يخضن فتيات غزة صراعا معالقوانين في القطاع quot;عدسة إيلافquot;

تعيش الكثير من الفتيات في قطاع غزة حالة من الحيرة، بسبب التناقضات الموجودة في القطاع، فبينما يواجهن في بعض الأحيان قوانين الإلتزام بلباس محدد ومواصفات محددة، تتمرد أخريات على كل القوانين ويمارسن حياتهن بحرية.


رغم محاولات الحكومة المقالة في قطاع غزة، لفرض الزي الإسلامي على الفتيات حتى بطرق غير مباشرة، ودون إقرار قوانين علنية بهذا الشأن، إلا أن الكثير من الفتيات ما زلن يعشن مرحلة التحرر رغم المضايقات الكثيرة التي يواجهنها، ومحاولات إلزامهن بلباس محدد.
ويعتقد البعض أن الحرية الشخصية في غزة بدت quot;على شفا حفرة من النارquot; بعد أن عَملت حركة حماس في غزة على ضبط الأمن بشكل أكبر. إيلافquot; ألقت الضوء على قضية الزي الإسلامي في غزة وشروط التعامل معه.

قوانين مجحفة
رولا عبد العال، طالبة تدرس الحقوق في جامعة الأزهر في غزة، تحدثت عن رأيها في فرض زي إسلامي على الفتيات لتقول:quot;حركة حماس اتخذت هذه الخطوة منذ البداية مع طالبات الثانوية لكنها لم تجد تجاوبا كبيرا في الشارع الغزيquot;، معتقدةً أن حماس لا تستطيع فرض هذه السياسة على شعب بأكمله.
وأضافت:quot;نحن لا نعيش وحدنا في هذا العالم ولسنا مسلمين فقط فهناك عدد كبير من المسيحيين ومن غير المنطق إلزامهم بالحجابquot;، متسائلة:quot;لماذا نضع أنفسنا في قائمة الممنوع واللا ممنوع في غزةquot;.

وتَرى الفتاة العشرينية أن حماس في الوقت الحالي أضعف من وضع قوانين تفرض الزي الإسلامي على المرأة، مستطردة:quot;لا يعني أنني أرتدي بنطالاً ضيقا ولا أضع على رأسي حجابا أنني لستُ مسلمة أو أنني لا أعرف بالعادات والتقاليد الموجودة في المجتمعquot;.

وزادت بعد أن بدت معالم الغضب تظهر على ملامحها:quot;قد أرتدي جلبابا واسعا وحجابا طويلا كما يطلب مني البعض لكن أحمل في داخلي أفكارا سوداء لا معنى لها فأين الحكمة في ذلك؟quot;، لافتةً إلى أن الحكومة في غزة ليس لها الحق في فرض زي إسلامي معين على الفتيات.
وفي سؤالها عن رأيها في فرض بعض القرارات التي تعمل على تقييد الحرية الشخصية لدى بعض الفتيات، أجابت:quot;أعتقد أننا نعرف الصح من الخطأ في عصرنا هذا فالطفل الصغير الآن يخاف على مصلحة إخوته أكثر من غيرهquot;.

وأكثر ما يثير غضب رولا بعض القوانين التي اعتبرتها مجحفة بحق الفتيات بالذات وتعمل على فرض التفرقة العنصرية بينهم وبين الشباب، مضيفة:quot;لماذا لا يحاولون فرض هكذا أمور على الشباب مثلاً نحن لا نعيش في غابةquot;.

حرية شخصية

تتباين وجهات النظر بشأن اللباس في غزة quot;عدسة إيلافquot;

أما هديل الشوا فترى أن بعض القرارات التي تفرضها الحكومة في غزة صحيحة والبعض الآخر منها خاطئ، معتبرةً فرض لباس معين على الفتيات في غزة يدخل في حدود الاعتداء على الحريات الشخصية.
وأضافت:quot;لكن في المقابل قراراتهم تعمل على ضبط الأمن في ظل موجة الفساد الكبيرة داخل البلدquot;، ذاكرةً أنها لا ترتدي الحجاب وأهلها يعلمون بذلك وهم متفهمون لرغباتها.

وتساءلت:quot;إذا كان الأهل متوافقين مع آرائي وأفكاري لم يعترضون عليها هل لا تتوافق مع مصالحهم الشخصية؟quot;، ذاكرةً أن العالم بدأ يتطور ويتحرر من هذه الأفكار في الوقت الحالي.
وفي ردها على وجهة نظرها في الزي الإسلامي أجابت:quot;لا أحد يستطيع أن يفرض علينا قرارات خاصة بحريتي الشخصيةquot;.

حجاب ولكن ..؟
نور المدهون، وهي طالبة في الجامعة الإسلامية في غزة، كانت لها وجهة نظر تختلف عن سابقاتها، تقول نور وهي مستوى ثالث تخصص هندسة معمارية:quot;الفتيات في غزة بحاجة إلى رقابة من قبل الأهل وإلى توعية دينية سواء في الجامعة أو في المنزلquot;، موضحةً أن الكثير من الفتيات في غزة يخرجن بمظهر غير لائق مع عادات وتقاليد الشعب الفلسطيني.

وأضافت:quot;في بعض الأحيان أرى بعض الفتيات يرتدين لباسا تقشعر له الأبدان ما يدفعني كفتاة لإطلاق بعض العبارات المهينة لهمquot;، وتساءلت:quot;أنا كفتاة لا أقبل بهذه المظاهر فما بالك بالشباب ونظراتهمquot;.
واستشهدت بقوله تعالى:quot; يا أيها النبي قل لنسائك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذينquot;، مستدركة:quot;لا أقصد بالزي الإسلامي الجلباب فقط هناك بعض الألبسة الواسعة لا تعمل على تفصيل الجسمquot;.
ولفتت إلى أنها تلمس تلك المعاناة في بعض التعليقات على موقع quot;الفيس بوكquot; لشباب من غزة يصفون مدى بشاعة هذه الألبسة.

