على نحو مفاجئ فقد دوت صاعقة في شارع الصحافة الكويتي، بعد أن أعلنت صحيفة كويتية يومية أنها ستتوقف عن الصدور إعتبارا من عدد يوم غد، بسبب أزمة مالية، إختارت معها التوقف عن الصدور بقرار نهائي أبلغ الى العاملين فيها اليوم، لتكون بذلك ثاني صحيفة كويتية ورقية تغادر السوق بعد أزمة المال العالمية التي كانت الصحف الكويتية ضحية مباشرة لها.

أعلنت إدارة جريدة quot;أوانquot; الكويتية اليوم بشكل مفاجئ للغاية أنها ستتوقف نهائيا عن الصدور إعتبارا من العدد الأخير الذي سيصدر يوم غد، بعد أن عقدت الصدمة الشديدة ألسنة أهل المهنة الصحافية في الكويت، الذين كانوا ينظرون الى جريدة أوان التي صدرت قبل نحو ثلاث سنوات بأنها صحيفة مستقرة ماليا ومهنيا، بقيادة المثقف الكويتي المرموق الدكتور محمد الرميحي الذي أبلغ قراره بعد ظهر اليوم الى العاملين في صحيفته جميعا، بعد أن ظلت الأنباء حول توقف الصحيفة منذ ساعات الصباح تدور همسا، الى أن قررت إدارة الصحيفة الكويتية أن تصارح موظفيها بصعوبة الإستمرار في ظل الأزمة المالية الصعبة التي تعيشها الصحف الكويتية الورقية عامة، وخصوصا جريدة أوان التي حازت على مدى الأشهر الماضية التقدير الشديد عبر أكثر من جهة كويتية بسبب ميلها الى الحياد المهني الصارم، و حرصها على عدم دخول منطقة الإشتباك في شارع الصحافة الكويتي منذ صدورها.

ووفقا لمدير عام تحرير الصحيفة الكويتية أسامة الرنتيسي الذي حادثته quot;إيلافquot; بعد دقائق من صدور قرار إدارة صحيفته، فإن القرار الخاص بوقف صدور الصحيفة قد اتخذ رسميا صباح اليوم، وأبلغ الى العاملين بعد ظهر اليوم، بسبب أزمة مالية واجهت الصحيفة منذ بداية العام الحالي، كانت نتاجا مباشرا لأزمة المال العالمية التي ألقت بظلال قاتمة على مجمل الصحف الورقية إن في الكويت أو خارجها، نافيا أن يكون لقرار الإغلاق المزمع مباشرته غدا، أي صلة بتوجيه رسائل سياسية أو إعلامية خصوصا أن قرار التوقف عن الصدور سيسري في اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يصادف غدا الإثنين، بيد أن الرنتيسي كشف لـquot;إيلافquot; في تصريحات خاصة بأن الصحيفة قد عانت بشدة خلال الأسابيع الأخيرة من الضعف الحاد في المردود الإعلاني، مبينا بأنه قد انخفض بأكثر من 30% من مردود العام نفسه.

ويؤكد الرنتيسي أن صحيفة أوان قد رفضت منذ إطلالتها الأولى أن تبحث عما يحرك عواطف المتلقين، بل أصرت على أن تكرس صحافة مهنية ملتزمة الثوابت الإعلامية الرصينة، مهما كلف الأمر، وهو أمر يؤكد الرنتيسي بأنه وإن أثر في المسيرة التسويقية لمضمون أوان إلا أنه حقق لها سمعة طيبة جدا في الوسطين الصحفيين الكويتي والعربي، معتبرا أن الإشادات الواسعة التي حظيت بها أوان من أطراف إعلامية كويتية وعربية ودولية يؤكد أن أوان مارست الصحافة الصرفة التي لا علاقة لها بتداخل المصالح وإشتباكها، كما أنها ndash;وفقا للرنتيسي- إبتعدت عن الضجيج والصوت العالي، وتضخيم الأزمات أملا ببيع نسخ إضافية، ولم تؤمن أساسا بنهج التأزيم إعلاميا وبرلمانيا الذي آمنت به وسائل إعلامية أخرى كانت تحترف الإثارة، لكن يبدو أن قواعد السوق في شارع الصحافة لا تستوعب صحافة مهنية جادة.

أما بشأن الصحف اليومية فإن ثمة انطباعا يتنامى هنا في الداخل الكويتي ومفاده أن بضع صحف ستكون مضطرة إلى الإنسحاب من السوق في القريب العاجل كأحد الإستحقاقات المهمة لأزمة المال العالمية التي انعكست سلبا على مجمل القطاعات في الكويت، وهو ما أحدث أزمة سيولة مالية، الأمر الذي دفع عدة شركات استثمارية ورجال أعمال الى الإحجام عن الإستمرار في تمويل بعض تلك المطبوعات التي أنشأت لتكون أذرعا اعلامية تكون خط الدفاع الأول عن تلك الشركات ورجال الأعمال، لكن تلك التوقعات لا تشمل أبدا الصحف اليومية الخمس القديمة بسبب استقرارها ومتانة أوضاعها المالية رغم قيامها بموجات من ضبط النفقات وتسريح العمالة غير المتفرغة بشكل كامل، وإغلاق بعض المكاتب الخارجية، وفي هذا الإطار لا يتردد وزير الإعلام الكويتي السابق أنس الرشيد في إعلان نبوءة تشاؤمية تتحدث عن اختصار الصحف اليومية الصادرة في الكويت خلال ثلاث سنوات الى نحو 8 مطبوعات، علما أن 16 مطبوعة يومية تصدر في الكويت اثنتان منها باللغة الإنكليزية.

يشار الى أن جريدة أوان هي ثاني صحيفة يومية ورقية تنسحب من المشهد الصحافي الكويتي، ففي الأول من فبراير شباط الماضي صارح الوزير السابق يوسف السميط الناشر المعلن حتى ذلك الحين لجريدة quot;الصوتquot; الكويتية قرّاءه بأن الأزمة المالية العالمية اختارت صحيفته كضحية لها من شارع الصحافة، ليعلن في مقال افتتاحي أن الصوت ستتوقف قسرا عن الصدور بسبب الأزمة المالية على أمل معاودة الصدور في وقت قريب. قرار يوسف السميط أحد المساهمين الكبار في شركة دار الإستثمار ndash; أبرز الشركات الإستثمارية المتعثرة جراء الأزمة- حاز بموجبه احتراما هائلا في أوساط أهل المهنة على اعتبار انه أعلن بشجاعة وقف المشروع كي لا تتفاقم الأزمة، وبالتالي الخسائر، ومعاناة العاملين في المشروع.