ديالى:quot;مجرد لصوصquot; هكذا تصف سماهر عناصر تنظيم القاعدة في محافظة ديالى، وسماهر إحدى ثلاث نساء مومسات أصبحن جزءا من إستراتيجية مسلحي القاعدة لاختراق الأجهزة الأمنية في مدينة بعقوبة، بين عامي 2006-2007 عندما أرغمن على التعاون مع أولئك المسلحين مقابل الإبقاء على حياتهن.

وتضيف سماهر (29 سنة) في حديث لـquot;السومرية نيوزquot; أن عناصر القاعدة quot;ليسوا كما يقال عنهم أناسا متمسكين بتطبيق الإسلام، كلا، إنهم يبتزون الآخرين كي يحصلوا على الأموال، وتجارتهم هي الدينquot;، وتصفهم مرة أخرى بقولها quot;زبائن، مجرد زبائنquot;.

بعد عام 2005 وصل تنظيم القاعدة إلى محافظة ديالى ووجه ضربات عنيفة للقوات العراقية والمواطنين على حد سواء. وحاول نشر أفكاره المتطرفة بمختلف الوسائل منها استغلال النساء، حتى تمكن بين عامي 2006 - 2007 من فرض سيطرته على مساحات شاسعة من أقضية ونواحي المحافظة. كما نجح في اختراق الكثير من منظومات الأجهزة الأمنية وتوجيه ضربات قاسية لها، تمثلت بعمليات اغتيال وكشف مبكر للخطط الأمنية. وغدت العديد من الأحياء السكنية معاقل له، إلا أن عملية عسكرية كبيرة باسم السهم الخارق نفذتها القوات العراقية أدت إلى القضاء على قدر كبير من قدرة هذا التنظيم في صيف عام 2007.


قيادي بزي امرأة وضابط امن سابق يجند النساء
وتقول سماهر، التي تسكن حاليا في شقة متواضعة قرب مدينة بعقوبة ان quot;تنظيم القاعدة استغلها لنقل منشورات ورزم مغلفةquot;، كما أنها quot;أرغمت على صعود سيارة مدنية نهاية عام 2006 لإخراج قيادي في القاعدة كان محاصرا من قبل القوات الأمنية في حي سكني، فتنكر بزي امرأة وخرج معي دون أن يلحظه أحدquot;.

وتبدو سماهر غير نادمة على سمعتها السيئة بين الناس، وتفسر ذلك بقولها quot;كل إنسان لديه طاقة محددة للتحمل، فإذا نفدت انحرف عن جادة الصواب، وهذا هو سبب ما أنا عليه الآنquot;.

أما نوار (33سنة)، التي بانت على وجهها المغطى بمساحيق التجميل علامات الإرهاق والتعب، فتقول إن quot;مسلحي القاعدة يدعون الإسلام لكنهم بعيدون جدا عنه، فقد أرغمتُ على تنفيذ كل ما يرغبون به مقابل الإبقاء على حياتيquot;.

وتضيف لـquot;السومرية نيوزquot; quot;القاعدة كانت تحثنا لاستدراج بعض منتسبي الأجهزة الأمنية للوقوع في شراكنا ومعرفة ما يجري داخل تلك الأجهزةquot;.

وتوضح نوار quot;هناك أسئلة كانت توضع لنا، ويجري تسجيل كل شيء بواسطة أجهزة تسجيل يزودنا بها شخص كان يتولى الإشراف على هذا الأمر، ويدعى أبو ناجي، وهو ضابط أمن سابق برتبة نقيب وقيادي ميداني لدى القاعدة. وكانت تربطه علاقة مع إحدى النساء اللائي أعرفهن قبل سقوط النظام السابقquot;.

وتكمل نوار حديثها عن أبي ناجي بالقول انه quot;كان يسعى لتأسيس شبكة نسائية مهمتها تنفيذ بعض الواجبات التي يصعب على عناصر القاعدة تنفيذهاquot;.

وتتحدث نوار عن طبيعة عملها قائلة quot;بالنسبة لي كنت أعمل، ولمدة عام ونصف العام، على نقل منشورات وكتب ورسائل بين مختلف المناطق، وخصوصا في حالات التوتر الأمني وإغلاق الأحياء سكنية، عندها نكون نحن الوسيلة الناجحة لاختراق الحواجز الأمنية دون أن نلفت انتباه أحدquot;.

وتواصل نوار روايتها quot;بعد ذلك تمكنت من الهرب إلى إحدى دول الجوار بجواز سفر مزور، وقد عدت قبل أشهر قليلة إلى أطراف بعقوبةquot;.

وتختم نوار حكايتها quot;أحاول الآن أن أنسى الماضي المؤلم وأبدأ حياة جديدة لأصلح ما أفسدته السنوات الماضية، أشعر بندم يتنامى يوما بعد يوم بسبب سلوكي السابق المنحرفquot;.


