تشهد الساحة السياسية العراقية هذه الايام تحركات بين عدد من الكتل السياسية في محاولات منها للانضمام الى بعضها البعض وتوحيد كلمتها من أجل الجلوس تحت قبة البرلمان والتصويت على سحب الثقة من رئيس الوزراء نوري المالكي، الأمر الذي يراه متابعون استهلاكًا اعلاميًا لا غير.

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي

بغداد: ترافق محاولات سحب الثقة من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تصريحات اعلامية تضع الامر على سطح المتوقع أو القابل للتنفيذ على الرغم من أن هناك من لا يرى الامر الا مجرد كلام للاستهلاك الاعلامي.

تدور تحركات سياسية وراء الكواليس، إذ هناك اجتماعات في اربيل وتركيا، القائمة العراقية مع التحالف الكردستاني، ومن ثمة مع المجلس الاسلامي الاعلى، تتجاذب الآراء وتتلاقى والهدف هو محاولة سحب الثقة من رئيس الوزراء المالكي.

ويتحدث البعض خلف الكواليس عن أن هذه التحالفات بحاجة فقط الى اصوات التيار الصدري، فإذا نجحت، حصلت الاغلبية البرلمانية وسيتم عزل المالكي سياسيًا.

يقال إن التيار الصدري اعطى الضوء الاخضر كما يبدو بعد كلام عن اعتراض قيادته على المالكي وبعض إجراءاته، لكن الامر يختلف فيه البعض ممن يرون وحدة التحالف خطًا أحمر، ووسط هذه المحاولات والأحاديث الساخنة دخل اسامة النجيفي على الخط ليؤكد حدوث هذا التغيير في الايام المقبلة.

ويبدو أن ثمة انتظار لما سيحصل، فيما اعلنت كتلة (العراقية الحرة) عدم تأييدها لسحب الثقة من المالكي، لأن الامر هذا سيزيد من الازمة الحالية التي ستؤدي الى طريق مجهول.

وقالت المتحدثة بإسم الكتلة النائبة عالية نصيف: quot;إن كتلة العراقية الحرة ليست مع سحب الثقة من المالكي لان هذا الحل سيدفع البلاد الى المجهول، ونحن نعلم أن تشكيل الحكومة استغرق ثمانية أشهر، كما أن سحب الثقة سيحتاج الكثير من الوقت لتشكيل حكومة جديدة في ظل الازمة الراهنةquot;.

وأضافت: quot;الرأي الحالي للكتلة هو أن حل الازمة يكمن في الجلوس على طاولة الحوار وحل جميع الخلافات بين الكتل شرط حضور رؤساء الكتل كافة، بالإضافة الى زرع الثقة بين جميع القادة السياسيينquot;.

وقال جرجيس كوليزادة كاتب صحافي معلقًا: quot;من الحقائق الساطعة في عالم السياسة، أن من يشعل الحرائق السياسية بعيدًا عن أسباب عقلانية ومنطقية لا بد أن يحترق بنارها، ورئيس الوزراء نوري المالكي أشعل حرائق عديدة مع المكونات السياسية ومنها مع القائمة العراقية ورئيسها اياد علاوي، ومع المجلس الاسلامي الاعلى ورئيسه عمار الحكيم، ومع التيار الصدري ورئيسه مقتدى الصدر، ومع نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، وأخيرًا مع اقليم كردستان ورئيسه مسعود بارزاني، ولا شك أن كل هذه الحرائق السياسية المشتعلة لا يمكن ادراتها في آن واحد من قبل أي عاقل مهما كان درجة ذكائه وامكانياته، والاحداث العراقية الراهنة تبين لنا أن المالكي يبدو أنه فقد القدرة على ادارة صراع أزمة العملية السياسية المتواصلة، وهو بات قريبًا على احراق نفسه بنار الحرائق التي أشعلها بنفسه، بدليل أن الاطراف العراقية المتنافرة معه حصل بينها تقارب وباتت تقترب من جمع أغلبية برلمانية لإسقاطه من رئاسة الحكومةquot;.

