تنتشر في العراق الحبوب المخدرة quot;الكبسلةquot; بشكل واسع وملموس في أوساط مجتمعية مختلفة إذ يتم استيرادها وبيعها دون رقابة، في حين أن الهيروين والحشيشة والكوكايين والأفيون، وغيرها لا يحظى بإقبال كبير بسبب غلاء وارتفاع أسعار تلك المواد.

أُعدم والد وشقيق عامر عندما كان صغيرًا في الخامسة عشرة من العمر وتخلى عنه الأقارب والأهل فبقي وحيدًا لعائلته المكونة من 6 افراد، اضطر إلى العمل بوظائف وضيعة لإعالة عائلته وتحمل تقريع وتخلي المجتمع والاهل والعائلة عنه. وكان بحاجة الى تخفيف ألم فقدان أبيه وشقيقه الوحيد، وألم نبذ المجتمع والاهل فاستعان بصديق له، لكنه كان صديق سوء حيث أرشده الى الحبوب المخدرة او حبوب الكبسلة. اخذ عامر بتعاطيها بنهم ليتمكن من الاستمرار في العيش، إلا أنها جعلت منه شخصا منبوذا من عائلته التي ذاقت الأمرين من إدمانه خصوصاً وأن ألم فقدانه لذويه لم يختف، كما انه لم يشفَ من الإدمان رغم تجاوزه الثلاثين من العمر.

يقول عامر: quot;أريد ان أتعالج لكن ليسفي مستشفى لمعالجة الإدمان في العراق، حيث لا يوجد غير مستشفى ابن رشد وهي مخصصة للمجانين. دخلت اليه ولم اتعاف، لا ادري ربما تحولت الى مجنون إضافة الى إدمانيquot;.

يعتبر خبراء في الصحة ان العراق نجح في تفادي السقوط في هاوية عالم المخدرات الأسود. وقال الدكتور ايسر الامارة، المستشار في وزارة الصحة، ان تناول المخدرات في العراق أو الإقبال على الاتجار بها لم يصبح ظاهرة شديدة الخطورة تهدد بنية المجتمع العراقي. وتابع: quot;لا يتم تناول او تداول المخدرات او الحبوب المخدرة في المدارس العراقية والمرافق والمؤسسات في البلد بشكل علني، ولا يمكن القول ان تجارة المخدرات ظاهرة شائعة في الشوارع او الاحياء العراقية. لكن مع ذلك فان تناول الحبوب المخدرة او ما يصطلح تسميتها محليا(الكبسلة) منتشرة بشكل واسع وملموس في أوساط مجتمعية مختلفة. ويطلق على الشخص الذي يتناول تلك الحبوب المخدرة باللهجة العراقية اسم quot;مكبسلجيquot;. وهو عادة لا يحظى بالاحترام بل يتعمّد افراد المجتمع معاملته بشكل قاس ومؤذ في غالبية الاحيانquot;.

وعن الفئات والطبقات التي تنتشر في أوساطها ظاهرة تناول حبوب الكبسلة قال الامارة: الطبقات الفقيرة هي الاكثر عرضة لفتكها بفتيانها ومراهقيها وحتى رجالها. كما تنتشر هذه الظاهرة بين افراد من الشرطة والجيش والكثير من مؤسسات الدولة. ويتعرض من يتناول الحبوب المخدرة في الشرطة لعقوبة الطرد من الخدمة ان ثبت تعاطيه إياها.

استيراد الحبوب المخدرة يتم دون رقابة حكومية
يتم استيراد المواد المخدرة وحبوب الكبسلة عن طريق تجار ومذاخر الأدوية بشكل أساسي. وفقا للقانون العراقي فان صرف الادوية لا يتم الا وفق وصفة طبية رسمية، الا ان غالبية الصيدليات العراقية ومنذ اوائل التسعينات لا تتعامل مع زبائنها اعتمادا على الوصفة الطبية التي يأتون بها. اذ بمقدور المرء الدخول على أي صيدلية ويشتري ما يشاء.

وقالت الصيدلانية سمر عبد الامير انها لا تبيع الحبوب المخدرة في صيدليتها الا بوصفة طبية لكنها اعترفت بغياب رقابة الأجهزة الصحية المختصة على الصيدليات وعلى الاطباء بشكل عام، ما أتاح لهؤلاء رفع اجور الكشف حسبما يشاؤون، وهكذا بالنسبة إلى الصيدليات التي بإمكانها بيع المريض ما يشاء من عقاقير دون الحاجة الى وصفة طبية.

لكن بيع الحبوب المخدرة او حبوب quot;الكبسلةquot; يتم عن طريق ما يسمى بالصيدليات الجوالة، والبيوت او في شوارع معينة حيث تتمركز أوكارها بشكل اكبر في الباب الشرقي في بغداد، ومنطقة البتاوين. اما في محافظات ومدن العراق الأخرى فان تجار المخدرات يبيعونها في بيوتهم، حيث يتقاطر المدمنون على تلك البيوت ويشترون الحبوب.

دخول المخدرات عن طريق أفغانستان إيران
حسب تقرير لوزارة الداخلية تلقت إيلاف نسخة منه، فان تجارة المخدرات تتم بشكل رئيس عن طريق أفغانستان وايران خصوصاً وأن العراق كان وما زال مركزا حيويا لتوزيع المخدرات الى الدول الخليجية.

