أكثر فأكثر سرعان ما اتضح لرئيس الحكومة المكلف في الأردن، أن البرلمان الجديد ليس سهلا، وهو ما يرتب على حكومته التي أعلنت اليوم اعباء إضافية في توقيت صعب، ولذلك يتوجب اختيار وزراء اكفاء قادرين على اخذ زمام المبادرة والإصلاح.


عمان:أدى رئيس وأعضاء الحكومة الأردنية الجديدة بعد ظهر اليوم اليمين الدستورية أمام العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في القصر الملكي، كإشتراط دستوري لمباشرة مهامهم الوزارية الجديدة، وذلك بعد أقل من يومين من تكليف الملك الأردني لسمير الرفاعي تأليف وزارة جديدة، هي الثانية له، بعد أن كان قد شكل وزارته الأولى في شهر كانون الأول|ديسمبر المقبل، إذ ينتظر أن يوقع عاهل الأردن خلال ساعات مرسوم تأليف الوزارة، وإعتماد أعضائها، وسط إنطباعات بأن الحكومة الأردنية الجديدة ستحتفظ بأغلب وزرائها القدامى، مع تغيير يركز على الوزارات الخدمية، وإستبدال شاغل حقيبة سيادية واحدة هي وزارة الداخلية.

وحتى ساعات المساء أمس فإن الرئيس المكلف قد أمضى وقتا طويلا وهو ينقح قوائم أولية كان يعدها بشأن وزارته الجديدة، إلا أنه نجح بقوة في إبقاء الأمر طي الكتمان، إذ لم ترشح أي قائمة يمكن إعتبارها شبه نهائية، إذ حفلت أجواء العاصمة الأردنية أمس بأسماء مئات الشخصيات المرشحة للدخول الى الحكومة الجديدة، علما بأن الحكومة ستشكل على الأرجح من 28 وزيرا الى جانب الرئيس، مع الإحتفاظ بنحو 14 وزيرا من الحكومة السابقة، وهو الأمر الذي يشير الى أن الوزراء الجدد لن يتعدوا عدد من بقوا فيها، إذ أسرت مصادر حكومية رفيعة المستوى لـquot;إيلافquot; بأن الحكومة الجديدة لن تتضمن إسم أي نائب في البرلمان الأردني الجديد، وأن التعليمات التي زود بها الرفاعي من المرجعيات العليا شددت على ضرورة الفصل فصلا تاما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

مواجهة البرلمان

وواجه الرفاعي أمس ما يمكن وصفه بأسوأ إنطباعات عن مجلس النواب الأردني الجديد الذي أنتخب في التاسع من الشهر الحالي، - وهو أول تماس للرفاعي مع البرلمان، إذ ألف وزارته الأولى العام الماضي بعد نحو أسبوعين من حل البرلمان الأردني والدعوة لإنتخابات مبكرة- ، إذ أسفرت لقاءاته المبدئية مع مجاميع كبيرة من النواب الجدد في معقلهم عن وجود إرتياب لدى الرئيس المكلف من إحتمالات أن بدأ هذا البرلمان بمساعي إرهاق وزارته الثانية حتى قبل أن ترى النور، فقد سمع الرئيس المكلف عبارات غاضبة من النواب تفهمه علنا بأنه لا مانعا في الدستور أمام تأليف وزارة برلمانية، كما أنه سمع نقدا قويا للمعايير والأسس التي سار عليها في تشكيله الوزارة الأولى.

وأمام سيل الإنتقادات التي لم تخل من تذكير الرفاعي ببعض الواجبات السريعة التي ينبغي لحكومته أن تجزها، لم يجد الرئيس المكلف بدا من التعامل بدبلوماسية مفرطة، ومرونة بلغت حد تكرار مفردة (التعاون) مع البرلمان الجديد، وروح الفريق الواحد حكومة ومجلسا، إلا أن بعض النواب طلبوا من الرفاعي أن ينجز تشكيلا وزاريا قويا وواضحا، وإبعاد وزراء التأزيم، وإلا فإنهم في وارد حجب الثقة عن حكومته، حال تقدمها بطلب الثقة للبرلمان خلال ثلاثين يوما تبدأ يوم الأحد المقبل، وهو اليوم الأول لمباشرة البرلمان الجديد دورته العادية الأولى التي تنتهي في الأول من نيسان|إبريل من العام المقبل.

التشكيل الحكومي النهائي:

1- سمير الرفاعي رئيسا للوزراء ووزيرا للدفاع وبناء على تنسيب الرئيس المشار إليه:
2- خالد الكركي نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للتربية والتعليم
3- سعد هايل السرور نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للداخلية (جديد)
4- أيمن الصفدي نائبا لرئيس الوزراء ووزير دولة. (جديد)
5- عبدالسلام العبادي وزيرا للأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية
6- هشام التل وزيرا للعدل
7- سليمان الحافظ وزيرا للطاقة والثروة المعدنية (جديد)
8- ناصر جودة وزيرا للخارجية
9- وليد المعاني وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي
10- محمد أبو حمور وزيرا للمالية
11- تيسير الصمادي وزيرا للزراعة (جديد)
12- هالة بسيسو لطوف وزيرا للتنمية الاجتماعية وشؤون المرأة
13- عامر الحديدي وزيرا للصناعة والتجارة
14- علاء البطاينة وزيرا للنقل
15- موسى المعايطة وزيرا للتنمية السياسية
16- نبيه شقم وزيرا للثقافة
17- عماد فاخوري وزير دولة للمشاريع الكبرى
18- جعفر حسان وزيرا للتخطيط والتعاون الدولي
19- إبراهيم العموش وزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء
20- محمد النجار وزيرا للمياه والري
21- محمد طالب عبيدات وزيرا للأشغال العامة والإسكان
22- مروان جمعة وزيرا للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات
23- علي العايد وزير دولة لشؤون الإعلام
24- سمير مراد وزيرا للعمل
25- رابحة الدباس وزيرا للشؤون البلدية (جديد)
26- ناصر الشريدة وزيرا للبيئة (جديد)
27- فارس القطارنة وزير دولة لشؤون مجلس الوزراء (جديد)
28- نسرين بركات وزيرا لتطوير القطاع العام (جديد)
29- محمود الشياب وزيرا للصحة (جديد)
30- احمد طبيشات وزيرا للشؤون البرلمانية (جديد)
31- زيد القسوس وزيرا للسياحة والآثار (جديد)

