أكد مسؤولون عرب وأميركيون أن اغتيال المسؤول الأمني اللبناني البارز، وسام الحسن، قبل أسبوع، قد تسبب في حرمان أوروبا والولايات المتحدة من واحد من أقرب الحلفاء، الذي كان يتعاون معهم في رصد ومكافحة الأنشطة الإقليمية لحزب الله اللبناني.


أشرف أبوجلالة من القاهرة: كان العميد وسام الحسن يرأس قسم تجميع المعلومات الاستخباراتية لدى الشرطة اللبنانية، التي كانت من بين أبرز الجهات التي تتلقى الدعم المالي الأميركي في بيروت، منذ أن أجبرت التظاهرات الشعبية الرئيس بشار الأسد على سحب قواته من البلاد عام 2005.

وأشار مسؤولون عرب وغربيون إلى أنه ونظراً إلى العلاقات التي كانت تربط بين الحسن والغرب، فإن الانفجار الذي وقع يوم الجمعة الماضي، وأسفر عن مقتل الحسن وسبعة آخرين، كان بمثابة التحذير من جانب سوريا وإيران.

وأوضح هؤلاء المسؤولين أن الهدف من وراء ذلك التفجير هو تحذير الساسة المعارضين لسوريا في لبنان والغرب من العمل من أجل الإطاحة في الأخير بنظام الرئيس بشار الأسد في دمشق.

مع هذا، نفت سوريا وحزب الله وإيران أن يكون لأي منهم دور في عملية الاغتيال. صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أوردت من جانبها عن دبلوماسي عربي كبير لم تفصح عن هويته قوله: quot;هذه ضربة كبرى للأميركيين، نظراً إلى الدور المهم الذي كان يقوم به الحسن في لبنان. فقد كان محاور مسؤولي الاستخبارات وكبيرهمquot;.

وقال مسؤولون عرب وأميركيون إن هناك أوجه تشابه كبيرة في الدوافع والتكتيكات التي استخدمت لقتل العميد الحسن ورئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، الذي لقي حتفه بسيارة مفخخة عام 2005 في بيروت. وذلك في الوقت الذي كان يرتبط فيه كلا الرجلين بعلاقات وطيدة بالغرب، ويعارضان بقوة النفوذ السوري في لبنان.

وأماط دبلوماسيون عرب النقاب عن أن العميد الحسن قام في أواخر آب/ أغسطس الماضي بزيارة إلى واشنطن، حيث أجرى مناقشات موسعة مع رئيس وكالة الاستخبارات المركزية، دافيد بيتريوس، ومسؤولين آخرين كبار من إدارة الرئيس أوباما.

وقد تطرق الاثنان إلى الجهود التي تبذلها سوريا لزعزعة استقرار لبنان باستخدام حزب الله واستهداف الساسة المواليين لدمشق. كما ناقشا الجهود المبذولة من جانب حزب الله لدعم قوات الأسد الأمنية في سوريا، بإرساله مستشارين عسكريين ومقاتلين إلى هناك، وهو الأمر الذي نفاه حزب الله بشكل قاطع.

وبينما أثنى مسؤول أميركي كبير على جهود العميد الحسن باعتباره quot;شخصية بارزةquot;، فإنه أكد في السياق عينه كذلك على أن العلاقات الاستخباراتية في لبنان تتجاوز مجرد شخص واحد.

وتابع المسؤول بقوله quot;سوف يكون من الخطأ المبالغة في تقدير الأضرار التي لحقت بالولايات المتحدة جراء ذلك الهجومquot;. فيما أشار مسؤول أميركي آخر إلى أن واقعة الاغتيال جاءت في وقت حرج بالنسبة إلى لبنان، وأن التوترات الطائفية تحتدم، لكن يفترض أن يكون هناك تدخل لأصحاب العقل، ويجب ألا ينجم من ذلك مزيد من العنف.

كما أوضح مسؤولون لبنانيون أن الحسن كان يرتبط بعلاقات وطيدة بالمخابرات الفرنسية، وأنه نقل أسرته للعيش في باريس، نظراً إلى تعرّضهم لتهديدات أمنية، وقد عاد إلى بيروت قادماً من فرنسا قبل بضع ساعات فقط من تعرّضه لعملية الاغتيال هذه.

وأعقبت الصحيفة بلفتها إلى تزايد نفوذ قوى الأمن الداخلي في لبنان عقب انسحاب القوات السورية من هناك عام 2005، وأن العميد الحسن، مثله مثل كثيرين من مسؤولي القوى، كان مسلماً سنياً تربطه علاقة وطيدة بعائلة الحريري الموالية للغرب.

عقب انسحاب القوات الأميركية، قام الحسن بتأسيس قسم المعلومات داخل قوى الأمن الداخلي. وتحول هذا القسم إلى أقوى وكالة استخبارات وأمن داخلي تابعة للحكومة اللبنانية، فيما يتحكم حزب الله على جهازه الاستخباراتي والعسكري خارج نطاق بيروت.

ونوّهت وول ستريت جورنال كذلك بأن مكتب المخدرات الوطني وإنفاذ القانون التابع لوزارة الخارجية الأميركية قد قام بتزويد قوى الأمن الداخلي بأكثر من 130 مليون دولار منذ العام 2006، وذلك في محاولة من جانبه لتعزيز القوات الأمنية في لبنان.

وختمت الصحيفة بقولها إن وفاة الحسن جاءت في الوقت الذي تحاول أن تكثف فيه واشنطن عملياتها الاستخباراتية داخل لبنان وسوريا والأردن والعراق، لتخوفها من احتمالية أن تتسبب أعمال العنف الدائرة في سوريا في نشوب صراع إقليمي أكبر، بالتزامن مع تكثيفها جهودها مع حلفائها لمكافحة أنشطة إيران وحزب الله الإرهابية في المنطقة.