دعا وزير النقل العراقي عامر عبد الجبار إسماعيل الكويتيين الى فتح باب المفاوضات وحل هذه المشكلة العالقة بين البلدين، مؤكدًا على أن الخطوط الجوية العراقية لن تتوقف عن العمل، مشيرًا الى أن الكويت إستغلت عدم وجود تمثيل قانوني عراقي في المحاكم بالمستوى المطلوب. ودفع الخلاف بين الجانبين حول تعويضات الحرب، إضافة إلى ملاحقة الكويت للخطوط الجوية العراقية، الأخيرة إلى تخفيض رحلاتها إلى كل من بريطانيا والسويد، كما تسبب بعدم قدرتها على شراء طائرات جديدة.

قررت الحكومة العراقية حل شركة الخطوط الجوية الوطنية للتخلص من ملاحقة الكويت قضائيًا، بعد نجاح الكويت في حجز كابتن الطائرة التي قامت بالرحلة الأولى بين بغداد ولندن منذ 20 عامًا. وحاولت الكويت حجز الطائرة التي طارت من بغداد الى لندن، إلا ان ذلك لم يحدث لأن الطائرة غير مملوكة من قبل الخطوط الجوية العراقية.

ووفقًا لتصريح وزير النقل العراقي عامر عبد الجبار إسماعيل فان الكويت رفعت دعوى قضائية في بريطانيا، لاحتجاز طائرة الخطوط الجوية العراقية، ونجحت الكويت التي لجأت إلى القضاء في منع الخطوط الجوية العراقية من الطيران.
ويتابع إسماعيل quot;لكننا فوجئنا عند الوصول الى لندن بوجود محاميين يطالبون بحجز الطائرة، وهذا المحاولة فشلت لان الطائرة غير مملوكة من قبل الخطوط الجوية العراقية مما أدى الى إقامة المحاميان دعوة لحجز الكابتن كفاح حسن مدير عام الشركة العامة الخطوط للخطوط الجوية العراقية، ومنعه من السفر حيث بقي الكابتن محجوزًا في بريطانيا، الا انه تم الإفراج عنه لاحقًاquot;.

وواصل الوزير إسماعيل، quot;فيما بعد فوجئنا بان الكويتيين قاموا بإصدار حكم بمنع تجهيز طائراتنا بالوقود والغذاء والماء والخدمات الأرضية في لندن والسويد و ألمانيا، اذا استوجب الأمر، مما جعلنا نلغي رحلاتنا الى الدول المذكورةquot;.

أصل المشكلة
وفقًا لكلام وزير النقل العراقي عامر عبد الجبار إسماعيل فإنه بسبب غزو النظام الكويت تعرضت جميع الوزارات الكويتية الى السلب والنهب، ودمجت المؤسسات والوزارات الكويتية بمثيلاتها العراقية، ليس فقط وزارة المواصلات المتمثلة بالخطوط الجوية. واستولت قوات صدام حسين على 10 طائرات كويتية، واستلمت الخطوط الجوية العراقية 10 طائرات كويتية. ولكن لم تستعملها تجاريًا، كان 4 منها في الموصل، فيما بعد قامت قوات التحالف بقصفها عندما دخلت لتحرير الكويت ودمرتها، و6 طائرات في إيران. كما كان هناك محركات، إلا ان الخطوط الكويتية قامت بإرجاع الطائرات الموجودة في إيران، وأجرت عليها صيانة، حسب ادعائها، رغم انه لم تستعمل. وطالبت العراق بتسديد مبالغ الصيانة، وكذلك استلموا محركاتهم في العام1999 وادعوا أنها غير صالحة، وطالبوا بتعويضات عنها، وأيضًا تعويضات عن توقف الطيران الكويتي أثناء الغزو.

بريمر يرفض دفع 150 مليون للكويتيين
أما بخصوص الدعاوى القضائية وحصول الكويت على أوامر قضائية تقضي بدفع العراق تعويضات، قال وزير النقل العراقي quot;تقدمت الخطوط الجوية الكويتية بطلب تعويضات أسوة بالوزارات الكويتية وبالمواطنين الكويتيين، لكن صندوق التعويضات رفض طلب الخطوط الجوية الكويتية، مما جعلها تتجه إلى القضاء. وفي العام 2003 وقعت وثيقة بين الخطوط الجوية الكويتية والخطوط الجوية العراقية للاتفاق على تسديد 150 مليون دولار، ورفض آنذاك بول بريمر، الحاكم المدني للعراق، دفع المبلغ. معتبرًا ان الكويت لا تستحق الحصول على 150 مليون دولار.

