تفاقم الوضع الأمني في العراق بُعيد اعتداء القاعدة على كنيسة quot;سيدة النجاةquot; ببغداد، مما حدا برجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الى دعوة الأجهزة المعنية لجمع السلاح، والتطوع لحماية دور العبادة، في وقت يجتمع فيه قادة الكتل السياسية الأحد المقبل للنظر في مبادرة بارزاني، تزامناً مع إرجاء جلسة البرلمان.


بغداد: دعا زعيم التيار الصدري رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الحكومة الى فتح باب التطوع لتشكيل افواج تحمي المساجد والكنائس ودور العبادة الاخرى، مطالبا بحملة رسمية لجمع السلاح وانهاء quot;مهزلةquot; تشكيل الحكومة، بينما اتفقت الكتل السياسية على عقد اجتماع الاحد لبحث مبادرة بارزاني وتأجيل جلسة البرلمان المقررة إلى الخميس المقبل، في حين اكد رئيس برلمان اقليم كردستان كمال كركوكي التمسك بمنصب رئيس الجمهورية باعتباره إستحقاقا قوميا للاكراد.

وقال الصدر في بيان تُلى من المساجد التي يقيم فيها اتباعه بعد صلاة الجمعة في انحاء العراق انه لايرضى بالظلم لنفسه او لشعبه العراقي ولن يخضع ولن يذل امام quot;الارهاب التكفيري البغيض الذي كان ولايزال يسقى من ماء الاحتلال الصديدquot;. واكد عدم جواز الاعتداء على دماء العراقيين مهما تنوعت اطيافهم ودياناتهم.

الزعيم الشيعي مقتدى الصدر

ودعا الحكومة العراقية الى فتح باب التطوع من اجل تشكيل افواج حماية للعتبات المقدسة والمساجد والحسيتيات، وقبل ذلك كله الاديرة والكنائس العراقية ودور العبادة لكل الاديان وروادها جميعا. وناشد المواطنين في حال فتح باب التطوع الى تقديم أنفسهم وأموالهم ودمائهم من اجل حماية مقدساتهم، وعدم الانخراط في هذه التشكيلات لأغراض دنيوية كالمال والمنصب. وناشد طلبة الحوزة الشيعية بتنظيم زيارات لمجاميع من المواطنين الى الكنائس العراقية وخاصة التي تعرضت للاعتداءات وذلك من اجل التسامح ونبذ العنف غير المشروع.

وانتقد الصدر تقصير الجهات الامنية عن حماية ارواح المواطنين وقال ان تفجير هذا العدد الكبير من السيارات والاحزمة الناسفة وبوقت قصير ومتتالي يشير الى قصور وتقصير وانخراط المندسين في الاجهزة الامنية، مما يستدعي قيام مجلس النواب quot;ان وجدquot; باتخاذ الاجراءات اللازمة للتحقيق العاجل مع المسؤولين الامنيين فورا حتى لاتذهب دماء العراقيين سدى، وكذلك العمل من اجل انهاء الارهاب. وقال محذرا quot;والا وصلنا الى الهاوية الامنية التي لا خروج منها وسيكون مصيرنا الهلاكquot;.

وطن قوي وحكومة موحدة

ودعا الحكومة الى تحديد فترة زمنية تقوم فيها بجمع السلاح لاتلافه او الاستفادة منه، ولكن ليس لاجل مصالح حزبية او طائفية، وانما لبناء شعب ووطن قوي وحكومة موحدة. واشار الى ان تحرير مسلمين اثنين لايعني جواز قتل هذا العدد الكبير من المسيحيين وان اعدام قادة البعث والخلافات السياسية بين الكتل لايجب لن تعني زج الشعب بدوامة من الخوف والرعب وسلب ألامن منه. وطالب الكتل السياسية بانهاء quot;هذه الازمة المخجلة بأسرع وقت، وكفى القادة تصارعاً على الكراسي والمنصب التي تستغل للامور الشخصية والحزبيةquot;.

