طالباني مجتمعا مع السفير الكويتي في العراق

رغم تصريحات الود وتبادل دعوة الزيارة بين الكويت والعراق إلا أنّ التشنجالسياسييبقى هو المهيمن بين البلدين، وذلك بحسب العديد من المؤشرات الصادرة من بعض الأطراف في الكويت سواء أكانت من أعضاء في البرلمان أم الصحف اليومية التي تنادي بضرورة عدم إسقاط التعويضات.


أسامة مهدي من لندن، وعامر الحنتوي من الكويت: أكد العراق والكويت رغبتهما المشتركة في حل المشاكل العالقة بينهما بما يؤدي الى إخراج العراق من طائلة الفصل السابع وتطوير العلاقات بينهما حيث أكد الرئيس العراقي جلال طالباني ضرورة عمل البلدين معاً من أجل إنهاء جميع المسائل العالقة بينهما بروح أخوية وعن طريق الحوار البناء والموضوعي بما يضمن المصالح المشتركة لشعبيهما .. بينما أكد السفير الكويتي في بغداد استعداد المسؤولين الكويتيين لمساعدة العراق على الخروج من الفصل السابع وبناء نظام اقتصادي بشركات مشتركة بين البلدين.

ولكن لأكثر من سبب تبدو العلاقة الكويتية العراقية في طريقها الى التشنج السياسي، عبر مداخل برلمانية وإعلامية، لم تعد تغلقها تصريحات الود والمجاملة المتبادلة على المستوى الرسمي، على وقع تعثر التفاهمات الرسمية في مسألة التعويضات المالية المترتبة على العراق للكويت.

دعوة كويتية لطالباني لحضور احتفالات الاستقلال والتحرير

على مستوى متصل، سلم السفير الكويتي في بغداد علي المؤمن الى طالباني اليوم دعوة رسمية من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لحضور احتفالات الاستقلال والتحرير. واكد طالباني خلال اللقاء quot;عمق العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين العراقي والكويتيquot; واصفاً إياها بالأخوية والمتينة.

وأضاف quot;هناك رغبة قوية لدى القادة السياسيين في البلاد لتطوير العلاقات الثنائية مع دولة الكويت الشقيقة والعمل معاً من أجل إنهاء جميع المسائل العالقة بروح أخوية وعن طريق الحوار البناء والموضوعي بما يضمن المصالح المشتركة للجانبينquot;.

واشار الى ان quot;العراق الجديد منفتح وبشكل ايجابي على جواره الإقليمي ومحيطه العربي والإسلامي متطلعاً إلى توسيع رقعة التعاون مع تلك الدول لضمان ترسيخ السلام والازدهار والتنمية في المنطقةquot;.

بدوره نقل السفير الكويتي علي المؤمن تهاني حكومة الكويت إلى طالباني لاتفاق القادة السياسيين في العراق بشأن تشكيل الحكومة وبما يضمن حقوق جميع مكونات الشعب العراقي . وقال quot;اننا نبارك هذه الخطوة الديمقراطية ونعتبرها مفتاحا لحل جميع المشاكل متمنين للعراق الحرية والديمقراطية ،وبما ينعكس بدوره على الكويت.. وسنكون عونا للعراقquot;.

وفي جانب آخر من اللقاء جرى التأكيد على ضرورة بذل كل الجهود الممكنة لتوطيد العلاقات بين البلدين على المستويات كافة وفي مختلف الصعد ولاسيما في المجال التجاري والاقتصادي. وتأتي دعوة طالباني الى الكويت بعد اسبوع من قرار مجلس الأمن برفع جزئي للعقوبات المفروضة على العراق بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بسبب غزوه الكويت في 1990.

