أشرف أبوجلالة من القاهرة: في ظل القفزات التقنية التي يشهدها عالم الطب والدواء في جميع أنحاء العالم، وبخاصة في الولايات المتحدة، مازال هناك انقسامًا بين الجمهور العريض للمرضى، بين من يُفضل إدراج بيانات حالاتهم الصحية ( اختبارات الدم ونتائج أشعة إكس ) على سجلات طبية إلكترونية، وبين من يفضل التعامل مع مثل هذه الأمور من خلال النسخ الورقية.

وحول هذا السياق يقول توماس جويتز، في كتاب جديد له تحت عنوان quot;شجرة اتخاذ القرار: السيطرة على صحتك في العصر الجديد لتشخيص الحالاتquot;، إننا نتخذ في حقيقة الأمر سلسلة من القرارات بصورة مستمرة، بعضها بدون قصد، والبعض الآخر بقصد، وهي القرارات التي تتجمع لتشكيل حالتنا الصحية. وتلفت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية في معرض حديث لها حول هذا الموضوع إلى أن هذا الكتاب يحتوي على الأفرع التقليدية، وهي : التصدي للمخاطر الصحية الوراثية، وتقييم أسلوب الحياة بصورة نقدية، وانتهاج عادات وقائية، والسيطرة بشكل كامل من خلال إدارة الوضعية الصحية، مثلما يفعل الأفراد عندما يتعلق الأمر باستثماراتهم.

وفي هذا الكتاب الجديد، حرص جويتز ( وهو رئيس التحرير التنفيذي لمجلة Wired ) على إضافة مواهب خاصة إلى هذا الأسلوب القديم من أساليب الاعتناء بالصحة من خلال ما يُعرف بمساعدة الذات. وتشير الصحيفة في هذا السياق إلى أن جويتز يجيد التعامل مع جميع الأدوات الصحية الحديثة المستندة إلى شبكة الإنترنت، ويمهدهم الواحدة تلو الأخرى لكي نقوم بمراجعتهم. وهو ما يجعل الكتاب مثيرًا للاهتمام.

وتنوه الصحيفة أيضًا إلى أن جويتز يُقدِّم قرَّاء كتابه إلى مجتمعات عملاقة على شبكة الإنترنت من المرضى والأصحاء على حد سواء، جميعهم يتابعون بصورة إلزامية العشرات من العلامات الخاصة بقياس درجة العافية أو المرض، من السعرات الحرارية المستهلكة، والأميال التي يتم قطعها عند ممارسة رياضة الجري، وكذلك ميللغرامات الأدوية التي يتم تناولها. وتمضي الصحيفة لتلفت كذلك إلى أن جويتز يعمل من خلال حلول حسابية مستمدة من الكمبيوتر لتفسير بعض من المؤشرات البيولوجية الأكثر شبهة ( مثل مادة P.S.A المرتبطة بسرطان البروستاتا ). كما سبق له أن قام بتلخيص جهود العلماء للبحث من خلال المليارات من الجزيئات البروتينية في جسم الإنسان عن علامات أوليِّة وأقل غموضًا مرتبطة بمرض السرطان.

وبالإضافة إلى ذلك، تمكن جويتز من تجاوز الحدود الفلسفية للطب، التي لم يسبق أن اخترقها على الإطلاق سوى أشخاص قليلون من المنتمين إلى مجتمع المساعدة الذاتية. ومن بين هذه الحدود: نوعية القرار الطبي الصحيح الذي يتوجب اتخاذه على وجه التحديد، وكيف يكون ممكنًا تطبيق النماذج الإحصائية الجامدة على التضاريس الغامضة لرفاهية الإنسان، وهل نحن بحاجة فعلية إلى إلغاء حالة عدم اليقين من جميع حساباتنا الطبية، ولما تتولد لدينا تلك الحالة إلا من أجل كلمة واحدة، هي الأمل ؟ - ويمكن القول هنا ndash; بحسب ما ذكرت الصحيفة ndash; إن جويتز نجح في إثارة فكرة التحديث لدى هؤلاء الأشخاص الذين يميلون لتقرير مصائرهم الطبية بأنفسهم.

وتختم الصحيفة حديثها في هذا الإطار بربطها ذلك الأمر بفكرة أن يكون لدى الفرد اختيار نوعية الطعام الذي يرغب في تناوله، حتى وإن لم تكن المسألة خاضعة لسيطرته. ثم تقول إنك إن كنت سعيدًا في ما تُعرف بعملية التمكين الذاتي، فلن تكون هناك وسيلة أفضل لمنح عضلاتك المرونة إلا من خلال تنظيم وجباتك، ومن ثم حجمك، وشكلك، ومصيرك ؟ فالباحثة سوزان ياغر، ترى في كتابها quot;حِمية المائة عامquot;، الذي تناولت من خلاله الهاجس الأميركي بالنظام الغذائي وفقدان الوزن على مدار القرن الماضي، إن الطعام كان يُنظر إليه منذ فترة طويلة على أنه مجرد وقود.

في ما وصف الباحث ويليام بانتينغ ذلك النظام الغذائي الخالي من الخبز والزبدة والحليب والسكر والبيرة بـ quot;صانع النعش البريطانيquot;. ثم ترصد الصحيفة ذلك التطور الذي طرأ على الأنظمة الغذائية، بعد أن ظهرت أنظمة تعتمد على تركيبات غذائية خاصة ( الأناناس وقطع من لحم الخروف، والموز والحليب الخالي من الدسم ). إلى أن جاءت المساعدات الكيميائية الخاصة بالنحافة. وبعدها جاءت الوجبات البديلة، والمُحليات الصناعية، والمعلبات، والنظم التي تحتوي على نسب عالية من البروتين، والنظم قليلة الدسم.