يسعى إسلاميّو تونس إلى استغلال سقوط نظام بن علي للعودة الى الساحة السياسية لكن مع الحرص على عدم اثارة الخوف في مجتمع ذي تقاليد علمانية راسخة.


تونس: ينوي الاسلاميون التونسيون الذين ظلوا متفرجين سلبيين على quot;ثورة الياسمينquot;، استغلال سقوط نظام بن علي للعودة الى الساحة السياسية لكن مع الحرص، على طريقة الاسلاميين الذين يحكمون تركيا، على عدم اثارة الخوف في مجتمع ذي تقاليد علمانية راسخة.

وللمرة الاولى منذ بداية الانتفاضة الشعبية في منتصف كانون الاول/ديسمبر التي انهت 23 عاما من حكم زين العابدين بن علي في تونس، شارك الاسلاميون الثلاثاء في العاصمة التونسية في تظاهرة تقدمها الصادق شورو الرئيس السابق لحركة النهضة.

وقال علي العريض القيادي في حزب النهضة الاسلامي المحظور في ظل نظام بن علي لوكالة فرانس برس quot;ننوي تقديم مطلب ترخيصquot; وذلك غداة اعلان رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي انه سيتم الاعتراف بكل القوى السياسية التي تطلب ذلك.

واضاف العريض الذي كان سجن 14 عاما (1990-2004) في عهد النظام السابق quot;لم نقدم طلبا في السابق لاننا كنا مطاردين ولا نستطيع الاجتماع، ولكننا ندرس الامر وننوي تقديم طلب ترخيصquot;.

وتأسست حركة النهضة في 1981 من جانب اسلاميين يستوحون طروحاتهم من جماعة الاخوان المسلمين، ولم يتم الاعتراف بها اذ ان القانون التونسي يمنع تشكيل الاحزاب على اساس ديني، لكنه كان يسمح لها بالنشاط بما في ذلك في عهد بن علي الذي تولى السلطة في 1987 وانقذ عددا من قادتها من احكام بالاعدام.

ولكن بعد انتخابات 1989 التي شارك فيها الاسلاميون ب quot;لوائح مستقلةquot; وفازوا فيها ب 17 في المئة، تمت ملاحقة ناشطيهم وسجن العديد منهم اثر اتهامهم بمحاولة تدبير انقلاب عسكري.

واضاف العريض لوكالة فرانس برس quot;اذا وجدت ديموقراطية فسنكون طرفا كبقية الاطراف نمارس حقوقنا وواجباتناquot;.

وتابع quot;نريد اصلاحا سياسيا كاملا غير منقوص (...) نريد سن عفو تشريعي عامquot; كان وعد رئيس الوزراء التونسي الاثنين به، ما من شأنه ان يتيح عودة اعضاء النهضة في الخارج الى البلاد وبينهم القيادي راشد الغنوشي المقيم في المنفى في بريطانيا.

وقال العريض ايضا quot;نريد الاعتراف بالاحزاب والحقوق المدنية وعودة كريمة للمغتربين (...) وان يتم التشاور مع الجميعquot;.

وكان حسين الجزيري المتحدث باسم الحركة قال في وقت سابق في باريس ان النهضة quot;لن تقدم مرشحا للانتخابات الرئاسيةquot; لكنها تريد المشاركة في الانتخابات التشريعية معتبرا انه quot;لن تكون هناك عملية انتقالية ديموقراطية بدون النهضةquot;.

ومن المقرر تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية في تونس في غضون ستة اشهر.

واوضح الجزيري لقناة الجزيرة quot;لقد وقعت ثورة في تونس طالبت بالحقوق الاجتماعية والسياسية. ولا نريد ان نظهر بمظهر من يسعى الى الركوب عليها. ونحن على استعداد للتشاور مع الجميع، مع كافة القوى السياسية والمجتمع المدنيquot;.

وتعبير الاسلاميين الذين قدمهم نظام بن علي باعتبارهم يشكلون تهديدا لتبرير الهيمنة الامنية على البلاد، عن الرغبة في المشاركة السياسية، استقبل بحيادية من اطراف تونسيين اخرين.

وقال محيي الدين شربيب العضو المؤسس للجنة احترام الحريات وحقوق الانسان في تونس quot;انهم اسلاميون على شاكلة حزب رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغانquot;.

واعتبر شربيب ان الاسلاميين التونسيين quot;لا يمثلون شيئا كبيرا كحركة منظمةquot; في البلاد وquot;لا توجد ارضية لهم وهم غير معروفين لدى الشبابquot;.

واضاف ان quot;التظاهرات التي شهدتها تونس لم تكن ذات شعارات اسلامية، بل طالبت بالديموقراطية والحريةquot; مشيرا الى ان quot;بعضهم (الاسلاميون في تونس) معتدل وبعضهم ذئب يتحين الفرصة للانقضاضquot;.

وشاركه المحلل السياسي العربي شويخه هذا التردد حيال الاسلاميين. وقال لوكالة فرانس برس quot;طالما اعلنت الديموقراطية فلا شيء يمنع وجودهم كحزب سياسيquot; معترف به متداركا quot;لكني كمناضل علماني لدي مخاوفquot;.

واوضح quot;انا اؤمن بالديموقراطية وافضل محاربتهم سياسيا على ان يتعرضوا للقمع لكني كمناضل علماني لدي مخاوفquot;.

وتساءل في هذا الصدد quot;هل النهضة مستعدة لاحترام المكاسب والميثاق الوطني الذي وقعته في 1989 اي احترام النظام الجمهوري وحقوق المراة وفصل الدين عن الدولة والحريات الفردية وببساطة القيم العالمية لحقوق الانسان؟quot;.

وتعرف تونس بتقاليدها العريقة (منذ خمسينات القرن الماضي) في مجال حقوق المرأة والاسرة (منها منع تعدد الزوجات والزواج المدني) وبقوانينها في هذا المجال التي تعد طليعية في العالم العربي الاسلامي.