شنّ مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، هجومًا عنيفًا على نوري المالكي، رئيس حكومة بغداد، متهمًا إياه بتحويل العراق إلى أكثر البلدان فسادًا في العالم، وطالبه بالاستقالة إن كان يشعر بحدّ أدنى من المسؤولية.


اتهم رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني رئيس الوزراء نوري المالكي بالعمل على تسميم أجواء الاخاء بين العراقيين ودق أسفين في ما بينهم وتحويل العراق إلى أفسد بلد في العالم وخاطبه قائلاً quot;لو كنت تشعر بالمسؤولية لقدمت استقالتكquot;.

وجاءت هذه الاتهامات ردًا على تصريحات للمالكي، إلى وفد صحافي كويتي زار العراقالاربعاء الماضي، حذر فيها المسؤولين الأكراد من التفريط بالاستقرار الذي يتمتع به اقليم كردستان وتحويله إلى ساحة صراع اقليمي مشيرًا إلى أنّ ذلك سيتسبب بانهيارالاقتصاد ووضع المنطقة الشمالية على كف عفريت محذراً ايضاًمن تحشيد تركي ونفوذ اسرائيلي في الاقليم.

وقال المتحدث الرسمي باسم رئيس اقليم كردستان ئومید صباح إنه quot;في الوقت الذي اصبحت رائحة الفساد المستشري في كل الميادين تزكم الانوف، ومنها صفقات الاسلحة الفاسدة، ابتداءً من مكتب السيد المالكي ومن حواليه، فإنه يخرج علينا بتصريحات بعيدة عن الواقع ومخالفة للحقيقة، فهو لا يكاد يخرج من أزمة حتى يصنع غيرها، ليوحي للآخرين أن أزمته فقط مع اقليم كردستان، بينما تمتد أزماته من شمال البلاد حتى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، متناسيًا بادئ ذي بدء كيف تأسست الدولة العراقية بعد الحرب العالمية الاولى وهي القائمة على الشراكة اساسًا، والتي تخلى عنها اسلافه وليس كما يفعل هو الآنquot;. وأوضح أنّ رئاسة الاقليم انتظرت اربعة ايام قبل ان ترد على تصريحات المالكيquot;ترقباً لموقفٍ قد يصدر عن مكتبه يوضح أو يصحح ما نسب اليه من آراءquot;.

وأضاف أن المالكي يتطرق إلى المناطق المتنازع عليها لكي يخرق الدستور ويطلق عليها مصطلحاً آخر وهو (المناطق المختلطة) وهي التي استقطعها النظام السابق من كردستان ويريد المالكي أن يكرسها كواقع حال رغم أن المادة 140 دستورية ومصطلح المناطق المتنازع عليها دستوري، وقد قبلنا بهما لكي يكون الحل دستوريًا دون أن يكون لدينا ادنى شك بالهوية الكردستانية لكركوك والمناطق المستقطعة الأخرىquot;.

وخاطب الناطق باسم التحالف الكردستاني المالكي قائلا quot;منذ توليت الحكم عبر توافق سياسي وليس بانتخابات مباشرة أو انقلاب عسكري، وأنت تقصي شركاءك السياسيين في سلوك أبعد ما يكون عن تطبيق الدستور والتوافقquot;.. كما quot;لقد جرى تبديد اكثر من ستمائة مليار دولار من ميزانية العراق، ولا يزال المواطن العراقي يئن تحت وطأة التخلف المريع في كل ميادين الخدمات، من الماء الصالح للشرب والكهرباء والطرق المعبدة والصحة والتعليم ومعظم البنى التحتيةquot;.. وتساءل قائلاً quot;فأين ذهبت كل تلك الأموال، وانت تريد أن تزعزع الثقة باقتصاد كردستان بتكهنات لا اساس لها من الصحة، حيث يتمتع الاقليم بازدهار مضطرد بشهادة العراقيين والعرب والاجانب اذ بلغت الاستثمارات فيه اكثر من 23 مليار دولار معظمها من الدول العربية واكثرها من دولة الكويتquot;.

