إسلام آباد: غالبًا ما تطالعك تحف فنية عملاقة على طرقات بيشاور وروالبيندي: شاحنات ترتفع عدة أمتار في الجوّ أعدّها حرفيون متخصصون وزيّنوها بألف شكل ولون. ويُعدّ هذا الفن الشعبي مدعاة فخر الباكستانيين لكن منذ بضع سنوات، تستبدل مجموعات دينية العبارات التقليدية المنقوشة على هياكل الشاحنات بأخرى تروّج لأفكار تياراتها.


جمال إلياس وهو بروفسور جامعي وصاحب كرسي الأستاذية في قسم العلوم الدينية بجامعة بنسيلفانيا. طيلة سنوات، قام بدراسة فن الشاحنات في باكستان وهو صاحب كتاب سيصدر قريبًا حول هذا الموضوع (On Wings of Diesel: Identity, Imagination and Truck Decoration in Pakistan صادر عن دار وان وورلد في أكسفورد).


يقول إلياس من الشائع تزيين الشاحنات في بعض أرجاء العالم كما في أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة وهايتي وحتى في بعض البلدان الأفريقية والآسيوية. لكن الملفت للنظر في باكستان أن الشاحنات المزينة في كل مكان. ففي ما عدا الآليات العاملة لصالح شركات متعددة الجنسيات (UPS، Federal Express، إلخ) كل الشاحنات الخاصة مزينة.


والجدير ذكره أن غالبية الشاحنات كناية عن آليات مستعملة تستورد من اليابان أو كوريا. ومتى دخلت باكستان، يُصار إلى تدعيم هيكلها لتتحمل وزنًا إضافيًا كما إلى استبدال ممتصات الاهتزازات بأخرى جديدة، لكن بدون المساس بالفرامل والمحرك والمعاليق الأصلية.


في باكستان عدة مدارس في تزيين الشاحنات. أشهر أساليب الزينة هو المعروف بأسلوب روالبيندي أو البنجاب. وفيه تعلو الزجاج الأمامي بنيةٌ معدنية تزخر بأشكال ملوّنة وبجداريات بلاستيكية ملصقة على الهيكل. أما شاحنات وادي سوات فتشتهر بأبوابها الخشبية المنقوشة وباستعمالها المحدود للبلاستيك والمعدن المشغول.


تحمل كل الآليات مزيجًا من العبارات المنقوشة وبيوت الشعر والأشكال النمطية وصور المناظر الطبيعية والشخصيات (صور نساء جميلات وشخصيات سياسية وأبطال قوميين). وتقليديًا يستنجد السائق من خلال العبارات الدينية بالعناية الإلهية لحمايته من الحوادث. لكن في العام 2003، بدأت حركة سنية تدعى quot;جماعة التبليغquot; بتسخير العبارات التقليدية لأهداف تبشيرية. وسرعان ما نهجت على منوالها مجموعات أخرى (شيعية وسنية) فاستحدثت ما يمكن تسميته بـquot;الشاحنات التبشيريةquot;.