النجيفي خلال اجتماع مع محافظ البنك المركزي العراقي

في مواجهة محاولات للهيمنة يسعى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من خلالها للسيطرة على السياسات النقدية للبلاد وعمل البنك المركزي، أكد رئيس البرلمان أسامة النجيفي ضرورة عدم تبعية البنك للحكومة وذلك لمنع وضع اليد على أموال العراق أو تنفيذ الأحكام الدولية الصادرة ضده من قبل الدائنين فيما حذرت اللجنة المالية النيابية من خطورة هذه المحاولات على احتياطي العراق البالغ 64 مليار دولار.


أكد رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي خلال اجتماع مع محافظ البنك المركزي العراقي البروفيسور سنان محمد رضا الشبيبي quot;ضرورة استقلال البنك المركزي والمحافظة على مسؤولياته للسياسة المالية في البلاد استنادا الى أحكام المادة (103) الفقرة (2) من الدستور العراقي، وكذلك المادة 2/2 من قانون البنك المركزي العراقي 56 لسنة 2004 والتي تنص على quot;سعيا لتحقيق أهداف البنك المركزي العراقي ولإنجاز مهامه يكون البنك المركزي العراقي مستقلا ومسؤولا كما ينص عليه هذا القانون باستثناء ما يحدد خلافا لهذا القانون ولن يتلقى البنك المركزي العراقي تعليمات من أي كيان او شخص آخر او مؤسسة بما فيها المؤسسات الحكومية.

وسيتم احترام استقلالية البنك المركزي العراقي ولا يمكن لأي شخص التأثير وبصورة غير سليمة على أي عضو في هيئة صنع القرار في البنك المركزي العراقي خلال أداء واجباته في البنك او التدخل في انشطة البنك المركزي العراقيquot;.

وأشار النجيفي الىquot;دعم مجلس النواب المطلق لعمل البنك المركزي وفق الدستور والقانون ومشددًا على ضرورة تواصل البنك المركزي مع اللجان النيابية ذات الصلة في مناقشة وتوضيح المشكلات التي يعاني منها العراق في مجالات السياسة النقدية والبنكية كما نقل عنه بيان صحافي تسلمته quot;إيلافquot; اليوم.

وشدد على quot;ضرورة عدم تبعية البنك المركزي للحكومة وذلك لمنع وضع اليد على أموال العراق أو تنفيذ الاحكام الدولية الصادرة ضد العراق من قبل الدائنينquot;. وأوضح انquot;مجلس النواب سيستضيف محافظ البنك المركزي في جلسة استماع إلى شرح واقع عمل البنك وتبيان مسألة سعر صرف الدولار امام الدينار العراقي والاوضاع الاقتصادية والسياسة النقدية المتبعةquot;.

من جانبه، عزا محافظ البنك المركزي اسباب ارتفاع صرف الدولار امام الدينار العراقي الى ضعف الانتاج المحلي وقلة صادرات العراق (عدا النفط) وضعف اجراءات الحكومة في جذب رؤوس الاموال الى العراق، فضلا عن الأوضاع السياسية المتوترة داخليا واقليميا والحصار الاقتصادي الذي تعانيه بعض دول الجوار.

وقد وجه النجيفي رسالة الى المالكي اثر التفويض الذي منحته المحكمة الاتحادية للمالكي بالسيطرة على المؤسسات المستقلة والحاقها بمكتبه الشخصي يطالبه فيها بعدم التدخل في امور البنك المركزي وفيها بيان لمهام وواجبات هذا البنك الذي يعد من المؤسسات المستقلة.

وتؤكد مصادر مالية ان محاولة استيلاء المالكي على البنك المركزي هو بسبب رفض محافظه سنان الشبيبي على طلبات متكررة من رئيس الوزراء بتقديم الديون للحكومة وتغطية عجزها المالي رغم الايرادات الكبيرة المتحصلة من تصدير النفط.

ويعتبر البنك المركزي واحدا من المؤسسات المستقلة وتمكن عبر ادارته من شخصية اقتصادية عراقية ودولية مرموقة والممثلة بالمحافظ الشبيبي من تحسين اوضاع العملة العراقية والمحافظة جهد الامكان على قيمتها.

ويسعى المالكي الى استبدال الخبير الاستراتيجي الشبيبي بوزير التخطيط السابق علي بابان او شخصية اخرى محافظا للبك المركزي.ومن جانبه، حذر البنك المركزي من ان محاولات الحكومة اقالة الشبيبي تؤثر في عمل البنك ومستوى ادائه مبيناً أن استقلالية العديد من مؤسسات الدولة ومنها البنك المركزي عرف ابدعته الدول الديمقراطية المتقدمة ولا يعني التفرد بالقرار.

