الأزمة بين العراق وكردستان تدفع بالبعض للمناداة بانفصال الأكراد وقيام دولتهم المستقلة، لكنّ اصواتاً عراقية كثيرة ترفض الانفصال، ويرون أن مصلحة الأكراد العيش في عراق موحّد.. لكن من دون دكتاتورية.


عبد الجبار العتابي من بغداد: ازاء كل إشكالية أو أزمة سياسية بين الحكومة المركزية العراقية وحكومة اقليم كردستان، تتعالى الأصوات من الجانبين منادية بالانفصال، ومهاجمة بضراوة حكومة بغداد مع اتهامها بدفع الأكراد إلى إعلان دولتهم المستقلة، ويتبارى الطرفان في كيل الاتهامات لبعضهما إلى حد التخوين وتفجير الخلافات على أسس مذهبية أو قومية.

المالكي هو المسؤول

جاءت الاحداث الاخيرة المتمثلة بالازمة بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية لتزيد من حدة النداءات المطالبة بالانفصال وإقامة دولة كردستان، وهو ما ترجمه المواطنون الأكراد بلصق العلم الكردي على اسم العراق في لوحات السيارات. وعلى الرغم من اتفاق الآراء في مسألة حق تقرير المصير للشعب الكردي واقامة دولته المستقلة مستقبلًا، إلا أن البعض يرى أن الاكراد يستغلون الظروف لتحقيق مكاسب إضافية، تتمثل بالحصول على أراضٍ لضمها لاقليمهم الشمالي.

يقول البروفسور الكردي عز الدين مصطفى رسول إن القادة الأكراد لا يمثلون أنفسهم، بل يمثلون الشعب الكردي، quot;واذا ما أرادوا الانفصال فلن يكون إلا بطلب من الشعب، والانفصال هذا مرهون بالظروف العالمية التي لا نعرف ما الذي ستكون عليهquot;.

اضاف: quot;لا أحد يدعو إلى الانفصال، وقد قالها الزعيم الكردي جلال طالباني بصراحة، ولكن اذا الشعب اراد شيئًا فهذا لا يمكن رفضه، ومن حق الشعب الكردي أن يقرر البقاء أو الانفصال. كما أنهم غير مسؤولين عما يحدث من ازمات مع الحكومة المركزية في بغداد، بل المالكي هو المسؤول لأنه يستفز ويهدد بالجيوش ويحرك الدبابات ضد كردستانquot;.

مع عراق واحد موحد

قال الشاعر الكردي عبد الرزاق بيمار: quot;لا أؤيد الانفصال أو من يدعو له، وهؤلاء الذين يتبخترون بشعارات ثورية يجب أن يكفوا عن ذلك، وفي الاعلام الكردي اقوال وادعاءات غير واقعية، لهذا السبب أدعو الجماهير الكردية إلى الالتزام بالاخوة الصادقة، فأنا افضل العيش في عراق اتحادي فيدرالي أفضل مما استسيغ العيش منفصلًا، لهذا السبب لا اعتقد أن السياسيين الكبار يدعون إلى الانفصال، حتى أن مسعود بارزاني والاحزاب الكردية مع الاتحاد في عراق واحد موحدquot;.

وأضاف: quot;التشنجات الاخيرة ناتجة عن مواقف سببها تصريحات أتت من هنا وهناك وولّدت بعض المشاحنات، لهذا كان المثقفون الاكراد يشكون في وجود نية لإعادة احتلال عسكري للمنطقة المتنازع عليها، ولهذا السبب وجد البعض أن تقدم الجيش ليس ضروريًا، لانه ولّد نوعًا من الخوف من المستقبل، فالأكراد مع العيش مع العرب في عراق واحد ديمقراطيquot;.

أما الكاتب الكردي الدكتور كمال مصطفى فرأى مسألة حق تقرير المصير مسألة مشروعة، quot;لكن أي انفصال أو استقلال يتطلب ظروفًا مساعدة، فالشعب الكردي اختار نظام الفيدرالية بمحض ارادته، بينما لا تعترف الحكومة المركزية إلى الآن بالصيغة الفيدراليةquot;.