ويتابع: quot;هذا التقارب بفعل ارادات داخلية وضغوط خارجية بسبب تزايد التحكم الايراني بالشأن السياسي العراقي، وما رافق مؤتمر القمة في بغداد من لعبة مالكية وخامنئية كشفت زيف الموقف العراقي من الثورة الشعبية ضد النظام السوري، ولهذا باتت المصلحة العراقيةمتوازية مع الدور التركي تحتم محاولة جدية لاطفاء الحرائق التي أشعلها المالكي، والتي لا يشم منها الا رائحة الدكتاتورية والطائفية المقيتة وترسخ النفوذ الايرانيquot;.

وأضاف: quot;هنا لابد أن نسأل وهل يعقل أن يكون موقف المالكي بدفع من النظام الإيراني للاحتفاظ بموازنة قلقة واستقرار سياسي قلق في العراق لخدمة الملفات والمصالح الايرانية؟ وهل يعقل أن يكون المالكي الى هذا الحد خاضعًا وتابعًا لنظام الملالي في طهران على حساب البلاد والعراقيين؟ إنه مجرد سؤال ولكنه بحاجة الى جواب من المالكي نفسهquot;.

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي ابو فراس الحمداني: quot;اعتقد أن الموضوع ليس جديدًا، بل إنه قديم، فهنالك أزمة سياسية حقيقية وهناك اطراف سياسية معارضة تحاول أن تجمع الاستحقاق داخل البرلمان لسحب الثقة من المالكي، موضوع تحالف التيار الصدري مع الاكراد مع العراقية موضوع قديم جدًا، ولكن الرأي لـ (التحالف الوطني) والى حد هذه اللحظة ما زال التحالف متمسكًا بمرشحه الوحيد السيد المالكي واعتقد أن كل الخطوات التي تمت بالاستقواء بالجانب التركي وغيره لتنحية المالكي، الى حد الان باءت بالفشل، اعتقد أن المالكي ما زال الأقوى في الساحة وذهاب السيد مسعود بارزاني الى تركيا كان مصدر ضعف اكثر مما هو مصدر قوة، لأن اللاعب الوحيد في الساحة هو البرلمان، وهو الذي يحسم الموضوع وهناك استحقاقات دستورية حيث تحتاج المعارضة الى جمع الاغلبية المطلقة داخل البرلمان لكي تنحي المالكي، وانا اعتقد أن قرار تنحية المالكي هو للتحالف الوطني بالدرجة الاولى لأن التحالف يمثل الاغلبية داخل البرلمان، والى حد الان التحالف الوطني بأطرافه الثلاثة المعتمدة القوية التي هي المجلس الاعلى والتيار الصدري ودولة القانون ما زال متمسكًا بترشيح المالكي ، وكل ما يشاع في وسائل الاعلام هو عبارة عن شائعات باعتقادي لأنها لم تؤكد الى حد الان من مكتب رسمي للأحزاب الثلاثةquot;.

وأضاف: quot;هذه الازمة تعيدنا الى ازمة العام 2007 عندما جرى الموضوع نفسه مع السيد ابراهيم الجعفري، الموضوع نفسهبالخطوات نفسها،ولكن كانت الظروف مختلفة حينها، اعتقد أن الظروف الآن في صالح المالكي، واعتقد أن هناك تسريب شائعات ضمن حرب اعلامية الهدف منها رفع سقف المطالبين، والهدف منها ايضًامناورات سياسية وكسب الشارع، كمااعتقد أن الاطراف الاخرى ليس لديها الاستعداد للدخول في المعارضة، وهذا الاستحقاق الوحيد امامها لذلك تحاول أن تتشبث بالحكم من خلال طرق ملتويةquot;.

