لندن: طالبت الجامعة العربية في ختام اجتماع وزراء الخارجية العرب يوم الثلاثاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد بوقف quot;آلة القتلquot; التي يستخدمها ضد شعبه. ولكن مراقبين يرون ان من يقفون وراء الأسد في سوريا سيواصلون تأثيرهم عليه للامعان في النهج الحالي رغم العزلة الدولية.

وشهد الأسد الذي كان ذات يوم يعتبر رجل اصلاح بنظر السوريين، انحسار قاعدة مؤيديه بسرعة في اعقاب البطش بالمتظاهرين المطالبين بالديمقراطية ومحاولة قمع انتفاضتهم التي تدخل شهرها السابع. وبحسب ارقام الأمم المتحدة فان اكثر من 2600 مدني قُتلوا منذ آذار/مارس الى جانب مئات العسكريين.

ولكن الأسد ما زال يمسك مقاليد الحكم بفضل شريحة من السوريين الذين لم ينقلبوا عليه حتى الآن، بمن فيهم رجال اعمال يعتمدون على دعم النظام ومسيحيون يخشون صعود قوى إسلامية متزمتة في حال سقوط الأسد. ويوفر هذا التأييد سداً يحتمي به النظام السوري من الضغوط الخارجية ويستعين به لتحدي ضغوط الجامعة العربية أو القوى الدولية.

ونقلت صحيفة quot;كريستيان ساينس مونترquot; عن الباحث المتخصص بالشؤون السورية ومؤلف كتاب quot;السلطوية في سورياquot; ستيفن هايديمان ان هذا التأييد quot;يجعل من الصعب على النظام ان يفهم ان عليه التحرك نحو استراتيجية للخروج. فان استمرار تأييد المسؤولين يمنحه قوة في حين ان مظاهر التأييد التي يبديها سوريون اعتياديون تمنع النظام من ان يدرك مدى خطورة الأزمةquot;.

ويلاحظ مراقبون ان الأسد يتمتع بقاعدة تأييد واسعة على الأخص في دمشق وحلب حيث وضع السكان المادي أفضل مع تجنيبهم وطأة القمع المسلط على المحتجين.

وتكون المصلحة الذاتية هي الدافع الأول وراء تأييد بعض السوريين للنظام. فان مسؤولين في النظام، بينهم قادة عسكريون، ورجال اعمال بارزين ربطوا ثروتهم به. وهم ما زالوا يراهنون على بقاء الأسد وخاصة بعد تراجع حجم الاحتجاجات إثر تصعيد حملة التنكيل بالمعارضين خلال شهر رمضان، بحسب كريستيان ساينس مونتر.

الخوف مما سيأتي بعد الأسد عامل آخر وراء تأييد البعض الآخر من المواطنين لنظام يمكن ان يسفر انهياره لا عن حرب اهلية فحسب بل وحريق اقليمي ايضا إزاء علاقات النظام الوثيقة بايران وحزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية. وتنقل صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن محلل اقتصادي ان كثيرين، لا سيما الأثرياء من السوريين، يفضلون الاستقرار على الاضطراب، وهو إحساس يتعاظم مع تزايد انعدام الاستقرار دون ان تلوح نهاية في الأفق.

ومما يوفر تربة صالحة لمثل هذه المخاوف التنوع الطائفي والعرقي للمجتمع السوري. وكثيرا ما يشير اقطاب نظام الأسد ومواليه الى لبنان والعراق كمثال على ما سيفعله الصراع الطائفي بالمجتمع السوري.

ولعب النظام هذه الورقة وحقق فيها نجاحا لافتا في كسب اقليات سورية مثل المسيحيين والعلويين الى جانبه. وفي حين ان بعضا من الـ 1.7 مليون كردي سوري نزلوا الى الشارع فان آخرين يتوجسون من سيطرة أغلبية عربية سنية على الحكم في حال سقوط الاسد. وما زال سوريون من اصول مختلفة يصدقون رواية النظام بأن عصابات مسلحة ومؤامرة خارجية واسلاميين متطرفين يقفون وراء الاضطرابات واعمال العنف.

ويقول مهني سوري شاب من دمشق لصحيفة كريستيان ساينس مونتر ان قاعدة تأييد النظام تقوم على الدعاية مشيرا الى ان النظام جرد حزب البعث من أي مضمون ايديولوجي وان الباقين من انصاره هم مَنْ غُسلت أدمغتهم بعبادة شخصية الأسد وتصديق الرواية القائلة ان سبب القلاقل عصابات مسلحة.

ويرى محللون ان ما تبقى من تأييد يدعم النظام على مستويين. وفي هذا الشأن يقول الباحث هايديمان ان ولاء المسؤولين هو الأهم لأنه يحافظ على تماسك النظام ويحفظ سيطرته. ولكن لتأييد السوريين الاعتياديين في الشارع ايضا تأثيره. ويعتبر هايديمان الذي يعمل خبيرا بشؤون الشرق الأوسط في معهد السلام الاميركي في واشنطن quot;ان نظام الأسد يتحرك في فقاعة وبالتالي فهو إذ يرى مظاهر تأييد قد يتوصل الى قناعة بأنه يواجه تمردا مسلحا ويعتقد انه يحظى بتأييد السوريين الاعتياديينquot;.

ويرى محللون ان من السهل على ما يُفترض نظريا اقناع المواطنين الاعتياديين بوقف تأييدهم للأسد. فان صورته السابقة كرجل اصلاح يتمتع بشعبية حقيقية حلت محلها أشكال تأييد مدفوعة بأساليب الترهيب وخوف صادق من البديل.

في غضون ذلك يستهدف ضغط الغرب اركان النظام بعقوبات ضد مسؤولين ورجال اعمال كبار على أمل دفع آخرين يخشون استهدافهم بمعاملة مماثلة الى الانشقاق عنه. وفي حين ان هذا قد يكون ذا مردود عكسي إذا نجح النظام في تحشيد مسؤولين ومواطنين الى جانبه بتكرار اسطوانة المؤامرة الخارجية فانه لن يكون كافيا لتغيير العقول بل هذا التغيير يتعين ان يأتي من جهود المعارضين في الداخل.

وتنقل صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن دبلوماسي غربي في دمشق انه quot;في الوقت الذي يكره كثيرون هذا النظام فإنهم لا يرون أي بديل واضح من المعارضة. وما زال كره النظام يتعاظم ولكن كثيرين ما زالوا غير مستعدين للتحرك بنشاط ضده. وإذا تحركوا فان ذلك سينبئ بسقوط أسرعquot;.