غادر وفد رسمي لبناني إلى ليبيا لإجراء اتصالات تتعلق بقضية اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه، فهل تكون مهمته سهلة في كشف هذا اللغز الذي حيّر اللبنانيين ولا يزال، أم ذهب سرّ إخفاء الإمام مع الرئيس الليبي السابق معمّر القذافي بعد موته؟، وهل بإخفائه رُسم قدر جديد للبنان ولأزمته التي استمرت سنوات؟.


بيروت: غادر الوفد الرسمي اللبناني، المؤلف من مدير عام وزارة المغتربين هيثم جمعة والقاضي حسن شامي، بيروت أمس إلى ليبيا، لإجراء اتصالات هناك تتعلق بقضية إخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدرالدين.

وفي المطار، اكتفى جمعة بالقول إن هذه القضية تعتبر أساسية بالنسبة إلى لبنان، وستُجرى الاتصالات اللازمة في شأنها في ليبيا بعد سقوط نظام القذافي.

وتداعت الهيئة الوطنية العليا لمتابعة قضية الصدر والشيخ يعقوب وبدرالدين، والهيئتان الشرعية والتنفيذية في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى إلى عقد اجتماع عاجل في مقر المجلس بدعوة من نائب رئيس المجلس الشيخ عبدالأمير قبلان.

بعد المداولات، أصدر المجتمعون بيانًا تلاه عضو الهيئة الشرعية القاضي الشيخ علي الخطيب، هنّأ فيه المجتمعون الشعب الليبي quot;على التخلص من الطاغية معمّر القذافي، وهي النهاية الحتمية، التي كنا نراها لمن شكّل خطرًا ليس على شعبه، بل على قضايا الأمّة والإنسانية كلها، بيد أن هذه التهنئة تبقى مملوءة بغصّة بقاء الإمام وأخويه أسرى في سجون الطاغيةquot;.

وأكد البيان على مسؤولية المجلس الوطني الانتقالي في العمل الجاد والفوري لكشف مكان احتجاز الإمام الصدر وأخويه وتحريرهم من أسرهم.

وشدّد على أن هذه القضية قضية وطنية بامتياز، مطالبين الدولة اللبنانية، وعلى أعلى المستويات، بالتحرك الفوري والميداني وبكل أجهزتها، ووضع كل إمكانياتها لتحرير الإمام وأخويه، وإعادتهم سالمين إلى وطنهم وأهلهم.

وطالب الدولة اللبنانية بالتحرّك الفوري والعاجل على المستويات الدولية والإقليمية المؤثرة كافة، وأن تكون قضية تحرير الإمام وأخويه هي شغلها الشاغل.

بدورها، باركت حركة أمل للمجلس الانتقالي الليبي خلاصه من القذافي ونظامه، متمنية عليه كشف إخفاء الإمام الصدر ورفيقيه، وذلك في اجتماع طارئ عقدته الحركة برئاسة الرئيس نبيه بري، بحثت خلاله quot;النهاية السعيدة للثورة التي شهدتها ليبياquot;.

وتمنّت تعميم هذه الفرحة، لتشمل لبنان واللبنانيين، خصوصًا أبناء وعائلة الإمام الصدر، عبر إعطاء الأولوية لكشف مكان إخفائه ورفيقيه وتحريرهم.

كما تمنت على المجلس الانتقالي الليبي أن يعطي الأولوية لملف قضية إخفاء نظام القذافي البائد للإمام الصدر ورفيقيه كقضية إنسانية وكقضية حرية وحقوق إنسان.

سكرية

في هذا الصدد يؤكد النائب السابق في كتلة الوفاء للمقاومة إسماعيل سكرية في حديثه لإيلاف أن مغادرة الوفد الرسمي اللبناني إلى ليبيا لإجراء اتصالات تتعلق بقضية إخفاء الإمام موسى الصدر لن يصل إلى حقيقة سريعًا، وصعوبة الموضوع تكمن في أن سرّه في الأساس ذهب مع الرئيس الليبي السابق معمّر القذافي، وأي معلومات أخرى سنحصل عليها بعد استقرار الوضع في ليبيا.

ويعتبر سكرية أن موت القذافي يصعِّب مهمة الوفد اللبناني لكون هذا السرّ ذهب مع القذافي، ويتأمل رغم ذلك أن تتوضح كل الحقائق.

أما هل يتوقع بعد كل هذه المدة أن يكون الإمام الصدر لا يزال حيًا؟ يؤكد سكرية على حساسية السؤال وصعوبته، ويعتبر أن السؤال جوابه في مضمونه وصعوبته.

تضاربت المعلومات حول هذا الموضوع، فمنهم من أكد أن الصدر لا يزال حيًا، وآخرون أكدوا مقتله، أي ترجيح هو الأنسب اليوم؟ يقول سكرية:quot; نأمل أن يكون حيًا ويعود إلى وطنه معافى.

وأكد سكرية على أن قضية الإمام موسى الصدر تعتبر أساسية للبنان، لأنه رجل وطني كبير، ويمثل شريحة وطنية مهمة، تخطت بطروحاتها الطائفة التي هو معني بها.

يعود سكرية بالذاكرة إلى الوراء، ويصف الصدر، الذي التقاه مرتين، بأن لديه إطلالة وجاذبية شخصية كبيرة، وكاريزما وثقافة وعلم غزير ومتمكن، وشخصية مهمة وقادرة، ومؤثرة في الجموع.

لو كان الإمام الصدر لا يزال موجودًا في لبنان، هل كانت تغيرت مجريات الأحداث فيه، يؤكد سكرية أن أمورًا كثيرة كانت تغيرت في لبنان، ولم تكن الأحداث المؤلمة التي جرت في هذا البلد قد حدثت، وربما لذلك أُبعد وغُيب.

ويتحدث سكرية عن ضرورة تفعيل دور الدولة في كشف هذا اللغز المتعلق بمصير الإمام موسى الصدر فيقول: quot;التحرك يجب أن يكون بجدية وإلحاح على كشف سرّ تغييبه في ليبيا وفي إيطاليا، وإيلاء الموضوع جدية، وألا يكون الموضوع موسميًا، ويأخذ طابعًا جديًا لأن الموضوع كبير ووطني.

أما في حال ثبت مقتله على يد القذافي فكيف يمكن للدولة أن تأخذ حقها بعد مقتل القذافي؟ يقول سكرية: quot;القذافي انتهى، ولا أحد يتحمل المسؤولية، وتنتهي القصة مع القذافي، ويشير سكرية إلى أنه رغم ما قام به هذا الأخير، إلا أنه يعتبر مقتله على يد الليبيين بشعًا جدًا وخاليًا من الإنسانية.