خطاب من المالكي يربط عمل البنك المركزي بمكتبه

وقد حصلت quot;إيلافquot; على نسخة من خطاب رسمي وجهه المالكي الى محافظ البنك المركزي مؤخرا يأمره فيه بعد تنفيذ اي سياسة نقدية ما لم تعرض على مجلس الحكومة ما يعني الى شخصه.
وجاء في الكتاب الرسمي ما يلي :
جمهورية العراق
الامانة العامة لمجلس الوزراء
الدائرة القانونية
15.3.2012
(عاجل)
الى : البنك المركزي العراقي ndash; مكتب المحافظ
الموضوع : السياسة النقدية
تحية طيبة
استنادا الى ما جاء في المادة (110 ثالثا) من الباب الرابع من دستور جمهورية العراق التي أشارت إلى أنّ من اختصاصات السلطات الاتحادية الحصرية رسم السياسة النقدية وإنشاء البنك المركزي وإدارته.. نرجو تقديم السياسة النقدية للبنك المركزي الى مجلس الوزراء لاطلاع المجلس عليها وإقرارها وعدم اعتماد سياسات من دون إقرارها من مجلس الوزراء مستقبلا.
مع التقدير
علي محسن اسماعيل
الامين العام لمجلس الوزراء وكالة
صورة منه الى :
- مكتب دولة رئيس الوزراء وبناء على توصية دولة رئيس الوزراء
- مكتب الامين العام لمجلس الوزراء
- قسم الاستشارات

وكان رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني قال في كلمة له في 21 من الشهر الماضي إن المالكي يقوم بتشكيل جيش مليوني يكون ولاؤه لشخصه.. وتساءل قائلا : متى حصل وفي أي بقعة من العالم يوجد هناك شخص يجمع في يديه مناصب مثل القائد العام للقوات المسلحة و وزير الدفاع و وزير الداخلية، ورئيس المخابرات و رئيس مجلس الأمن القومي؟!، وبالأمس تم إرسال رسالة الى البنك المركزي كي يكون مرتبطا به أيضاً!، ما الذي بقي للآخرين ياترى؟، وإذا يتصور البعض بأن الشيعة راضون بهذا الوضع، فإن الشيعة هم مهمشون قبل السنة والكرد.

وقد حذر مراقبون من خطورة سيطرة المالكي على سياسات العراق النقدية ونشاطات البنك المركزي مؤكدين انه سيضع القطاعين لصالح ترسيخ سلطته وتوسيع هيمنة حزبه في دكتاتورية جديدة تعود الى العراق بعد تسع سنوات من سقوط نظامه السابق عام 2003.

إنتقادات لمحاولات الهيمنة على البنك المركزي

وقد انتقدت اللجنة المالية البرلمانية اليوم طلب المالكي بإلحاق البنك المركزي بمجلس الوزراء مبينة أنquot;هذه الاجراءات تعدّ خرقا للدستور الذي يعد المركزي من الهيئات المستقلة والمسؤول عنها مجلس النوابquot;. وقالت النائب من كتلة الاحرارالصدرية ماجدة التميمي ان الحاق البنك المركزي بمجلس الوزراء يعد خرقاً دستورياً كونه من الهيئات المستقلة المسؤول عنها مجلس النوابquot;.. مشيرة إلى أنّquot; هناك خشية على احتياطي العراق والبالغ (64) مليار دولار تقريباً متسائلة كيف يمكن إعطاء حق التصرف للحكومة بأموال الشعب العراقيquot;.

وانتقدت اللجنة المالية البرلمانية الأمانة العامة لمجلس الوزراء ومحاولاتها للهيمنة على السياسة النقدية للبنك المركزي وتحجيم صلاحيات محافظه.. وقال عضو اللجنة فالح الساري ل((الدستور)):إن مجلس الوزراء يريد ان يزج السياسة النقدية ضمن اختصاصاته كما تبنى بعض السياسات الفاشلة كملف الخدمات وإيصال الكهرباء وبعض الجوانب الخدماتية الأخرى.

اما العضو الاخر في اللجنة قصي عبادي فقد دعا الى إبقاء البنك المركزي هيئة مستقلة وعدم ربطه بالحكومة.. وقال إنquot; الدستور نص على جعل البنك المركزي العراقي هيئة مستقلة حيادية بعيدا عن السلطة التنفيذية quot; محذرا من انquot; هناك جهات تحاول السيطرة على البنك من خلال جعله تابعا للحكومةquot;. وأضاف انquot; ربط البنك المركزي بالحكومة سيؤدي الى فرض الرقابة عليه من قبل السلطة التنفيذية من خلال هيئة تشرف على عمله quot;. وأشار إلى أنّ البنك المركزي هو المسؤول المباشر على السياسة المالية في البلاد وهي تدار بشكل جيد الآن.

ومن جانبه، قال نائب محافظ البنك مظهر محمد صالح إن المسؤولين في البنك المركزي هم اعضاء في اللجنة الاقتصادية التابعة لمجلس الوزراء ويقدم البنك المركزي باستمرار مشورته للحكومة ويعمل بالتنسيق معها في رسم السياسة النقدية في العراق.

وكان ممثل المرجعية في كربلاء عبد المهدي الكربلائي أشاد في خطبة الجمعة مؤخرا بالسياسة المالية للبنك المركزي العراقي..داعياً الى quot;دعمه والحفاظ على استقلاليته من اجل ارتفاع قيمة الدينار العراقي امام العملات الاخرى ودعم القدرة الشرائية للمواطن العراقيquot;. وشدد بالقول إن quot;البنك المركزي العراقي بسياسته المهنية والعلمية استطاع ان يحافظ على قيمة العملة العراقية منذ عام 2003quot;.

يذكر ان الفصل الرابع من الدستور العراقي لسنة 2005 قد ادرج الهيئات المستقلة، ضمن المواد (102 إلى 108) وعد الدستور في المادة (102) كلا من المفوضية العليا لحقوق الإنسان والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وهيئة النزاهة، هيئات مستقلة تخضع في عملها لرقابة مجلس النواب وبذلك ترتبط هذه الهيئات بأعلى مرجع تشريعي في الدولة العراقية، ويتم تنظيم أعمالها بقانون يصدر عن مجلس النواب.