ويشير الوزير الى أنه quot;لو دفع هذا المبلغ حينها لحسمت القضيةquot;، الا ان الكويت لم تتوقف عن مطالبتها بتعويضات. وكسبت الكويت دعاوى قضائية تطالب بفوائد، بلغت مليار ومئتا مليون دولار. حيث ان الكويت حصلت على هذا الحكم لاستغلالها انشغال العراق بتغيير النظام، ومواجهة الإرهاب الذي حل في البلاد في السنوات الأخيرة، بحسب وزير النقل العراقي.

ولفت الوزير قائلاًquot; استغلت الكويت عدم وجود تمثيل قانوني عراقي في المحاكم بالمستوى المطلوب، مما جعل المحكمة تكون أشبه بحكم الطرف الواحد، مما جعل الكويت تكسبت دعاواها القضائية المطالبة بفوائد عاليةquot;.

وحسب الأرقام الرسمية العراقية، وقعت اتفاقية في العام 2003 بين الخطوط الجوية العراقية والكويتية على دفع مبلغ 150 مليون دولار، الا ان الحاكم المدني للعراق آنذاك بول بريمر رفض منح الكويتيين المبلغ، معللاً عدم أحقية الكويت. ثم ربحت الكويت دعوى قضائية بدفع الخطوط الجوية العراقية مبلغا مقداره 500 مليون دولار، لكن الحكومة العراقية عرضت دفع مبلغ 300 مليون دولار، فرفضت الكويت ذلك.

حل الخطوط الجوية العراقية - مناورة أو خطوة جدية؟
لجأت الحكومة العراقية الى اعتبار شركة الخطوط الجوية العراقية شركة خاسرة، ووفقا للقانون العراقي، ونتيجة الديون، فإن شركة الخطوط الجوية خاسرة بأكثر من نصف رأس مالها، ولا تمتلك أصولا تستحق الذكر خارج العراق، وكل ممتلكاتها داخل العراق لا تساوي سوى نسبة ضئيلة لا تتجاوز 10% مما تطلبه الكويت. وهو امر سيؤدي الى عدم حصول الكويت على أي تعويضات.

وفيما اذا كان قرار الحكومة العراقية بحل شركة الخطوط الجوية العراقية مناورة أم خطوة جدية قال وزير النقل العراقي quot;كان بإمكان الكويتيين الموافقة على التعويضات التي عرضناها عليهم والبالغة 300 مليون خلال فترة وجيزة، أفضل من الذهاب الى تصفية الشركة وهي عملية تستغرق زمنًا طويلاً، اكثر من 3 سنوات، لذا ندعو الكويتيين الى فتح باب المفاوضات وحل هذه المشكلة العالقة.

وأضاف أن quot;الخطوط الجوية العراقية لن تتوقف عن العمل وموظفوها سيستمرون في العمل، كما ندرس تأسيس شركة مشتركة بين القطاعين العام والخاص، وشركة حكومية أخرىquot;.

الباب لم يغلق دبلوماسيًّا لحل الأزمة
وبخصوص قرار الحكومة العراقية حل شركة الخطوط الجوية العراقية للتخلص من الملاحقات القضائية ودفع تعويضات للكويت قال وزير المواصلات ووزير الدولة لشؤون مجلس الأمة د.محمد البصيري quot;نحن لن نتنازل عن ديوننا، سواء صفيت أو لم تصف، وإذا صفيت فسنلاحق المسؤول عن تصفية الخطوط العراقيةquot;. وأضاف البصيري quot;نحن نعلم ان الخطوط العراقية هي شركة حكومية، وسنستمر في مطالباتنا وفي ملاحقاتنا القضائية والقانونية للحصول على حقنا الذي قررته المحاكم الدولية.

من جهته، امتنع السفير الكويتي في العراق علي المؤمن عن التعليق عن الموضوع قائلا quot;مشكلة الخطوط الجوية الكويتية والخطوط الجوية العراقية تخص وزارتي النقل في البلدين، ووزارة المواصلات الكويتية وحدها من تتولى التصريح بهذا الشأنquot;.

لكن رئيس مجلس الأمة الكويتي جاسم الخرافي ترك الباب مفتوحا أمام الدبلوماسية لحل المشكلة. فقد قال في تصريحات صحافية أن quot;مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية ستدافع عن حقوقها وستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لحماية هذه الحقوق بعد قرار بغداد تصفية الخطوط الجوية العراقية. وأعرب الرئيس الخرافي عن أمله في أن تسود الحكمة ويتوصل الطرفان الكويتي والعراقي إلى النتيجة المقبولة لهما، وقال إن كان من حق الجانب العراقي اتخاذ ما يراه مناسبًا، فإن من واجب الجانب الكويتي كذلك أن يتخذ الإجراءات القانونية لحماية حقوقهquot;.