فيحوارٍمع quot;إيلافquot; تحدَّث الفنان العراقي، عبدالستار البصري، عن الواقع الذي تعانيه الدراما العراقيَّة، منتقدًا ما يتم طرحه خصوصًا في موسم رمضان.


بغداد: أكد الفنان العراقي، عبدالستار البصري، أنه مع المسلسلات التي تتناول الواقع العراقي، وتجد الحلول للمشاكل مع وجود النقد البناء، مشيرًا إلى رفضه العمل في مسلسلات تسيء إلى الوطن والناس وإلى شخصه، معبّرًا عن أسفه لأن يتحول شهر رمضان إلى تنافس للإساءة إلى الذوق العام، موضحًا أن الدراما العراقية تحتاج لكي تنهض قيمة أخلاقية وثقافة واعية في النص.

ما جديدك على مستوى الدراما التلفزيونية التي نشعر أنك غائب عنها؟
لست غائبًا بفعل فاعل، بل بمزاجي والتزامي، ولديّ الآن مسلسل quot;رجال وقضيةquot;، الذي يعرض حاليًا عل قناة quot;السومريةquot;، من تأليف احمد هاتف، وسيناريو وحوار باسل شبيب، وإخراج حسن حسني، تم تصويره في سوريا بكادر عراقي مع كادر فني سوري.

المسلسل يتحدث عن الفساد والمشاكل التي يعانيها الشعب العراقي، مثل الشركات الوهمية، والتعاقد بصفقات كبيرة، وجاء المسلسل معبّرًا عن الواقع الذي يعيشه العراق الآن، وفي صميم القضية الحالية، وكان من المؤمل أن يعرض العمل في رمضان، ولكن إدارة القناة ارتأت أن تؤجّله لأنها تعتقد أنه في زحمة الأعمال ربما سيضيع. المشاركون فيه فنانون كبار، مثل بهجت الجبوري وسامي قفطان وفلاح هاشم وهند كامل ووجوه أخرى.

ما شخصيتك فيه، ومن اختارك لها، وكيف تقرأها لنا؟
شخصيتي فيه اختارها المخرج، الذي اتصل بي، وقال لي أريدك أن تؤدي هذا الدور، وأنا كنت قبله أرفض أن اشتغل خارج بلدي، ولكن إصرار الأخ حسن والأخ علي جعفر السعدي منتج العمل دفعني للموافقة، وكانت فعلاً شخصية كبيرة، شخصية الدكتور نزار، الذي يترأس كتلة وطنية ورئيس حزب، وله في الكتلة وزراء، هؤلاء الوزراء هم العناصر الفاسدة الذين حاولوا أن يجلبوا شركات وهمية، ويقبضون المبالغ الطائلة، وكانت لديّ قناة تلفزيونية باسم قناة الشعب، وأحد أفراد هذه الكتلة مناهض لي، ويؤدي دوره سامي قفطان، وحاول استغلالي وجري إلى مكان، وكان مهيأً لاغتيالي من قبل قناص كي يترأس الكتلة بدلاً مني، إلا أن الأمر ينكشف في نهاية المطاف بأدلة يكشفها الشخص المعين من قبلي كرئيس لقناة الشعب، ويؤدي دوره الفنان فلاح هاشم.

ما المميز لك فيها؟
ليس هنالك من شك في أن هناك تميز ارتضيه لنفسي، وأعتقد أن المشاهد سيشاهد نمطًا جديدًا أدّيته هو خارج الأنماط الأخرى التي أديتها في السنوات السابقة، الشخصية كبيرة جدًا، وموضوع العمل يفترض بنا أن نضع أصابعنا على أزمات كهذه،لأننا نعيش هذه القضية حاليًا، نحن مثلنا العمل، وحدثت مشكلة الكهرباء والشركات الوهمية والفساد، إذن العمل في لبّ الصراع، نحن حاولنا أن نبرز كيف تتم الصفقات لأنها موثقة من قبل أحد المعنيين بالأمر.

هل أنت مع أو ضد الأعمال التي تتناول الواقع الحالي؟
أنا مع مسلسلات كهذه،ولست مع مسلسلات تقدم الواقع بشكل هشّ، مثلما نلاحظه في بعض المسلسلات الدرامية العراقية، التي مع الأسف الشديد ينتظر أصحابها قدوم شهر رمضان، حتى يعرضوا أعمالاً من قبيل أدخلوا السفاهة في الفكاهة، وخارجة عن حدود رب العالمين وعن قيم رمضان، خارج عن حدود المألوف في الواقع الذي نعيشه، والمفروض أن رمضان شهر فضيل، وهو شهر المحبة والسلام، وإذ نحن مع الأسف الشديدنقدم أعمالاً هابطة جدًا وبإساءة كبيرة، لا أدري إذا ما كانت مؤامرة، ولكن بالتأكيد لا تنمّ عن ثقافة، ولا عن احترام الجمهور، ولا عن آلية تقديم الأعمال.

