باتت ثورة البحرين تهدد منطقة الخليج، خاصة مع الخوف من انتقال شرارة الإحتجاجات إلى الأقلية الشيعية في السعودية حيث من الممكن أن تتأثر المنطقة الأكثر إنتاجاً للنفط في العالم.

بعد أن هبت رياح الثورة العربية على مملكة البحرين الصغيرة، التي يحكم فيها القادة السنة غالبية السكان الشيعة، بدأت الدول الغربية تتابع تطورات الأحداث هناك في حالة من القلق، فإذا ما انتقلت تلك الاضطرابات إلى الأقلية الشيعية في السعودية المجاورة، فمن الممكن أن تتأثر المنطقة الأكثر إنتاجاً للنفط في العالم.

عندما كان حكام الولايات الألمانية والمستشارين السابقين أو الوزراء الحكوميين يزورون الإمارات أو الممالك في الخليج، كان السفراء في البلدان المعنية يودون أن يقولوا quot;نحن نعيش في عين الإعصار هناquot;. وقالت مجلة دير شبيغل الألمانية إن الدول يُنظَر إليها على أنها واحة للإستقرار، وتحيط بها أنظمة مارقة ودول فاشلة.

ولفتت إلى أن دول الخليج لم تعد هادئة كما كانت من قبل، في أعقاب الثورتين اللتين اندلعتا في تونس ومصر، وكذلك الإحتجاجات الشعبية التي تشهدها ليبيا والأردن واليمن، وقد وصل التغيير الجذري الذي يشهده العالم العربي الآن إلى الشيوخ. وهنا، تحدثت المجلة عن حالة الانتشار الأمني التي تشهدها شوارع العاصمة البحرينية المنامة، من أجل تأمين ميدان اللؤلؤة الذي يتظاهر فيه المحتجون.

تخوف من الساحات المفتوحة

أوضحت المجلة أن المتظاهرين البحرينيين لا تتجاوز أعدادهم المئات، ومع أنهم يتظاهرون في دوار اللؤلؤة الصغير نسبياً منذ أكثر من أسبوع، ملوحين بأعلام المملكة للمطالبة بمزيد من الديمقراطية، إلا أنه نما لدى الأنظمة في العالم العربي حالة من الهلع من الميادين والساحات. ويمكن القول أيضاً إن خوفاً مرضياً على الصعيد السياسي قد انتشر بين حكام المنطقة الإستبداديين، المقتنعين بأن من يبدي تسامحاً تجاه المتظاهرين في الميادين، ستكون نهايته مثل الرؤساء السابقين، زين العابدين بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر، اللذان أطيح بهما مؤخراً على خلفية تعرض نظاميهما لموجة عارمة من الاحتجاجات في بلديهما.


إطلاق سراح السجناء السياسيين

بعد أن أكد زعماء الاحتجاج في البحرين أنهم لن يدخلوا في أي محادثات حتى تقوم القوات الأمنية بالإنسحاب، قامت الحكومة بسحب الجيش من شوارع المنامة يوم السبت، ثم أعقب ذلك سحب قوات الشرطة. وهي الخطوة التي أتاحت لآلاف المتظاهرين أن يعودوا إلى دوار ميدان اللؤلؤة. وقد ظلوا هناك طوال ليلتهم، في وقت سُمِح فيه بإمدادهم بالأطعمة والكهرباء. ثم نظَّمت السلطات البحرينية مظاهرة مناهضة يوم الإثنين، حيث تجمع الآلاف من المؤيدين للحكومة خارج مسجد الفاتح في المنامة لدعم النظام الملكي.

كما تم الإعلان عن تأجيل سباق جائزة البحرين الكبرى لسباقات الفورمولا وان بسبب الأحداث المتلاحقة التي تشهدها المملكة. وفي محاولة لتهدئة المتظاهرين، الذين كانوا يستعدون بالفعل لتظاهرة أخرى كبرى يوم الثلاثاء، أعلن ملك البحرين عن خطط خاصة بالإفراج عن بعض من السجناء السياسيين في المملكة. كما كان من المقرر أن يعود حسن مشيمع المعارض الشيعي المقيم في المنفى إلى البحرين يوم أمس.

حجر الدومينو الأول

رغم صغر مساحة مملكة البحرين، وقلة عدد سكانها مقارنةً بسكان مدينة ميونخ الألمانية، ومع أن أكثر من نصف المقيمين فيها من الأجانب، إلا أن دير شبيغل رأت هناك سببين ربما يقفا وراء اهتمام العالم بهذا البلد الصغير وما يعانيه من مشكلات، أولهما متعلق بحقيقة اعتماد العالم على النفط، وثانيهما متعلق بحقيقة أن قوتين إقليميتين هما السعودية وإيران يسعيان لبسط نفوذهما في البحرين. ومضت المجلة تقول كذلك إن البلاد تعتبر حجر دومينو في مقدمة خط ما. فالعواقب الجغرافية والسياسية التي ستنجم عن انهيار النظام في المنامة ستمتد إلى خارج المنطقة.

ونقلت المجلة عن سيدة تدعى أم يوسف، عمرها 26 عاماً، وتعمل كموظفة بإحدى البنوك ومدونة، قولها: quot;نحن نائمون. وربما تجد الآن من يقول إنهم قادمون. لقد اصطحبنا الأطفال إلى الخيمة الكبيرة. ثم أصبح كل شيء بعد ذلك صاخباً، وكان هناك دخاناًَ في كل مكان، وكان من الصعب على الجميع أن يتنفسquot;. وقال اثنان من المسعفين، هما ياسر علي وجميل عبد الله، بعد تعرض الأول لكسر في أحد ذراعيه والآخر لمشكلة في إحدى عينيه، إن الشرطة سحبتهما من داخل المستشفى، وقامت بتكبيلهما وضربهما، ولم يُسمح لهما بأن ينقذوا الأشخاص المصابين.

صورة عالمية quot;مهتزةquot;

وختمت المجلة بالإشارة إلى أنه من المفارقات أن يحدث هذا كله في بلد تعمل على تشجيع الاستثمار والأعمال التجارية، وتحب أن تروج لنفسها على أنها دولة معتدلة وعالمية، ومعروف عنها تخفيفها للجمارك وعدم فرضها التام لأية ضرائب على الشركات.

وقال وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد، الذي يعتبر مثل أغلبية الوزراء، عضواً في عائلة آل خليفة الحاكمة: quot;نحن نقف على حافة الهاويةquot;. ثم انتقدت المجلة بقاء الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيساً للوزراء في المملكة منذ الحصول على استقلالها من بريطانيا في العام 1971. وتساءلت في هذا السياق قائلةً: هل يمكن تصنيف ذلك على أنه استقرار أم فتور؟ ثم أكدت أن البحرين أظهرت الآن وجهها القبيح، من خلال إرسالها قشعريرة عبر العمود الفقري للدبلوماسية الدولية.