أثار غياب المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري السابق، وقائد المرحلة الإنتقالية والفريق سامي عنان نائب رئيس المجلس عن الإحتفالات بإنتصارات حرب أكتوبر أمس، العديد من علامات الإستفهام، لاسيما أن الرئيس محمد مرسي أشاد بدورهما في أكثر من موضع في حماية ثورة 25 يناير.


الرئيس المصري الراحل أنور السادات

صبري عبد الحفيظ من القاهرة ووكالات: أثار حضور بعض المتهمين بقتل الرئيس الراحل أنور السادات الإحتفالات غضب المصريين، لا سيما أنهم ينظرون إلى السادات بإعتباره بطل حرب أكتوبر، التي حررت فيها مصر شبه جزيرة سيناء من الإحتلال الإسرائيل.

غياب طنطاوي وعنان
وتجاهل الرئيس محمد مرسي ذكر اسمي المشير حسين طنطاوي أو الفريق سامي عنان أثناء خطابه بمناسبة الذكرى 39 لحرب أكتوبر، رغم أن أنهما من أبطالها، فضلاً عن دورهما الواضح في حماية ثورة 25 يناير، والإنحياز إليها، والإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير/ شباط 2011، وهي المرة الأولى منذ أكثر من ثلاثين عاماً التي يغيب فيها طنطاوي عن الإحتفالات بذكرى حرب أكتوبر.

وقال مرسي خلال الخطاب، الذي إمتد لنحو ساعتين، إن قرارات 12 أغسطس/ آب الماضي، في إشارة إلى قرارات إقالة طنطاوي وعنان، كانت quot;من أجل أن نسير معًا في طريق واحد لتحقيق هدف واحد وهو مصلحة مصرquot;.

وأشاد بـquot;التزام القوات المسلحة بما وعدت به من تسليم للسلطة في موعد محدد وهو 30 يونيو/حزيرانquot;، واصفاً تسليم السلطة في هذا التاريخ بـquot;أننا نريد أن نفخر بالعبور الثالث المتمثل في تسليم السلطة من المجلس العسكري إلى سلطة مدنية منتخبة، في 30 يونيو، ونقل السلطة إلى إدارة منتخبة بعد عبور 6 أكتوبر وعبور ثورة 25 ينايرquot;.

وتابع: quot;يجب أن نحب بعضنا البعض، وأن نكون في طريق واحد، ويدًا واحدة على كل من يعاديناquot;، وأضاف: quot;إن هذه الثورة في طريق واحد وبأهداف واضحة، فكانت دائمًا في حراسة الله، فهيأ لها الجيش والشعب، واستطاعت أن تمضي في طريقها الصعب، وقد تمت الثورة بالانتخابات البرلمانية ثم الانتخابات الرئاسيةquot;.

قتلة السادات يحتفلون
خطب مرسي في وجود الآلاف من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وقادة وأفراد القوات المسلحة المصرية، إضافة إلى حشد من رموز التيار الإسلامي، والمدانين بقتل الرئيس الراحل أنور السادات صاحب قرار حرب أكتوبر، ومنهم طارق الزمر القيادي في الجماعة الإسلامية، ما أثار غضبًا شعبيًا في أوساط المصريين، وأسرة الرئيس الراحل.

وقال سعيد حسنين، وهو رجل في الثالثة والستين من عمره، وكان أحد المشاركين في حرب أكتوبر، لـquot;إيلافquot; بغضب: إن حضور بعض المتهمين بقتل الرئيس السادات إحتفالات أكتوبر عار على الرئيس مرسيquot;.

وأضاف أن هؤلاء يجب ألا يجلسوا إلى جوار القادة والعسكريين الذين شاركوا السادات في صنع هذا الإنتصار العظيم، ويجب أن يظلوا منبوذين طوال حياتهم، جراء فعلتهم الشنيعة، لاسيما أن كثيرًا منهم مازال يصرّ على أن قتلهم للرئيس الذي حرر سيناء، وأعاد إلى المصريين عزتهم، لم يكن خطأ، لأنه كان رئيساً كافراً.

