أثار مشروع القانون الذي تقدّم به نائب في المجلس الوطني التأسيسي في تونس، ويتعلق بحصول النواب على منح quot;جرايات تقاعد مدى الحياةquot; للمتقاعدين، وquot;جرايات عمريةquot; للعاطلين منهم عن العمل، بعد انتهاء مهامهم داخل المجلس، جدلاً واسعًا واعتبره كثيرون quot;عملية تحيّلquot;.


تونس: أثار تقديم مشروع قانون إلى المجلس الوطني التأسيسي قصد حصول النواب على منح quot;جرايات تقاعد مدى الحياةquot; للمتقاعدين، وquot;جرايات عمريةquot; للعاطلين منهم عن العمل بعد انتهاء مهامهم داخل المجلس، اعتبارًا إلى أن أداءهم quot;عمل وطنيquot;، استنكار لا المجتمع المدني فحسب بل والنواب أنفسهم، لأنه جاء في وقت تعاني فيه البلاد من احتجاجات تحولت إلى أعمال تخريبية في أغلب الجهات للمطالبة بالتشغيل والتنمية.

راتب بعد التقاعد

تقدم النائب صالح شعيب بهذا المشروع ليتم إقراره في جلسة عامة، مدعمًا بعريضة أمضاها 113 نائبًا من المجلس التأسيسي يوافقون على quot;إقرار راتب للنواب بعد تقاعدهمquot;.

النائب في المجلس التأسيسي التونسي صالح شعيب

ﺗﻀﻤﻦ المشروع الذي قدم في أﺣﺪ ﻋﺸﺮ ﻓﺼﻼ ﺳﯿﺘﻢ ﺗﻘﺪﻳﻤﻪ إلى اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ وﻣﻦ ﺛﻤ إلى اﻟﺠﻠﺴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﺼﺎدﻗﺔ ﻋﻠﯿﻪ، في فصله السادس quot;ﺗﻤﺘﻊ اﻟﻨﺎﺋﺐ ﺑﻌﺪ اﻧﺘهاء ﻣهاﻣﻪ ﺑﺎﻟﻤﺠﻠﺲ ﺑﻤﻨﺤﺔ ﺗﻘﺎﻋﺪ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺗﻘﺪر بـ 33% ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ اﻟﻤﻨﺢquot;، لأنّ عضو المجلس التأسيسي quot;ﻣﻜﻠﻒ ﺑﺤﻤﺎﻳﺔ أھﺪاف اﻟﺜﻮرة: اﻟﻜﺮاﻣﺔ واﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ وإدراﺟها ﻓﻲ اﻟﺪﺳﺘﻮر.quot; و quot;ﻳﻜﺘﺴﺐ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺟﺮاﻳﺔ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ﺑﻌﺪ ﻗﻀﺎء اﻟﻤﺪة اﻟﺘﺄﺳﯿﺴﯿﺔ كاملةquot;.

quot;ولا تعتبر عضوية ﺑﺎﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﻮطﻨﻲ اﻟﺘﺄﺳﯿﺴﻲ وظﯿﻔﺔ ﻋﻤﻮﻣﯿﺔ ﺑﻞ quot;ﻋﻤﻼ وطﻨﯿﺎ ﻋﺮﺿﯿﺎquot; و من أجل اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻮاﺟﺒﺎﺗهم ﺗﺴﻨﺪ ﻟﻠﻨﻮاب ﻣﻨﺤﺔ ﺷهرﻳﺔ أﺳﺎﺳﯿﺔ وﻣﻨﺤﺔ ﺗﻌﻮﻳﻀﯿﺔ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻤﺼﺎرﻳﻒ اﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ أداء ﻣهامهم اﻟﻨﯿﺎﺑﯿﺔ .quot; وquot;ﻳﺤﻖ ﻟﻠﻨﺎﺋﺐ اﻟﻤﺘﻘﺎﻋﺪ اﻟﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ ﺟﺮاﻳﺔ اﻟﺘﻘﺎﻋﺪ اﻟﻤﺴﻨﺪة ﻣﻦ طﺮف اﻟﺼﻨﺪوق اﻟﻮطﻨﻲ ﻟﻠﺘﻘﺎﻋﺪ واﻟﺤﯿﻄﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ واﻟﻤﻨﺢ اﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻪ ﻣﻦ طﺮف اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﺘﺄﺳﯿﺴﻲquot;.

وأعرب النواب الممضون أنهم كانوا عرضة لعملية تحيّل اعتبارًا إلى أنهم أمضوا على وثيقة بيضاء تدعو إلى جلسة عامة.

أمضوا .. ثم استنكروا

واستنكر النواب الممضون على الوثيقة الحملة الإعلامية التي استهدفت 113 نائبًا من المجلس التأسيسي بعدquot; عملية التحيّل المنظمة quot;، التي تعرضوا لها و التي تهدف أساسًا إلى quot;تشويه صورة المجلسquot;، على حد تعبير بعضهم.

quot;عملية التحيّل المنظمةquot; استهدفت نوابًا من أغلب الأحزاب، من بينها نواب من أحزاب الائتلاف الحاكم من أجل طلب انعقاد جلسة عامة تناقش خلالها مسألة خاصة ببعض المتقاعدين.

