متظاهرون أكراد يرفعون علم كردستان العراق

اعتبر أكراد العراق أن إعلانهم الفيدرالية في شمال البلاد قبل 19 عاما quot;قد نظم العلاقة بين الشعب الكردي والشعوب العراقية الاخرىquot; وأكدوا أن إقامة فيدراليات لمكونات العراق السنية والشيعية والكردية هي الحل للأزمات التي يعانيها وأشاروا إلى أنّ الفيدرالية طريق مناسب للعيش المشترك بين المكونات القومية والدينية والطائفية وتحقيق السلام والإستقرار والديمقراطية في العراق وحتى في المنطقة.


قال رئيس برلمان اقليم كردستان العراق كمال كركوكي إن البرلمان قام في مثل هذا اليوم قبل تسعة عشر عاماً بتنظيم العلاقة بين شعب كردستان والشعوب العراقية الأخرى على أساس الفيدرالية في قرار اتخذ في ظروف معقدة وغامضة مرت بها كردستان والعراق والمنطقة آنذاك. وأضاف في كلمة الى المواطنين لمناسبة اعلان الفيدرالية عام 1992 ان القرار كان جريئا ومصيريا جسّد الرغبات والتطلعات الحرة لشعب كردستان ومستنداً الى حق تقرير المصير.

وأضاف أن الفيدرالية باعتبارها شكلا من أشكال الإتحاد الإختياري بين شعب كردستان والشعب العربي والمكونات العراقية الأخرى تعد حلاً مناسباً للعيش المشترك بين المكونات القومية والدينية والطائفية وتحقيق السلام والإستقرار والديمقراطية في العراق وحتى في المنطقة.

وأشار إلى أنّ كردستان كانت خلال اتخاذ هذا القرار quot;تئن تحت وطأة حصارين إقتصاديين وكان نظام صدام حسين (الرئيس العراقي السابق) لا يزال في السلطة ولم تكن هناك آفاق واضحة للإقرار بالفيدرالية كأسلوب لحل القضية الكردية في العراق ولم تكن هناك ظروف طبيعية حتى أن الأحزاب وتجمعات المعارضة في العراق آنذاك وأثناء مؤتمر 1992 في صلاح الدين (للمعارضة العراقية) لم تحترم القرار كخيار لشعب كردستان وفي وقت كانت دول المنطقة قلقة إزاء التطورات الجديدة التي شهدتها القضية الكردية في العراق في أعقاب قرار دول التحالف حظر الطيران شمال خط العرض 36 معتبرة إياها خطراً جدياً على أمنها ووحدتها الوطنيةquot;.

وأوضح أنّه عقب سقوط النظام العراقي السابق في التاسع من نيسان (ابريل) عام 2003 تهيأت الأرضية لإعادة بناء الدولة العراقية على أسس الديمقراطية والفيدرالية واللامركزية والتوافق والمواطنة والعدالة بعيداً عن تسلط وفرض مكون على آخر فأدرجت الفيدرالية للمرة الاولى في قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الإنتقالية في عام 2004 وفيما بعد في دستور عام 2005.

واكد المسؤول الكردي ان تجربة إقليم كردستان كوحدة فيدرالية داخل العراق أثبتت عملياً أن الفيدرالية كآلية لحل القضية القومية أو شكل من أشكال توزيع السلطات والثروات بين الإقليم والمؤسسات الفيدرالية تعد وسيلة صحيحة وصائبة لحل المشاكل القديمة والمعقدة والمستعصية بين المكونات وحماية سيادة ووحدة العراق.

وأشار إلى أنّ الفيدرالية نظام سياسي مناسب للتعايش السلمي وبناء الثقة والمصالحة والتوافق الوطني وتحقيق الإستقرار والإعمار والتنمية في المناطق الثلاث ذات الثقافة والسياسة المختلفة للمكونات العراقية الرئيسة، الاكراد والشيعة والسنة، وإن أي وسيلة أخرى أو توجه آخر للفرض المركزي والعنصرية القومية مثل ما حدث خلال السنوات الثمانين الماضية لن تكون لها أي نتيجة سوى العنف والمآسي ومحو الآخر والتقسيم.