السادات والقادة في غرفة العمليات

وتساءل سعيد: كيف يحضر قتلة السادات الإحتفال بانتصارات حرب أكتوبر، ويغيب عنها أبطالها، ومنهم المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق، والفريق سامي عنان رئيس الأركان السابق، وهما لهما دور كبير في الحرب، وفي حماية ثورة 25 يناير، التي أتت لتخرج مرسي من المعتقلات، ورفعته رئيساً للبلاد؟ وتابع: الموازين مقلوبة.

إنتقادات لمرسي
أنتقدت الجبهة المصرية للدفاع عن القوات المسلحة ما وصفته بتجاهل رئاسة الجمهورية دعوة المشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع السابق، والفريق سامي عنان، رئيس أركان القوات المسلحة السابق، إلى حضور احتفالات انتصارات أكتوبر في استاد القاهرةquot;.

وقالت في بيان لها، quot;قيام الرئاسة بدعوة من وصفتهم بقتلة السادات بطل الحرب والسلام، يتناقض مع قرار الرئيس مرسي بتكريم اسم الرئيس الساداتquot;.

لكن المضحك المبكي في الأمر، أن طارق الزمر القيادي في الجماعة الإسلامية، وأحد المتهمين بقتل السادات، والذي حضر الإحتفالات، قال إن أسباب غياب طنطاوي وعنان عن تلك الإحتفالات، ترجع إلى أن رئاسة الجمهورية لم توجّه إليهما الدعوة إلى حضور الإحتفالات، في حين وجّهت إليه هو وآخرين من المتهمين بقتل السادات الدعوات.

أسرة السادات غاضبة
وقالت مصادر مقربة من أسرة الرئيس الراحل أنور السادات، إنها تشعر بحالة من الإستياء، بسبب دعوة الرئيس محمد مرسي قتلة السادات إلى حضور الإحتفالات بحرب أكتوبر.

وأضافت المصادر لـquot;إيلافquot; إن أرملة السادات السيدة جيهان السادات تشعر بالكثير من الغضب، بسبب حضور وفد من الجماعة الإسلامية التي خططت ونفذت عملية إغتيال الرئيس السادات أثناء الإحتفالات بنصر أكتوبر في اليوم نفسه من العام 1981، مشيراً إلى أنها وأولادها نقلوا إستياءهم من هذا السلوك إلى مؤسسة الرئاسة، لكنهم فضّلوا إلتزام الصمت إعلامياً رغم تلقيهم عشرات الإتصالات من إعلاميين وصحافيين للتعليق على الأمر.

السادات والملك فيصل شريكان في الإنتصار

حضر الإحتفالات بالذكرى التاسعة والثلاثين لحرب أكتوبر وفد من الجماعة الإسلامية، يتقدمه عبود الزمر المدان الأساسي في قضية إغتيال السادات، والذي حكم عليه بالسجن المؤبد، ولم يخرج إلا بعد نجاح ثورة 25 يناير في إسقاط نظام حكم حسني مبارك، إضافة إلى صفوت عبد الغني، وطارق الزمر، ونصر عبد السلام.

يقتلون القتيل ويمشون في جنازته
وإنتشرت تعليقات ساخرة وغاضبة على مواقع التواصل الإجتماعي، quot;فايسبوكquot;، لعل أشهرها quot;يقتلون القتيل ويمشون في جنازتهquot;، quot;يقتلون القتيل ويحتفلون بجنازتهquot;، quot;محمد مرسي كرّم زوجة السادات جيهان السادات في الصباح، وكرّم قاتل السادات الزمر بحضور حفل انتصار أكتوبر.. القائد مقتول في التربة.. والقاتل يحتفل في الإستاد.. وهذا يدل على أن محمد مرسي رئيس توافقيquot;، quot;محمد مرسي على مدار ساعتين مدة خطابه لم يذكر اسم الرئيس الراحل أنور السادات ولو لمرة واحدة.. جلّ من لا يسهوquot;، quot;قتلة السادات حضروا الإحتفال بإنتصارات أكتوبر التي صنعها.. غطيني وصوّتي يامّهquot;، quot;قتلة السادات في الإستاد للإحتفال بحرب أكتوبر.. قصدي للإحتفال بذكرى قتلهquot;، quot;مرسي أثبت أنه رئيس للإخوان والإسلاميين فقط.. كرّمهم بحضور الإحتفال بذكرى حرب أكتوبر.. ونسي تكريم شهداء ومصابي هذا النصر العظيمquot;.

