بعض الدول العربية تدور في فلك أميركا، هذا ما خلص إليه محللون بعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وسط دعوات مستمرة لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة على أرض الواقع.


يرى الفلسطينيون أن المطلوب سياسيا الآن يتمثل بضرورة تحقيق الوحدة الفلسطينية بأسرع وقت ممكن وذلك لتعزيز الموقف على الأرض وتحقيق مكاسب سياسية بعد حرب الأيام الثمانية التي استهدفت قطاع غزة وقتل فيها أكثر من 160 شخصا وأصيب نحو 900 بجراح.
وبحسب العديد من المحللين والمطلعين والسياسيين والباحثين، فإن المقاومة في قطاع غزة فرضت شروطها وعملت على تغيير المعادلة في المنطقة وهذا يساهم في ضرورة إنجاز وتحقيق الوحدة التي تجسدت مظاهرها في المسيرات التضامنية في الضفة الغربية والعمل الميداني في قطاع غزة.
وأكد الصحافي والباحث السياسي عبد الباسط خلف في تصريح لـquot;إيلافquot; أن أقصر الطرق لمعرفة المعلن من اتفاق quot;التهدئةquot; الأخير، هو قراءة ملامح وجوه ثلاثي الدم الإسرائيلي (رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه ايهود باراك وزير خارجيته افيغدور ليبرمان) خلال مؤتمرهم الصحافي الذي سبق وقف اطلاق النار بدقائقquot;.
وقال خلف: quot;لقد بدت عليهم علامات الوجوم، وغابت عنهم نشوة النصر، بخلاف المقاومة التي كررت تجربة quot;كرامةquot; وأوضح أن استطالة التهدئة، بعد ما شهدته البلدات الإسرائيلية من هلع وانتشار في الشوارع واختباء في وسط صافرات أكسبت إسرائيل تطبيعا سياسياً مع مصر، الدولة الراعية لوقف النار.
وأشار خلف، إلى أن الدول العربية، وقعت في quot;فخquot; التأكيد أنها لا تريد الدفاع عن نفسها ولا تحرير ذاتها أو مساندة فلسطين حتى بالسلاح الأبيض( مع أنها تمد المعارضة السورية بالسلاح، وكذا فعلت في ليبيا)، وستبقى تسبح في فلك الولايات المتحدة دون خيارات بديلة.
وعن اتفاق التهدئة وتبعاته، قال خلف: quot;أخشى الذي لم يُقل في اتفاق وقف إطلاق النار، أو أن يكون جزءاً من ترتيب دولي لوجه المنطقة، بعد ربيع عربيquot;مُصفرquot; إلى قاحل وهذا بالتأكيد لن يكون في صالحنا إذا ما حدثquot;.
المصالحة أقرب
وبخصوص اتفاق التهدئة وحرب غزة والمصالحة، أوضح أن المصالحة أصبحت شعبياً أقرب بعد كسرquot;عامود السحابquot;، محذرا من المستفيدين والمتاجرين باستمرار حالة التشظي بين الضفة وغزة.
وفي ما يتعلق بالأمم المتحدة، قال خلف: quot; إن الأوراق سيعاد خلطها من جديد، وسنعيش أعمدة quot;دخانquot; جديدة، لا ندري متى ستبدد، وهل بالفعل سيتغير الحال السياسي إذا ما ترقت فلسطين باعتبارها دولة غير عضو في المنظمة الدولية بالفعل ؟ أم أن الأمور ستراوح مكانها؟quot;.
بدوره، أوضح الدكتور أسامة عبدالله، الكاتب والمحلل السياسي أن اتفاق التهدئة المتعلق بحرب غزة يمكن قراءته من جانبين.
بنود خطيرة في اتفاق وقف إطلاق النار
وقال عبد الله: quot;أولا إن التهدئة لأول مرّة تفرض ضمن شروط فلسطينية، بمعنى أن المقاومة الفلسطينية هي من فرضت الشروط لإبرامهاquot;.
وبخصوص الجانب الثاني وهو الأخطر حسب تعبيره ، أن هذه التهدئة لم تختلف عن اتفاقات السلطة الفلسطينية بشيء، حيث إن الاتفاق ينص على ضمان عدم إطلاق النار طوال فترة الهدنة، بمعنى أن حركة حماس ستواصل كما كانت قبل الاتفاق quot;ضمان التهدئةquot;، ولكن هذه المرة بمراقبة عربية ودولية.
وقال: quot; يكمن الآن التساؤل التالي أنه وعلى الرغم من شكل وحجم الخسائر الاسرائيلية من المستفيد في النهاية من التهدئة؟quot;.
وبين أن الظروف الآن تتطلب من المستوى القيادي الإسراع للبدء في تحقيق المصالحة، وتقديم تنازلات من أجل ذلك مع الإشادة بالجهود المبذولة من حركة فتح والتي تمثلت بإيفاد نبيل شعث عضو اللجنة المركزية ممثلا عن الرئيس محمود عباس وبالوفد الذي سيتوجه لغزة بقيادة أمين مقبول.