أطراف في البرلمان الكويتي تستعد لمحاصرة أي تفاهمات

رغم أن الكويت تعيش وقع أزمة سياسية داخلية تتعلق بالصدام بين الحكومة والبرلمان، بانتظار الإستجواب المقدم الى رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد الصباح يوم الثلاثاء بعد المقبل، إلا أن أطرافا في البرلمان الكويتي بدأت تعد العدة بعيدا عن الأضواء لمحاصرة أي تفاهمات مستقبلية بين حكومتي الكويت والعراق، يمكن بموجبها للكويت أن تتنازل عن المليارات من الدولارات المقررة على العراق كتعويضات للكويت بسبب الغزو العراقي لدولة الكويت عام 1990، علما بأن الحكومة الكويتية تؤكد في كل المناسبات أن تفاهمات كهذه ليست موجودة أساسا، وأنها لن تكون ممكنة دون الرجوع الى مجلس الأمة، صاحب الحق في رفض هذا الإسقاط أو قبوله.

وحتى الآن تبدي الحكومة الكويتية موقفها المعلن والمتكرر بأن جميع القرارات الدولية ذات المضمون المتعلق بالعلاقة بين الكويت والعراق، يجب أن تنفذ، وأن الكويت تتحرك في الإطار العربي والدولي، لمساعدة العراق على تنفيذ إلتزاماته، وأن الكويت تؤكد هذا الأمر في جميع المحافل الدولية، وفي اللقاءات البينية مع المسؤولين العراقيين، وسط إنطباعات بأن القيادة الكويتية لن تتساهل كثيرا في موضوع القرارات الدولية، بصرف النظر عن سحب تلك القرارات من تحت البند السابع.

ولا تبدو أطراف برلمانية كويتية عديدة في وارد قبول إسقاط ولو جزء يسير من التعويضات التي قررها مجلس الأمن الدولي لصالح الكويت، إذ تختلف تيارات البرلمان الكويتي والقوى السياسية فيه على كل الملفات، فيما تتفق على إستحالة قبول أي قرار للحكومة الكويتية بإسقاط التعويضات التي تقررت بعد أن سعى العراق الذي كان يحكمه حزب البعث بزعامة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، الى شطب الكويت سياسيا، وتشريد مئات الآلاف من شعبها الى الدول المجاورة، ومتسببا بأكبر تلوث بيئي في العالم، بعد كارثة حرق آبار النفط الكويتية، وتنفيذ مخطط لضرب البنى التحتية لحظة انسحاب القوات العراقية الغازية من الكويت.

وفي وقت سابق اليوم حثت الكويت العراق على الالتزام بقرارات الامم المتحدة من اجل حل المسائل العالقة بينهما. ووجه هذه الدعوة مجلس الوزراء الكويتي الذي أعرب خلال جلسته الاسبوعية عن ارتياحه لقيام مجلس الامن الدولي الاربعاء بإلغاء عقوبات فرضت على العراق بعد غزوه الكويت في عام 1990 . واكد مجلس الوزراء في بيان ان quot;الالتزام بالتنفيذ الجاد والكامل لقرارات مجلس الامن ذات الصلة بالحالة بين الكويت والعراق كفيل بإغلاق جميع الملفات وتسوية المسائل العالقة بين الجانبين الشقيقينquot;.

دعوة لرئيس مجلس النواب العراقي لزيارة الكويت

في غضون ذلك، تلقى رئيس مجلس النواب العراقي اسامة النجيفي تهاني الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت بمناسبة الخروج الجزئي للعراق من طائلة الفصل السابع.
جاء ذلك خلال استقبال النجيفي السفير الكويتي في العراق الشيخ علي المؤمن حيث وجه دعوة رسمية للنجيفي من الشيخجاسم الخرافي رئيس مجلس الأمة الكويتي لزيارة الكويت.

واكد السفير الكويتي رغبة واستعداد المسؤولين الكويتيين بمساعدة العراق للخروج من طائلة الفصل السابع وسعيهم إلى تطوير هذه العلاقات .. وقال: quot;املنا ان نثبت للعراق حسن النوايا الكويتية اذ إن الافكار المتداولة حاليا في الكويت تجاه العراق ايجابية وبعد شهر او شهرين سوف تقدم الكويت الامور التي تساهم في تقدم العراقquot;.

وتطرق السفير الى المتعلقات بين العراق والكويت التي تخص الفصل السابع في مجلس الامن الدولي مؤكدا أن هذه الامور ليس من الصعب حلها او التغلب عليها معبرا عن ثقته بان تشكيل الحكومة العراقية الجديدة ستضيف لمسات ايجابية على العلاقات العراقية الكويتية.

