كانت الأجهزة الأمنية الباكستانية تساعد زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن على الافلات من مطارديه الاميركيين خلال السنوات العشر الماضية. وتكشف ملفات اميركية مسربة أنّ استخبارات إسلام آباد ساعدت عناصر من القاعدة على الافلات من الاعتقال.


ملف: أوباما يطوي صفحة quot;العدو الأولquot; أسامة بن لادن

لندن: تبين الملفات الأميركيّة السريّة أن الدبلوماسيين الأميركيين كانوا يُبلَّغون بأن من الأسباب الرئيسة لفشل القوات الاميركية في العثور على بن لادن ان الأجهزة الأمنية الباكستانية كانت تنذره كلما اقترب الأميركيون منه.

كما يُزعم في الوثائق المسربة ان الاستخبارات الباكستانية كانت تهرب ارهابيي تنظيم القاعدة عبر الاجراءات الأمنية في المطارات لمساعدتهم على تفادي الاعتقال وانها ارسلت وحدة الى افغانستان للقتال إلى جانب طالبان.

ويتوقع مراقبون أن تثير هذه الاتهامات الواردة في وثائق رسمية اميركية تساؤلات جديدة عن قدرة باكستان على مكافحة الارهاب. وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تسبب في حدوث أزمة دبلوماسية بين لندن واسلام آباد حين قال للحكومة الباكستانية انها لا يمكن ان تضع قدما مع مكافحة الارهاب وقدما مع غض النظر عنه. واصدرت الحكومة الباكستانية ردا شديدا على تصريحه.

ويرد في الملفات المسربة ان حكومة طاجكستان حذرت الولايات المتحدة في اواخر 2009 من ان مساعيها للعثور على بن لادن تُجهض على أيدي جواسيس باكستانيين مرتشين.

وبحسب احد الملفات فان الجنرال عبد الله سعد اللوفيتش نزاروف وهو مسؤول طاجيكي كبير في جهاز مكافحة الارهاب قال للاميركيين ان كثيرين في باكستان يعرفون مكان بن لادن.

وجاء في هذا الملف quot;ان اسامة بن لادن لم يكن رجلا غير مرئي في باكستان وان كثيرين يعرفون مكان وجوده في شمال وزيرستان ولكن كلما حاولت قوى الأمن تنفيذ عملية دهم على اوكاره كان العدو يتلقى تحذيرا بشأن اقترابها من مصادر في أجهزة الأمنquot;.

كما ان المعلومات التي جمعها الاميركيون من سجناء في معتقل غوانتانامو ربما جعلتهم يترددون في اطلاع الحكومة الباكستانية على خططهم العملياتية.

وتشير الوثائق المسربة إلى ان السجين الافغاني صابر لال ملما عمل مع الاستخبارات الباكستانية لمساعدة عناصر القاعدة على الفرار من افغانستان بعد بدء القصف الاميركي في تشرين الأول ـ أكتوبر.

وانه كان يقوم بإيصال العرب من عناصر القاعدة الى اجهزة الأمن الباكستانية التي كانت بدورها تهربهم عبر الحدود إلى باكستان.

كما سُمع هذا السجين يتحدث عن قيام الاستخبارات الباكستانية بارسال وحدة عسكرية يرتدي افردها ملابس مدنية الى افغانستان للقتال مع طالبان ضد القوات الاميركية فضلا عن حمايتها عناصر القاعدة في المطارات الباكستانية.

في النهاية تمكن الاميركيون من الوصول الى بن لادن وقتله داخل مجمع يبعد بضع مئات من الامتار عن الأكاديمية العسكرية الباكستانية في مدينة ابوت آباد.

في غضون ذلك لاحظ معلقون ان موقف البيت الأبيض منذ اعلان مقتل بن لادن اعطى اصحاب نظرية المؤامرة مادة دسمة لنسج القصص عن مصير زعيم القاعدة.

ويشير المعلقون إلى أن نظرية المؤامرة تجد لها تربة خصبة في العالم الاسلامي تحديدًا حيث اعرب غالبيتهم عن شكوك في الجهة المسؤولة عن اعتدادات 11 ايلول ـ سبتمبر ، ويعتقد ملايين بلا أدنى ريب انها كانت من تدبير وكالة المخابرات المركزية الأميركية.

ومن السمات البارزة في ما يسميه علماء الاجتماع quot;البيئة العباديةquot; ان المتطرفين السياسيين والدينيين يتبادلون نظريات المؤامرة بصرف النظر عن منشئها.

وفي هذا الشأن نقلت صحيفة الديلي تلغراف عن السفير البريطاني السابق في واشنطن السر كريستوفر ماير انه يجد من الغرابة الى حد لا يُصدق ان يتوجه الرئيس الاميركي الى العالم بكلمة يقول فيها ان بن لادن مات دون ان يتمكن من تقديم أدلة على موته.

واعرب عن الأمل بأن يقدم اوباما أدلة، سواء أكانت بفحص الحمض النووي أو بالصور الفوتوغرافية، تؤكد quot;ان طيف اسامة بن لادن لم يعد يمر راكبا فرسه عبر جبال تور بوراquot;.

ويتفق مع السفير البريطاني السابق المعلق ديميان تومسن الذي يكتب في صحيفة الديلي تلغراف ان من غير الجائز ان تعلن الولايات المتحدة موت عدوها اللدود دون ان تقدم دليلا يقنع أي عاقل.

واعرب عن استغرابه لغياب مثل هذا الدليل حتى الآن وكذلك لطريقة دفن جثمان بن لادن بالقائه في البحر. واشار الى ان تحسس البيت الأبيض بمواقفه هذه قدم هدية مجانية لأصحاب نظرية المؤامرة.

ولئن كان اوباما سيجني مكاسب سياسية من قتل بن لادن فان تومسن ينوه بأن اليمين الأميركي في مزاج غريب حاليًا كما أظهر هوسه بشهادة ميلاد الرئيس الأميركي.

وظل السجال حول هذه القضية دائرا طيلة سنوات بسبب احجام اوباما عن نشر الوثيقة المطلوبة حتى الأسبوع الماضي.

ولكن اوباما لا يستطيع ان يتحمل تداعيات مثل هذا التأخير حين يتعلق الأمر بتقديم دليل يثبت موت أسامة بن لادن.