كان للقاعدة عناصر في الأجهزة الأمنية
أما وردة (30 عاما) فتقول إن quot;القاعدة بعدما ازدادت قوتها بشكل كبير، خيّرتنا بين التعاون أو الموت، فاخترنا التعاون على أمل البقاء أحياءquot;.

وتشير وردة في حديث لـquot;السومرية نيوزquot; إلى أن quot;القاعدة كانت لديها عناصر تعمل لحسابها داخل الأجهزة الأمنية العراقية تزودها بالأسرار الأمنية والعسكريةquot;.

وحول طبيعة عملها تقول وردة quot;كان عملي نقل أوراق ومنشورات أو معرفة ما يجري داخل المؤسسات الحكومية ومنها مبنى المحافظةquot;.

وتضيف أنها quot;استطاعت الهرب إلى بغداد، بعدما عرفت أن صديقة لها قتلت ذبحا من قبل القاعدةquot;، وانها quot;عادت بعد عام 2008 وغيرت محل إقامتهاquot;.

وتعترف نوار قائلة quot;انحرفت عن الطريق المستقيم وأرغمت على ذلك بسبب الفقر والحاجة، لذا عشت تجارب قاسية جدا ولعل أكثرها ألما هو استغلالي من قبل مسلحي القاعدة، وآمل الآن أن أغير حياتي والابتعاد عن ذلك الماضيquot;.


مشروبات ومخدرات في أوكار القاعدة
تلك الحكايات لم تفاجئ القيادي في صحوة ديالى محمد المجمعي الذي يقول لـquot;السومرية نيوزquot; quot;القاعدة لم تكن تتهاون في فعل أي شيء من أجل الوصول إلى مبتغاها. ولعل العثور على حبوب هلوسة ومخدرات داخل معاقلها يؤكد طبيعة هذا التنظيمquot;.

ويكشف المجمعي أن quot;بعض عناصر الصحوة وجدوا كميات كبيرة من علب المشروبات الكحولية في أوكار القاعدةquot;.

ويؤكد quot;نحن ندرك حقيقة تنظيم القاعدة، لكن الرأي العام يتصور انه تيار إسلامي، والحقيقة غير ذلكquot;.

وفي السياق نفسه، يرى مسؤول أمني طلب عدم الكشف عن اسمه أن quot;مستوى الخروق الذي عانت منها الأجهزة الأمنية كان كبيرا وخطرا جدا. وقد وصل الأمر إلى زج القاعدة بعناصرها داخل المؤسسات الأمنية، وهناك تحقيقات كثيرة أكدت وجود تلك العناصر المندسةquot;.

ويكشف المسؤول الأمني في حديث لـquot;السومرية نيوزquot; أن quot;هناك نحو 230 من ضباط ومنتسبي الأجهزة الأمنية معتقلون حاليا بتهم تتعلق بالإرهابquot;.

ويؤكد المسؤول الأمني أنه quot;لا يستبعد أن تستغل القاعدة بعض النساء سيئات السمعة للإيقاع بمنتسبي الأجهزة الأمنية، وهذا أمر يمكن حدوثه في ظل تأكيدات بأن بعض قياديي القاعدة هم سابقا رجال أمن محترفون لذا فان استغلال المرأة في اختراق الأجهزة الأمنية إستراتيجية اتبعتها القاعدة في الفترة الماضية، وحققت بعض النتائجquot;، إلا أنه يستدرك بالقول إن quot;الوضع الآن أفضل بكثيرquot;، على حد تعبيره.


حرب المعلومات تتم بكل الطرق
ويرى ضابط أمن سابق برتبة رائد هو غسان راسم جميل أن quot;حرب المعلومات وعمليات اختراق الأجهزة الأمنية تتم بكل الطرق سواء أكانت مشروعة أو غير مشروعة، ولعل استغلال المرأة في هذا المجال من المسلمات المعروفة على مر العصورquot;.

ويستنتج جميل في حديث لـquot;السومرية نيوزquot; quot;ليس غريبا أن تستغل القاعدة هذا الاتجاه لمصلحتها فهو يحقق لها التفوق المعلوماتيquot;.

ويجمع اغلب مواطني مدينة بعقوبة أن quot;تنظيم القاعدة الذي تمسك بالنهج المتطرف واعتمد العنف والسلاح وسيلة لتحقيق غاياته وأهدافه هو المسؤول الأول عن أحداث دموية راح ضحيتها آلاف المدنيين في مئات التفجيرات التي تعرضت لها أغلب مناطق المحافظة خلال السنوات التي تلت سقوط النظام السابقquot;.

يذكر أن القيادات الأمنية في محافظة ديالى ومركزها بعقوبة نحو 55 كم شمال شرق بغداد، تؤكد أن التنظيمات المسلحة اتبعت العديد من الاستراتيجيات في محاولة لاختراق المنظومات الأمنية، خلال فترة التدهور الأمني، ويعتبر استخدام النساء إحدى الاستراتيجيات التي اتبعتها هذه التنظيمات ونجحت في تحقيق ذلك، خلال الأعوام الثلاثة الماضية.