وعبر السفير عن رغبة بلاده ، بتشجيع الشركات الكويتية للاستثمار في العراقquot;. ومن جانبه رحب النجيفي بالدعوة إلى زيارة الكويت واكد quot;حرص العراق على إدامة العلاقة مع الشقيقة الكويت وتقوية روابط الاخوة المشتركة بين الشعبين الشقيقينquot;. وقال quot;إن العراق خرج جزئيا من الفصل السابع وبقي الموضوع متعلقا بالشقيقة الكويت وان المتعلقات معها يمكن حلها بالحوار والتفاهم وايجاد حلول مشتركة لهذه المتعلقات لإخراج العراق من الفصل السابع كلياquot;.

مؤكدا انه سيبحث هذا الامر مع المسؤولين الكويتيين في زيارته القادمة للكويت. واضاف quot;ان نية الشقيقة الكويت بحسن النوايا تفرحنا لان العراق يعاني قيود الفصل السابع وهو يرغب بشدة في إزالتها للانفتاح في كافة المجالات اذ إننا نتمنى ان نتقدم بخطوات كبيرة مع الشقيقة الكويت لإقامة أفضل العلاقات ونأمل أن تزال القيود التي تكبل العراقquot;.

إستثمارات وتسريبات

وكان البرلمان الكويتي تصدى خلال الأشهر الماضية لتسريبات سياسية في الداخل الكويتي والعراق تتحدث عن قرب موافقة الكويت على استبدال تعويضاتها المقررة دوليا، باستثمارات في البنى التحتية العراقية، وهي استثمارات يمكن أن تدر أرباحا أكثر بكثير من قيمة التعويضات المقررة دوليا للكويت، وقيمتها نحو 22 مليار دولار أميركي، إذ تساءلت أوساط برلمانية كويتية عن سر مغزى التسريبات التي تظهر بين الحين والآخر، ومدى قدرة الحكومة على تمرير مشروع كهذا في البرلمان الكويتي أولا، ومدى قدرتها على حماية إستثماراتها في الداخل العراقي، في ظل وضع أمني بالغ التعقيد.

الصحف الكويتية

والى جانب البرلمان الكويتي، تتحد الصحف الكويتية في رفض إسقاط التعويضات المقررة، وتساند البرلمان في رفض أي علاقات جديدة مع العراق تستند الى قاعدة إسقاط التعويضات، بوصفها نكرانا وتسامحا مع المعتدي، وخشية تكراره مجددا، على وقع أصوات كثيرة في العراق لا تزال تنادي بتبعية الكويت للعراق كجزء تاريخي أقتطع منه، ومطالبات البعض بتكرار ضم الكويت بالقوة العسكرية، وهي أصوات تظهر سريعا ردات الفعل تجاهها في برلمان وصحافة الكويت، وسط رسائل تهدئة من القيادة السياسية الكويتية بأن العلاقات مع العراق لها بوابة رسمية، هي ما تقوله الحكومة العراقية، بعيدا عن الأبواق المأجورة في داخله، كما أن القيادة السياسية الكويتية أبلغت النواب في أكثر من مناسبة بأن أي قرار يتعلق بالتعويضات المالية للكويت، ستتخذ بالتشاور مع البرلمان، وبعد موافقته.

قيمة التعويضات

تبلغ القيمة الاجمالية للتعويضات التي قررها مجلس الأمن الدولي للكويت بعد غزو العراق له عام 1990، 41 مليار دولار، ووفقا لشروط السلام التي فرضتها الامم المتحدة، يتعين على العراق ان يدفع %5 من عائدات النفط كتعويضات للكويت ودول اخرى، إذ تسلمت الكويت 4.9 مليارات دولار اميركي تخص 231 الفا و430 مطالبة للافراد، وتم توزيع جميع هذه المبالغ لمستحقيها، كما تسلمت 3.3 مليارات دولار تخص 2745 شركة، وحصلت هذه الشركات كذلك على جميع المبالغ المستحقة لها، ومنذ تلك الدفعات فإن الكويت تنتظر إستئناف هذه الدفعات لإتمام قيمة التعويضات الإجمالية،علما بأن المتبقي هو 22 مليار دولار أميركي.