يوجه المصريون في جمعة quot;15 يوليوquot;، ما اعتبروه quot;الإنذار الأخيرquot; للمجلس العسكري، لتحقيق مطالب الثورة أو مواجهة عصيان مدني في شتى مؤسسات الدولة. وقد رفعوا في المناسبة لافتات وشعارات تطالب بـquot;إسقاط المشيرquot;.


تواصل التظاهرات في مصر

يتوافد الآلاف من المصريين إلى ميدان التحرير في القاهرة، وميدان الأربعين في السويس وميدان القائد إبراهيم في الإسكندرية للمشاركة في جمعة جديدة، يتظاهرون فيها إحتجاجاً على بطء محاكمات رموز النظام السابق، وعدم تطهير الحكومة ومؤسسات الدولة من فلول الحزب الوطني المنحل، فضلاً على عدم استقلال القضاء والإعلام، وللمطالبة بإقالة عدد من كبار المسؤولين والوزراء، وبالتأكيد لم ينسوا توجيه النقد للمجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد بعد إزاحة حسني مبارك عن الحكم في 11 شباط- فبراير الماضي.

ودعت اكثر من 28 حركة شبابية لمسيرات ضد المجلس الاعلى الذي يتولى الحكم في مصر منذ سقوط الرئيس السابق حسني مبارك فبراير/شباط الماضي تحت وطأة ثورة شعبية غير مسبوقة.

ويطالب المتظاهرون المجلس العسكري بخطة انتقال سياسي واضحة وشفافة منتقدين طريقة إدارته للبلاد وعدم وفائه بوعود الاصلاح التي تعهد تطبيقها.

ويشكون ايضا من عدم حدوث اي تغييرات حقيقية منذ الإطاحة بنظام مبارك خلال الثورة الشعبية التي قتل فيها 846 شخصا واصيب اكثر من ستة آلاف آخرين.

ويعتصم الاف المصريين في القاهرة ومدينتي الاسكندرية والسويس الساحليتين منذ الجمعة بعد تظاهرات حاشدة للضغط على المجلس لتسريع وتيرة الاصلاحات التي وعد بها.

وعلى الرغم من هذه الاحتجاجات اعلن المجلس الاعلى للقوات المسلحة الثلاثاء انه quot;لن يتخلى عن دوره فى ادارة شؤون البلادquot;. وحذر من أن quot;انحراف البعض بالتظاهرات والاحتجاجات عن النهج السلمي يؤدي الى الإضرار بمصالح المواطنين وتعطيل مرافق الدولة وينبئ بأضرار جسيمة بمصالح البلاد العلياquot;.

لكن هذا لم يمنع الاف المتظاهرين من الخروج في مسيرة عقب هذه التحذيرات باتجاه مقر مجلس الوزراء والهتاف ضد المجلس.وفي محاولة لاحتواء هذا الغضب قدم المجلس الاربعاء تنازلات ترمي الى مواجهة تحدي المتظاهرين لسلطته عبر إعلانه تأجيل الانتخابات لفترة قد تصل الى شهرين وإنهاء خدمة المئات من ضباط الشرطة.

لكن بولا عبده (23 عاما) تقول quot;مطالبنا هي نفسها لكن الظروف اختلفت لأننا نرفض خطابات المجلس العسكري ورئيس الوزراء، نريد خطابات واقعية ونريد أن يقوموا بتحقيق وعودهمquot;.

ويقول المحامي ابراهيم ابو الخير (25 عاما) من حركة 6 ابريل quot;مطالبنا مازالت كما هي لكننا ننتظر ان يتم اخذهافي الاعتبار لذلك سنبقى هنا في الميدانquot;.

ومن المطالب الرئيسة للمحتجين انهاء المحاكمات العسكرية للمدنيين واقالة ومحاكمة ضباط الشرطة المتهمين بقتل المتظاهرين فضلا عن محاكمات حاسمة وشفافة لاقطاب النظام السابق.

وتثير المحاكمات العسكرية المتواصلة للمدنيين سخط المصريين ويعد إلغاؤها من المطالب الرئيسة للمتظاهرين، اضافة الى بعض الخلافات على الجدول الزمني لإجراء الانتخابات ووضع الدستور.

ويدعو بعض المتظاهرين لتنظيم مسيرة تخرج من الميدان باتجاه مقر مجلس الوزراء او مبنى الاذاعة والتلفزيون لكن آخرين يخشون ان يجعلهم ترك الميدان عرضة لهجوم من موالين للنظام السابق او من البلطجية.