وأضاف quot;لقد شكلتم جيشًا مليونياً وأكثر، ولا يزال الأمن مفقوداً في كل أنحاء العراق، خارج اقليم كردستان، ثم انكم لم تعينوا قائد فرقة واحدة في الجيش بموافقة البرلمان، كما ينص عليه الدستور، فعن أي جيش عراقي تتحدث؟quot;.. فهل فكرت جيداً بتبعات كلامك الخطير والخطير جداً، عندما تدعو إلى حرب عربية كردية؟quot;.

وقال مضيفًا quot;لو كان لديك شعور بالمسؤولية، لقدمت استقالتك والعراق بهذه الحال المزرية، حيث تحولت البلاد بفضل (صولاتك) إلى أفسد بلد في العالم، وجاءت في المراتب الاخيرة، وفقاً للقياسات العالمية، من حيث النزاهة ووضعت مدينة بغداد، العاصمة التي ظل العالم يردد اسمها، المدينة الأتعس ربما بعد الصومال كما شخصتها منذ تأسيسها (عام 1921) على ركنين متلازمين قوامهما القوميتان المتآخيتان، العربية والكردية، المتعايشتان مع المكونات المتآخية الأخرى، من التركمان واليزديين والصابئة، مسلمين ومسيحيين، ولم يتجرأ من الحكام المستبدين الذين تعاقبوا على الحكم سواك، بتهديد عرى التآخي بينها جميعاً، سواك، ولم تبلغ الاستهانة بالوحدة الوطنية والمصالح العليا للعراق والتهديد بتجييش الجيوش الا في عهدك الذي يشهد تدهوراً مستمراً في كل يوم في سائر الميادين السياسية والاقتصادية والثقافية، ويزداد الانفلات الامني وضياع الارواح البريئة وممتلكات المواطنين، رغم صولات القوات غير الدستورية التي تواصل تشكيلها بالالتفاف على البرلمان وارادة الشعبquot;.

وزاد quot;نحن اذ نشعر بالأسى لملاحظاتك المهينة لشعبنا، نقول لك مضطرين، إن كردستان المتآخية مع كل اشقائها العراقيين، لم تجد منذ تأسيس الدولة العراقية، كما تسمم اجواء تآخينا أنت، منةً عليهم وهي تمد البلاد بخيراتها والثروات المستخرجة من باطن وفوق اراضيها.. فنحن، كنا ولا نزال، نتصرف كشركاء في وطن واحد، يجمعنا دستور وتاريخ ومصالح مشتركة، خلافًا لما توحي به اطماعك السلطوية من محاولة quot;دق اسفينquot; بين شعبنا واشقائنا في العراق الفيدرالي الديمقراطيquot;.. وquot;أخيراً، صدق من قال: لا تتوقعوا خيراً من بطون جاعت ثم شبعتquot;، على حد قوله.

وكان المالكي حذر السبت المسؤولين الأكراد من التفريط بالاستقرار الذي يتمتع به الاقليم وتحويله إلى ساحة صراع اقليمي، مشيرًا إلى أنّ ذلك سيتسبب بانهيار الاقتصاد ووضع المنطقة الشمالية على كف عفريت.

وتحدث المالكي لعدد من الصحافيين الكويتيين في بغداد عن ممارسات الأكراد في المناطق المختلف عليها اداريًا قائلا quot;جاءني مجلس من كركوك يضم ممثلين عن 150 عائلة عربية تكلموا عن قصص لا تصدق عن قيام الأكراد بأخذ وثائقهم ومستمسكاتهم وتمزيقها وطردهم من كركوك، أو أن العربي لا يستطيع أن يشتري منزلاً في كركوك أو أن يسجل سيارة الا بفيزا وكفالةquot;.

وأضاف المالكي quot;الدستور العراقي منح شرعية حق التملك للعراقي في أي مكان في العراق، لاسيما أن نص المادة الدستورية تؤكد حق المواطن العراقي أن يسافر ويمتلك بيتًا في أي جزء من العراق، وأن يسكن في أي جزء منه، وكذلك أن الجيش العراقي جيش اتحادي له الحق في التحرك في أي جزء من العراقquot;. وتساءل قائلا quot;كيف يعترض الأكراد على تحريك الجيش في كركوك أو تشكيل قيادة عمليات دجلة، فهو ليس من حقهم ومن حق الجيش أن يدخل إلى اربيل ويجلس بجانبكquot;.