شخصية الرفاعي

لا يثير رئيس الوزراء الأردني المكلف أي حساسيات سياسية تتعلق بشخصيته، رغم الأزمات المتكررة تحت لافتات وعناوين مختلفة تصادمت عبرها حكومته مع قوى سياسية وإعلامية محلية، إذ تعطيه ملامحه الهادئة محبة وقبولا من قبل مستويات محلية مختلفة، لكن الثابت حتى الآن أن الرجل أسندت إليه المهمة سرا قبل أكثر من شهرين من تكليفه لأول مرة بتأليف الوزارة الجديدة، قضاها في تأمل المشهد السياسي الأردني، لتصويب ملاحظاته النقدية، والتقدم خطوة الى الأمام عبر إبلاغ العاهل الأردني أنه يستطيع أن ينجز ما كلف به، إذ كان العاهل الأردني قد طلب منه خلال لقاء خاص بينهما أن يبلغه سلفا بتوافر القدرة لديه أم لا، على إعتبار أن العاهل الأردني لا يريد أن تكون الحكومة المقبلة حكومة شكلية تستظل بمظلة القصر مع أي أزمة كما كانت تفعل الحكومات السابقة، وهو الأمر الذي كان موضع إنتقاد العاهل الأردني أكثر من مرة خلال العقد الماضي.

سمير وزيد

والرفاعي الإبن شديد الشبه بوالده، لكن من دون أي تشابه فعلي في الأداء والنهج السياسيين، فالوالد الذي شغل حتى أواخر العام الماضي موقع رئيس مجلس الأمة الأردني، قبل أن يبادر الى قرار طوعي بمغادرة موقعه بعد ساعات من تكليف نجله البكر تأليف الوزارة الجديدة معتزلا بشكل مفاجئ الحياة السياسية، رغم كونه أحد أبرز وجوه المدرسة السياسية التقليدية في الحكم، بيد أن نجله المكلف قد قفز خلال السنوات الأخيرة ليكون أبرز وجوه مدرسة تنفيذ إصلاحات سياسية وإقتصادية في الداخل الأردني، لكن من دون تصادم مع نهج الوالد الذي شكل ثلاثة حكومات من قبل خلال عقدي السبيعنات والثمانينات من القرن الفائت، بقي بعدها الرفاعي الأب حاضرا بقوة في المشهد السياسي الأردني، وظل يملك قناة مفتوحة ومباشرة مع القصر الملكي الأردني.

الرفاعي الإبن نسج هو الآخر قبل سنوات من ترؤسه الحكومة السابقة شبكة من العلاقات المهمة جدا، والمفيدة مع جميع الأطياف والألوان السياسية الأردنية، وكذلك منظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام المحلية والعربية، وهو إداري محترف للغاية، يجيد فن الإتصال والتواصل، وفتح القنوات مع جهات عدة، ويملك القدرة على إعادة تأهيل أي قنوات متعطلة مع أي جهة كانت في الداخل الأردني.

الملك والرفاعي

ويمتلك شبكة مهمة من العلاقات مع كبار الأثرياء ورجال الأعمال العرب، وهو أمر قد يساعد بقوة في جلب وتوجيه الإستثمارات العالمية الهاربة من منطقة النكبات الإقتصادية حول العالم، خصوصا وأن جلب تلك الإستثمارات من شأنه أن يساعد الإقتصاد الأردني على النهوض، والتقدم الى الأمام، بعد أن شهد الأردن خلال العامين الأخيرين تراجعا على مستوى جلب الإستثمارات.

الرئيس المكلف مواليد عام 1966 ويعتبر وثيق الصلة بالعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، إذ كلفه الملك في الساعات الأولى لإنتقال العرش إليه بمهمة بدت صعبة للغاية تمثلت بإعادة هيكلة ضخمة لإدارات ومكاتب ووظائف الديوان الملكي الأردني، إلا أن الرجل احتاج لبضعة أشهر فقط في تنفيذ المهمة، حيث عينه الملك لاحقا وزيرا للبلاط الملكي، ثم مستشارا خاصا للملك، قبل أن ينتقل الى القطاع الخاص للعمل مديرا تنفيذيا أعلى في بضعة شركات وبنوك افتتحت لنفسها كيانات اقليمية في الأردن كان آخرها شركة دبي كابيتال، حيث برع الرجل في القطاع الخاص، بعد أن ظل على مدى أكثر من عقدين ونصف العقد موظفا في كل المراتب في القصر الملكي، ميالا للعمل بصمت وبعيدا عن الأضواء، حيث كشف الملك الأردني في رسالة التكليف العام الماضي للأخير عن مهمات عدة أشرف عليها ونفذها رئيس الوزراء الأردني الجديد.