كامل الشيرازي من الجزائر: في بلد بات يحصي آلاف المدمنين على المخدرات، يفرض هذا الوضع على الجزائر فتح مجمعات طبية تتكفل بعلاج هؤلاء المدمنين الذين تقتضي حالاتهم تكفلا متواصلا وفاعلا.

يؤكد البروفيسور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الجزائرية لترقية الصحة وتطوير البحث، أنه وعلى غرار بعض التجارب الحاصلة في عدد من دول العالم، ينبغي أن تكون هذه المجمعات مدعمة باختصاصيين نفسانيين، كما يقترح د. خياطي لإيلاف، تكوين مربين على مستوى الأحياء يتشكلون من كوادر في قطاعات الشؤون الدينية والتربية والشباب والرياضة والتكوين المهني فضلا عن أعضاء من الحركة الجمعوية الفاعلة، ويتم تدعيمهم أيضا بخدمات أشخاص سبق لهم وأن عايشوا تجربة الإدمان على المخدرات لضمان نتائج أحسن في ميدان مكافحة هذه الآفة الخطيرة.

ويدافع خياطي عن صيغة المجمعات الطبية، بحكم انتصارها لأساليب مغايرة في التعاطي مع الظاهرة الحساسة، على غرار اقتراحها مقاربة جديدة في علاج المدمنين وإعانتهم على تجاوز انتكاساتهم كبديل للمتابعة الكلاسيكية، وتكفل الخطوة ndash; بحسب خياطي- توفير العناية القصوى للمدمنين حتى لا ينتكسوا وذلك من خلال إمدادهم بالعلاج الصحي والاجتماعي وإحاطتهم بالرقابة المستمرة.

وبرأي الدكتور خياطي، فإنّ التفكير في هذه المسألة جاء بعدما أثبتت الطرق التقليدية عدم نجاعتها ومحدوديتها في تحقيق الأهداف المرجوة حيث لوحظ أنّ 70 في المائة من المدمنين الذين يغادرون المصالح الإستشفائية يعودون مرة أخرى وفي ظرف وجيز إلى عادة الإدمان.

ورصدت الحكومة الجزائرية أموالا طائلة خلال الفترة السابقة، وقامت بتشييد 15 مركزًا استشفائيًا متخصصًا في نزع السموم لدى المدمنين و53 مركزا وسيطًا للتكفل بالمدمنين، مع إحداث أجنحة خاصة بالمؤسسات العقابية تهتم بمعالجة المدمنين، فضلا عن 185 خلية إصغاء وتوجيه موزعة عبر محافظات البلاد الثماني والأربعين.

وقام الديوان الجزائري لمكافحة المخدرات، في إطار برنامج الشبكة الأورو-متوسطية بتأطير 154 طبيبًا واختصاصيًا نفسانيًا قصد تعيينهم في المراكز المذكورة.

وشهد العام الأخير معالجة أزيد من ستة آلاف مدمن على المخدرات والمؤثرات العقلية في الجزائر، بهذا الصدد، يؤكد عبد المالك سايح، المدير العام للديوان الجزائري لمكافحة المخدرات وإدمانها، أنّ الإحصاءات تؤكد على أن عدد المدمنين بالجزائر في تزايد مستمر من سنة إلى أخرى (بنحو 230 بالمائة خلال عامين!)، وغالبيتهم من الشباب.

واستنادًا إلى المسؤول ذاته، فإنّ هذا الارتفاع المحسوس في أعداد المدمنين يتجلى من خلال الارتفاع في عدد المستهلكين والمحكوم عليهم قضائيًا، فضلا عن تضاعف كمية المحجوزات من المخدرات التي بلغت ما يقارب 75 طنا خلال العام الماضي، بجانب اتساع رقعة رواجها.

ويشير الخبير صالح عبد النوري إلى أنّ المؤشرات تبين أن هناك تطورًا خطيرًا يجعل من الجزائر بلد مستهلك للمخدرات، مشيرًا إلى أنّ القنب الهندي هو الأكثر استهلاكا في الجزائر تليه المؤثرات العقلية، بعدما تحوّل البلد إلى محطة عبور مفضلة للمهرّبين.

ويكشف خبراء إنّ بارونات المخدرات يستعينون فيما يعرف بـquot;المخدرات التخليقيةquot; بمواد كيمياوية وصيدلانية، لذا شددوا على حتمية احتياط السلطات الجزائرية للخطر الذي تمثله المخدرات المصنعة التي انتشرت في البلدان المتطورة، وأجمع هؤلاء على أنّ المخدرات المصنعة التي غزت العديد من البلدان باتت تهدد بغزو الجزائر، وعلى هذا ينبغي إتباع سياسة رقابية مشددة نظرًا لاستمرار التنقل الحر للسلع والأشخاص.

وتوصلت تحريات أجراها الأمن الجزائري إلى أنّ المخدرات المصنّعة يتم إنتاجها انطلاقًا من مواد كيماوية منتجة بصفة قانونية، وأوضحت مسؤولة برنامج مجمع بومبيدو للتعاون في مجال مكافحة المخدرات و المتاجرة بها quot;فلورانس موبيلو وومسليquot;، أنّ الأمر يتعلق بمخدرات مصنعة بشكل اصطناعي تختلف عن المخدرات النباتية، القنب الهندي والأفيون والكوكايين.

وأشارت الخبيرة ذاتها إلى أنّ هذه المخدرات المصنعة عبارة عن انفيتامين واكستازيا و(أم دي أم أ)، كما أشارت إلى أنّ هذه المخدرات تستهلك في أوروبا من قبل الشباب خلال الحفلات والسهرات، مضيفة أنّ هؤلاء الشباب يلجئون إلى هذه المخدرات للسهر طوال الليل وتحصيل طاقات وهمية بشكل أكبر.