أين الخلل برأيك؟
الخلل في المنتج أولاً، وفي الجهات التي تقدم العمل، الخلل في الممثلين والمخرج، هؤلاء جميعًا قدموا لنا أعمالاً هابطة جدًا، وإن كنت لا أريد التعميم، إلا أنني أشير إلى الشارع العراقي الذي استهجن هذا، وفي أماكن كثيرة أحضر هذه الأعمال،خصوصًا في فضائيات الشرقية والبغدادية.

هل تعتقد أن وراء إنتاج مثل هذه الأعمال أجندات ما؟
هناك ليست فقط أجندات سياسية، بل جندات أخلاقية أضًا، في هذا الشهر تصور الأعمال المعروضة الملاهي والخمرة والرقص والغناء، أين قيم رب العالمين وقيم رمضان، قديمًا في العهد البائد كانوا يمنعون ظهور الخمرة في الدراما، والآن استفحلت هذه الحالة، وهذا شيء عجيب، ولابد من محاسبة المعنيين بالأمر، وأنا أعتقد أن هذا مرفوض رفضًا باتًا، والجمهور العراقي يرفض هكذا أعمال مسيئة للذوق العام وللأخلاق.

لكن الجمهور منسجم ومتابع لها؟
أنا لا أحسب الجمهور المنجذب لمسلسلات كتلكجمهورًا حقيقيًا، بل إنه الجمهور غير المثقف والبعيد عن الوعي.

هل تشير إلى ضرورة وجود رقابة؟
بل ورقابة صارمة، ليس في القضايا الأخلاقية، بل في القضايا السياسية، في الأعمال الدرامية عمومًا، يجب أن تكون هناك رقابة عامة على الفضائيات العراقية من قبل هيئة الإعلام والاتصالات، التي يجب أن يكون لها دور في هذا المجال، عليها أن تقرأ النص قبل تمثيله، وتشاهده بعد تصويره، ومن ثم إجازته، وإن كان هذا غير معمول به في الدول العربية، وهو ما جعلنا نشاهد أعمالاً مسيئة للدين وللتراث وللشعوب، وتثير الفتن الطائفية، وأنا أعتقد أن هنالك مؤامرة حقيقية، ولو كانت هناك رقابة حقيقية لمنعت إي إساءة.

ما الذيتلاحظهفي الدراما العراقية بشكل لافت؟
إنها نهضت بالكمّ فقط، ولكنها لم تنهض بالموضوع والنوع.

ما الذي تحتاجه لكي تنهض؟
تحتاج أولاً قيمة اخلاقية وثقافة واعية في النص، يجب أن يكون هناك وعي كامل، ليس في العملية الفنية فقط، وانما في العملية الاخلاقية التي نريد ان نقدمها، فعندما نريد ان نقدم عملاً لا بد ان تكون هناك دروس، وان نعطي عبرًا، علينا ان نحتك بالواقع ونعطي حلولاً، ليس من واجبي ان اقول الكهرباء غير جيدة، من منا لا يعرف ان الكهرباء فيها أزمة، بل يجب ان نقدم حلولاً من خلال العمل الذي اقدمه في اية قضية سواء كانت سياسية او اخلاقية او دينية، علينا ان نعطي للمشاهد وللاسرة العراقية حلاَ، وللاسف تقدم لنا بعض الفضائيات الهرج والمرج والحكومات، والحكومة العراقية كذا وكذا، نعم .. انا مع النقد البناء، وليس مع النقد الهدام، ما نشاهده الآن في الاعمال الدرامية نقدًا هدامًا وضحك على ذقون المشاهدين، ضحك على ذقون الاخرين، كلها من اجل دولارات مع الأسف الشديد.

هل تعني أنك ترفض الإعمال وإن كانت بأجور جيدة؟
وأنا في سوريا رفضت مسلسلين دراميين ومبالغ أجورهما جيدة جدًا، لأنهما يسيئان إلى بلدي وإلى العملية السياسية وإلى شخصي،وإلى العراقيين، بل إنهما يخلقان فتنة طائفية، والآن المسلسل يعرض، وفيه ممثلون قديرون.

لماذا يعمل هؤلاء القديرونفي أعمال كهذه حسب رأيك؟
هم بعيدون كل البعد عن القيم الأخلاقية، هم فقط يعملون من أجل تطبيق المثل الشعبي quot;الرجل من يعبي بالسكلة رقيquot; ما معناه: quot;أن الرجل من يملأ جيبه بالأوراق الخضرquot;، ولكنها للأسف أوراق مغمسة بوجع العراقيين، ولا تنفعهم كثيرًا.