اعتبر أعضاء التيار البرادعي إغلاق قناة quot;أوربتquot; حلقةً في سلسلة طويلة من إجراءات التضييق على وسائل الإعلام ومحاولة ترويضها، كلما اقتربت الإنتخابات البرلمانيَّة والرئاسيَّة، فيما رآها التيار الإخواني إجراءً لإرهاب وسائل الإعلام وتطويعها لتشويه صورة الجماعة في حين لم يذهب التيار المستقل إلى أبعد من كونها أزمةً تجاريَّةً، ليس أكثر.

القاهرة: تباينت تقييمات وتحليلات التيَّارات السياسيَّة المصريَّة المختلفة لأزمة إغلاق استديوهات قناة quot;أوربتquot;، حيث اعتبرها أعضاء التيار البرادعي حلقة في سلسلة طويلة من إجراءات التضييق على وسائل الإعلام ومحاولة ترويضها، وسد نوافذ الحرية، كلما اقتربت الإنتخابات البرلمانيَّة والرئاسيَّة، فيما رآها التيار الإخواني إجراءً لإرهاب وسائل الإعلام، وتطويعها لتشويه صورة الجماعة وأعضائها المرشحين في الإنتخابات، وأنَّه تم البدء بـquot;أوربتquot; على الرغم من أنَّ القائمين عليها مقربون من النظام، في حين لم يذهب التيار المستقل إلى أبعد من كونها أزمةً تجاريَّةً، ليس أكثر، وهو ما أكَّدته الرموز الإعلاميَّة في القناة.

وفقاً لجورج إسحق القيادي في الجمعية الوطنيَّة للتغيير الَّتي يترأسها الدكتور محمد البرادعي، فإن النظام سيتخذ العديد من الإجراءات الَّتي من شأنها إرهاب وسائل الإعلام، حتَّى لا تمتلك الجرأة لنشر ما سيحدث في الإنتخابات البرلمانيَّة أو الرئاسيَّة من عمليات تزوير واسعة النطاق، خصوصًا في ظل إلغاء الإشراف القضائي عليها.

وتوقَّع إسحق إقدام النظام على اتخاذ المزيد من الإجراءات الَّتي يكون ظاهرها إداريًّا، في حين أنَّ باطنها سياسيٌّ، مشيرًا إلى أنَّ الحزب الحاكم يعلم أنَّ المواطنين والمعارضين والإخوان يعولون كثيرًا على الصحافة الحرَّة والفضائيات الجريئة في مراقبة الإنتخابات، وفضح أيَّ تجاوزات، ولذلك يحاول أن يبعث لها برسائل إنذاريَّة.

وفي الوقت نفسه، دعا إسحق إلى التروي في الحكم على الأزمة، خصوصًا أنَّها حتَّى الآن ما زالت تسير في إطار الخلافات الماليَّة، وأضاف quot;لعل النظام يخيب ظننا هذه المرةquot;.

وبحسب وجهة النظر الإخوانيَّة، فإن النظام يستخدم القنوات الفضائيَّة لضرب الجماعة، وقال النائب، محسن راضي، عضو الكتلة البرلمانيَّة للإخوان المسلمين: quot;النظام يعتبر quot;الإخوانquot; عدوه الأوَّل، ويحاول بشتى الوسائل إرهاب أعضائها، من خلال الإعتقال وممارسة الضغوط عليهم في وظائفهم أو أنشطتهم التِّجاريَّة، ويقود حملة ضخمة لتشوية صورتهم أمام الرأي العام قبيل الإنتخابات البرلمانيَّة، ويستخدم في ذلك صحفًا وقنوات فضائيَّة، ويحاول تقليم أظافر الجميع، حتَّى يفكر الجميع مليون مرة قبل الإقدام على قول الحق أو فضح تجاوزاته الَّتي ستحدث في الإنتحابات البرلمانيَّة المقبلة، من أجل عدم تكرار ما حدث في انتخابات 2005، الَّتي حصلت فيها الجماعة على 88 مقعدًا.

وحول ما يقال من أنَّ قيادات quot;أوربتquot; مقربون من النظام الحاكم، قال راضي إنَّ ذلك لم يشفع للقناة لدى النظام، الذي يتعامل بالمثل القائل: quot;إضرب المربوط يخاف السايبquot;، موضحًا أنَّ إجراء إغلاق الإستديوهات يبدو في ظاهره أنَّه خلافٌ ماليٌّ، إلاَّ أنَّه يحمل رسالة إلى القائمين على القناة، وباقي القنوات مفادها أنَّه عليهم الإستمرار في تشويه صورة الإخوان أكثر وعدم التعاطف معهم مهما حدث.

فيما جاءت نظرة الدكتور، عمار علي حسن، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط السياسيَّة والإستراتيجيَّة، للأزمة مغايرةً تمامًا لوجهتي النظر السابقتين، معتبرًا أنَّها أزمةً ماليَّةً بحتة، ولا يجب النظر إليها بأبعد من ذلك، واستبعد أنّْ تكون لها خلفيات سياسيَّة على الإطلاق، وأوضح قائلاً: quot;إنَّ الأخوين عماد وعمرو أديب القائمين على إدارة القناة معروفان بقربهما من السلطة، حيث يرتبط الأوَّل بعلاقة وطيدة وشخصيَّة مع مؤسسة الرئاسة، ويظهر ذلك في توجهات برامج القناة الَّتي تصب في صالح النظام الحاكم دائمًا، وخصوصًا برامج التوك الشو، فمثلاً درجة سخونة الحوار والقضايا المطروحة في برنامج quot;القاهرة اليومquot; لا تصل إلى درجة سخونة برامج أخرى على قنوات أخرى مثل quot;90 دقيقةquot;، أو quot;العاشرة مساءquot;.