وقال إنه من هذا المنطلق فإن على جميع الأطراف السياسية الرئيسة في العراق وبالعودة الى الدستور أن تصر على إقامة نظام سياسي على أساس برلماني فيدرالي ديمقراطي وتوافق وطني وتنفيذ فقرات ومواد الدستور ولاسيما المادة 140 المتعلقة بحل قضية كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها والمشاكل المعلقة الأخرى بين الحكومتين المركزية والكردستانية وتنفيذ إتفاقية اربيل التي تأسست بموجبها الحكومة العراقية الحالية وإنقاذ العراق من الأزمة السياسية التي يمر بها حاليا وإعادته الى وضعه الصحيح.

قبل 19 عاماً، وفي خطوة تأريخية، اتخذ برلمان كردستان كمرجع للقرارات المصيرية لشعبنا، قرار اختيار الفدرالية لتعريف العلاقة القانونية بين اقليم كردستان والسلطة المركزية العراقية. بهذه المناسبة، نوجه أجمل التهاني لشعب كردستان لصموده ولذوي الشهداء حيث نجح شعبنا في تحقيق جزء من اهدافه عن طريق نضالهم وفدائهم وتضحيتهم.

مسؤول: أصوات في الوسط والجنوب تطالب بالفيدرالية

ومن جهته اعتبر نائب رئيس برلمان كردستان أرسلان بايز اعلان الفيدرالية قرارا جريئا من ممثلي شعب كردستان، لأنه جاء في وقت حساس حيث كانت تهديدات نظام صدام ضد كردستان من جهة وفرض حصارين اقتصاديين من الامم المتحدة على جميع انحاء العراق ومن ذلك النظام على كردستان من جهة اخرى.

وأشار إلى أنّ هذا الواقع قد فرض وضعا سياسيا اقتصاديا عصيبا على تجربة اقليم كردستان لكن قرار البرلمان هذا quot;فتح افاقا جديدة امام نضال شعب كردستان للتقدم نحو مستقبل زاهر وبناء تجربته الديمقراطية والفيدرالية والتي أصبحت بعد ذلك نموذجا جديدا للحكم في العراق والمنطقةquot;. واكد ان هذا القرار كان خطوة مهمة ايضا نحو حماية الوحدة الوطنية العراقية والحفاظ على العلاقة الأخوية التأريخية بين الشعبين الكردي والعربي في العراق.

وقال إنه بعد سقوط النظام السابق في نيسان 2003 ساهمت القيادة السياسية الكردستانية بشكل واسع في عملية تحرير العراق وإسقاط النظام الدكتاتوري كما لعبت دورها الملحوظ في تثبيت النظام الفيدرالي في قانون إدارة الدولة في العام 2004 وبعد ذلك في الدستور العراقي الدائم quot;حيث ان الالتزام بهذا الدستور هو الضامن الرئيس لحماية وحدة العراق وجميع مكوناتهquot;. وأوضح أنّ التجربة الفيدرالية في الدول المتقدمة اثبتت ان تقسيم السلطات واحترام الارادة المستقلة لشعوبها كان عامل تقدمها وتعايش مكوناتها خاصة في الدول التي تتشكل من شعوب مختلفة.

وأضاف ان هناك الان تفهما جيدا في العراق الجديد بين المواطنين والاطراف السياسية لمفهوم الفيدرالية وايجابيات هذا النظام وقد تعلو في الوسط والجنوب ايضا اصوات تطالب بتأسيس اقاليم فيدرالية quot;لان المراقبين واصدقاءنا والعراقيين ايضا يشاهدون التقدم الحاصل في مجالات السياسة وحماية الحقوق والتنمية الاقتصادية والتربوية والاجتماعية والاعمار في اقليم كردستان في ظل النظام الفيدراليquot;.

