كشفت معطيات موثقة صراعاً استخباراتياً بين إسرائيل وإيران في أريتريا، تستغله اسمرة لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، وبحسب شركة الاستخبارات الاميركية quot;ستراتفورquot;، تضع إسرائيل محطات تنصت على جبال اريتريا، بينما يتركز النشاط الايراني في محاولة السيطرة على مضيق باب المندب، وينطوي علىاهمية استخباراتيةاكثرمنهادفاعية تكتيكية.


رصدت معلومات امنية نشاطاً استخباراتياً للموساد الاسرائيلي في اريتريا، يهدف الى جمع اكبر قدر من المعلومات في دول القرن الأفريقي ومياه البحر الاحمر، وقال تقرير صادر عن شركة quot;ستراتفورquot; الاميركية، المتخصصة في الشؤون الاستخباراتية والتحليل الجيوسياسي الدولي، إن اريتريا باتت جبهة تتنافس على استقطابها اسرائيل وايران، إذ تحاول كلتاهما تعزيز نفوذهما في دولة الصراعات الاولى بالقرن الأفريقي.

أنشطة أمنية للموساد

ونظراً للعلاقات الدبلوماسية التي تقيمها اريتريا مع اسرائيل، تسمح حكومة اسمرة للدولة العبرية بممارسة انشطة امنية للموساد على اراضيها، والى جانب ذلك تحرص اريتريا على توطيد علاقتها بايران، لتتحول اراضيها الى جبهة، تتنافس على استقطابها حكومتا طهران وتل ابيب، بحسب تقرير الشركة الاميركية.

كما جاء في التقرير الذي نشرته صحيفة يديعوت احرونوت العبرية، أنه وفقاً لدوائر دبلوماسية رفضت الكشف عن هويتها، تضع اسرائيل طواقم عسكرية بحرية في مجموعة الجزر الاريترية quot;دهلكquot;، وفي احدى المدن المطلة على سواحل اريتريا، وفي هذه المواقع زرعت اسرائيل محطات تنصت، فضلاً عن نقاط مماثلة وضعها الموساد اعلى جبال اريتريا.

التواجد الاسرائيلي في اريتريا مكثف وعلى درجة عالية من الدقة والسرية، إذ يضم محطات تنصت في البحر الاحمر، ومنظومات إلكترونية بالغة التعقيد، لملاحقة النشاط الايراني في القارة الأفريقية، وقالت دوائر رفيعة المستوى في شركة الاستخبارات الاميركية: quot;إن التواجد الاستخباراتي الاسرائيلي في اريتريا قليل، لكنه مكثف وينطوي على فائدة كبيرةquot;.

ويؤكد احد محللي الشركة الاميركية أنه للوقوف على مصالح اريتريا التي تقف وراء التعاون مع اسرائيل، ينبغي أن نتفهم ما يشغل حكومة اسمرة، فأكثر التهديدات الامنية التي تهدد اريتريا قادمة من جارتها الجنوبية اثيوبيا، وهي الدولة التي تقيم معها اسرائيل علاقات دبلوماسية، فأريتريا حصلت على استقلالها عن اثيوبيا عام 1991، لتحسم موقعها على البحر، ومنذ هذا التاريخ اندلع القتال والمعارك بين الجارتين بشكل مباشر وغير مباشر، وكانت الهزيمة من نصيب اريتريا خلال الحرب التي اندلعت مع اثيوبيا ما بين 1998 و 2000، وحصدت ارواح ما يربو على 70 الف شخص، ومنذ قيام دولة اريتريا يسود التوتر على الحدود مع اثيوبيا، وتم وضع الجنود على حدود البلدين في حالة تأهب كاملة.

قمع المعارضة السياسية

وتعاني اسمرة عزلة من قبل الدولة الأفريقية، على خلفية دعمها وتأييدها بالعناصر الاسلامية في الصومال، كما يتهمها الغرب بالخرق الصارخ لحقوق الانسان، وقمع نشطاء المعارضة السياسية، لذلك بحسب تقرير الشركة الاميركية تتوجه اريتريا ناحية دول الشرق الاوسط، وترغب في استغلال اسرائيل للتأثير على الولايات المتحدة حليفة اسرائيل واثيوبيا، خاصة في ما يتعلق بقرارات المجتمع الدولي حيال حكومة اسمرة.

الى ذلك ترغب اسمرة في تطوير منظوماتها الدفاعية الجوية، لمجابهة أي هجوم محتمل من قبل اثيوبيا، بالإضافة الى أن الحكومة الاريترية تعتبر أن التعاون مع اسرائيل هو الطريق الأمثل لخلق توازن في علاقاتها المتشعبة مع ايران.

ويعدد التقرير النشاط الاستخباراتي لعدد من الدول الاقليمية داخل اريتريا، فإلى جانب اسرائيل وايران، ألمح الى السعودية ومصر وقطر، مشيراً الى أن تلك الدول ترتبط بعلاقات وطيدة مع الدولة الأفريقية الصغيرة، كما اشار التقرير الى أن ايران وقعت مع حكومة اسمرة اتفاقاً يخوّل طهران التواجد الامني في مدينة اساب، وهي المدينة البحرية التي تعد مركزاً تجارياً في اريتريا، وفي مقابل ذلك حصلت اريتريا على دعم مادي ولوجستي وعسكري من الدولة الفارسية.

الانشطة الايرانية في اريتريا ترتبط بحسب تقديرات التقرير بتطلعات طهران الكبيرة، وهي السيطرة على مضيق باب المندب جنوب البحر الاحمر، على الرغم من ذلك يشير التقرير الى أنه على بعد كيلومترات معدودة من مدينة اساب الاريترية، تتواجد العديد من سفن الدول الغربية، لمكافحة القراصنة، كما تقيم الولايات المتحدة وفرنسا قواعد لها في جيبوتي المجاورة لاريتريا، لذلك ينطوي التواجد الايراني في اريتريا على اهمية استخباراتية اكثر منها دفاعية تكتيكية.