الختامية) من مسيرته الكروية، يعني ان زلاتان سيعتزل على الأرجح كرة القدم من دون ان يرفع "الكأس ذات الاذنين".

بانتقاله الى غالاسكي، يسير ابراهيموفيتش على خطى نجوم آخرين في اللعبة، جعلوا من الولايات المتحدة محطة وداع لمسار طويل على الملاعب الأوروبية. الأمثلة عديدة: الانكليز ديفيد بيكهام وستيفن جيرارد وفرانك لامبارد، الفرنسي تييري هنري، العاجي ديدييه دروغبا، الايطالي أندريا بيرلو، الاسباني دافيد فيا، وغيرهم.

ويأتي انتقال ابراهيموفيتش ليعاكس تيار الدوري الأميركي "ام أل أس" الذي قلل في الأعوام الماضية من استقطابه للنجوم الأوروبيين، وفضلت أنديته في السنوات الأخيرة الاتجاه نحو المواهب الشابة والناشئة لأميركا الجنوبية.

- بشري رغم كل شيء -

بالنسبة الى ابراهيموفيتش، فالقدوم الى لوس انجليس هدفه امتاع الناس.

فهو قال في مقابلة مع صحيفة "لوس انجليس تايمز"، "بعدما كنت في أوروبا، وأحرزت 33 لقبا، ولعبت في أفضل الأندية في العالم، والى جانب أفضل اللاعبين في العالم، أردت ان آتي الى الولايات المتحدة وألعب"، مضيفا "أردت ان يستمتع الناس بلعبي هناك، وان أفوز".

لم يخف اللاعب الدولي السابق يوما اعتزازه بنفسه ونجوميته. في الموسم الماضي، قال في تصريحات صحافية ان "الناس الذين يعرفونني يعرفون انني لعبت في أندية كثيرة (...) أينما ذهبت فزت، لذا أنا مثل انديانا جونز"، في إشارة الى الشخصية السينمائية الشهيرة.

الأكيد ان ابراهيموفيتش سيكون محط أنظار في الولايات المتحدة لأسباب عدة، أبرزها لمعرفة ما اذا كان سيعود الى تقديم المستوى الذي جعل منه يوما أحد أخطر المهاجمين ومسجلي الأهداف في العالم.

في الموسم الماضي، الأول له مع يونايتد، أثبت ابراهيموفيتش جدارته في منتصف العقد الثالث من العمر، في أحد أكثر دوريات كرة القدم صعوبة. 28 هدفا في 46 مباراة في مختلف المسابقات، قبل ان يغيب بسبب الاصابة، ويتراجع حضوره في التشكيلة الاساسية لاسيما هذا الموسم.

بعد غيابه منذ نيسان/أبريل 2017، عاد ابراهيموفيتش في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، من دون ان يفقد أي نسبة من اعتداده بنفسه، قائلا في تصريحات للقناة التلفزيونية التابعة ليونايتد "قلت لكم، الأسود لا تتعافى مثل البشر. لقد أثبت ذلك الآن، بدلا من مجرد قوله".

الا ان الاصابة في الركبة في هذا العمر المتقدم نسبة للاعب كرة قدم على مستوى عال، أثبتت ان ابراهيموفيتش هو بشري في نهاية المطاف، اذ لم يتمكن عمليا من العودة الى مستواه السابق، أو استعادة مركزه في التشكيلة.

من أصل سبع مباريات فقط خاضها مع يونايتد هذا الموسم، بدأ مرتين كأساسي، آخرهما في 26 كانون الأول/ديسمبر ضد بورنلي، علما انه استبدل في تلك المباراة مع انطلاق الشوط الثاني، وفريقه متأخر صفر-2.

- موهبة هائلة وشخصية متضخمة -

الأكيد ان أحدا لم يعتقد ان ابراهيموفيتش سيرضى بالاعتزال بشكل مبكر.

مع لوس انجليس، سيكون أمام فرصة مثالية لمواصلة اللعب لسنوات، في دوري غير متطلب بدنيا (أو ذهنيا حتى) كالدوري الانكليزي الممتاز، على رغم ان راتبه تراجع بشكل كبير، اذ يتوقع ان يتقاضى حاليا 1,5 مليون دولار سنويا، مقابل راتب مقدر بـ 253 ألف دولار أسبوعيا مع يونايتد.

الترقب أيضا هو سيد الموقف في صفوف غالاكسي ولوس انجليس ككل.

فصحيفة "تايمز" اعتبرت اليوم ان "الموهبة الهائلة والشخصية المتضخمة تجعل من زلاتان ابراهيموفيتش مثاليا للوس انجليس"، معتبرة انه "في حال فشل زلاتان ابراهيموفيتش في إخراج غالاكسي من الظل على الساحة الرياضية في المدينة، قد لا يعمد الفريق لضم لاعب كبير مجددا بعد الآن".

وأوضحت "اذا لم يتمكن ابراهيموفيتش من جعل (مدينة) لوس انجليس تهتم بنادي غالاكسي، لا يوجد لاعب آخر قادر على القيام بذلك".