يعتقد العراقيون أن تأزم العلاقة بين الحكومة العراقية وحكومة اقليم كردستان خداع، وأن ما يحدث في العلن يخفي أغراضًا أخرى، لا يعرفها الا المقربون من القادة وأعوانهم، وأنها مجرد لعبة إنتخابية.


في مقهى في مدينة الكرادة الشرقية وسط بغداد، دار الحديث بين عدد من الاشخاص حول العلاقات المتأزمة بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة التابعة لاقليم كردستان العراق. يرى البعض أنها تنذر بحرب قد تجر العراق إلى مشاكل هو في غنى عنها، فيما اشار آخرون أنه ليس من حق الأكراد منع قوات الجيش العراقي من الانتشار في أي مكان.

وقال بعض ثالث إن حكومة كردستان تمرر السلاح إلى ثوار سوريا، فيما الحكومة لا تريد ذلك. وهناك من يرى أن اشياء أخرى مخبأة تحت عباءة الطرفين، منها البحث عن استقلال كردستان واعلانه دولة. لكن احدهم قال بصوت واضح : quot;والله العظيم.. لن يحدث شيء بين المركز والاقليم. كل هذه الاشكالات سوالف كاذبة، كذب في كذب... لن يحدث شيء ابدًا، لأن بين نوري المالكي ومسعود بارزاني اتفاقاً استراتيجياً، والرئيس الطالباني لا يجعل الامور تصل إلى القطيعة، فلا تصدقوا التصريحات وما تنقله الفضائياتquot;.

زوبعة في فنجان

قال المواطن ابراهيم الساعدي، الموظف في وزارة الثقافة: اعتقد أن الامر كله ضحك على الذقون، فالعلاقة بين الشيعة والاكراد قوية ولا يفرطون بها، حتى لو ذهبت كركوك إلى كردستان فالامر طبيعي، لان كرسي الحكم يحتم على المتنافسين تقديم تنازلات، ثم أن المسألة ليست مسألة يوم او يومين او سنة او سنتين، بل هي مسألة ابدية تتعلق بالحكم، ومهمايكن فالشيعة لا يريدون أن يخسروا الأكراد ولا الأكراد يريدون أن يخسروا الشيعة، لأسباب تاريخية معروفةquot;.

أما جاسم نور الدين، المدرس الثانوي، فيعتقد أن الطرفين quot;يريدان أن يزرعا الخوف في نفوس الناس لحاجة في نفوسهما، ولا اعتقد أن رصاصة واحدة ستطلق، ولا بد من وجود لعبة ما، فالعلاقات بين الاكراد والشيعة لا تتأثر، واعتقد أن خلف الازمة اشياء يريدان تمريرها، ربما لأن الانتخابات على الابواب... فكل واحد منهما يريد أن يبرز عضلاته حتى تراها الناسquot;.

وقالت الموظفة سعاد كريم: quot;شبعنا تصريحات، ففي كل يوم يتعاركان ويتصالحان، والناس لا ينوبهم الا الاذى، انا اعرف أن ما يحدث هو زوبعة في فنجان، فهما يريدان أن يشغلا الناس عن شيء ما... ليس الاquot;.

تبسيط مرفوض

من جهته قال سعد المطلبي، عن دولة القانون، في تصريح خاص لـquot;ايلافquot;: quot;الدفاع عن حق الناس والوقوف ضد السياسة التوسعية الكردية لا يمكن أن تكون بدعة انتخابية، لانها ستكون حبلى بالمفاجآت... فهذا تبسيط للمشاكل القائمة، ولا اتفق مع الرأي القائل إن لا شيء سيحدث وإن الطرفين يفعلان ذلك لاغراض انتخابية ولا يمكن أن تنطلق رصاصة واحدة، وإن في الامر إشغالاً للناس عن شيء ماquot;.

وأضاف: quot;لم تكتفِ حكومة الاقليم بنشر قواتها في المناطق المختلطة، بل فتحت مراكز للشرطة ومراكز أمنية، وحتى افتتحت مكتباًلكاتب عدل مرتبطاً بالسلطة القضائية الكردية، وهذا يعني احتلالًا كاملًا لهذه المناطق، وتعلمون أن المناطق المختلطة هي جماهير القائمة العراقية ولن تصوت لدولة القانون، فكيف تكون لعبة انتخابيةquot;.

لا حرب.. لأسباب أخرى

يعتقد الكاتب السياسي كاميران قرداغي، في تصريح لـ quot;ايلافquot;، أن الحديث عن الأغراض الانتخابية ينطبق على بغداد اكثر، quot;وكان من الممكن أن ينطبق على كردستان في حال اتخذ أحد الحزبين الرئيسيين موقفًا مغايرًا للآخر، لكن حدث العكس نتيجة موقف بغداد. واعتقد المسألة أعمق. اما انه لن يحدث شيء فلذلك اسباب أخرى، لأن الوصول إلى حد القتال ليس في مصلحة أحد. واذا كان الموقف الكردي اكثر تماسكًا، علمًا أن لا احد في الاقليم يريد القتال، فإن الاطراف العربية في العراق ليست متفقة على موقف واحد لجهة تأزيم العلاقة مع الاقليمquot;.

اما الكاتب هيثم الطيب فقال: quot;أولًا، لا يمكن المالكي أن يخرق الاتفاقات الموقعة بين الشيعة والأكراد، ثانيًا هناك اتفاق سري ينص على أن تحكم الدولة الفيدرالية العراقية بالديمقراطية التوافقية، ثالثًا تم الاتفاق في الحكومة السابقة على اعتبار حرس الاقليم او ما يسمى بالبيشمركة كجزء من المنظومة الدفاعية الاتحادية، وبالتالي تخضع شكليًا للقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، لذا لايجرؤ الاكراد ولا المالكي على الاقتتال، لأنهما سيفقدان ذرائعهما، وبالتالي سيقفان ضمن حدود مناوشات اعلامية، وربما عسكرية بسيطة، تنتهي ضمن حدود تصريحات جبار الياور وعلي غيدانquot;.

ورقة كردية واستقطاب سني

يرد الطيب التأزيم الحالي إلى سبب شخصي بين زعيمين quot;يحاول احدهما فرض ارادته على الآخر، وهذه مسألة واردة جدًا في هذا البلد، بسبب الطبيعة السايكولوجية العراقية، لذا يمكن هذه القضية أن تكون الآن في طور الانتهاء بسبب وجود الطالباني، وهو ورقة كردية ضاغطة للحد من نفوذ البارزانيquot;.

يضيف: quot;وهناك دوافع انتخابية وراء ما يحدث، اذ يحاول المالكي اللعب على ورقة المشاعر السنية واستقطاب الشارع السني، وقد بدأ ذلك بعودة ضباط الجيش، واجراءات الحد من الاجتثاث التي ارضت الشارع السني وولدت لديه شعبية باعتباره قد لعب الورقة الوطنية الجامعة لهذه المفرداتquot;.

وتابع: quot;ما زالت الذهنية العراقية تفكر بقائد قوي، يجمع السلطات ويأمر فيُطاع، ولم تعتد بعد على الافق الديمقراطي للسياسة. .لكن حسابات الحقل لا تأتي كحسابات البيدر، اذ هناك ألغام يمكن أن تنفجر في أي لحظة، قد تعيد الحسابات إلى نقطة يبدو الانطلاق منها صعبًاquot;.