اما الكاتب هيثم الطيب عضو حزب انتفاضة العراق فقال: quot;ارجو من الاخوة العراقيين، سياسيين ومواطنين، الالتفات الى قضية مهمة جدًا هي استحالة سحب الثقة من حكومة المالكي ولو كان الامر بمستطاع العراقية والكردستاني لفعلاه وما انتظرا قيامنا بالتحليلات السياسية التي لا تعبر عن رؤية صحيحة للواقع في العراق، ولا يمكن للتيار الصدري أو المجلس الاعلى أو أي مكون بالتحالف الوطني أن ينسحب من التحالف لأي سبب كان لإعتبارات استراتيجية لها عمق يتعلق بالطائفة، كما وأن هذا التحالف سوف يستمر الى حين اجراء الانتخابات الاخرى وسوف يتقرر حينها اسم رئيس الوزراء ورئيس التحالف، أي أن التحالف الوطني،الذي هوتشكيل سياسي يضم القوى السياسية الشيعية، سوف يستمر وجوده إلى ما بعد الانتخابات المقبلة.

وأضاف: quot;تعرف العراقية والكردستاني استحالة موضوع سحب الثقة من المالكي لإنعدام فرص انهيار التحالف الوطني، ولكنهما يستمران باطلاق زوابع اعلامية من اجل ارضاء ناخبيهماquot;.

وللدلالة على وجودهما الذي انخرته الانشقاقات وضربات ائتلاف دولة القانون، لذا أظن بأن الكردستاني والعراقية التي اعلنت امس وبصراحة أنها لن تكون ضمن المعارضة سوف يعملان على عرقلة اعمال الحكومة، التي لديهما ممثلون فيها، من أجل التشويه واظهار الحكومة بمظهر العاجز والاشارة الى عدم كفاءة رئيس الوزراء وضرورة استبداله من قبل التحالف الوطني.

وتابع: quot;سيقال إن هذه اشارة تؤكد أن الحكومة العراقية تابعة لايران، واعتقد أن هذا غير صحيح، لقد تجاوزنا هذا الموضوع لأن جميع الكتل السياسية العراقية اعلنت وبصراحة ولاءاتها وانتماءاتها الى دول اقليمية مجاورة للعراق ثم أن ايران شريك سياسي مهم واقتصادي كذلك، وهو بلد مجاور للعراق مثله مثل تركيا التي لا تخفي رغبتها بلعب دور في العراق، وكذلك السعودية وقطرquot;.

أما فاروق بابان، ناشط في مجال حقوق الانسان وعضو في الحزب الشيوعي العراقي، فقال: quot;بلا شك أن اداء المالكي كماسك بالسلطة التنفيذية اداء سيئ، الله لم يخلق المالكي فقط بل خلق طاقات عديدة في البلد، ومن الممكن أن تكون البديل للمالكي، ولكن سواء جاء شخص بديل للمالكي أو لغيره فيجب أن يستند الى برنامج وطني عراقي بعيداً عن الطائفية وبعيداً عن الحزبية الضيقة ويقوم بتفعيل مشروع المواطنة العراقية، ليس الصراع أن يتغيّر المالكي أو يأتي غيره بقدر ما هو تفعيل المشروع الوطني وتعميق التجربة الديمقراطية وتصحيح مسار العملية السياسية، وقد اثبت مشروع المحاصصة الطائفية فشله ومشروع الاسلام السياسي على الساحة العراقية اثبت اخفاقه في ادارة الدولةquot;.

وأضاف :quot;الاستعصاءات كبيرة والدعوة للانتخابات المبكرة هو الحل الاسلم والموفق في هذه المرحلة التاريخية الحرجة التي يمر بها البلد، وإن لم تتم هذه الانتخابات فالدور المقبل كفيل بحركة الشارع وحركة الاحتجاجات الجماهيرية، يجب أن يتغيّر المالكي ، وإن لم يكن الان فمستقبلاً لأن الدولة العراقية ليست قائمة على المالكي أو غيره، فأين مصالح الشعب وأين الخدمات وأين الماء وأين الكهرباء؟

وإن لم أقل إن المالكي لم يقدم شيئًا ولكن ما قدمته الحكومة أشياء متواضعة، ما زالت المفخخات والقتلمستمرين والاجهزة الامنية مخترقة.