إلى أي مدى يمكن أنّْ يتأثر الإنتاج الدرامي السوري بما يجرى من تغيرات سياسيَّة وإجتماعيَّة على السَّاحة العربيَّة، وهل يمكن أنّْ ينعكس ما حدث للدراما المصريَّة من تأثير كبير على نظيرتها السوريَّة، وإنّْ كانت للأحداث من تأثير على الدراما السوريَّة فهل حان الوقت لإنتاج دراما جديدة أو بديلة؟


دمشق: يتحدَّث المعنيون بالشأن الدرامي السوري عن الأزمة الَّتي ستمرُّ بها الدراما السوريَّة في الموسم الرمضاني المقبل وتنبؤهم لشكل تسويقها، وإمكانيّة انبعاث دراما جديدة تكون مناسبة أكثر للأحداث الَّتي يمرُّ بها الوطن العربي.

الفنان السوري، فراس إبراهيم، منتج وبطل مسلسل quot;في حضرة الغيابquot; قال لـquot;إيلافquot; بأنَّ الثورات العربيَّة لها الكثير من التأثيرات المباشرة وغير المباشرة على تسويق المنتج الدرامي السوري، ومنها ما هو ايجابي من خلال عمليَّة الفرز لبعض المنتجين بعد هروب المنتج quot;التاجرquot; بشكلٍ طبيعيٍّ، كونه يبحث عن الإنتاج التِّجاري فقط ولم يعد يناسبه العمل في الفن في ظل هذه الظروف، لأنَّه لا يملك أيَّة طموحات فكريَّة أو ثقافيَّة ولا حتَّى أيَّة أهداف خاصَّة وموضوعيَّة، لذا سيعود إلى مهنته الأصليَّة في التِّجارة والعقارات، أما من وجهة نظر الفنان المنتج فيضيف فراس قائلاً: quot;أننا بالأساس نختار نوعية الأعمال ولا نخفي الجانب التِّجاري الذي لا يشكِّل سوى 10% من عملنا، لكن الأهم بالنسبة لنا هو الجانب الفني والثقافي لذا هناك أهداف أخرى تجعلنا نستمرquot;.

والنتيجة السلبيَّة هي أزمة التَّسويق الَّتي يعاني منها كل منتج قرَّر أنّْ يطرح مسلسله خلال رمضان المقبل، فقد ولدت الأزمة التَّسويقيَّة مع اجتياح المظاهرات للدول العربيَّة وتحديدًا مصر، بسبب تراجع الإعلانات كون الفضائيَّات تشتري المسلسلات بفلوس المعلن وليس من جيبها، ولا تشتري أي عمل مهما كانت قيمته الفنيَّة ومستواه إلَّا بعد عرضه على مؤسسات الإعلان الَّتي تقرِّر الشراء أم لا، وكانت القنوات تمنح المنتجين دفعات من تعاقداتها مع شركات الإعلانات، لذلك جاء قرار المعلنين بالإنسحاب من السوق كالصاعقة على الفضائيَّات وصنَّاع الدراما، حيث كانت القناة تدفع مبلغًا لا يقل عن مليوني دولار، وبعد هذه الأزمة خفضت المبلغ إلى 200 ألف دولار، وهذه كارثة كبيرةخصوصًا للمسلسلات ذات الميزانيَّات الضخمة الَّتي تتخطَّى 5 ملايين دولار، لأنَّ المنتج لن يستعيد ما أنفقه حتَّى إذا وزَّع المسلسل لعشرات الفضائيَّات.

وأبدى إبراهيم تفاؤله بفرص عرض الأعمال المهمَّة لأنَّ القرار عاد إلى الفضائيَّات في شراء الأعمال، ولم يعد هناك شرط إعلاني في الموافقة، مشيرًا إلى بروز مشكلة جديدة لديهم وهي مشكلة السعر، حيث ستدفع كل محطَّة السعر الذي تستطيعه، لذلك كل من صنع أعمالاً ضخمةً غير مموَّلة من محطات سيتضرَّر، ولا شيء يعوض إنتاج عمل تكلفته 4 مليون دولار إلَّا إذا بيع لأكتر من 20 محطَّة في نفس الوقت، أمَّا الأعمال المموَّلة أصلاً من المحطَّات فلن تتأثر، وأيضًا الأعمال الصغيرة غير المكلفة ستمرُّ ولن تشعر بالأزمة.

من جهته، كشف المنتج عماد ضحية لـquot;إيلافquot; أنَّ أحداث الوطن العربي ستنعكس بشكلٍ سلبيٍّ على تسويق الدراما السوريَّة، وأكَّد أنَّها خسرت قنوات مهمَّة من ناحية العرض والتوزيع في بلدان في طور التَّجديد مثل مصر والبحرين، مشيرًاإلى أنَّ الدراما بحاجة إلى تجديدٍ دائمٍ في كل الأوقات وليس فقط بأيام الأزمات كي يتم تطوير الأداء الدرامي وتفعيل دورها.