ودعا العراقيين الى اعلان حداد وايقاد الشموع طيلة الاسبوع المقبل حزنا على quot;ضحايا الاحتلال والارهابquot;. وناشد علماء الدين الى وقف فتاواهم ضد الشيعة، مؤكدا انها تضعف الصف الاسلامي وقال quot;عليهم ان يصبوا جام غضبهم على عدوهم الاميركي الاسرائيليquot;. وطالب بخروج quot;بؤرة الارهاب وهو الاحتلال الاميركي البغيض فورا من الاراضي العراقية بلا تأخير وبلا اتفاقات بغيضة وبلا قواعد ارهابية اميركية تنتشر في بلادناquot;.

وتأتي دعو الصدر هذه بعد ايام من مقتل اكثر من 50 مسيحيا عراقيا اثر احتلال مسلحين تابعين للقاعدة كنيسة quot;سيدة النجاةquot; وسط العاصمة الاحد، وكذلك اثر تفجير 13 مفخخة في مناطق شيعية بضواحي بغداد الثلاثاء، مما ادى الى مصرع 64 شخصا واصابة 340 اخرين.

واليوم اعلنت دولة العراق الاسلامية التابعة لتنظيم القاعدة مسؤوليتها عن هذه الاعتداءات، وقالت في بيان هاجمت فيه الشيعة ان quot;طلائع المجاهدين شنوا حملة جديدة مباركة ثأرا لامهات المؤمنين واصحاب النبي بعد ان تمادى الانجاس الرافضة في غيهم وقد أخذتهم الاماني بعودة المشروع الصفويquot;.

واضافت quot;استعانوا بشركهم وكفرهم وجاهروا بأذية رسول الله في عرضه وطعنهم في أزواجه وامهات المؤمنين على منابرهم وشاشات فضائياتهمquot; في اشارة الى تصريحات رجل الدين الكويتي ياسر الحبيب المقيم في لندن حول عائشة احدى زوجات النبي. وكان الحبيب ادلى بتصريحات مهينة تناول فيها عائشة. ويقيم الحبيب في لندن منذ عام 2004، هربا من حكمين بالسجن عشرة اعوام صدرا بحقه. واثارت تصريحاته عن السيدة عائشة موجة تنديد في الاوساط السنية، في حين طالب نواب شيعة باتخاذ اجراءات مماثلة بحق ناشطين سنة ينتقدون الشيعة.

وحذر البيان الشيعة قائلا quot;ان لامهات المؤمنين والصحابة ابناء واحفادا طلقوا دنياهم يبتغون القتل في سبيل الله، وما رأوه منهم في تلك الليلة المباركة اول الغيث ويوم واحد من أيام كثيرة مخضبة بالدم تنتظرهم، فليبشروا بما يسوؤهم والقادم باذن الله انكى وامرquot;.

انعدام التوافق السياسي

الى ذلك إلى ذلك، اعلن رئيس المجلس الاكبر سنا فؤاد معصوم انه تقرر تاجيل الجلسة التي كانت مقررة الاثنين الى الخميس المقبل الحادي عشر من الشهر الحالي، وذلك لبحث مبادرة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني، الرامية الى تشكيل حكومة تضم جميع الكتل الفائزة في الانتخابات.

وجاء تأجيل الجلسة بسبب عدم وجود توافق سياسي بين الكتل حول انتخاب رئاسة مجلس النواب وكذا على منصب رئيسي الجمهورية والحكومة. وكانت المحكمة الاتحادية العليا في العراق أصدرت في الرابع والعشرين من الشهر الماضي قراراً، يقضي بإلغاء قرار رئيس مجلس النواب المؤقت فؤاد معصوم، بجعل جلسة المجلس مفتوحة وإلزامه باستئناف الجلسات خلال أسبوعين. وتنص المادة 94 من الدستور العراقي على أن قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة، وشكلت المحكمة بشكل رسمي بموجب القانون رقم 3 لعام 2005.

ويأتي هذا التأجيل في وقت اتفقت فيه الكتل على عقد اجتماع قادة الكتل الأحد المقبل لبحث مبادرة بارزاني.