خبراء: خطاب مرسي واضح لكنه يحتاج رؤى مستقبلية
quot;عرض الرئيس المشاكل بشكل واضح ومبسط.. لكنه لم يطرح حلولا أو رؤية مستقبلية لعلاجهاquot;. هكذا وصف عدد من الخبراء والمراقبين للشأن المصري الخطاب الذي ألقاء الرئيس المصري محمد مرسي في إستاد القاهرة الدولي أمس السبت بمناسبة الاحتفالات بالذكرى الـ 39 لنصر أكتوبر/تشرين الأول.

في خطابه الذي امتد لنحو ساعتين، استعرض مرسي ما جرى تحقيقه في الملفات الخمسة التي وعد في حملته الانتخابية بتنفيذها خلال المائة يوم الأولى من توليه مهام السلطة، وهي ملفات: الأمن والنظافة والمرور والوقود ورغيف الخبز. الرئيس المصري أجاد في عرض ما تم انجازه في هذه الملفات بشكل واضح ومبسط؛ حيث بلغ متوسط نسبة الانجاز في هذه الملفات مجتمعة 67% تقريبا، كما شرح بشكل واضح العقبات التي واجهت إنجاز هذه الملفات.

برغم هذا الوضوح والبساطة في عرض مشاكل الوطن، فقد غاب عن خطاب مرسي وضع حلول لهذه المشكلات أورؤية مستقبلية لعلاجها، كما يقول مصطفي حجازي، رئيس quot;مركز الفكر الاستراتيجيquot; في مصر، مضيفاً: quot;لم يتحدث مرسي عن مشروعات كبرى أو قومية تعتزم الدولة القيام بها في المستقبل؛ وهو ما يشكك في وجود مشروع نهضوي متكامل لديهquot;.

وكان الرئيس المصري قد خاض الانتخابات الرئاسية التي فاز بها في 30 من يونيو/حزيران الماضي بمشروع أُطلق عليه مسمى quot;مشروع النهضةquot;. وفي حينها، قال حزب الحرية والعدالة - الذي ينتمي إليه الرئيس - إن المئات من الخبراء في شتى المجالات شاركوا في إعداد المشروع، لكن بعض القوى السياسية شككت في المشروع، واعتبرته مجرد شعار انتخابي.

توفيق غانم، المحلل السياسي، رأى أن طرح مرسي رؤي مستقبلية للقضايا الكبرى وحلول للمشكلات التي وعد بعلاجها خلال فترة المائة يوم الأولى، كان أمراً ضروريا حتى ولو وعد المصريين بدراسة هذه المشاكل وطرح حلول لها خلال فترة زمنية محددة. واستغرب غانم عدم حديث الرئيس المصري عن quot;مشروع النهضةquot; الذي روّجت له حملته الانتخابية.

وشهد استاد القاهرة الدولي أجواء احتفالية كرنفالية مساء أمس السبت، حيث احتشدت فيه عشرات الالاف من الجماهير التي غلب عليها الحضور الإخواني، وقبل بدء كلمته جاب الرئيس المصري جنبات الاستاد مستقلاً سيارة مكشوفة لوّح بها للحشود قبل أن يترجل ليقترب من المدرجات ويوجّه تحية إلى الحضور وسط هتافات حماسية مؤيدة له.

هذه الأجواء الحماسية رأها حجازي بصورة مختلفة، واصفاً أجواء الخطاب بأنها كانت quot;مسرحية مبالغا فيهاquot;، مشيرًا إلى أن مرسي ومن خلال تحية الجماهير من خلال سيارة مفتوحة quot;ظهر وكأنه بطل من أبطال حرب أكتوبر/ تشرين الأولquot; رغم أنه لم يشارك في هذه الحرب من الأساس.

ورأى الخبير الاستراتيجي المصري أن خطاب مرسي تضمن عددًا من الرسائل، جاء في مقدمتها أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأنه زعيم شعبي يتحرك في موكب مفتوح وسط جمهوره.

