كامل الشيرازي من الجزائر: تشهد الجزائر في الفترة الأخيرة حراكا مكثفا لكبح سرطان الثدي الذي ينتشر بصورة مخيفة، حيث تحصي الجزائر سنويا أكثر من تسعة آلاف إصابة بسرطان الثدي ويودي بحياة 3500 إمرأة دوريا، ويؤكد أخصائيون تحدثوا لـquot;إيلافquot; أنّ التشخيص المبكّر والكشف الذاتي دعامتان من شأنهما وقف زحف داء يحصد أرواح 10 نساء كل 24 ساعة.

وطرحت وزارة الصحة الجزائرية مخططا عشاريا جديدا يمتد إلى آفاق العام 2020، ويقوم في خطوطه العريضة على التصدي لسرطان الثدي الذي بات يشكّل شبحا مقلقا، وعليه أقرّت السلطات إنشاء صندوق مركزي يتولى تمويل عمليات الوقاية والتغطية الطبية، فضلا عن التشخيص المبكر باعتباره السلاح الوحيد للتصدي للمرض.
وتتضمن الخطة المذكورة، افتتاح سبع مراكز جديدة لمكافحة سرطان الثدي في غضون السنتين القادمتين، واستدراك النقص في مجال التكفل بالعلاج بالأشعة من خلال اقتناء عتاد جديد، مع التركيز على تعزيز الطب الإشعاعي وتحيين العلاج الكيمائي، لتلافي نقص التنظيم الذي ظلّ سائدا.
بالتزامن، أطلقت كوكبة من الأخصائيات وناشطات المجتمع المدني وكذا محاميات وبرلمانيات quot;ميثاق الأملquot; في مبادرة جديدة لتحجيم سرطان الثدي، ويطمح الميثاق إياه بحسب الدكتورة quot;نصيرة بنو مشيارةquot; وهي إحدى عرّاباته إلى ضمان فعالية معالجة سرطان الثدي، وبعث ثقافة جديدة في تعاطي بنات حواء مع الداء الذي يربك الصحة العامة.
من جانبهنّ، تحيل كل من سامية شيبان وأسماء بودبزة وربيعة بدري، على أنّ ميثاق الأمل سيعطي الأولوية لنشر الوعي وتثقيف المحيط المحلي بسبل مواجهة سرطان الثدي، علما أنّ الرجال معنيون أيضا بهذا النوع من السرطانات، ولو بنسبة ضئيلة لا تتعدّ الـ1 بالمائة.

الكشف المبكّر والتوعية نصف العلاج

إلى ذلك، تطالب quot;حميدة كتّابquot; رئيسة جمعية الأمل لمرضى السرطان، بتسخير كل الوسائل البشرية والمادية من أجل التكفل بالمصابين، وتكريس الكشف المبكر الذي يُسهم بنسبة 50 بالمائة في العلاج تماما مثل التوعية، وتدعو كتّاب لمنح مواطناتها كل الوسائل لمعرفة المرض، وتحسيس النساء القاطنات في الأرياف والمناطق النائية التي تكثر فيها الأمية.
بدورهم، يشير عبد الرحمان بن ديب، كمال بوزيدquot;، ومحمد عفيان، أنّ اعتماد الكشف المبكّر والشامل سيمنح صورة أكثر وضوحا عن حقيقة المرض الذي يمكن معالجته في حالة التكفل به مبكرا، ما يقتضي التوعية وتحسيس النساء المعنيات.

بهذا الشأن، يوضح بن ديب أنّ السرطان الذي يتم الكشف عنه بسرعة، يمكن الشفاء منه بنسبة تتراوح ما بين 80 و90 بالمائة، بينما تتراجع النسبة إلى 75 بالمائة للمرضى الذين يرتضون الكشف في المرحلة الثانية، في وقت يصير الأمل في الشفاء لمن يعرضون أنفسهم على الأطباء في المرحلة ذات الخطورة العالية، ما بين 50 إلى 60 بالمائة.
ويلفت بوزيد رئيس الجمعية الجزائرية لطب الأورام، إلى كون النساء الأكثر تعرضا للإصابة بسرطان الثدي، يتراوح سنهنّ بين 39 و70 سنة، ملّحا على أنّ اعتماد الكشف الذاتي لهذا الداء لدى المرأة المصابة يعتبر خطوة هامة في طريق التعافي، على شرط أن تبادر المرأة بعرض نفسها على طبيب مختص اذا ما اكتشفت بوادر سرطان الثدي.
كما يسجّل عفيان أنّ مراحل العلاج تتطلب صبر المرأة المصابة ودعمها نفسيا من قبل أسرتها وخصوصا الزوج، هذا الأخير من المفترض أن يلعب دور المساعد الأول للطبيب، ويشدّد محدثنا على حساسية محاصرة داء سرطان الثدي في مرحلته الأولى، معتبرا أنّه كلما وصل المرض إلى مرحلة متقدمة، أصبح أكثر خطورة على حياة المريض بحيث يستعصي على الشفاء، خلافا إذا تم اكتشافه في مرحلة مبكرة، حيث يتوفر أمل كبير في التعافي.

التركيز على معالجة الأورام السرطانية للخلايا

يبرز مختصون أهمية معالجة الخلايا المصابة بالأورام، حتى يتم محاصرة الداء، وعليه يرافع محمد صدوقي لصالح توسيع هذا العلاج المتطور تبعا لفوائده الطبية العديدة على صعيد تدمير سرطان الثدي. ويقول صدوقي أنّ معالجة أورام الخلايا طريقة حديثة حتى وإن كانت مكلّفة للغاية (قيمة الجرعة الواحدة 150 ألف دينار أي ما يربو عن الألف يورو)، ويصف الأستاذ بوزيد العلاج ذاته بـquot;الدقيقquot; لكونه لا ينطوي على أعراض جانبية، مثلما يمسّ الخلية المصابة مباشرة دون إلحاق ضرر بالخلايا المجاورة، عكس العلاج الكيميائي الذي يؤدي إلى تدمير الخلية المصابة والخلايا المجاورة لها. ومن شأن معالجة أورام الخلايا ndash; بحسب صدوقي وبوزيد ndash; أن تحوّلا سرطان الثدي إلى مرض مزمن بعد أن ظلّ مرضا قاتلا، بحيث يستطيع المرضى التعايش مع الداء تماما مثل المصابين بعلل السكري وارتفاع ضغط الدم.