وأكد عدد من النواب تعاطفهم مع quot;النائب المستقلquot;، فكانت موافقتهم على عقد جلسة عامة موضحين أنه quot; قام باستغلال وتوظيف هذه الإمضاءات و طبع على صفحاتها الخلفية قانونًا آخر، لا علم لأغلب الممضين بمضمونهquot;.

وطغى التشنج على النقاش الذي دار بين مختلف أعضاء لجنة التشريع العام حيث تم رفض المشروع بسبب عدم استيفائه الشروط القانونية، وطالب النواب بفتح تحقيق في ملابسات ما حصل قبل إمضاء النواب على هذا المشروع مع إحالة النائب صالح شعيب على لجنة النظام الداخلي لاتخاذ ما تراه في شأنه.

وأكدت رئيسة لجنة التشريع العام كلثوم بدرالدين في تصريح لـquot;إيلافquot; أنّ هذا المشروع قد استوفى الشروط القانونية لقبوله رغم إعلان عدد من النواب سحبهم لإمضاءاتهم، ذلك أن النظام الداخلي لا يطالب بغير عشرة إمضاءات لتبنّي كل مشروع قانون من أجل قبوله وعرضه على المجلس التأسيسي.

وأوضح النائب المستقل في المجلس التأسيسي صالح شعيب لإحدى الإذاعات الخاصة أنّ :quot;مشروع التقاعد هو أساسًا لحفظ كرامة النائب الذي سيغادر المجلس التأسيسي بعد انتهاء مهامهquot;، مؤكدًا على quot;ضرورة توفير الدخل الذي يمكنه من العيش الكريم إلى جانب تمكين النائب الذي دخل المجلس في حالة تقاعد من أن يتحصل على هذه المنحة لأنها من مدخراته وعمل من أجلها سنوات طويلةquot;.

وشدّد على أنه quot;ليس هناك نص قانوني يمنع النائب من التمتع بجراية التقاعد ومنحة المجلس الوطني التأسيسيquot;.

جدل يطغى على الدستور

من ناحيته أوضح هيثم بلقاسم رئيس لجنة النظام الداخلي ورئيس كتلة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في المجلس التأسيسي في تصريح لـquot;إيلافquot; أنّ النائب صالح شعيب تقدم بمشروع تنقيح للقانون الداخلي في أواخر شهر يوليو الماضي، قصد تمكينه برفقة النواب المتقاعدين من الحصول على جراياتهم التي اعتبرها ادخارًا شخصيًا، وطالب من المجلس عدم الاقتطاع من منحته النيابية لفائدة الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية.

وأضاف :quot;لم أوافق وبقية أعضاء اللجنة على تعديل النظام الداخلي لقناعتنا أن أخذ هذه القرارات لا يدخل في عمل اللجنة ولا يتطلب الاستعجال.quot; مشيرًا إلى اضطرار النائب إلى عرض مشروعه على المجلس تحت صبغة مشروع قانون ضمّنه كذلك مقترح تفعيل منحة تقاعد للنواب العاطلين على العمل وعددهم في حدود 15 نائبًا، بعد مغادرتهم لمهامهم في المجلس ضمن الفصل الثامن واستطاع أن يجمع 113 إمضاء لنواب من عديد الأحزابquot;.

واضاف:quot; في جلسة الثلاثاء 02 أكتوبر، طالب النائب صالح شعيب مرةً أخرى بتفسير لرفضي شخصياً كرئيس لجنة تفعيل هذا المقترح، وعدم مناقشته داخل اللجنة، لكنني أصررت على عدم تغيير جدول الأعمال لتوجّه كل الجهود نحو كتابة الدستورquot;.

وأكد أنّ كتلة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في المجلس التأسيسي لم تتجاوب مع هذا المشروع بل أن أغلب الأعضاء لا علم لهم بذلك.

وأكدت إحدى النائبات التي رفضت إعلان اسمها أنّ سبب رفض هذا المشروع الذي تقدم به النائب صالح شعيب يعود إلى تجاوز خطير للنظام الداخلي للمجلس التأسيسي ومحاولة لتوظيف سياسي خاصة وأنّ هذا المشروع يتزامن مع الدعوة لنهاية الشرعية الانتخابية يوم 23 تشرين الأول / أكتوبر.

دعوات للتحقيق

من جانبه طالب رئيس كتلة حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات في المجلس التأسيسي المولدي الرياحي في تصريح لـquot;إيلافquot; أنه استغرب مما حصل وما رواه النواب مطالبًا بفتح تحقيق حول ما حصل لاستيضاح جميع الجوانب الحقيقية لهذه المسألة.

وأكد الرياحي أنّ ما حصل يعدّ سابقة خطيرة، أخطر من أن تكون مسألة عفوية وبالتالي طالما أنها جاءت من أحد النواب فهي تعدّ تحت طائلة النظام الداخلي للمجلس.

وبيّن النائب في المجلس التأسيسي محمد الصالح عن حركة النهضة لـquot;إيلافquot; أنه أمضى على الوثيقة لأنها كانت تتضمّن طلب عقد جلسة عامة حول جراية تقاعد النائب، مشددًا على أنّ هذه الحادثة تستوجب فتح تحقيق بخصوص ما حصل لأنها عملية تحيّل بامتياز، مبينًا أنّ كتلة حركة النهضة في المجلس التأسيسي ترفض الحصول على منحة تقاعد.