وفي سؤالها عن مدى توافقها مع فكرة إلزام هؤلاء الفتيات بزي قد يكون من وجهة نظرها محترم أجابت:quot;من باب عدم التحيز فانا في جميع الأحوال لا انتمي إلى حركة حماس لكن إلزامها الفتيات بزي محتشم هو ما كان الواجب فعله منذ زمنquot;، مؤكدةً أن قلة الوعي الديني والإهمال من قبل الوالدين ظهرت نتائجه على مظاهر الفتيات المسلمات.

المواطن الشاب مصطفى المغني، يرى من جانبه، أن سيطرة حركة حماس على الشارع في غزة وضبطها الأمن بشكل غير مسبوق، أتاح الفرصة لبعض الفتيات بارتداء ما يحلو لهن من ملابس دون أي خوف أو وجل، وفسر حديثه قائلاً: quot;في السابق كانت الفتيات يخشين من المبالغة في التبرج خوفاً من مضايقة وتحرش الشباب بهن في ظل حالة الفوضى الأمنية، أما اليوم فإن الأمن الذي تفرضه حماس جعل من بعض الفتيات يستغللن هذه الفرصة لارتداء الملابس الغريبة عن عادات المجتمع، ليقينهن بأن أحداً من الشباب لن يجرؤ على مضايقتهن خوفاً من الملاحقة الأمنيةquot;.

لكن خالد الزهارنة، اختلف مع هذا الرأي، مشيراً إلى أن حماس لا يمكن أن تسمح بالسفور والتبرج في غزة، وهي بالتأكيد تعمل على تغيير بعض السلوكيات غير القويمة في المجتمع، لكن هذا الأمر يحتاج إلى بعض الوقت، خصوصاً أن العالم ينتظر أي خطوة من حماس لينقض عليها ويهاجمها بتهمة التعدي على الحريات الشخصية.

حارسة الشرع
د.ماهر السوسي نائب عميد كلية الشريعة والقانون، أكد أن ستر العورة بارتداء الزي الشرعي قد فرض على كل مسلم ومسلمة، مستشهداً في ذلك بقوله تعالىquot;قُل للمؤمنين يغضوا مِن أَبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلِك أَزكى لهم إن الله خبير بما يصنعونquot;.
وبيّن السوسي على أن الله أمر في هذه الآية بغض البصر عما لا يحل للرجل أن يراه من عورات النساء، قائلاً:quot;إذا كان النظر إلى عورات النساء محرماً فهذا يعني وجوب إخفاء هذه العورات بالزي الذي يؤدي هذه المهمةquot;.

وأضاف:quot;الله أمر النساء بغض البصر وحفظ الفروج؛ أي حفظ العورات وسترها، وكذلك عدم إبداء الزينة التي هي تحت الثياب، وكذلك فهي تنهى عن فعل ما يلفت انتباه الرجال إلى زينة المرأةquot;.
وفي معرض رده على سؤال هل من حق الحكومة في غزة إلزامهم بالاحتشام وليس بالضرورة الزي الشرعي، أجاب:quot;الأصل في الإسلام أن الحكومة هي حارسة الشرع، وهي ملزمة بتطبيقه بنفسها، وكذلك ملزمة بحمل الناس على تطبيق الشرع في سلوكهم وتصرفاتهم وعباداتهمquot; لافتاً إلى أن الحكومة مطالبة شرعاً بحمل الناس على تطبيق شرع الله عز وجل، وإلا فإن القائمين عليها عاصون لله تعالى.

وشدد على ذلك بالقول:quot;إن دعوات البعض لفرض الزي الشرعي ليست دعوات بشرية وإنما هو أمر الله تعالى، وأمر الله تعالى غير قابل للاستفتاء عليهquot;.

حرية أكبر
وعن اعتقاد البعض أن الفتيات غير الملتزمات أصبحن يتمتعن بحرية اكبر من تلك التي كانت خلال عهد السلطة السابقة، قال:quot;ومع كوني أتفق معك أن هناك فئة من الفتيات غير الملتزمات، لكني لا أتفق معك على أنهن أكثر من ذي قبل، أما بالنسبة إلى الحرية التي تتحدثين عنها، فإن هذا أمر طبيعي فحيثما يكون الأمن تكون الحريةquot;، مستدركاً:quot;العيب ليس في ذلك، لأن الحرية مطلب شرعي، ولكن الخطأ كان ممن استغلوا هذه الحرية في معصية الله تعالىquot;.
وأضاف:quot;أما عن وجود غير الملتزمات في ظل حكومة حماس فهذا ما تسأل عنه حكومة حماس نفسها، وليس من المنطق أن يتكلم أحد باسم أحدquot;.

ووجه نائب عميد كلية الشريعة والقانون رسالة للأهل والفتيات مفادها بالالتزام بأمر الله تعالى، وأداء هذا الفرض الذي كلفت به النساء، وهو فرض ستر العورة بالزي الذي قرره الشرع، متسائلاً:quot;أنا لا أدري لماذا ترضى أي امرأة أن تجعل من نفسها تسلية للآخرين، ومتعة لهم، وكيف تجعل نفسها بهذا الرخص، وتقلل من قيمتها عند الله تعالى وعند الناسquot;.