وكانت الكتلة العراقية اعلنت امس مقاطعتها لجلسة مجلس النواب واكد مستشار الكتلة هاني عاشور quot;ان القائمة العراقية لن تشارك في جلسة الاثنين المقبل لعدم وضوح الهدف منها وعدم توافق الكتل السياسية على امر حاسم يستحق الذهاب به الى جلسة البرلمان وهي ستعلن قرارا بشأن ذلك خلال يومين. واضاف quot;ان جلسة الاثنين لن تكون منتجة اذا ما تم الاصرار على انعقادها تنفيذا لقرار المحكمة الاتحادية، ويمكن ان يتم تحديد موعد آخر لعدم اكتمال النصاب، ويكون قد تم تنفيذ قرار المحكمة بعقدهاquot;. واشار الى ان اكثر من خمسين نائبا لن يحضروا لسفرهم لاداء شعائر الحج.

ومن جهته اكد القيادي في الائتلاف الوطني العراقي، وفي المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الشيخ جلال الدين الصغير ان المجلس الأعلى سيلبي دعوة رئيس السن لحضور جلسة البرلمان يوم الاثنين المقبل، مشككا في ان يتم اكتمال النصاب فيها. وقال في تصريح صحافي ان عددا غير قليل من النواب الان هم خارج العراق بعضهم من ذهب لاداء فريضة الحج والبعض الاخر للسفر الى غير ذلك، معرباً عن اعتقاده بأن رئيس السن يحاول ان يتخلص من الاشكالات القانونية الذي وضع فيها وبعد ذلك يلقي المسؤولية على اعضاء البرلمان. واكد عدم وجود اي توافق سياسي حتى الان وقال quot;ان اي منصب من مناصب الرئاسات الثلاث حتى هذه اللحظة لم يحسم ومن يتحدث عن الحسم يريد ان يوصل الامور الى ما يريدها هو وكرة الثلج لم تتحرك باي اتجاه حتى الان والكل لازال يتريث وينتظرquot;.

رفض الضغوط الاميركية

من جانبه اكد رئيس برلمان اقليم كردستان كمال كركوكي الدستور ان الاكراد يمثلون احدى القوميتين الرئيسيتين في العراق ولذلك فهم يعتبرون أن منصب رئيس الجمهورية إستحقاق قومي وأن مرشحهم للمنصب هو الرئيس جلال طالباني، وذلك في رد على مايبدو على ضغوط اميركية ذكر انها تمارس ضد الاكراد للتخلي عن المنصب لصالح رئيس الكتلة العراقية الفائزة في الانتخابات اياد علاوي.

جاء ذلك خلال اجتماع في مدينة اربيل عاصمة كردستان بين رئاسة برلمانه ووفد من التحالف الوطني، الذي رشح رئيس الوزراء نوري المالكي لولاية ثانية حيث تم بحث اخر التطورات السياسية والامنية في البلاد. وعبر كركوكي عن الامل في ان تشهد مناطق العراق كافة وبجهود جميع الأطراف الأمن والإستقرار والأمان والإعمار والتقدم، مشددا على ضرورة بدء مجلس النواب العراقي جلساته في أقرب وقت وأن تتشكل الحكومة الجديدة. وقال إن مطالب شعب كردستان تتمثل في الإلتزام بالدستور وتنفيذ مواده وفقراته، الأمر الذي يصب في مصلحة كردستان والعراق أجمع وليس في مصلحة شعب الاقليم فقط.

وقدم كركوكي شرحا لمجريات الحوارات الجارية حالياً بين وفد التحالف الكردستاني والأطراف العراقية الأخرى لتشكيل الحكومة، معرباً عن أمله في أن تتشكل حكومة شراكة وطنية تمثل جميع الاطراف. وقال إن شعب كردستان قد ترك جانباً الإجحاف الذي ارتكب بحقه خلال الإنتخابات وما قبلها وأثناء إعلان النتائج من أجل أن يواجه العراق الإتحادي خلال الأربع سنوات المقبلة الإرهابيين والعمل على تنفيذ المادة الدستورية 140 المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها، وحل المشاكل العالقة بين الإقليم وبغداد.