وأكد ان quot;موضوع الأكراد قضية داخلية ومسعاهم هو تأسيس دولة، ولكن دولة تريد أن تعيش على دولة هذا امر ليس بصحيحquot;، وفيما يحذر من quot;مسار الأزمة بعيدًا عن غطاء الدستور يشير إلى أنّه يقول باستمرار إلى الأكراد quot;تعالوا إلى الدستور لأنه من دون الدستور نذهب إلى طابع آخر وليست ثمة مصلحةquot;. ولفت إلى quot;أن القضية فيها دفع خارجي.. ونحن لن نسمح له ان يصل إلى مرحلة القتال..اذ رفعنا شعارًا واحدًا مفاده انه لا مشكلة مع احد وانما هذا الدستور هو الحكمquot;.

وحذر المالكي أيضًا من quot;نتائج لا تحمد عقباها بقوله quot;قلنا للأكراد..اذا حصل القتال هذه المرة سيصبح قتالاً عربياً كردياً، لان المناطق المختلف عليها اداريًا هي في الاصل مناطق عربية وتركمانية واذا تفجر القتال، لن نصل إلى نتيجة وفيها تركمان وعرب لن يقفوا مكتوفي الايدي ويندلع قتال عربي كردي لن يتوقف.. فيا اخوة لا تستمعوا إلى من يدفعكم بهذا الاتجاه لانه سيورطكمquot;.

وأشار إلى أنّ quot;هناك قسماً من الاخوة الأكراد يعون خطورة هذه الأزمة وقسماً آخر في رؤوسهم هوى، ولكن ان شاء الله لن نسمح أن تصل القضية إلى القتال بشرط أن يلتزموا بالدستور، ويكفوا عن الضغط على الناس في تلك المناطقquot; مبينًا أن quot;الناس في كردستان بدأوا يترحمون على صدام.. وما يجري وانا على علم به لا يقل خطورة ابداًquot;.

وأعرب رئيس الحكومة العراقية المالكي عن اسفه quot;لما يحدث من انهيار للاقتصاد في منطقة كردستان العراقquot;، كما يعرب عن ايضا عن تساؤله بالقول quot;ما الذي حصل في كردستان الآن، بعد كم الهزات التي حصلت أخيراً، اقتصادهم نزل إلى الصفر، رئيس الجمهورية جلال طالباني ابلغني أن الاقتصاد نزل بنسبة 70 %، وانا لدي معلومات أنه هبط إلى أدنى من هذا المستوىquot;، مشيرًا إلى أنّها quot;مجازفة بأن يستثمر في منطقة على كف عفريت من الشرق ايران ومن الشمال تركيا ومن الجنوب العراق فضلاً عن المشاكل الداخلية في الاقليمquot;. كما عبر عن أسفه quot;لسعي قوى في الاقليم إلى التفريط بالاستقرار الذي يعيشه الاقليمquot;، محذراً من quot;تحشيد تركيا ونفوذ اسرائيلي في تلك المنطقةquot;.

وقال quot;صار هناك امان في الاقليم افضى إلى حركة اقتصادية جيدة فلماذا تخسرونهquot;، مبينًا أن quot;الشركات لا تدخل في منطقة فيها تحشيد، تركيا داخلة بعمق، واسرائيل ايضا، فالشركات لن تدخل ودافع الثمن الوحيد الشعب الكردي، فالبصرة والنجف وبغداد بعيدة عن هذاquot;. وخاطب المالكي القوى الكردية قائلا quot;أنتم من ستتأثرون حين تحولون الاقليم إلى ساحة صراع اقليمي، لا نحن نقبل بأن تركيا تمتد ولا ايران تقبل ولا تركيا تقبل بهذا الصراعquot;.

يذكر أن التوتر بين اربيل وبغداد قد تصاعد عقب القرار الذي اتخذه المالكي في تموز (يوليو) الماضي بتشكيل قيادة عسكرية جديدة، أطلق عليها اسم قيادة عمليات دجلة، تشمل منطقة عملياتها مدينة كركوك المختلف بشأنها اداريًا ما أدى إلى توتر بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية ارتقى في احيان إلى اشتباك مسلح.