وشاركه الرأي، محمد فراس منصور، مستشار شركة quot;الهانيquot; وقال أنَّ الثورات العربيَّة تؤثِّر على السوق الدرامي السوري، مشيرًا إلى أنَّquot;الهانيquot; تضرَّرت من الوضع الليبي بعد أنّْ كان من المقرّر التَّسويق لفضائيتين ليبيتين، وكذلك الوضع في البحرين والجزائر والأردن.

وأشار إلى أنَّ الفائدة الَّتي ستجنيها الدراما السوريَّةمن إقامة سوق خاصٍّ في سوريا، الذي تمَّ مناقشته في اجتماع المنتجين السوريين مع مؤسسة الإنتاج الدرامي ولجنة صناعة السينما، ومن المقرَّر أنّْ يتخذ القرار في نهاية نيسان إنّْ لم يتمّْ التأجيل.

وكشف منصور بأنَّهمأقاموا دراسة جديَّة لإنتاج مسلسل جديد هذا الموسم، لكنهم عادوا وقرَّروا التأني في الإنتاج نظرًا للأحداث العربيَّة.

وقال المخرج فراس دهني لـquot;إيلافquot; إنَّ الدراما السوريَّة بدأت مبكرًا في الإنتاج هذا العام، وأصبح في جعبتها العديد من المسلسلات، مشيرًا إلى أنَّ فرصة تسويق الدراما السوريَّة هذا العام قد تكون كبيرة في ظل الأوضاع العربيَّة، وخصوصًا في ظل ما حصل في مصر من تعطل للإنتاج،وما لم يتم انجازه من دراما مصريَّة قد تضاعف من فرص التوزيع للمنتج السوري، مشيرًا إلى إنَّ الخطورة الحقيقيَّة تكمن في مواجهة ومحاربة الدراما السوريَّة مثل ما تعرَّضت له في العام 2007، متمنيًا أنّْ لا يحدث ذلك، مضيفًا بأنَّ الأيَّام القليلة القادمة ستحدِّد خارطة القنوات، وبالتالي سنرى هل تم التسويق بشكلٍ جيِّدٍ أم لا، ونوعيَّة الأعمال الَّتي تمَّ تسويقها هي الأهم، معتبرًا بأنَّه ليس كل ما ينجز في سوريا يشكِّل إضافةً لسمعة الدراما السوريَّة على حد تعبيره.

وخفَّف الدكتور، عربي المصري، من كلية الإعلام في دمشق من مشكلة تسويق الدراما السوريَّة، وقلَّل من فرص تأثرها كما باقي القطاعات الاقتصاديَّة، وقال لـquot;إيلافquot; إنَّ الدراما محمية إلى حد كبير من ناحية تسويقها الموسمي، إضافة إلى إنَّ تعاقدات شركات الإنتاج مع الفضائيَّات تبقى قائمة كونهذه الأخيرةبحاجة دائمة إلى دراما خلال شهر رمضان، مشيرًا إلى أنَّ شركات الإنتاج لديها خطط ومشاريع، لذا فالتَّصدير الدرامي سيكون الأقل تأثرًا على الإطلاق، وأضاف بأنَّ الأفكار هي الَّتي ستتأثَّر من جهة قبول النص أو عدم قبوله من قبل بعض الفضائيَّات.

وقال بأنَّ الفضائيَّات ستضع في حساباتها وتختار ما يناسبها من أفكار وعرضها، معتبرًا إنَّ ما سوى هذا التأثير من الناحية الاقتصاديَّة سيكون في أدنى حدوده.

واعتبر الصحافي، محمد أمين، بأنَّ ما يجري في العالم العربي فرض على المشهد الثقافي والفكري تحوُّلاً يعتقد كثيرون أنَّه سيكون دراماتيكيًّا وربما تسقط الكثير من التيارات الدراميَّة الَّتي سادت لفترة من حسابات المشاهدين الذين سيبحثون في المقبل من السنوات عما يقترب منهم ومن همومهم أكثر، ولا يستهدف تسخيف وتسطيح وتسليع كل شيء حولنا، ولم يعد مقبولاً على الإطلاق إنتاج أعمال لا تنبع مما جرى وسيجري.

وأضاف بأنَّ آن الوقت لدراما جديدة وجريئة تنتقد الفساد برموزه أيًّا كان الشخص، لأنَّ الفساد استشرى كل أطياف الشَّعب وألوانه وانعكس سلبًا على المجتمع.