في تهديد هو الأكثر حدّة منذ اندلاع الثورة الشعبية في سوريا، أكد الرئيس بشار الأسد الأحد أن الغرب يخاطر في إحداث زلزال في منطقة الشرق الأوسط، في حال تدخل عسكرياً في بلاده، محذراً مما أسماه مخططات لتقسيم المنطقة وتكرار تجربة أفغانستان.


المتظاهرون السوريون يتعرضون للتعذيب من الجيش

لندن: حذر الرئيس السوري بشار الأسد من أن أي عمل غربي ضد دمشق سيؤدي إلى quot;زلزالquot; من شأنه أن quot;يحرق المنطقة بأسرهاquot;، وذلك في مقابلة مع صحيفة ذي صنداي تلغراف البريطانية نشرت الأحد.

وقال الأسد إن quot;سوريا اليوم هي مركز المنطقة. إنها الفالق الذي إذا لعبتم به تتسببون بزلزال... هل تريدون رؤية أفغانستان أخرى أو العشرات من أفغانستان؟quot;.

وأضاف أن quot;أي مشكلة في سوريا ستحرق المنطقة بأسرها. إذا كان المشروع هو تقسيم سوريا فهذا يعني تقسيم المنطقة برمتهاquot;.

وأكد الرئيس السوري أنه يدرك أن القوى الغربية quot;سوف تكثف الضغوط حتمًاquot; على نظامه، ولكنه شدد على أن quot;سوريا مختلفة كل الاختلاف عن مصر وتونس واليمن. التاريخ مختلف، والواقع السياسي مختلفquot;.

وأقرّ الأسد بأن قواته الأمنية ارتكبت quot;أخطاء كثيرةquot; في بداية الحركة الاحتجاجية ضد نظامه، مشددًا في المقابل على أنها لا تستهدف اليوم إلا quot;الإرهابيينquot;.

وقال quot;لدينا عدد ضئيل جدًا من رجال الشرطة، وحده الجيش مدرّب للتصدي لتنظيم القاعدةquot;.

وأضاف quot;إذا أرسلتم جيشكم إلى الشوارع، فإن الأمر عينه قد يحدث. الآن، نحن نقاتل الإرهابيين فقط. لهذا السبب خفّت المعارك كثيرًاquot;.

وشدد الرئيس السوري على أن رده على الربيع العربي كان مختلفًا عن ردود فعل القادة العرب الآخرين، الذين أطاحت بهم في النهاية حركات الاحتجاج الشعبية.

وقال quot;نحن لم نسلك مسلك حكومة عنيدةquot;، موضحًا أنه quot;بعد ستة أيام (من اندلاع الحركة الاحتجاجية) بدأت بالإصلاح. الناس كانوا متشككين بأن الإصلاحات ما هي إلا مُهدئ للشعب، ولكن عندما بدأنا الإعلان عن الإصلاحات، بدأت المشاكل تتناقص، وهنا بدأ التحول، هنا بدأ الناس يدعمون الحكومةquot;.

وشدد الأسد على أن quot;وتيرة الإصلاح ليست بطيئة. الرؤية يجب أن تكون ناضجة. يتطلب الأمر 15 ثانية فقط لتوقيع قانون، ولكن إذا لم يكن مناسبًا لمجتمعك فسيؤدي إلى انقسام. هذا مجتمع معقد جدًاquot;.

وأكد الرئيس السوري على أن ما تشهده سوريا اليوم هو quot;صراع بين الإسلاميين والقوميين العرب (العلمانيين)quot;، مضيفًا quot;نحن نقاتل الإخوان المسلمين منذ خمسينيات القرن الماضي، وما زلنا نقاتلهمquot;.

وقال إن حكومته تعاملت مع ما يسمّى بالربيع العربي بطريقة مختلفة عن الطريقة التي تعامل بها الزعماء العرب المُطاح بهم (في تونس ومصر وليبيا)، حيث quot;إننا لم نسلك درب العنادquot;.

وأضاف quot;لقد أطلقت عملية الإصلاح بعد ستة أيام فقط من اندلاع الاحتجاجات (في مارس/آذار المنصرم). إعتقد كثيرون أن الإصلاحات التي أعلنّا عنها كانت مجرد مخدر، ولكن المشاكل بدأت بالانحسار بعد الإعلان عن برنامج الإصلاح. كان ذلك إيذانًا بتغير التيار، إذ بدأ الناس عندها بدعم الحكومةquot;.