اضاف: quot;عشنا زمنًا طويلًا وأرقنا دماءً غزيرة في النضال ضد الحكومات المستبدة المتعاقبة، والآن يعتز المواطن الكردي أن يعيش مع المكونات العراقية، لأن الظروف تتطلب التوافق بين المكونات، ولا يمكن لأي حزب مهما كانت قوته ورصيده بين الجماهير أن ينفرد بالحكم، فلذلك الشعب الكردي مع التعايش السلمي مع المكونات العراقية لبناء عراق جديد، الا اذا الحكومة المركزية اصرت على انفصال الأكرادquot;.

من دون دكتاتورية

أعطى الكاتب حسين الجاف كل شعب الحق في الانفصال وتشكيل دولته، quot;وهذا حق لا ينكر على أي شعب من شعوب العالم، لكن الغالبية العظمى من مثقفي العراق وسياسييه من الأكراد مع وحدة الوطن العراقي ولكن.. من دون دكتاتوريةquot;. وأضاف: quot;من حق الشعب الكردي في طلبه الانفصال، لكن الظروف الموضوعية والذاتية لهذا الانفصال غير متوافرة الآن، ونحن دائمًا مع ما تقرره القيادات الثورية لشعبنا لأنها هي التي قادت النضال خلال 60 سنة ماضية، لكن المسألة غير مطروحة، فأنا عضو في الحزب الديمقراطي الكردستاني منذ 45 عامًا، وليس في ادبيات الحزب كلمة انفصالquot;.

يعيش الكردي ستار عبد الله في بغداد منذ ولادته، ولا يعرف كردستان إلا في زياراته القصيرة. يقول: quot;من جانب، أرى أن مصلحة الأكراد في عدم الانفصال، لأن الظروف ليست مؤاتية بسبب الموقف الدولي ومعارضة دول الجوار التي يعيش فيها اكراد، لذلك لا اعتقد أن الاكراد يفكرون في الانفصال، لكنهم يريدون الحصول على مكاسبquot;.
أضاف: quot;أنا أحب أن أكون عراقيًا، ومثلما أحب اربيل والسليمانية ودهوك أحب بغدادquot;.

من جهته قال الكاتب العربي ستار محسن علي: quot;من خلال علاقتي بالشخصيات الكردية، هناك اتجاهان أو تياران كرديان، اتجاه شوفيني يسعى إلى تأسيس دولة كردية، وآخر يعمل على أن تكون كردستان كإقليم ضمن حدود العراق، ولكني أجد ما يجري الآن من مناوشات وحملات إعلامية تصب في الانفصال، ولو انتبهت إلى زي البيشمركة لوجدته مختلفًا عن زي الجيش العراقي، فما زال جنودها يرتدون ملابس النظام السابقquot;.

أضاف: quot;أجد أن حكومة كردستان تسعى إلى ضم المناطق المتنازع عليها، وهذه مشكلة كبيرة تواجه الدولة العراقية، فهذا السعي يدل على أن حكومة الاقليم تتعمد خلق المشاكل واستغلال أزمات العراق الداخلية، من أجل الاستحواذ على مناطق ترى أنها تابعة لهاquot;.

لن تحمينا أميركا

أعربت المواطنة الكردية هدى عثمان من منظمة المرأة العراقية عن استيائها مما يتفوه به السياسيون العرب والأكراد حول الانفصال، فقالت: quot;لا يعجبني منطق السياسيين الذين يتحدثون عن الانفصال، فأنا كردية عراقية وأعتز بكرديتي وعراقيتيquot;.

أضاف: quot;ربما يعتقدون أنهم سيشعرون بالراحة اذا ما انقسم العراق، لكنهم سيشعرون بالندم إن حصل ذلك، لأن قدر الاكراد أن يكون العراق وطنهم ولا بديل لهم عنهquot;.

اما المواطن الكردي فاروق عمر فقال: quot;أنا كردي، وأسكن منطقة الكرادة، ولا فرق عندي بين أربيل والبصرة، فمن يريد الانفصال فليذهب وينفصل وحيدًا، ومن يرفض الانفصال فليأتِ إلى بغداد لنكون عراقيينquot;.

أضاف: quot;في اليوم التالي للانفصال، ستحتلنا دول أخرى، فالبعض من السياسيين يعتقد أن أميركا ستحمينا كما تحمي اسرائيل، لا والله لن يحمينا أحد، وسنندم لانفصالنا عن العراقquot;.