أسماء متعددة لجمعة واحدة

كالعادة إختلف المصريون أو بالأحرى السياسيون والناشطون الداعون للتظاهرات المليونية حول تسمية جمعتهم، حيث أطلق البعض عليها اسم الإنذار الأخيرquot;، على اعتبار أنه في حالة عدم استجابة المجلس العسكري للمطالب المرفوعة، سيتم اللجوء للعصيان المدني. فيما قال آخرون إنها quot;الإصرارquot;، ودعاها طرف ثالث quot;إستكمال الثورةquot;، quot;القصاص الثانيquot;، غير أن الإسم الأغرب هو quot;الكفنquot;، على اعتبار أن المتظاهرين سيحملون أكفانهم ويطوفون الميدان في إشارة إلى أن قتلى الثورة لبسوا الأكفان.

توحد المطالب

وإذا كانت التيارات السياسية إختلفت حول تسمية الجمعة الجديدة في 15 يوليو الجاري، فإنها حاولت الإتفاق على حزمة من المطالب التي ترفعها في تظاهراتها اليوم، حيث عقدت مجموعة من إئتلافات شباب الثورة إجتماعاً في ميدان التحرير لبلورة تلك المطالب، وأصدروا بياناً بها، وكان من الملاحظ أنه خلا من مطلب إسقاط حكومة الدكتور عصام شرف، ومنها: سرعة نقل الرئيس المخلوع إلى مستشفى طرة، تخصيص محكمة بكامل دوائرها بعد مراجعة بيانات الهيئة القضائية لمحاكمة قتلة الثوار، على ألا تخضع للحركة القضائية القادمة، استقلال القضاء والفصل بين السلطات، واستقلال الأزهر الشريف وانتخاب هيئة من كبار العلماء لاختيار شيخ الأزهر من بينهم. إستقلال الإعلام وإلغاء وزارة الإعلام، إقالة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، والمستشار عبد العزيز الجندي وزير العدل، وجودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، فصل وزارة الداخلية عن هيئة الشرطة المدنية، وتقليص الرتبة الشرطية إلى عقيد بحد أقصى، وإلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين، والإفراج عن السجناء السياسيين قبل وبعد الثورة، وإلغاء قانون منع التظاهر السلمي، تشكيل لجنة عليا من مجلس الوزراء لقبول طلبات المتظاهرين، إصدار قرار بأن يكون 25 يناير عيداً وطنياً يكرم فيه أسر الشهداء، والمصابين. وضع حد أدنى للأجور 1200 جنيه، وحرمان أعضاء الحزب الوطني المنحل من ممارسة العمل السياسي لمدة لا تقل عن 5 سنوات.

هتافات

ودعا شباب الثورة الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء إلى المشاركة في quot;مليونية الكفنquot;، وهتفوا مساء الخميس quot; ياعصام ياعصام الشرعية من الميدانquot;، quot;يا عصام يا عصام خيمتك لسه في الميدانquot;، إضافة إلى هتافات أخرى تدعو للإعتصام المفتوح في ميدان التحرير إلى حين تحقيق كافة مطالب الثورة، وعلى رأسها القصاص من ضباط الشرطة ورموز النظام السابق، مثل quot;القصاص القصاص قتلوا ولادنا بالرصاصquot;، quot;يا شهيد نام وارتاح وإحنا نكمل الكفاحquot;، quot;دم الشهيد مش هيروح هدرquot;، quot;ده دم مش مية.. يا داخلية يا بلطجيةquot;، quot;حقك على يا شهيد يوم إعدامهم ده يوم عيدquot;،ولم ينسوا هتافات تؤكدالوحدة الوطنية، وإلتحام المسلمين والمسيحيين في الثورة، مثل: quot;مسلمين ومسيحيين برده هنفضل مصريينquot;، quot;أنا مش جبان أنا مش جبان.. الثورة لسه في الميدانquot;.

كما دعا المحتجون إلى إقالة عدد من قيادات القضاء وأجهزة الرقابة، وتحديداً المستشار عبد المجيد محمود النائب العام، والمستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية.