وقال: quot;مرسي كان يخطب في مجموعة منتقاة، وليس لجموع الشعب المصري؛ حيث كانت غالبية الحضور من جماعة الإخوان المسلمين، وهذه هي المرة الثانية التي يخطب فيها الرئيس في جمهوره من الإخوان المسلمين؛ حيث كانت المرة الأولى أثناء اجتماعه مع ممثلي اتحاد طلاب مصر في قاعة المؤتمرات في مدينة نصر (في القاهرة). وتسيطر جماعة الإخوان على غالبية اتحادات الطلاب في الجامعات المصرية.

وكان مرسي قد انتقد في خطابه معارضيه الذين يأخذون عليه quot;إهدار مبالغ مالية كبيرةquot; بسبب إجراءات تأمين انتقاله لأداء صلاة الجمعة. وقال إن شائعات تتردد في بعض وسائل الإعلام حول أن أداءه لصلاة الفجر يتكلف 3 ملايين جنيه (500 ألف دولار)، وسأل منتقديه بشكل ساخر: quot;يعني كل ركعة بكام؟quot;. كذلك رد على الانتقادات التي تترد حول إهداره أموال طائلة في رحلاته الخارجية، وقال: quot;هذا كلام غير حقيقي يردده من يعملون لمصلحة النظام السابقquot;.

حجازي انتقد حديث الرئيس عن معارضيه بأسلوب ساخر، معتبراً أن quot;إلحاح مرسي في الدفاع عن نفسه وتفنيد أقوال معارضيه، يظهره بمظهر المتحدث بلسان رئيس حزب وليس رئيس دولةquot;.

وأضاف في هذا الصدد: quot;مشهد الاحتفال داخل الاستاد تضمن صورتين: الأولى جنود القوات المسلحة وهم يحيون ذكرى أكتوبر/ تشرين الأول، والثاني جمهور الإخوان المسلمين الذي يحتفل بتمكين جماعته من الوصول إلى حكم مصرquot;، حسبما يرى الخبير الاستراتيجي المصري.

ورأى أنه quot;ينبغي على رئيس الدولة أن يتحدث لكل المصريين وبجميع أطيافهم؛ فالرئيس ما زال يراقب جماعته ويتحدث باللغة نفسها التي تتحدث بها الجماعةquot;، على حد قوله. المحلل السياسي المصري توفيق غانم اتفق مع حجازي في أن خطاب الرئيس المصري السبت كان في جزء كبير منه quot;خطاب رئيس حزب وليس رئيس دولةquot;، وقال: quot;الخطاب الرئاسي يجب أن يتعالى عن الخصومات السياسية ويكون على المستوي الوطنيquot;.

ورأى غانم أنه رغم كل الملاحظات على الخطاب، فإن الرئيس مرسي قدم للمرة الأولى نموذج المحاسبة الشعبية في تاريخ رؤساء مصر بوقوفه لتقديم كشف حساب المائة يوم للشعب. من جانبه، رأى عبد الله شحاته رئيس اللجنة الاقتصادية في حزب الحرية والعدالة أن مرسي كان موفقا في خطابه، مشيرا إلى حديثه كان منصبا على تقديم كشف حساب بما تم إنجازه خلال المائة يوم الأولى من توليه الحكم.

وأضاف شحاته لمراسلة الأناضول: quot;الرئيس حاول من خلال خطابه استغلال عبور أكتوبر / تشرين الأول في استنهاض همم الشعب المصري؛ لمواجهة الصعوبات الاقتصادية الراهنة وعبورها بسلامquot;.

واعتبر أن الرئيس غير مطالب بالكشف عن آليات وخطط حل المشكلات التي تواجه الوطن؛ لأن ذلك من مهام ودور الحكومة التنفيذية التي عليها أن تقدم إلى الجمهور تقارير عن خططتها وآلياتها، كما يقول القيادي في حزب الحرية والعدالة.

واعتبر أن الخطاب quot;في مجملة كان جيدًا ووصل إلى الشارع المصري، لكن المعارضة لن يرضيها ذلك، ولو كان جمال عبد الناصر (الرئيس المصري السابق) انضم إلى الحرية والعدالة وخطب في الجمهور لاعترضوا عليهquot;.