واشار المسؤول الكردي في الختام إلى أنّه لا تزال هناك عقبات كثيرة امام كردستان والطريق طويل للوصول الى جميع الاهداف الوطنية للاكراد وقال quot;ان هذا الامر يتطلب منا حماية وحدة صف شعبنا والاطراف السياسية لمواصلة نضالنا الدؤوب لاعادة المناطق المستقطعة من اقليم كردستان وتنفيذ المادة 140 وايجاد حلول مناسبة للمشاكل العالقة بين حكومة اقليم كردستان والحكومة الفدرالية للحفاظ على مكاسب شعبنا المنصوصة في الدستور العراقي الدائمquot;.

الفيدراليات في العراق مثار خلافات

ويعتبر تطبيق النظام الفيدرالي في العراق موضع خلاف بين الكتل السياسية الرئيسة التي يعتبر بعضها انه يمهد لتقسيم العراق فيما يرى البعض الاخر خطورة اقامته على اساس قومي او طائفي وانما يجب ان يكون على اساس جغرافي.

والاسبوع الماضي اعتبر زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر ان الفيدرالية ستقود البلاد الى تداعيات لا تحمد عقباها ملمحا الى معارضته مطالب الاكراد في ضم مدن من محافظات اخرى الى اقليمهم الشمالي الذي يحكمونه منذ عام 1991. وقد جاء موقف الصدر ضد الفيدرالية في اجابته على سؤال وجهه اليه احد انصاره حول موقفه من الفيدرالية ومطالبة الاكراد بمناطق في محافظات اخرى لإلحاقها بإقليمهم الشمالي فأجاب الصدر على ذلك بالقول quot;هذا ماكنا نحذر منه.. بأن الفيدرالية ستجر أمورا لايحسن عقباهاquot;.

وكان رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني أكد خلال زيارته قضاء خانقين في محافظة ديالى أواخر الماضي على كردستانية القضاء والمناطق التابعة له في المحافظة مبيّنا أن قوات البيشمركة الكردية الموجودة في القضاء هي quot;للدفاع عن مناطق جلولاء والسعدية والمناطق الكردستانية المستقطعة التي يتعرض سكانها الكرد للقتلquot; على حد قوله.

وفي حزيران (يونيو) الماضي أكد رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي انه ضد إقامة الاقاليم على اسس طائفية او قومية وانما يجب ان تكون على اسس جغرافية بحيث يشمل الاقليم مختلف مكونات المحافظة او المحافظات التي يتشكل منها الاقليم.

وعن تصريحات نسبت له حول دعوته إلى إقليم سني في المناطق الغربية من البلاد، اشار النجيفي إلى أنّه شعر خلال زيارات سابقة قام بها لعدد من المحافظات ان هناك إحباطات لدى السكان من تصرفات الحكومة المركزية وانتزاعها صلاحيات المحافظات ونزوعها الى المركزية وعسكرة المجتمع ما خلق احباطا لدى المواطنين لما سببه ذلك من عرقلة تنفيذ المشاريع وايجاد فرص عمل وتحقيق شراكة حقيقية quot;ولم ادع على الخصوص لاقليم سني غير اني وصفت حالة... أني رئيس لمجلس النواب واتحدث باسم السنة والشيعة والاكراد واذا لم اتمكن من ذلك فسأتخلى عن منصبيquot;.

واكد النجيفي انه لن يتخلى عن وحدة العراق وسيادة شعبه لكنه أوضح أنّ هناك مطالب من سكان بعض المحافظات لإنشاء اقاليم فيها مثل البصرة وواسط الجنوبيتين. وشدد على ضرورة ان تكون الاقاليم في حال إنشائها على اسس جغرافية وليس طائفية او قومية. وقال انه لم يبحث موضوع الاقاليم خلال زيارته الولايات المتحدة ومباحثاته مع نائب الرئيس الاميركي جو بايدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون.

