في تطوّر مهم وقبيل انعقاد القمة العربية في بغداد بأربعة أيام، قدم يوم الاحد أول سفير سعودي في العراق منذ 22 عاماً أوراق اعتماده الى وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، الذي أعرب عن حرص بلاده على تمتين علاقاتها مع الرياض مرحّباً بمستوى مشاركتها في القمة العربية التي تعقد في بغداد الخميس المقبل.

زيباري يتسلّم أوراق اعتماد أول سفير سعودي في العراق منذ 22 عاماً

بغداد: تسلم وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في مقر وزارته الليلة نسخة من أوراق اعتماد السفير فهد بن عبد المحسن سليمان الزيد سفير المملكة العربية السعودية، ثم أوراق اعتماد السفير العماني مسلم بن بخيت بن زيدان البرعمي.

وأكد الوزير حرص الحكومة العراقية على توطيد العلاقات العراقية العربية والتعاون المشترك وتحقيق أفضل أشكال التضامن العربي ورحّب بتسمية السفيرين quot;من قبل بلديهما الشقيقين كسفيرين غير مقيمينquot;، كما نقل عنه بيان صحافي للخارجية العراقية. كما رحّب بمشاركة وفود من سلطنة عمان والسعودية في مؤتمر القمة العربية في بغداد الخميس المقبل.

وكانت السعودية أعلنت امس أنها ستشارك في القمة العربية التي ستعقد في العراق عبر مندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، السفير أحمد بن عبد العزيز قطان.

وقال مصدر دبلوماسي سعودي رفيع المستوى إن الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز سيغيب عن القمة وسيرأس وفد المملكة مندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، السفير أحمد بن عبد العزيز قطان، الذي وصل الى بغداد اليوم فعلاً.

وأضاف المصدر أن قطان quot;سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مصر ومندوب المملكة الدائم لدى الجامعة العربية سيرأس وفد المملكة نيابة عن العاهل السعودي لوجود ولي العهد السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز، حالياً في الجزائرquot;، مشيراً الى أن ولي العهد quot;لن يعود الى الرياض قبل أسبوعين أو أكثرquot;.

وفي مؤتمر صحافي اليوم قال زيباري إن بلاده quot;ترحّب بمستوى تمثيل السعودية واياً كان هذا المستوى، فإنه يمثل المملكة السعودية بقياداتها ومكانتها ونفوذها، ولذلك نحن سعداء بالمشاركةquot;.

واضاف أن quot;كل دولة لديها سيادتها فهناك دولة خليجية ستحضر على مستوى رئيس البلاد، وأخرى على مستوى رئيس مجلس الشورى، وأخرى تحضر على مستوى آخر، ونحن نتفهم ذلك وهذا لا يزعجناquot;.

وقدمت السعودية في21 من الشهر الماضي الى السفارة العراقية في الرياض ترشيح سفيرها لدى الأردن فهد عبد المحسن الزيد ليكون سفيراً غير مقيم في بغداد، حيث أعادت هذه الخطوة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة بين بغداد والرياض منذ العام 1990 ، حين قطعت السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع العراق بعد اجتياح الجيش العراقي الكويت العام 1990.

ووقع العراق والسعودية في الثامن عشر من الشهر الحالي اتفاقية لتبادل السجناء بين البلدين وقعها وزير العدل السعودي محمد العيسى، ونظيره العراقي حسن الشمري، وهي تنص على أن تقوم دولة الإدانة بتسليم المحكوم عليه بعد الموافقة على نقله إلى دولة التنفيذ في المكان والتاريخ اللذين يتفق عليهما الطرفان المتعاقدان.

وتتضمن الاتفاقية quot;تنفيذ العقوبة المنصوص عليها في الحكم من دون تعديل مدتها أو طبيعتها ولا يمكن بأي حال تشديدها أو استبدالها بغرامات مالية، ويتم تنفيذها طبقاً للأنظمة المعمول بها لدى دولة التنفيذ على أن تحسم من العقوبة مدة التوقيف الاحتياطي وما قضاه المحكوم عليه من أجل الجريمة ذاتها في دولة الإدانةquot;.