وقال كركوكي quot;اننا كأكراد نمثل أحدى القوميتين الرئيسيتين في العراق quot;لذا فإن منصب رئيس الجمهورية إستحقاق قومي وأن مرشحنا لهذا المنصب هو جلال طالبانيquot;. مؤكداً ضرورة إيجاد الحلول فيما يتعلق بمشاكل تنفيذ المادة 140 وجميع المشاكل التي طرحها رسمياً الوفد المفاوض في بغداد. واوضح ان القرار النهائي لعقد أي تحالف لتشكيل الحكومة سيتخذه برلمان كردستان خلال ايام قليلة. ومن جانبه اكد رئيس وفد التحالف الوطني علي العلاق إلتزام التحالف بالدستور وتنفيذ فقراته ومواده متمنياً أن ترتقي العلاقات بين الجانبين في المستقبل الى المستوى المطلوب.

المائدة المستديرة

وخلال اتصال هاتفي مع بارزاني اكد الرئيس الاميركي باراك اوباما دعمه وتأييده لمبادرته في جمع قادة الكتل السياسية حول مائدة مستديرة لمناقشة تشكيل الحكومة واصفا إياها بالخطوة المهمة لتحقيق اجماع الكتل السياسية من أجل تشكيل حكومة شراكة حقيقية تضم جميع الأطراف العراقية وتكون قادرة على ضمان استتباب الأمن والاستقرار في البلاد وتلبية حاجات وطموحات العراقيين.

ويأتي تجديد الاكراد لتأكيد اصرارهم على منصب رئيس الجمهورية بعدما كشف القيادي البارز في التحالف الكردستاني محمود عثمان امس عن ضغوط كبيرة وصفها بغير الدبلوماسية من قبل الاميركان لكي يتنازل الاكراد عن منصب الرئاسة لصالح القائمة العراقية.

وقال عثمان quot;ان الوفود الاميركية التي ارسلت للقاء رئيس الجمهورية جلال طالباني ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني والقيادات الكردية، ضغطت بشكل كبير وكانت تتحدث باسم الرئيس الاميركي باراك اوباما ونائبه جوزيف بايدن مع الاكراد للتنازل عن منصب رئاسة الجمهوريةquot;. واضاف: quot;انهم في الوقت الذي يتحدثون فيه عن عدم تدخلهم بالشأن العراقي، فإنهم يضغطون على الاكراد بهذه المطالبquot;. وقال quot;ان مطالبهم لم تنفذ ومازلنا متمسكين بمنصب رئيس الجمهورية ومرشحنا له جلال طالبانيquot;.

وكان زعيم القائمة العراقية اياد علاوي قال الاربعاء لصحيفة بريطانية انه قد ينسحب من مباحثات اقتسام السلطة بشأن تشكيل الحكومة القادمة للعراق ويقود المعارضة. واضاف في تصريح لصحيفة الغارديان انه لا يعتقد ان صفقة لتشكيل حكومة وحدة وطنية مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ومنافسين اخرين يمكن أن تنجح.

واوضحت الصحيفة ان علاوي الذي فازت قائمته العراقية بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية في الانتخابات التي جرت قبل نحو ثمانية اشهر، اشار للمرة الاولى الى انه سيقود تكتله نحو جهة المعارضة. وقالت الصحيفة ان علاوي أشار الى اقتراح يقضي باعطائه سلطات تنفيذية مساوية لسلطات رئيس الوزراء بقوله quot;لسنا مستعدين أن نكون شاهد زور للتاريخ بالموافقة على شيء نرى أنه لا يمكن أن ينجح.quot; واضاف quot;لقد ادركتُ ان المعارضة هي موقعنا الحقيقيquot;.

ومن جهتها نفت الرئاسة العراقية ان يكون طالباني قد سحب ترشيحه لرئاسة الجمهورية لصالح علاوي. واشارت الى انه قد تم ترشيح طالباني لرئاسة الجمهورية من قبل ائتلاف الكتل الكردستانية وأعلن الرئيس بارزاني غير مرة تمسك الاكراد بهذا الترشيح باعتباره استحقاقاً قوميا وليس سياسياً quot;ولذا فإن السيد طالباني ليس حراً في التنازل عن قرارات أصدرتها الأطراف الكردستانية مجتمعة، وأيدتها غالبية القوى السياسية الأخرى، وفي مقدمتها التحالف الوطني الذي يمتلك الكتلة الأكبر في المجلس النيابيquot;.