إضراب عن الطعام

يستمر العشرات من المضربين عن الطعام في إضرابهم لليوم الرابع على التوالي، وتدهورت صحة بعضهم بشكل لافت، ورغم ذلك رفضوا الإنتقال إلى المستشفى لتلقي العلاج أو فض الإضراب، وتعمل سيارات الإسعاف المتواجدة في الميدان على تقديم الإسعافات اللازمة لهم. ومن المتوقع انضمام العشرات إليهم اليوم الجمعة. ونظم المئات من المعتصمين في الميدان مسيرات بالأكفان في مختلف أرجاء الميدان، في محاولة منهم لتذكير المجلس العسكري وحكومة الدكتور عصام شرف بأن هناك شهداء فقدوا حياتهم، ولم يتم القصاص لهم حتى الآن، رغم مرور خمسة أشهر على نجاح الثورة في إسقاط نظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك. يزداد عدد المشاركين في تلك المسيرات بعد صلاة الجمعة، وتتسع دائرتها، وتصل إلى مقر مجلس الوزراء ومجلسي الشعب والشورى في شارع قصر العيني القريب من ميدان التحرير.
ويعقد المستشار محمود الخضيري رئيس المحكمة الشعبية لرموز النظام السابق جلسة لمحكمتهم اليوم في الميدان، بعد أن توقفت الجلسات لعدة جمعات متتالية، خشية وقوع أحداث عنف من قبل من يصفون بquot;بلطجية النظام السابقquot;.

الإخوان والإسلاميون يمتنعون

وبينما أعلنت غالبية القوى والحركات والأحزاب السياسية الليبرالية المشاركة في جمعة quot;الإنذار الأخيرquot; أو quot;الكفنquot;، إلتزمت جماعة الإخوان المسلمين وحزبها quot;الحرية والعدالةquot; الصمت، وأعلن بعض كبار قيادييها عدم المشاركة في التظاهرات، وإتخذ التيار السلفي الموقف نفسه، وكذلك الجماعة الإسلامية.

الثورة ما زالت في الميدان

وقال محمود سعيد عضو إئتلاف شباب الثورة لـquot;إيلافquot; إن التظاهرات اليوم ستكون مليونية، إحتجاجاً على بطء محاكمات رموز النظام السابق، وإستمرار فلول الحزب الوطني في السيطرة على المناصب القيادية في الجامعات والإعلام ومؤسسات الدولة واستمرار الوجوه القديمة من المحافظين والوزراء، مشيراً إلى أن الثورة لابد أن تظل في الميدان حتى تكتمل مطالبها، ونبه إلى أنه عندما يغفل أو ينشغل الثوار عندها لعدة أسابيع تضيع، يحدث تباطؤ في الإصلاحات، لذلك لابد أن تظل متوقدة ومشتعلة.

الإنذار الأخير

وأشار محمد سمير عضو حركة شباب 25 يناير في الجيزة إلى أن بعض ائتلافات شباب الثورة أطلقت على جمعة 15 يوليو إسم quot;الإنذار الأخيرquot;، لأنها بالفعل بمثابة الإنذار الأخير للمجلس العسكري وحكومة الدكتور عصام شرف من أجل تلبية مطالب الثورة، وإلا سيكون هناك دعوة لعصيان مدني شامل في مختلف أنحاء الجمهورية ويشمل كافة مؤسسات الدولة. وأضاف لـquot;إيلافquot; أن مطالب الثورة واضحة لا لبس فيها، وأهمها سرعة وعلانية محاكمات رموز النظام السابق، وتطهير الحكومة ومؤسسات الدولة من رموز الحزب الوطني المنحل، وإستقلال القضاء، وتحديد جدول زمني لإدارة المرحلة الإنتقالية.

حتى لا تتحول إلى انقلاب عسكري

ويؤيد المرشح الرئاسي الدكتور أيمن نور استمرار التظاهرات والإعتصامات في الميادين العامة، حتى لا تتحول الثورة إلى إنقلاب عسكري، على حد قوله، وأضاف لquot;إيلافquot; أن الأزمة الحقيقية التي تواجهها الثورة المصرية أنها بلا قيادات واضحة يمكنها أن يسيطر على السلطة وتقوم بالإصلاحات أو حركة التطهير المطلوبة في أشهر أو أيام معدودة، وأن هناك أناسا قاموا بالثورة، بينما حكم آخرون، لذلك يجب أن يظل الثوار في الميدان يراقبون إنجازات ثورتهم، حتى لا تسرق منهم أو تختطف من قبل تيارات أو مجموعات غير مؤمنة بأهدافها.