في الوقت الذي باشرت فيه القوات الهولندية العاملة في أفغانستان سحب جنودها البالغ عددهم قرابة الألفين، أكد وزير الدفاع الأميركيّ روبرت غيتس أنّ الانسحاب الأميركي في 2011 سيكون quot;محدودًاquot;. واعتبر غيتس أن موقع ويكيليكس الذي نشر وثائق سرية عن الحرب quot;مدان أخلاقياًquot;.

واشنطن: اعتبر وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس الاحد ان موقع ويكيليكس الذي نشر في 25 تموز/يوليو وثائق سرية حول حرب افغانستان، quot;مدانquot; أخلاقياً. وفي حديث لقناة ايه بي سي قال غيتس ان quot;الادانة مزدوجةquot;، مؤكدا quot;من جهة انها ادانة امام القضاء وهذا ليس من صلاحياتي ومن جهة اخرى ادانة على الصعيد الاخلاقيquot;.

واضاف quot;وهنا، اظن ان الحكم هو quot;ادانةquot; لويكيليكسquot; مؤكدا quot;لقد نشروا ذلك دون ان يعبأوا باية عواقبquot;. ونشر موقع ويكيليكس الاخباري الذي تاسس في 2006 والمتخصص في الاستخبارات، الاحد نحو 92 الف وثيقة ارشيف سرية تلقي ضوءا كاشفا على حرب افغانستان وخصوصا معلومات حول الضحايا المدنيين والعلاقات المفترضة بين باكستان ومقاتلي طالبان.

واكد غيتس الذي كان مدير وكالة الاستخبارات المركزية quot;سي.اي.ايهquot; ان quot;حماية مصادرنا امر مقدسquot; وان التسريات قد تنال من الثقة التي يضعها المخبرون في العملاء الاميركيين. واعتبر نشر تلك الوثائق التي ورد فيها اسم بعض المخبرين quot;غير مسؤولquot;.

وفتح البنتاغون ومركز التحقيقات الفدرالي quot;اف.بي.ايquot; تحقيقا في هذا الشان لكن مؤسس ويكيليكس الاسترالي جوليان اسانجي اعتبر ان تلك الوثائق ستسمح بتركيز النقاش على حرب افغانستان والتجاوزات المحتملة التي ترتكبها القوات المسلحة تحت القيادة الاميركية.

واكد وزير الدفاع الأميركي أن عددًا كبيرًا من الجنود الأميركيين سيظلون في أفغانستان بعد بداية انسحاب القوات المقرر في تموز/يوليو 2011، معتبرا أن الانسحاب الاميركي سيكون quot;محدوداquot;. وصرح غيتس في برنامج quot;ذيس ويكquot; لقناة اي.بي.سي quot;اظن انه يجب علينا ان نجدد التاكيد على الرسالة القائلة باننا لن نغادر افغانستان في تموز/يوليو 2011quot;. واوضح ان quot;رايي ان هذه الانسحابات ستكون في المرحلة الاولى محدودةquot;.

وميدانيًّا تواجه القوات الأميركية تمردًا عنيفًا من المقاتلين حتى ان تموز/يوليو 2010 شهد سقوط سقوط اكبر عدد من الجنود الاميركيين منذ بداية النزاع نهاية 2001، مع تسجيل 66 قتيلاً خلال هذا الشهر وحده. وعلى الرغم من هذه الصعوبات اعتبر غيتس ان التحالف الدولي يحقق تقدمًا في مكافحة طالبان.

من جانب آخر، وردًّا على سؤال لمعرفة ما اذا كانت طالبان قادرة على الانتظار وشن هجوم واسع النطاق في صيف 2011، اوضح غيتس quot;سنكون سعداء بذلك لأننا سنكون هناك (بعد تموز/يوليو 2011) ومع عدد كبير من الجنودquot;.

وأقر بان خسائر الجنود في تزايد لكنه ابدى تفاؤلا بشان هدف النزاع مؤكدا انه تم تحقيق تقدم في مجالات الأمن والاقتصاد والحكم المحلي في الولايات الجنوبية مثل هلمند وقندهار. وقال غيتس quot;سيتطلب ذلك وقتا وسيكون صعبا وسنفقد ضحايا (...) لكنني اظن ان هناك مؤشرات تدل على ان هذا النهج سليم. ان هذه الاستراتيجية سليمةquot;.

وفي موضوع متصل بباكستان، أكد روبرت غيتس أن باكستان تعمل بشكل نشط على مطاردة المتمردين، اثر صدور تسريبات كشفت عن تعاون عناصر في اجهزة الاستخبارات الباكستانية مع طالبان.

وقال غيتس متحدثًا لشبكة ايه بي سي quot;ألاحظ تغييرًا في إستراتيجية باكستان، انهم يتعاونون معنا بشكل متزايد ويعملون معنا على مكافحة المتمردينquot; مشيرا الى ان quot;140 الف جندي في شمال غرب باكستان يقاتلون المتمردين ذاتهم الذين نقاتلهم نحنquot;.

وصدرت تصريحات غيتس بعد نشر موقع الكتروني الأسبوع الماضي عشرات الاف الوثائق تشير الى وجود اتصالات بين اجهزة الاستخبارات الباكستانية الواسعة النفوذ وقادة طالبان.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز ان عملاء باكستانيين شاركوا مع عناصر طالبان في quot;جلسات إستراتيجية سرية من اجل تنظيم شبكات من المجموعات الناشطة التي تقاتل الجنود الأميركيين في أفغانستان او تدبير مؤامرات لاغتيال مسؤولين أفغانquot;.