يأتي نشر هذه المقابلة غداة تصاعد حدّة المواجهات العسكرية بين قوات الأمن السورية والجيش من جهة، ومنشقين عن الجيش من جهة أخرى، ما أدى إلى مقتل 30 عنصرًا نظاميًا في كل من مدينة حمص (وسط) ومنطقة إدلب (شمال)، إضافة إلى منشق، بعدما كان 17 من عناصر الأمن والجيش قتلوا في حمص ليلة الجمعة السبت في مواجهات مماثلة، كما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتشهد سوريا منذ منتصف آذار/مارس حركة احتجاجية لا سابق لها أسفر قمعها من جانب السلطات عن مقتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص على الأقل بحسب الأمم المتحدة. وتتهم دمشق quot;عصابات إرهابية مسلحةquot; بزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد.

وتصاعدت حدّة المواجهات العسكرية السبت بين قوات الأمن السورية والجيش من جهة، ومنشقين عن الجيش من جهة أخرى، ما أدى إلى مقتل 30 عنصرًا من قوات الأمن والجيش في كل من مدينة حمص ومنطقة إدلب، إضافة إلى منشق، بعدما كان 17 من عناصر الأمن والجيش قتلوا في حمص ليلة الجمعة السبت في مواجهات مماثلة، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

كما سقط السبت 12 مدنيًا برصاص قوات الأمن السورية والجيش، عشرة منهم في مدينة حمص.

فقد أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن عشرين جنديًا سوريًا قتلوا السبت في مواجهات وقعت في مدينة حمص بين الجيش السوري ومنشقين عنه.

وقال المرصد في بيان صدر مساء السبت quot;خلال اشتباكات اليوم في حي بابا عمرو في حمص بين الجيش النظامي السوري ومسلحين، يعتقد أنهم منشقون، قتل 20 جنديًا من الجيش النظامي السوري، وأصيب 53 بجروح نقلوا إلى المشفى العسكري في حمص، الذي لم يعد يتسع لمزيد من الجرحى، فجرى نقلهم إلى مشفى جمعية النهضة في حي النزهةquot; في المدينة.

سياسيًا، وردًا على قيام اللجنة الوزارية العربية المكلفة الملف السوري بتوجيه quot;رسالة عاجلةquot; مساء الجمعة إلى الرئيس السوري أعربت فيها عن quot;امتعاضها لاستمرار عمليات القتلquot;، وطالبت بفعل quot;ما يلزم لحماية المدنيينquot;، انتقد وزير الخارجية السوري وليد المعلم السبت اللجنة ورئيسها وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني.

ونقل مصدر في الخارجية السورية عن وزير الخارجية السوري قوله إنه كان من المفترض برئيس اللجنة الوزارية العربية الاتصال بوزير الخارجية السوري للإطلاع على الرواية الحكومية للأحداث قبل الإعلان عن موقف للجنة quot;تروّج له قنوات التحريض المغرضةquot;.

وأعرب المصدر عن استغراب وزارة الخارجية السورية إصدار لجنة الجامعة العربية تلك الرسالة قبل يوم واحد من عقد اجتماع متفق عليه في الدوحة بين الحكومة السورية واللجنة.

وكان الوفد الوزاري العربي المكلف بالوساطة بين القيادة السورية والمعارضة التقى الأربعاء الماضي الرئيس السوري، وبحث معه سبل الخروج من الأزمة، وتم الاتفاق على عقد اجتماع آخر بين اللجنة العربية والقيادة السورية الأحد.

من جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون السبت إلى quot;إنهاء العمليات العسكرية ضد المدنيين على الفورquot; في سوريا.

وقال مارتن نسيركي المتحدث باسم بان إن الأخير طلب أيضًا quot;الإفراج عن كل السجناء السياسيين والموقوفين لمشاركتهم في تظاهراتquot; الاحتجاج، مضيفًا أن quot;العنف غير مقبول، ويجب وقفه فورًاquot;، داعيًا السلطات السورية إلى إجراء quot;إصلاحات طموحةquot; لتلبية مطالب الشعب.

وفي القاهرة، دعت لجنة العلاقات العربية في اتحاد كتاب مصر في بيان السبت إلى تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، وكذلك تجميد عضوية اتحاد كتاب سوريا في اتحاد الكتاب العرب.