وتابع: quot;غالبية العاملين في القناة من المذيعين المتنفذين والمقربين من السلطة، وليس المعارضين، ويعتبر أحمد موسى الذي يشارك في برنامج quot;القاهرة اليومquot;، خير مثال على ذلك، فهو معروف بقربه الشديد من الأجهزة الأمنيَّة، كما أنَّ حمدي رزق الذي يقدِّم فقرة في البرنامج مقرَّب من السلطة، ويترأس تحرير مجلة المصوِّر الَّتي تشن هجومًا لا ينقطع على الإخوان، ولعل مواقف عمرو أديب من العديد من القضايا السياسيَّة، تؤكِّد أنَّ القناة تقف مع النظام في خندق واحد، بدعوى الحفاظ على الأمن القومي، لذا من غير الوارد على الإطلاق أنّْ تكون للأزمة أيَّ أبعاد سياسيَّة، بل إنَّ النظام في حاجة ماسة في الوقت الراهن إلى برامج quot;أوربتquot; للترويج للحزب الوطني، من خلال الهجوم على الإخوان وتشويه صورتهم، وتسفيه دعاوى الدكتور محمد البرادعي إلى تعديل الدستور، وتحقيق أجواء نزيهة قبل إجراء الإنتخابات البرلمانيَّة المقبلة.

وحول تفسيره تدخل الرئيس مبارك في الأزمة الَّتي وقعت في نهاية العام 2009، وعدم تدخله في الأزمة الحالية، قال حسن المعروف بآرائه المستقلة وعدم انتمائه إلى أي تيار سياسي: quot;الرئيس مبارك في العام 2009، يختلف تمامًا عن العام 2010، حيث إنَّه لديه ظروف صحيَّة ومشغوليات سياسيَّة خارجيَّة، جعلته منعزلا عن مجريات الأمور الداخليَّة إلي حدٍ ما، ولم يعد يملك ترف الوقت لكي يتابع أزمةً صغيرةً مثل أزمة quot;أوربتquot;، ولعل من اتصلوا به في الأزمة الأولى يحاولون الإتصال به حاليًّا، ولعلهم يخشون إحراجه مرَّة أخرى، خصوصًا أنَّ المشكلة ماليَّة في الأساس، وكان في مقدور إدارة القناة تجاوزها وسداد المتأخرات.

ورفض الكاتب الصحافي، حمدي رزق، رئيس تحرير مجلة المصوِّر والمذيع في القناة التعليق على الأزمة، وقال إنَّه يقدِّم فقرة الصحافة في برنامج quot;القاهرة اليومquot; فقط، وليس مخولاً بالحديث لأيَّ جهةٍ إعلاميةٍ، مشيرًا إلى أنَّه يتابع التطورات من خلال وسائل الإعلام.

ومن جانبه، أثنى الإعلامي، جمال عنايت، على تغطية quot;إيلافquot; للأزمة، ووصفها بـquot;المهنية والمحايدةquot;، ورفض تحميل الأزمة أكثر من حجمها الطبيعي، معتبرًا إياها quot;مجرد خلاف تجاري، لا يحتمل أيَّ خلفيات سياسيَّةquot;.

وأوضح عنايت الذي يقدم برنامج quot;على الهواquot; في القناة، أنَّ المسألة السياسيَّة في الأزمة مستبعدة تمامًا، وبرَّر ذلك بالقول: quot;يتسم القائمون على البرامج في القناة بالمهنية العالية، والقدرة على إدارة الحوار بما لا يحدث تجاوزا في حق أي إنسان، ولو افترضنا أنَّ هناك من أصابه الغضب بسبب نقد تعرَّض له، فبالتأكيد لن تصل درجة غضبه إلى حد إغلاق القناة، ولو كان الأمر كذلك فما ذنب برنامج غير سياسي مثل quot;أرجوك أفهمنيquot;.

وأكَّد أنَّ هناك مفاوضات تجري حاليًّا بين إدارتي quot;أوربتquot; وquot;مدينة الإنتاج الإعلاميquot;، منأجل إحتواء الأزمة، وعدم التصعيد، لكنَّه لم يحدد موعدًا لانتهاء المفاوضات، وإعادة بث برامج القناة، قائلاً إنَّ ذلك يعتمد على مدى مرونة الجانبين، متوقعًا عدم بث البرامج اليوم وغدًا على أكثر التقديرات.

وفجَّر عنايت مفاجأة بترجيحه أن يكون: quot;هناك طرف ثالث، مستثمر مثلاً quot;منظر أو حاطط عينهquot; على إستديوهات quot;أوربتquot;، ويحاول النفخ في النار، لتزداد اشتعالاً من أجل انهاء التعاقد، حتَّى يتمكَّن هو من تأجيرها، خصوصًا أنَّها استديوهات ضخمةquot;.

وفي السياق ذاته، استمر إغلاق استديوهات القناة لليوم الثالث على التوالي، وإيقاف برامجها، وسط توقعات باستمرارها ليومين أو ثلاثة.