وكان النجيفي وهو ينحدر من محافظة الموصل الشمالية السنية قد حذّر في تصريحات ادلى بها خلال زيارته الاخيرة الى الولايات المتحدة من أن السنّة في العراق قد يفكرون بخيار الانفصال إن لم تُعالج أسباب شعورهم بـquot;الإحباط الشديد وبأنهم مواطنون من الدرجة الثانيةquot;. وقال عقب محادثاته مع مسؤولين أميركيين أبرزهم نائب الرئيس جو بايدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون إن التوازن الطائفي في العراق quot;مغيّبquot;.

واشار رداً على سؤال عن تقييمه لأوضاع السنّة حالياً في العراق الى أن quot;الانطباع الذي لديّ من خلال الزيارات واللقاءات أنهم يشعرون بالإحباط الشديد وبأنهم مواطنون درجة ثانية وغير مشاركين حقيقة في السلطة وهذا أمر خطر يجب أن يُعالج بحكمة وبسرعة قبل أن تتطور الأمور إلى التفكير بنوع من الانفصال أو الإجراءات التي تضمن الحقوق وعلى بغداد أن تنتبه إلى أنها يجب أن تكون عادلة مع الجميعquot;.

ولدى استيضاحه ما إذا كان يقصد فعلاً أن عدم معالجة المسألة سيؤدي إلى تفكير السنّة بخيار الانفصال أجاب quot;نعمquot; ان مشروع الأقاليم يدور بقوة في المناطق السنّية وهذه خطوة يمكن أن تعطي نوعاً من الاستقلالية للكيانات ونخشى إذا لم تتم إدارة الأمور بمستوى عال من المسؤولية أن يتفكك البلد لاحقاًquot;.

وقد لاقت هذه التصريحات انتقادات واسعة من مختلف الاوساط السياسية والرسمية العراقية حيث اشار رئيس الوزراء نوري المالكي إلى أنّ تصريحات النجيفي مفاجئة وتتضمن الحديث عن الانفصال وتقسيم العراق.. مؤكدا أنها مخالفة للقسم ومتبنيات العملية السياسية وشكلت صدمة للجميع.

الاقاليم في الدستور العراقي

وتنص المادة 119من الدستور العراقي الحالي المصادق عليه عام 2005 على انه quot;يحق لكل محافظةٍ او اكثر، تكوين اقليمٍ بناء على طلبٍ بالاستفتاء عليه، يقدم بإحدى طريقتين:
اولاً:ـ طلبٍ من ثلث الاعضاء في كل مجلسٍ من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الاقليم.
ثانياً: طلبٍ من عُشر الناخبين في كل محافظةٍ من المحافظات التي تروم تكوين الاقليم.
كما تنص المادة 120على quot;يقوم الاقليم بوضع دستورٍ له، يحدد هيكل سلطات الاقليم، وصلاحياته، وآليات ممارسة تلك الصلاحيات، على ان لا يتعارض مع هذا الدستورquot;.
اما المادة 121فقد نصت على:
اولاً: لسلطات الاقاليم، الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وفقاً لاحكام هذا الدستور، باستثناء ما ورد فيه من اختصاصاتٍ حصرية للسلطات الاتحادية.
ثانياً: يحق لسلطة الاقليم، تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الاقليم، في حالة وجود تناقض او تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الاقليم، بخصوص مسألةٍ لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية.
ثالثاً: تخصص للاقاليم والمحافظات حصة عادلة من الايرادات المحصلة اتحادياً، تكفي للقيام بأعبائها ومسؤولياتها، مع الاخذفي الاعتبار مواردها وحاجاتها، ونسبة السكان فيها.
رابعاً: تؤسس مكاتب للاقاليم والمحافظات في السفارات والبعثات الدبلوماسية، لمتابعة الشؤون الثقافية والاجتماعية والانمائية.
خامسا: تختص حكومة الاقليم بكل ما تتطلبه ادارة الاقليم، وبوجهٍ خاص إنشاء وتنظيم قوى الامن الداخلي للاقليم، كالشرطة والامن وحرس الاقليم.