بعدما بادرت قبل سنة باستحداث شرطة المناجم، تتجه السلطات الجزائرية لإنشاء quot;ضبطية قضائية بيئيةquot; تتولى ردع من يصنفون في خانة quot;المصنّعين الملوّثينquot; في خطوة إضافية لتغليب الاستثمارات النظيفة وتوفير الأمن البيئي.

كامل الشيرازي من الجزائر: يعتبر مسؤولون وخبراء في تصريحات خاصة بـquot;إيلافquot;، أنّ الشرطة والضبطية تتموقعان كدعامتين ناجعتين ستمنحان نجاعة كبيرة لمسار تقويم الوضع البيئي المحلي، من خلال دفع عموم المتعاملين الاقتصاديين في الجزائر إلى تنفيذ مشروعات استثمارية نظيفة.

بهذا الصدد، يدافع quot;يوسف يوسفيquot; الوزير الجزائري للطاقة والمناجم، عن حصيلة شرطة المناجم المتخصصة في البيئة، إذ يبرز إسهامها في السير بالنشاط المنجمي في بلاده، نحو مستوى نظيف بيئيا يُبعد ما ظلّ ملتصقا بالقطاع الطاقوي عموما على مدار عقود.

ويستدل يوسفي بالأرقام، حيث قامت شرطة المناجم خلال العام الأخير بأكثر من ثلاثة آلاف معاينة لمختلف المواقع المنجمية في الجزائر، وحرّرت نحو ثلاثمائة مخالفة بينها 52 حالة خاصة باستغلال غير شرعي، وجرى فرض غرامات بلغت قيمتها 1.5 مليار دينار (ما يقارب 14 ملايين يورو).
ويوضح يوسفي أنّ شرطة المناجم بجانب حرصها على تطوير النشاط المنجمي ومساعدة فاعليه على ممارسة نشاطهم، فهي تولي اهتماما بمدى احترام معايير الحفاظ على البيئة، وهو أمر لا ينسحب فقط على المناجم، بل يشمل بحسبه جميع مشاريع الطاقة في الشمال تماما مثل الجنوب.

ويؤكد وزير الطاقة الجزائري أنّ تعليمات صارمة أعطيت لشرطة المناجم كي تلزم كل الممارسين باحترام قواعد السلامة البيئية، وتطبيق مخالفات وعقوبات على المخالفين لها، واستنادا إلى إفادات يوسفي، يجري حاليا إعداد مشروع مرسوم تنفيذي يحدّد كيفية تطبيق العقوبات على المستغلين الذين لا يحترمون هذه المعايير خلال ممارسة نشاطهم.
من جانبه، يسوّغ quot;شريف رحمانيquot; الوزير الجزائري للبيئة وتهيئة الاقليم، اتجاه مصالحه لاستحداث ضبطية قضائية متخصصة في مجال البيئة، بكثرة التجاوزات المرتكبة من لدن quot;المصنّعين الملوّثينquot;، فضلا عما يفرضه الراهن والقادم من ضرورة إشراك كل الجهات المعنية للحفاظ على المجالات المحمية الطبيعية في اطار التنمية المستدامة.

ويتصور المسؤول الأول عن قطاع البيئة في الجزائر، أنّ إنشاء ضبطية قضائية، إجراء من شانه تعزيز الجهود المبذولة للتكفل بالبعدين الاجتماعي والاقتصادي للبيئة في بلاده، وكذا تحقيق توازن بين استغلال مكونات هذه البيئة ومتطلبات التنمية، مشددا أنه بات من غير الإمكان إنجاز أي مشروع دون القيام بدراسة تأثيره على البيئة للتقليل من المخاطر المحتملة.

ويرافع رحماني لصالح قيام مؤسسة بحجم ضبطية قضائية بيئية لتكريس مسار الحفاظ على مكونات التنوع البيولوجي، بالتزامن مع العمل الجاري لإ\حصاء الثروة النباتية والحيوانية لتحديد مختلف الأنواع النباتية والحيوانية المهددة بالانقراض الى جانب وضع آليات فعّالة لبلوغ مستوى المقاييس المعمول بها دوليا في مجال حماية المناطق الطبيعية.
ويشير الوزير أنّ تأسيس ضبطية قضائية، لن يكون معزولا عن القانون الجديد الخاص بالمجالات المحمية في إطار التنمية المستدامة، والمتضمن لمجموعة من الأحكام الجزائية والردعية ضدّ كل مساس بالنسيج الطبيعي المحلي بموارده البيولوجية، الحيوانية والنباتية.

كما يقدّر رحماني أنّ وضع ضبطية قضائية على المحك، خطوة تتناغم مع خطة شاملة سيتم بموجبها إنشاء بنك معلومات للمحميات البيئية يوفر معطيات علمية في ظلّ مخاطر التصحر المتعاظمة، إضافة إلى إنشاء مدرسة محلية متخصصة في التكوين البيئي.

من زاوية أخرى، يرى الخبير quot;سفيان جفالquot; أنّ وجود شرطة وضبطية مختصتان بتأمين البيئة أمر جميل، لكن الأجمل يكمن بحسبه في اقتناع عموم الناشطين الاقتصاديين بحتمية الكف عن تلويث المحيط، بما تلفظه مصانعهم من مواد كميائية وزيتية ضارة، والتزامهم بالحفاظ على عذرية الأمكنة التي يعملون فيها.

وعلى المنوال ذاته، يركّز الأستاذ quot;أمين نقازيquot; على حتمية المتابعة الميدانية، وعدم الاكتفاء بتأسيس فرق هنا وهناك، قائلا أنّ المشكلة في الجزائر ليست في القوانين أو هيئات المراقبة، طالما أنّ الجزائر تمتلك ترسانة من هذا الجانب، بل في المتابعة الدائمة، لا سيما في مشاريع حساسة كالنشاط الطاقوي النفطي والنووي الذي يقتضي توفير درجة عالية من الأمان تجاه أي انفجارات أو تسربات.