وقال عبد الله: quot;المطلوب شعبيا يتمثل بالضغط من قبل الشارع الفلسطيني بكافة أطيافه السياسية على قيادة الفصائل للنزول عن الشجرة من أجل تحقيق المصالحةquot;.
وكان عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وليد العوض، أكد في اتصال هاتفي مع quot;إيلافquot; أن الفصائل الفلسطينية في غزة بدت موحدة خلال المعركة وأيام الحرب وكانت تتباحث بشكل مستمر حول تفاصيل العدوان وطرق الرد عليه وتناقش باستمرار موضوع التهدئة وكل المقترحات التي كانت تقدم.
وأوضح أن حالة من التماسك يشهدها القطاع، وفي ما يتعلق بالمبادرات والحديث عن التهدئة أكد أنها خضعت كلها للمناقشة والبحث وكانت الاتصالات تتم بين كافة الفصائل والقيادة ومصر.
وأشاد العوض، بصمود الموقفين السياسي والميداني على الأرض الأمر الذي ساهم بنجاح جهود الجميع والخروج بحالة موحدة أخضعت إسرائيل للتعاطي مع مطالب المقاومة وخرجت باتفاق برعاية مصرية.
ولفت إلى أهمية زيارات المسؤولين العرب لقطاع غزة، وقال: quot;إن الزيارات مهمة، ولكن لا نريد لها أن تكتسب الطابع الانساني فقط كتنفيس عن حالة الغضب ولا نريد اختلافا في اللهجة فحسب نحن نريد موقفا عربيا أكثر حزما ونحن مع توجه الرئيس في حراكه بدعوته إلى اجتماع قمة عربية من شأنها إنقاذ غزةquot;.
وبخصوص الموقف العربي بعد اجتماع وزراء الخارجية العرب، وزيارة وزراء خارجية تونس ورئيس وزراء مصر للقطاع، أكد عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني أن هذه الزيارات تندرج في الإطار الإنساني ولم ترتق إلى مستوى العدوان الوحشي على قطاع غزةquot;.
وقال العوض: quot;يجب العمل على إحباط مخططات الاحتلال وأهدافه والسعي إلى عد لقاء للإطار القيادي لمنظمة التحرير لبحث الوحدة وإنهاء الانقسام وتصعيد التضامن الجماهيريquot;.
هدوء مقابل هدوء ونصر معنوي
بدوره، قال تيسير نصر الله عضو المجلس الوطني الفلسطيني في تصريح لـquot;إيلافquot;: quot;إن اتفاق التهدئة تتبين معالمه بهدوء مقابل هدوء الأمر الذي حقق نصرا معنويا للمقاومة في قطاع غزة وللأهالي هناكquot;.
وأضاف: quot;أظهر الاتفاق أن المقاومة استطاعت تغيير الوقائع حيث كانت على قدر المسؤولية بالرد على اعتداءات ومجازر الاحتلال بقصف العديد من المدن والمواقع والبلدات الاسرائيلية في تطور عسكري واضحquot;.
وبين نصر الله، أن اتفاق التهدئة أعاد مصر لدورها القيادي تحت حكم الرئيس محمد مرسي، حيث كان واضحا تأثيرها الاقليمي.
وفي ما يتعلق بالمتطلبات الأساسية للفلسطينيين في أعقاب حرب غزة واتفاق التهدئة، قال: quot;أتمنى أن يعمل هذا الاتفاق على إبقاء الروح المعنوية العالية التي تشكلت عند الفلسطينيين وأن تنعكس مظاهر الوحدة الوطنية التي تجسدت بالعمل الميداني الموحد في القطاع وفي المسيرات التضامنية في الضفة على تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسامquot;.
وشدد نصر الله، على ضرورة استغلال النصر المعنوي لترسيخ مفاهيم القيم الوطنية وإنهاء حالة الانقسام الراهنة في ظل وجود فرصة مواتية.
وعن اتفاق التهدئة وإمكانية أن يكون عاملا لتعزيز انقسام الضفة وغزة في ظل توقيعه ما بين حماس وإسرائيل برعاية مصرية قال نصر الله: quot;إسرائيل تسعى لتحقيق ذلك من خلال هذا الاتفاق في ظل وجود القوة لحركة حماس في القطاع والتي وقعته إلى جانب الجهاد الإسلامي دون وجود ذكر لبقية فصائل المقاومة الأمر الذي يخشى أن يرسخ انسلاخ غزة عن الضفةquot;.
وأضاف: quot;أن الرئيس عباس يسعى إلى توحيد الجهد الفلسطيني وإقامة الدولة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 بالتوجه للأمم المتحدة نهاية الشهر الجاري لنيل عضوية فلسطين بصفة دولة مراقب في الأمم المتحدة الأمر الذي يتطلب الآن تعزيز جهود الوحدة وعدم تعزيز الانقسام وتفويت الفرصة على الإسرائيليينquot;.