وطبقا للتقرير فان الاتجار بالمخدرات الرئيسة مثل الهيرويين، الحشيشة، الكوكايين، الأفيون، وغيرها لا يحظى بإقبال كبير في العراق بسبب غلاء وارتفاع أسعار تلك المواد، الا انه في المقابل فان حبوب الكبسلة تشهد إقبالا اكبر لانخفاض أسعارها مقارنة بتلك.

وبسبب إغلاق إيران حدودها مع أفغانستان فان عبور وإيصال المخدرات الى العراق اصبح أكثر تكلفة و صعوبة، اذ يكلف ايصال المخدرات الى العراق أموالا طائلة، ما أدى الى التقليل من الربح الصافي لتجار المخدرات، وهو الأمر الذي ساهم بشكل واضح بتقليل استخدام المخدرات المكلفة الى العراق.

الوردي والدموي وابو طبرة
تختلف الحبوب المخدرة او حبوب quot;الكبسلةquot; عن بعضها البعض، فهي متوفرة بألوان متعددة وأحجام مختلفة، كما ويختلف عدد الحبات حسب النوع وتأثيره الدوائي وكمية التركيز ومفعولها. وتحمل الحبوب المخدرة او المهدئة او حبوب الكبسلة أسماء محلية مثل الدموي الذي يدفع بمن يتناول حبة منه الى تشريح جسده بالكامل بشفرة الحلاقة. السمائي، وابو الطبرة، ابو الصليب، ابو الحاجب، الاحمر، الخاكية، الوردية، القوس قزح وغيرها، تؤدي كلها الى الهلوسة السمعية والبصرية والكوابيس، إضافة الى العدائية الشديدة والإجرامية.

كل نوع من هذه الادوية يؤدي عملا واتجاها معينا. وقد يتم استعمال بعض منها لعلاج الهموم النفسية الشخصية التي يعاني منها الشخص. حيث يتم وصفها كمهدئات مثل quot;الفاليومquot; وquot;الاتيفانquot;، لكن زيادة كميتها واستعمالها قد يؤدي إضافة الى ما تم ذكره الى قتل متعاطيها.

وتوجد أنواع أخرى مثل quot;الباركزولquot;، quot;الارتينquot;، quot;الكيماديريلquot; وهي عقاقير ليست منومة، إنما يتم استخدامها لأمراض الأعصاب، ويسبب استخدام حبة واحدة منها للمريض او المتعاطي الهلوسة ورؤية اشياء غير موجودة بالواقع، وتجر متعاطيها الى عالم اسود مظلم من خيالات واوهام عدائية غالبا وانهزامية مذلة.

وتختلف اسعار تلك الحبوب إذ تتراوح بين الألف والـ15 الف دينار للشريط الواحد، لكن الأسعار تزداد ارتفاعا حسب أنواع الحبوب وأحجامها وتأثيرها.

أرقام وإحصائيات
وبالنسبة إلى المخدرات والحبوب المخدرة المضبوطة في العام 2009 وفقا للجداول الرسمية في وزارة الداخلية. فقد حلت ذي قار في المرتبة الاولى من حيث عدد الحبوب المستهلكة 299287 حبة. وحلت المثنى ثانيا بواقع 53112 حبة اضافة الى 8 كغم من الحبوب المخدرة. اما البصرة فقد حلت ثالثا بواقع 18879 حبة. وحلت محافظة نينوى رابعا بواقع 10792 حبة. وبلغ عدد قضايا الاتجار بالحبوب المخدرة المسجلة في وزارة الداخلية 877 قضية. اما عدد المتهمين في قضايا الاتجار بها في مناطق وسط جنوب وغرب العراق فقد قارب 113 متهما..

اما في عام 2010 فقد حلت محافظة ذي قار ايضا اولى حيث تم ضبط 315705 حبات مخدرة. وحلت واسط ثانية بواقع 161305 حبات. ثم الانبار ثالثة بواقع 52057 حبة مخدرة. وبلغ عدد القضايا المسجلة في وزارة الداخلية الخاصة بالاتجار بالحبوب المخدرة 313 قضية. اما عدد المتهمين فقد بلغ 323 متهما في عموم مدن العراق الوسطى الغربية والجنوبية.

وسجل عام 2010 زيادة في عدد المتهمين بالاتجار بالحبوب المخدرة بواقع 210 حالات عنه عام 2009.

اما بالنسبة إلى الاتجار بالمخدرات مثل الهيروين، الداتورا، الحشيشة والافيون، فقد سجلت جداول وزارة الداخلية لعام 2009 احتلال محافظة البصرة المركز الاول. وتم ضبط 20707072 كغم من الحشيشة و5،58 كغم زائدا 20 قطعة وحلت النجف ثانيا حيث تم ضبط 11 كغم من الأفيون، المثنى ثالثا بواقع 40811004 كغم من الافيون. فيما سجلت نينوى اعلى معدل في تجارة الهرويين بواقع 49،675 كغم. وانفردت الانبار لوحدها بتجارة مخدرات الداتورا بواقع 27 نبتة.

وبلغ عدد المتهمين بتجارة المخدرات 113 متهما لعام 2009 اما عدد القضايا المسجلة في وزارة الداخلية لمحافظات العراق الجنوبية الوسطى والغربية فقد قاربت 95 حالة فقط.

وفي عام 2010 سجلت الانبار المركز الاول 240600 كغم من الحشيشة. البصرة ثانيا بـ201404 كغم. ثم ذي قار بـ 20493. اما الافيون فقد حلت ديالى اولا بواقع10150989 كغم. وبلغ عدد القضايا المسجلة في وزارة الداخلية لعام 2010 28 قضية. وبلغ عدد المتهمين 29 متهما فقط.