واقر غيتس بان هذه المعلومات quot;مثيرة للقلقquot;. لكنه قال quot;تخلينا عن باكستان وأفغانستان عام 1989 وتركناهما لمصيرهماquot;، مضيفًا ان quot;الخوف من ان نعيد الكرة ما زال قائمًا، واعتقد ان هذا هو السبب خلف قدر من الجفاءquot;. وقال quot;ان كون الباكستانيين يطاردون هذه المجموعات يساعدنا على تحقيق اهدافنا ضد القاعدة وفي افغانستانquot;.

إلى ذلك، انتهت الأحد مهمة القوات الهولندية في أفغانستان، عكس ما تطلع له حلف شمال الأطلسي. وكان قرار إبقاء القوات الهولندية المنتشرة في أفغانستان منذ آب/أغسطس 2006 من عدمه إلى ما بعد الصيف، قد تسبب في سقوط الحكومة الهولندية في الـ 20 من شباط/فبراير ولم يتم تجديد المهمة الهولندية.

واعلنت قيادة حلف شمال الاطلسي في كابول ان القوات الهولندية بدأت الاحد مغادرة جنوب افغانستان لتحل محلها القوة الدولية في السيطرة على ولاية اروزغان في ختام مهمة استمرت اربعة اعوام. وقال القومندان جويل هاربر الناطق باسم القوة الدولية للمساعدة على احلال الامن ان quot;القوات الهولندية كانت متميزة في اروزغان ونشيد بتضحياتها وتضحيات نظرائها الافغانquot;.

وتابع ان الحلف سيبقي بعد رحيل الوحدة الهولندية quot;على قدراته الحالية وخصوصا بشأن الوحدات القتالية والتأهيل واعادة الاعمارquot;. وهنأت حركة طالبان quot;هولندا على سحبها عسكرييها من أفغانستانquot; حيث تنتهي مهمتهم الأحد على ما أفادت صحيفة quot;فولكسكرانتquot; الخميس في مقابلة مع ناطق باسم طالبان.

وصرح قارئ يوسف احمدي الذي قالت الصحيفة اليسارية انه ناطق باسم طالبان في غرب وجنوب أفغانستان quot;نريد ان نهنئ من كل قلوبنا مواطني وحكومة هولندا لما تحلوا به من شجاعة لاتخاذ هذا القرار المستقلquot;. وأضاف في حديث هاتفي مع فولكسكرانت quot;نأمل ان تقتدي الدول الأخرى التي تنشر جنودًا في أفغانستان بمثال الهولنديين وان تسحب قواتها.

وتسبب قرار إبقاء القوات الهولندية المنتشرة في أفغانستان منذ آب/أغسطس 2006 من عدمه إلى ما بعد الصيف في سقوط الحكومة الهولندية في العشرين من شباط/فبراير ولم يتم تجديد المهمة الهولندية بعد الإخفاق في التوصل إلى اتفاق داخل الحكومة، وذلك بعكس تمنيات حلف شمال الأطلسي.

وعارض حزب العمال الذي ينتمي إلى الائتلاف الحاكم تمديد المهمة فاتخذ quot;قرارا من أهم القرارات التي اتخذتها الحكومة الهولندية ومواطنيهاquot; كما قال قارئ يوسف احمدي. واضاف quot;اننا ندعو مجددا الدول الأوروبية التي تنشر جنودا في أفغانستان الى مغادرة البلاد لانها ليست حربكم بل حرب الولايات المتحدة التي تبحث عن تحقيق اهداف امبريالية في العالم وخاصة في هذه المنطقةquot;.

وكانت هولندا تنشر نحو 1950 جنديا في أفغانستان خصوصا في ولاية اروزغان الجنوبية التي تعتبر من معاقل حركة quot;طالبانquot;.من جهته، أعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما الاحد ان الاهداف التي حددها في افغانستان quot;متواضعة نسبياquot; ويمكن تحقيقها.

وفي حديث مع قناة سي.بي.اس قال الرئيس الاميركي ان quot;ما نريد القيام به صعب جدا لكنه هدف متواضع نسبيا ويتمثل في منع الارهابيين من التحرك انطلاقا من تلك المنطقة وانشاء معسكرات تدريب كبيرة وتدبير اعتداءات ضد الولايات المتحدة بدون ان يعاقبهم احدquot;.

واعتبر ان quot;تحقيق ذلك ممكنquot;، مؤكدا quot;بامكاننا التوصل الى جعل افغانستان مستقرة والحصول على تعاون كاف من باكستان كي لا تتعاظم المخاطر المحدقة ببلادناquot;. ويخضع الرئيس الاميركي لضغط متزايد في واشنطن بشان نزاع افغانستان حتى ان الاستياء من استراتيجيته بدأ يصل الى صفوف حلفائه في الحزب الديمقراطي.

وقد شهد تموز/يوليو سقوط اكبر عدد من الجنود الاميركيين في افغانستان منذ بداية النزاع نهاية 2001، مع تسجيل 66 قتيلا وبات الراي العام الاميركي ايضا يبدي قلقًا. وتنص الاستراتيجية التي اعلنها اوباما في كانون الاول/ديسمبر الماضي على البدء في سحب القوات الاميركية اعتبارا من تموز/يوليو 2011.

واضاف الرئيس quot;لو رايت ان انهاء ما بداناه في افغانستان ليس مفيدا لامننا القومي، لسحبت (كل الجنود) اعتبارا من اليوم (...) لانني انا من يوقع رسائل التعازي الى عائلات الجنود عندما يفقدون شخصا عزيزا عليهمquot; في المعركة.