اعتمد مجلس الأمن الدولي بياناً يطالب فيهبأن تطبّق سوريا خطة السلام التي عرضها كوفي آنان، لكن هذا الإعلان يضع تحديات كبيرة أمام المعارضة. وتشير الوقائع إلى أن النظام السوري لا يزال بعيداً عن الهزيمة، كما أن التوصل إلى تسوية من المرجّح أن يقدم إلى المتمردين ما هو أقل من استسلام الأسد.


بعد مرور عام على الثورة السورية يبقى مهندسوها على مفترق طرق

لميس فرحات: السبب في ذلك هو أن خطة السلام، وعلى الرغم من أنها تطالب بوقف العمليات العسكرية التي يشنّها النظام ضد معاقل المعارضة، إلا أنها تتراجع في المقابل عن الإصرار السابق الذي عبّرت عنه الدول الغربية والعربية - والمعارضة السورية ndash; بتنحّي الأسد فوراً وتسليم السلطة إلى حكومة وحدة وطنية كنقطة انطلاق للتوصل إلى حل سياسي.

بدلاً من ذلك، تدعو خطة أنان إلى:
bull; وقف القتال وسحب القوات الحكومية والأسلحة الثقيلة من المدن التي تشهد احتجاجات.
bull; إرساء هدنة إنسانية لمدة ساعتين يومياً، لإفساح المجال لوصول العاملين الإنسانيين إلى المناطق المتضررة من أعمال العنف.
bull; السماح بعمل المنظمات الإنسانية وإطلاق السجناء.
bull; ضمان حرية عمل وسائل الإعلام.
bull; احترام حق التجمع والتظاهر السلمي.
bull; تسهيل عملية انتقالية سياسية بقيادة سورية تقود إلى نظام تعددي عبر حوار بين الحكومة وجميع أطياف المعارضة السورية.

واعتبر موقع quot;غلوبال سبينquot; أن الأيام المقبلة ستثبت ما إذا كان النظام سوف يحترم رغبته المعلنة في الدخول في حوار سياسي، شرط أن تلقي المعارضة سلاحها، مشيراً إلى أن النظام بالتأكيد سيواجه احتجاجات سلمية ضخمة، ولن تكون لديه نية للتنازل عن السلطة حتى لو كان يتحدث عن الإصلاح الدستوري بينما يقوم بقصف معاقل المعارضة.

لكن الطلب من المعارضة التفاوض مع النظام وفقاً للشروط التي وضعها أنان يشكل معضلة للثوار السوريين المنقسمين، إضافة إلى بعض القادة الذين من المقرر أن يجتمعوا في تركيا يومي الخميس والجمعة: ما يتم الفوز به على طاولة المفاوضات عادة ما يعكس ميزان القوى على الأرض. والواقع، هناك، هو أن نظام الأسد أثبت حتى الآن مرونة أكثر من خصومه المحليين والأجانب.

في هذا السياق، يقول جوشوا لانديس، الخبير في الشأن السوري من جامعة أوكلاهوما، quot;السنة الأولى من الثورة السورية، اعتقدت المعارضة بسذاجة أنها ستحظى بدعم جميع السكان في سوريا مقابل تخليهم عن النظام، أو أن بشار الأسد سيتنحّى، ويسلّم السلطة في غضون أشهرquot;.

وأضاف: quot;لكن هذا لم يحدث بسبب المخاوف الطائفية والطبقية، التي تثبط أعمال الانشقاق عن النظام على نطاق واسع، والتي من شأنها إسقاط حكم الأسدquot;.

أدى سفك الدماء والتضحيات التي قام بها المعارضون خلال العام الأول على الثورة السورية، التي راح ضحيتها 8000 مواطن، إلى تراجع قيادة المعارضة المعتدلة بشكل متزايد، مقابل موقف أكثر تشدداً على أرض الواقع، حيث العناصر المسلحة ndash; التي تشعر بمرارة الخسارة ndash; أصبحت طائفية على نحو متزايد.

واعتبر موقع quot;غلوبال سبينquot; أن النكسات العسكرية التي لحقت بالثوار في الأسابيع الأخيرة جرّاء الاعتداءات الوحشية من قبل قوات النظام، والتي أجبرتهم على الانسحاب من الأرض التي كانوا يسيطرون عليها في حمص وإدلب ودرعا وأماكن أخرى، quot;من المرجح أن تثير تحولاً تكتيكياً نحو شيء أقرب إلى التمرد السنّي في العراقquot;، أي المزيد من الطبيعة الطائفية، وقيادتها مجهولة المصدر ومختبئة، وتعتمد في عملياتها على تكتيكات الكرّ والفرّ، وحرب العصابات والهجمات الإرهابية التي تهدف إلى إضعاف الروح المعنوية للنظام.

في هذا السياق، يحذّر لانديس من أن quot;زعماء المعارضة على الأرض، وأولئك الذين يقاتلون النظام في الواقع، قد أصبحوا بالفعل أكثر تشدداً وأكثر أسلمةquot;، مضيفاً أنه quot;في حال لم يستطع المجلس الوطني السوري اللحاق بالركب، فإنه سيصبح غير ذي صلةquot;.

وفي الواقع، أدى الخلاف بين المجلس الوطني السوري وبين الثوار على أرض الواقع إلى سلسلة من الانشقاقات والاستقالات من المجلس وإنشاء مراكز منافسة للقيادة.

ويظهر تصويت الأمم المتحدة الأخير على خطة السلام السورية، quot;الآفاق القاتمةquot; للتدخل العسكري الأجنبي، الذي انخفضت شهية الدول الغربية للإقبال عليه، نظراً إلى الرهانات الإقليمية، كما يشير إلى انقسام المعارضة والبعد الطائفي، الذي قد يؤدي إلى حرب أهلية، يمكن أن تستمر حتى بعد الإطاحة بالأسد.

من جهته، يعتبر البروفسور دانيال بايمان من جامعة جورج تاون أنه quot;من الصعب كسر قبضة الأسد من دون أن تنكسر سورياquot;، مشيراً إلى أن الدول الغربية تتأنى في هذا الإطار، لأنها تخشى شبح quot;دولة فاشلة تملك ترسانة كبيرة من الأسلحة الكيميائية، وموقعاً محورياً في نقطة ارتكاز للتوترات في المنطقةquot;.

وتشير الوقائع إلى أن النظام السوري لا يزال بعيداً عن الهزيمة، كما أن التوصل إلى تسوية تفاوضية من المرجّح أن يقدم إلى المتمردين ما هو أقل من استسلام الأسد. لكن هذا هو البديل الوحيد الذي باستطاعة القوى الأجنبية تقديمه، فتشجيع المعارضة المسلحة قد يسبب quot;عراقاً آخرquot; مع نتائج غير مؤكدة.

بعد مرور عام على الثورة السورية، يبقى مهندسوها على مفترق طرق في مواجهة عملية سياسية غير مرضية أو حرب دموية طويلة الأمد. ونظرًا إلى اللغة المستخدمة من قبل الأسد في رسائل البريد الإلكتروني الخاصة به، التي يسخر فيها من التغييرات السياسية التي يدعو إليها أنان، ومع الدعم الروسي والصيني الذي يحظى به، فمن الواضح أي الخيارات يفضّل. الأسد يفضّل أن يتخذ خصومه خيار الحرب الدموية، وبالتالي سيكون قد حصل على الذريعة للرد بالمثل.