منذ نحو سنتين زاد استخدام العبوات اللاصقة في العراق كتقنية لاستهداف الشخصيات والعسكريين من قبل المجموعات المسلحة، التي طوّرت تقنياتها بعدما باتت غير مستهدفة من قبل وسائل الرصد الأميركية.


نموذج عن العبوات اللاصقة التي تلصق عادة في أسفل سيارات الأشخاص المستهدفين

وسيم باسم من بغداد: لم يعد العراقيون يتخوفون من السيارات المفخخة وأعمال القنص ووسائل الموت الأخرى بقدر تخوفهم من العبوات اللاصقة التي أصبحت وسيلة وحيدة في يد الإرهابيين والمسلحين على ما يبدو لإثبات وجودهم، بعدما تمكنت قوات الأمن العراقية من تجريدهم من الكثير من وسائل العنف والقوة التي يمتلكونها.

وغالبًا ما تكون السيارات الشخصية الموضع الأمثل لوضع العبوات، لسهولة الوصول إليها، إضافة إلى ما تخلفه العبوة من دمار يهدف إليه المسلح أو الشخص الزارع للعبوة. أحد ضحايا تلك العبوات هو محمد فاروق، الذي فقد كفّ يده اليسرى، نتيجة زرع عبوة لاصقة في سيارته العام 2010. يقول فاروق إنه لم يعد يشعر بشيء حسن، انفجرت العلبة وهو داخل سيارته، لينقل إلى المستشفى من قبل المواطنين والشرطة.

بينما يخشى الملازم أحمد الهيتي في بغداد استخدام سيارته الشخصية، مضطرًا لاستقلال وسائط النقل العام للوصول إلى مكان عمله في أحد مراكز الشرطة. وبحسب الهيتي فإن اكتشاف العبوة المزروعة أمر صعب في ظل عدم امتلاك كل شخص تقنية الكشف، مؤكدًا أن ضابطًا زميلاً له استشهد قبل أشهر بسبب انفجار عبوة لاصقة زرعت في سيارته.

وفي مدينة بغداد يتخوف الكثير من الموظفين، لاسيما أولئك الذين يعملون في المؤسسات الأمنية، من العبوات اللاصقة في سياراتهم. أما سعد الحسيني (موظف في وزارة النفط) فيستعين بسيارة أجرة في تنقلاته تجنبًا لاحتمال زرع عبوة ناسفة في سياراته الشخصية. وعلى الرغم منتحسن الوضع الأمني، فإن العبوة اللاصقة مازالت الأكثر خطرًا مقارنة بوسائل القتل الأخرى.

ويؤكد رياض الأمير (ضابط شرطة) أن نقل العبوات اللاصقة والناسفة، ليس بالأمر الصعب بين أنحاء مدن العراق، نظرًا إلى سهولة إخفائها وتداولها، إضافة إلى سهولة تفكيكها وتركيبها. ويتابع: quot;إذا كان لديك بعض من المواد الكيميائية القابلة للانفجار، مثل (سي فور)، فإن تصنيع عبوة لاصقة قاتلة أمر ميسور، بعد خلط تلك المادة بكمية من المسامير أو قطع الرخام أو الحصى الصغيرة.

وعلى الرغم منبدائية تصنيع العبوات في العراق، إلا أنها تخلف دمارًا هائلاً في المكان الذي تنفجر فيه، مخلفة قتلى وجرحى. ولا تستهدف العبوات - بحسب الملازم محمد طارق - أهدافًا منتقاة، تشمل مسؤولين كبارًا، بل صارت وسيلة للانتقام وترعيب المواطنين العاديين أيضًا في الكثير من المدن.

ويصف الخبير الأمني ستار فرهود العلبة اللاصقة بأنها كتلة متفجرة مزوّدة بشريط لاصق بحجم قبضة اليد، تثبت في الغالب في أسفل السيارة أو أي مكان لا يثير الانتباه. وابتكرت العبوات اللاصقة خلال الحرب العالمية الثانية، لكنها انتشرت في العراق منذ العام 2004.

يتذكر حميد حسين، الذي سجن ثلاث سنوات، لاشتراكه في أعمال مسلحة في العراق، أن فترة فعالياته المسلحة شهدت استخدام الكثير من العبوات الخفيفة الوزن، والتي يسهل لصقها على الأهداف المنتخبة. لكن حسين ينكر زرعه العبوات في أهداف مدنية، مؤكدًا أنه كان يسعى إلى قتال القوات الأميركية لإجبارها على الانسحاب من البلد.

يصف حسين تلك العبوات بأنها قنابل مخادعة لأنها تفاجئ الشخص بالموت الذي تحمله حين تنفجر. ومع تشديد القوات الأمنية قبضتها على المشهد اليومي بدت العبوات اللاصقة، الخيار المناسب الذي تفضله الجماعات المسلحة كبديل من السيارات المفخخة أو الأحزمة الانتحارية.

تؤكد الناشطة السياسية خولة الدوري أن الآلاف من العراقيين كانوا ضحايا العبوة اللاصقة التي أصبحت الوسيلة الفعالة لنشر الخوف والترويع بين المدنيين. ويشير خبير المتفجرات وئام الحلي إلى أن القوات الأمنية العراقية صارت لديها خبرة كبيرة في الكشف المبكر عن العبوات اللاصقة، لكنه يعترف أن الاغتيال بتلك العبوات هو الأكثر شيوعًا في العام الماضي. ولا يستبعد الحلي أن تزرع بعض العبوات من قبل أشخاص بدوافع الانتقام الشخصي.

لم تعد العبوات اللاصقة تنحصر في السيارات، ففي المناطق المضطربة أمنيًا، يزرع مجهولون العبوات في التجمعات البشرية والمقاهي والكازينوهات بغية ترهيب الناس. وبسبب انتشار استخدام العبوات اللاصقة يحرص الصائغ لطفي حسين من الكاظمية في بغداد على فحص سيارته بشكل يومي.

وبحسب الملازم والخبير في المتفجرات كريم حسن، فإن غالبية العبوات اللاصقة في العراق بدائية الصنع، لكنّ المسلحين يمكنهم تفجيرها عبر الهاتف الجوال، كما يعمدون إلى تلوينها لتبدو متناسبة مع الهدف المعني.