وأكدت الاتفاقية كذلك أنه تسري على المحكوم أحكام العفو العام أو الخاص الصادرة من دولة الإدانة ولا تسري أحكام العفو العام أو الخاص الصادرة في دولة التنفيذ إلا بعد موافقة دولة الإدانة.

ويبلغ عدد السجناء السعوديين في العراق المستفيدين من الاتفاقية الموقعة قرابة الـ(100) سجين، بينما يبلغ عدد السجناء العراقيين في السعودية 130 سجيناً، والاتفاقية لا تشمل المحكوم عليهم بالإعدام، وفق الأحكام الصادرة من البلدين.

وستدخل الاتفاقية حيز التنفيذ بعد ثلاثين يوماً من تاريخ تبادل المذكرات الدبلوماسية المؤيدة لمصادقة الطرفين وفقاً للإجراءات النظامية النافذة لديهما.

وكان مسؤول عراقي كبير قال في29 من الشهر الماضي إن بلاده والسعودية اتفقتا على تعاون أمني يشمل مكافحة الارهاب والمخدرات والجريمة المنظمة والتهريب عبر الحدود.

واكد عدنان الاسدي، الوكيل الاقدم لوزارة الداخلية العراقي، في تصريح صحافي، إن وفداً امنياً عراقياً زار الرياض في25 من الشهر الماضي وقد أجرى مع المسؤولين الأمنيين السعوديين مباحثات ناجحة جداً وتمخضت عن الاتفاق على بدء تعاون أمني بين البلدين يشمل مكافحة الارهاب والمخدرات والجريمة المنظمة والتهريب عبر الحدود.

واضاف أن التعاون سيتم عبر نقاط اتصال مستمر ووثيق بين وزارتي داخلية البلدين سيتم تحديدها من قبل الجهات الامنية قريباً.

وأشار الاسدي الى أنه متفائل بأن يكون هذا التعاون مقدمة لانفتاح علاقات البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية بالإضافة الى الامنية.
يذكر أن وفداً امنياً عراقياً عالي المستوى ضم مستشار الامن الوطني فالح الفياض والوكيل الاقدم لوزارة الداخلية عدنان الاسدي قد زار السعودية تلبية لدعوة من ولي العهد السعودي الامير نايف بن عبد العزيز، حيث التقى هناك مع كبار المسؤولين الامنيين السعوديين من ضمنهم الامير مقرن بن عبد العزيز، رئيس الاستخبارات، والأمير محمد بن نايف مساعد، وزير الداخلية، وعدد آخر من المسؤولين، واتفق الجانبان على تفعيل سبل التعاون المجمدة بين الطرفين.

وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اكد اواخر الشهر الماضي أن بلاده تريد علاقات قوية مع السعودية.

وقال إن العراق quot;يسعى الى بناء علاقات متينة مع السعودية تقوم على اساس الوضوح والحوار المباشر وليس عبر الوسطاء الذين قد يفسدون العلاقة أكثر مما يخدمونها احياناًquot;.

والتطورات في علاقات البلدين تتشكل بعد انقطاع تام خلفته حرب الخليج الثانية في العام 1990 لكن الصفحة طُويت قبل أسابيع، حيث عادت العلاقة الدبلوماسية بين بغداد والرياض بعد تعيين السعودية سفيراً quot;غير مقيمquot; لها لدى العراق رغم أن بغداد سبقت الرياض بأكثر من أربعة أعوام وعينت سفيراً لها لدى المملكة.

ولا يزال عدد من القضايا المعلقة بين الرياض وبغداد مثار بحث لبعضها بينما لا يزال بعضها الآخر في هامش النقاش، ومنها قضية الديون والتعويضات السعودية للعراق التي لم يتم إلغاؤها لغاية الآن، وقضايا ضبط وتأمين الحدود والتعاون في المجالات الأمنية وتبادل المعلومات الاستخباراتية إلى جانب تعزيز النشاطات الاقتصادية الثنائية.