بيروت: تصاعدت الضغوط الدولية من أجل تقديم مساعدات عسكرية لمعارضي الرئيس السوري بشار الأسد، قبل اجتماع مجموعة الاتصال الدولية الجديدة بشأن سوريا، التي من المتوقع أن تشهد انقساماً حول مسألة تسليح المعارضة، ولأي مدى.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، اقترح عضوا مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة، جون ماكين وليندسي غراهام (الحزب الجمهوري) تقديم الدعم للمعارضة السورية، بما في ذلك المساعدات العسكرية، لكن ليس بالضرورة بتدخل مباشرة من قبل الولايات المتحدة، من أجل الإطاحة بالرئيس الأسد الذي يشن نظامه حملة قاتلة ضد المعارضين منذ ما يقرب عام على بدء الثورة الشعبية.

وتأتي هذه الاقتراحات بعد تدفق مئات الاشخاص إلى شوارع دمشق مطلع الاسبوع، في أكبر تظاهرة حتى الآن في العاصمة السورية. واستمر الجيش السوري بقصف حمص لليوم الثامن عشر على التوالي، واستعادة السيطرة على حي الإنشاءات الذي فرت منه نحو 70٪ من العائلات، وفقاً للمجلس الثوري في حمص.

وسيجتمع أعضاء ما يسمى بـ quot;أصدقاء سورياquot;، بما في ذلك وزراء الخارجية من الولايات المتحدة، فرنسا، المملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، لأول مرة يوم الجمعة في تونس. واقترح الفريق تحديد هذا اللقاء بعد أن استخدمت روسيا والصين حق النقض هذا الشهر ضد قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة، الذي يدعو الرئيس الأسد للتنحي.

ووصفت الولايات المتحدة مجموعة أصدقاء سوريا بأنه quot;طريق يلتف حول الامم المتحدة من أجل الضغط على نظام الأسدquot;، ويهدف إلى مناقشة العقوبات، الدعم الإنساني ودعم التحول الديمقراطي في سوريا.

وقال محللون إن نقطة الخلاف الوحيدة قبل انعقاد الاجتماع هو ما اذا كانت المجموعة ستترك الباب مفتوحا أمام روسيا والصين. وليس من الواضح ما إذا سيتم تم توجيه الدعوة للانضمام إلى أي من الدولتين. وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية يوم الجمعة ان الصين لم تتلق دعوة للمشاركة.

وقال أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي يوم الاثنين ان هناك دلائل على ان الصين وروسيا يمكن أن تحول موقفها بشأن سوريا، واصفاً تونس بأنها وسيلة من أجل quot;فرض ضغوط إضافية على سورياquot;، حسبما ذكرت وكالة رويترز.

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة الـ quot;وول ستريت جورنالquot; عن سلمان الشيخ، مدير مركز بروكنغز للأبجاث في الدوحة، قوله: quot;السؤال الأساسي وهو إلى أي مدى سيكون هذا الاجتماع عدوانياًquot;. وأضاف: quot;هل سيكون مؤتمر أصدقاء سوريا من حيث تركه مفتوحاً ولقاء جامعاً، أم هو أشبه بأعداء الأسد، التي من شأنها أن تحرك التركيز أكثر صوب الصراع على الأرض؟quot;.

واعتبرت الصحيفة أن إدراج هذه الأطراف في الاجتماع يحدد، إلى درجة كبيرة، ما إذا كانت المجموعة ستقف إلى جانب تقديم مساعدات عسكرية للثوار في سوريا. والأمر الذي يزيد من تعقيد الجهود الدولية هو ان الثوار المسلحين في سوريا يندرجون quot;اسمياً فقطquot; تحت مظلة ما يسمى بالجيش السوري الحر.

وعلى الرغم من أن الجيش السوري الحر يقول إنه يمثل مجموعة متزايدة من الجنود المنشقين، يعترف نشطاء المعارضة بأن المقاتلين، بما في ذلك الميليشيات المحلية المسلحة، تقول انها تحت لواء الجيش السوري الجر quot;اسمياً فقطquot;.

من جانبها، بدت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، أكثر حذراً من ذي قبل، بسبب السلسلة الأخيرة من التفجيرات في سوريا، التي حملت بصمات تنظيم القاعدة، الأمر الذي يشير إلى وحود جركتن متمردة تتحرك بالتوازي، مع أو خارج نطاق سيطرة المعارضة السورية وقيادتها.

وأعلن المجلس الوطني السوري، الجماعة السورية المعارضة البارزة، انه دُعي إلى اجتماع يوم الجمعة في تونس بصفته quot;الحزب السوري المركزيquot;. وقالت المتحدثة باسم المجلس، بسمة قضماني، ان quot;المجلس الوطني السوري سيطلب تقديم المساعدات للجيش السوري الحر بصفته وسيلة للحمايةquot;، معتبرة أن هذا القرار يصب في مصلحة الثورة السلمية، إلا أنه يؤكد في الوقت ذاته على التزام الجيش الحر بحماية المدنيين من قوات الأمن والشبيحة.

وقالت قضمانيquot;إن مسؤولية المجلس الوطني السوري هي ضمان أن تكون هناك علاقة بين الجماعات على أرض الواقع مع بعضها البعض، وتأتي في ظل القيادة المتكاملةquot;، مضيفة: quot;نتوقع أن يتم الاعتراف بالجيش السوري الحرعلى انه لاعب مهم ورئيسي لأن انشقاق عن الجيش هو أفضل أمل لدينا لسقوط سريع للنظامquot;.

وقال العقيد عارف حمود، قائد في الجيش السوري الحر من تركيا: quot; ان ما نسعى اليه هو ثورة من خلال الجناح السياسي ممثلاً بالمجلس الوطني السوري، والجناح العسكري ممثلاً بالجيش السوري الحرquot;.
وأضاف: quot;نأمل أن الدعم المادي من أصدقاء سوريا يمكن أن يساعدنا في تحقيق ذلكquot;.

وخلافاً لحذر إدارة أوباما من أن تصبح أكثر انخراطاً في أزمة سوريا، تسعى بعض الدول العربية إلى الدعم العلني للمعارضة السورية المسلحة في تونس، وفقاً لأشخاص مطلعين شاركوا في التخطيط لهذا الاجتماع.

وقال دبلوماسي عربي: quot;على الصعيد الإقليمي، تشعر دول الخليج بالإحباط من سير الأمور، في الوقت الذي يتحرك فيه الغرب، وخصوصاً أميركا، بطريقة حذرة تجاه التورط أكثر في الأزمة السوريةquot;.
أي قرار متعدد الأطراف لتقديم الدعم للجماعات المسلحة في المعارضة يهدد ليس فقط باستفزاز روسيا والصين، لكن أيضاً بإضفاء الطابع الرسمي على خطوط الصدع الطائفي على الصعيد الإقليمي، وفقاً لدبلوماسيين ومحللين.

وتخطط مجموعة أصدقاء سوريا لعقد اجتماع تنسيقي في لندن يوم الخميس، على هامش مؤتمر حول الصومال، قبل الجلسة الرسمية في اليوم التالي.

أما في تونس، فمن المتوقع من الدول العربية والغربية التركيز على سبل توفير المساعدات الإنسانية في حالات الطوارئ في سوريا، بدءاً من حمص. وتعمل فرنسا على حشد الدعم لخطتها بإنشاء quot;ممرات انسانيةquot; في سوريا، من الحدود مع تركيا، لبنان، أو الأردن.