محمد الأمين من طهران: يهتم الشباب الايراني بتجديد وسائل احياء ذكرى الامام الحسين بن علي بن أبي طالب وواقعة الطف التي شهدت مقتله، بابتكار طرق تعبير عصرية توظف التقنيات الحديثة خصوصا في مجال المؤثرات الصوتية في الأداء وتطوع الأطوار الغنائية الغربية، واعتماد كلمات ومفردات من اللغة المحكية عوضا عن قصائد الرثاء.


ولم يعد المداح ( الرادود التقليدي) ضامنا لدوره مع ظهور جيل جديد من فنانين وظفوا موسيقى البوب في مراسيم أحياء ذكرى عاشوراء، واستقطبوا الآلاف من محيي هذه المناسبة سواء في الحسينيات والمساجد أو في مواكب العزاء التي تنطلق في المدن والقرى.

واذا كان المداح التقليدي (الرادود) يعتمد على موهبته الصوتية فان أغلب فناني quot;البوب ndash; النعي quot;هم من خريجي المعاهد الفنية ممن يحملون شهادات معتبرة في مجال التحصيل الدراسي، وهم بذلك يهتمون بالجوانب الفنية الحديثة لإسطواناتهم والبوماتهم الفنية ذات الصلة بالمناسبات الدينية.كما أن نسبة غير قليلة منهم جاؤوا الى طور quot;البوب ndash;النعيquot;من خلفية قراءة المقام والأطوار التراثية.


ويعتقد الفنان الايراني علي رضا قرباني أنه من المشروع توظيف جميع أنواع الموسيقا التي تساهم في التعريف بحادثة كربلاء، quot;لا أؤمن بالتصنيف الرائج والذي يشير الى موسيقا كلاسيكية وموسيقا حديثة وأخرى مذهبية، وأعتقد أن من الطبيعي جدا أن نفسح المجال لموسيقا البوب وعلينا بعد كم من التراكم أن نقيم دورها في جذب المستمعين الى الأساسي في حادثة كربلاء ويمكن أن تترك موسيقا البوب تأثيرا كبيرا على شريحة الشباب، ويجب أن لاتكون موسيقا البوب في موضع المساءلة المساءلة وانما موهبة الأشخاص الذين يؤدون هذا الطور الموسيقي الذي له شعبيته في جميع أرجاء العالم quot;.

وحسب الفنان حسين.ج لذي يسعى الى تطوير تجربته الفنية في هذا المجال فان نجاح ظاهرة النعي- البوب في جذب الشباب الايراني، سوف يساهم في اهتمام المؤسسات الرسمية بموسيقى البوب بشكل عام:quot;قبل سنوات اعتبرت الحكومة هذا النوع مظهرا من مظاهر الفساد الأخلاقي، وكنا نضطر الى اقامة أنشطتنا في أماكن مغلقة بعيدا عن أعين السلطات، الأمور تغيرت حينما تركنا بصمة خاصة بنا على موسيقى البوب وطوعنا هذه الموسيقى لخدمة المناسبات التاريخية والدينية، ولم يعد الشاب الايراني مضطرا لشراء تسجيلاتنا من الأشرطة والأقراص المدمجة من السوق السوداء، فقد حصلنا على موافقة الصدور والتوزيع من وزارة الثقافة والارشادquot;.


ورغم النجاح الذي حققه مطربو البوب علي صعيد المناسبات الدينية،فهم يتعرضون مع ذلك الى نقد لاذع بين الحين والاخر من قبل المتشددين الذين يرون في موسيقى البوب شكلا من أشكال الفسق والفجور وأن توظيفها لمناسبة عاشوراء تمس قدسية أئمة الشيعة، فيما يرد المؤيدون للبوب بأن أغلب المداحين القدامى يعتمدون الخرافات والأوهام التي لا صلة لها بجوهر قضية الامام الحسين في مجالسهم التي يحضرها كبار السن quot;. يقول كامبيز لايلاف وهو طالب جامعي عاما وعازف موسيقي من مدينة اصفهان quot;نستعمل الات وتقنيات موسيقية معاصرة، ونركز على القيم الانسانية في قضية عاشوراء، الذين يعارضوننا يوظفون طرق تعبيرية بالية ولايكفون عن سرد الخرافات، نحن نسير في خط الامام الحسين فهو واجه الظلم بسلاح عصري، وبلغة العقل quot;.


ولايخفي بابك رضائي مدير منتدى الموسيقى الايرانية ان توظيف الموسيقى للتعريف بالمفاهيم الدينية كان ممنوعا في ايران في السنوات الماضية، الا أن جهود الفنانين أكدت للمسؤولين الايرانيين امكانية ان تكون الموسيقى مؤثرة في التعريف بالشخصيات الدينية والمذهبية :quot; أنجزنا سيمفونية الخسوف المستمدة من ملحمة عاشوراء وقد حظيت باستقبال الوسط الفني، مع ذلك فان الاستماع للعزف السمفوني ينحصر بشريحة خاصة من المجتمع، ان السعي للتعريف بأهم مفاهيم ملحمة عاشوراء يستدعي توظيف جميع الأشكال الفنية، فالتعبير عن المضامين لايقوقع ضمن شكل أو طور فني دون آخرquot;.


وتعتقد ساره (صحافية) أن فرق البوب الايرانية قدمت أعمالا تجريبية وحيوية في مجال المناسبات الدينة تستحق الاشادة quot; تستمر فرق البوب الايرانية في تحقيق النجاح تلو الاخر منذ وافقت المؤسسات الرسمية على مشاركة فرق البوب في المهرجانات الرسمية المعتبرة، ولم يعد نجاح هذه الفرق مقتصرا على ابناء المدن الكبرى وانما في القرى والارياف، وذلك من خلال الأقراص المدمجة، ان التحديث يشمل جميع جوانب الحياة وانقراض الوسائل التقليدية في إحياء المناسبات التاريخية والدينية يرتبط بمدى انفتاح المجتمعات على الحياة المعاصرة ومقدار تبنيها للحداثة quot;.