جنيف: لا يكتفي السويسريون بالاستمتاع بالخريف من خلال الرحلات الجبلية للاستفادة من الطقس الدافئ بل تشهد مناطق مختلفة هنا احتفالات ومهرجانات ترتبط بعادات وتقاليد ريفية وجبلية تودع الصيف وتستعد للشتاء.

وتبدأ أولى مظاهر الاحتفال بالخريف من خلال مهرجانات مناطق وسط سويسرا بعودة المزارعين من الجبال الى السفوح والوديان بعد ان امضت ماشيتها فصل الصيف في المراعي الجبلية تنهل من اعشابها.

ولهذه المهرجانات طقوسها حيث يحرص كل مزارع على تزيين ابقاره وماشيته بالزهور والاجراس والشارات والاعلام وربما أيضا ببعض الحكم والامثال.

ثم تبدأ رحلة الهبوط سيرا على الاقدام من قمم الجبال مع الساعات الاولى من الفجر لتمر عبر القرى والنجوع وصولا الى حظائرها وضروعها مثقلة بحليب الصيف ويصطف اهالي القرى التي يمر بها القطيع مرحبين بها.

ومن تقاليد تلك الاحتفالات ان يعود الفلاحون في جماعات ولكن مع احتفاظ كل منهم بحقه في الاعلان عن اسم قطيعه واسماء ابقاره وثيرانه مزهوا بها امام العامة بعد ان زاد وزنها خلال رحلة الرعي الصيفية.

وما لا تقوى على الرحلة من صغار العجول الرضع يتم شحنها على الجرارات الزراعية التي تنقل معدات صناعة الاجبان وغزل الصوف من الجبال الى السفوح والوديان ويحييها الجمهور بصفة خاصة في اول رحلة لها الى الوديان.

ويتصادف الخريف مع موسم جمع ثمار التفاح والكمثرى والعنب والقرع العسلي والتي يتبارى المزارعون في مناطق غربي سويسرا بعرضها بوسائل مختلفة على الجمهور فمزارعو القرع العسلي مثلا يتقننون في عرض اشكال مختلفة من هذه الثمرة متعددة المنافع.

فبعض هذه الثمرة ربما يصلح للزينة والاخرى للتباهي بها امام الآخرين سواء بحسن شكلها او الحجم الهائل حتى ان احد المزارعين عرض ثمرة بلغ وزنها اكثر من 700 كيلوغرام.

اما مزارع التفاح والكمثرى فتبدع في عرض اكثر من نوع من ثمارها مع وصفات مختلفة لكيفية صناعة عصائر وحفظها لاستخدامها طوال فصل الشتاء او تجفيفها او استخدمها مطهوة ومحفوظة مع السكر المركز او استخدامها في اعداد الفطائر تكون حاضرة عادة على موائد العشاء.

ولا يغيب الصيد عن موسم الخريف بما له من طقوس وعادات ترتبط بالجبال في شرقي سويسرا والحياة فيها حيث هناك من الناس من يترقب هذا الموسم بشغف كبير لصيد الغزلان البرية والتمتع بشوائها والاستفادة من جلودها والزهو بقرون الغزلان كدليل على خبرة الصياد وحنكته.

وللجنوب وتحديدا في مقاطعة (تيتشنو) الناطقة بالايطالية تقليد سنوي مختلف حيث تستقبل الخريف بمهرجان فريد من نوعه يعنى بثمرة الكستناء التي يحين قطافها في هذه الايام وتجهيزها استعدادا للشتاء القارس.

وترتبط ثمرة الكستناء بثقافة اطعمة الشتاء في اوروبا حيث تعد موردا غذائيا مهما ومصدر طاقة حرارية لمقاومة البرد بل تفنن المزارعون السويسريون في ابتكار انواع مختلفة من الاطعمة والمأكولات ذات الصلة بتلك الثمرة ابسطها هو شوائها على الفحم او صناعة كعكة الكستناء ولكن أشهرها صيتا هو الكستناء بالسكر والعسل والمعروف باسم (مارون غلاسييه).

وما ان يكاد الخريف من نهايته حتى يبدأ التنافس بين المزارعين على المشاركة في عيد البصل الذي يوصف بأنه اهم عيد يتم به اختتام الاحتفالات بفصل الخريف حيث يقوم المزارعون في هذا العيد بتسويق كميات كبيرة من البصل والثوم ولكن بعد تزيينها بأشكال انيقة.

وللبصل ايضا في هذا العيد اكلاته الخاصة اشهرها كعكة البصل وحساء البصل التي تقي من الاصابة بنوبات الانفلونزا وتبعث الدفء في الجسم لمقاومة برودة الطقس.

وبعيدا عن اجواء كل تلك المهرجانات والاحتفالات هناك من يفضلون الاستمتاع بالخريف عبر جولات في الغابات للتمتع بأشجارها وهي تودع حلة الصيف وتستعد لاستقبال الشتاء متخلية عن اوراقها التي تتحول ألوانها بأطياف من الاخضر او الاحمر الى البرتقالي او الوردي قبل الاصفرار ثم تتهاوى مودعة عاما مضى.